<%@ Language=JavaScript %>  الفضل شلق مختصر جدال حول الثورة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

مختصر جدال حول الثورة

 

الفضل شلق

 

حدثت الثورة العربية، وتحدث، وسوف تستمر في الحدوث لبضع سنوات وأكثر. استمرار الحديث عنها ضروري لأنه يتعلق بمستقبلنا كأفراد ومجتمعات ودول.

 الأنظمة العربية فقدت الشرعية، منذ زمن طويل. الهزيمة في فلسطين وحولها، والفشل في التنمية، وفي إقامة الوحدة، والديكتاتوريات المانعة للتطور، والاستبداد الذي يشل قوى المجتمع؛ كل ذلك من العوامل التي أدت إلى فقدان الشرعية.

 -  لن تهدأ الثورات إلا بعد قيام شرعية أو شرعيات جديدة على قاعدة معالجة الأسباب. ربما عرف بعضنا الأسباب، لكننا لن نعرف النتائج. الثورات كالزلازل يصعب التنبؤ بنتائجها.

 ÷  يسقط النظام في بلدٍ ما، عندما تنفك عنه نخبه، أي عندما تؤدي الضغوطات الشعبية إلى تشققات في بنية النظام، وإلى انفراط النخبة الحاكمة بمؤسساتها الأمنية والبيروقراطية والثقافية.

 -  تتحول الثورة إلى حرب أهلية عندما يبقى النظام متماسكاً برغم الضغوط الشعبية. يصح ذلك في بلد متعدد الإثنيات والطوائف أو في بلد غير متعدد. لا خوف من التعدد ذاته، ولا اطمئنان إلى التوحد. الخوف والاطمئنان يتأتيان من السياسات المتبعة لدى النظام وخصومه.

 - الثورة العربية تلقائية، من دون برنامج مسبق. من دون قيادة كاريزمية في أي بلد من البلدان العربية. هي ثورات تنشأ ضد حالة لم تعد تطاق. ليست موجهة ضد نظام بعينه أو ضد فئة بعينها. هي موجهة ضد الحالة المهينة التي لم تعد تحتمل. الحالة فاقت قدرة الشعوب العربية على الصبر والتحمل. تعرف الشعوب أن كلفة الثورات العربية مرتفعة، لكن القبول بالواقع لم يعد مقبولاً لديها.

- الثورة العربية حالة عامة. يبالغ أي نظام عربي عندما يعتبر نفسه استثنائياً، أو أنه يمكن أن يفلت منها «برش العملة» على الناس، أو باتخاذ إجراءات تجميلية. إذا أرادت بعض الأنظمة أن تنضم إلى شعوبها، وهذا ليس من شيم الحكام عادة، فإن عليها أن تكون جدية في الانتماء وجذرية في الاستجابة.

- لا يستطيع المثقفون، أو النخب الثقافية، قيادة هذه الثورات، لأنها أصيبت بتشوهات طويلة المدى في انتمائها للناس، وفي امتلاكها العدة المعرفية، وفي انتسابها للثقافة العالمية. شعوبها أكثر جذرية وعالمية منها. على كل حال، لا يستطيع علماء الجيولوجيا تقرير مصير الزلازل، ولا علماء الاقتصاد والمال توقع حصول الانهيارات المالية والاقتصادية، ولا قيادة توجهها.

 - لا تتشكل قوى الثورة المضادة من الأنظمة وحدها، بل من الأنظمة والقوى الخارجية الإمبريالية. الإمبريالية لم تنته مع الاستقلال. والاستبداد حليف الإمبراطورية موضوعياً، إن لم يكن ذاتياً؛ أو الاثنان معاً.

 - كل تدخل خارجي، هو تدخل إمبريالي يصب في خانة الاستبداد والحفاظ على الأنظمة، وفي مصادرة الثورة وتحويلها إلى حرب أهلية، سواء في بلد متعدد طائفياً أو إثنياً، أو موحد طائفياً أو إثنياً. كل تدخل خارجي يصب في مصلحة الأنظمة لا في مصلحة الشعوب وحركات تحررها.

- تتحرر الشعوب محلياً وداخلياً، أي بقواها الذاتية. الدعوات إلى مساعدات خارجية هي دعوات للاحتلال، أي لبقاء الاستبداد، حليف الاحتلال. الشعوب التي حررت نفسها من الاستعمار، خلال القرن الماضي، قادرة على تحرير نفسها مرة أخرى من الاستبداد وحلفائه الإمبرياليين.

- هاجس الثورة في كل بلد عربي هو إسقاط النظام والحفاظ على وحدة الدولة. الدولة هي الأرض ووحدتها، والشعب ووحدته. النظام هو السلطة ومؤسساتها. التفريط بوحدة الدولة هو وصفة لحرب أهلية. الاحتلال أو الدعوة له، هو أحد وجوه الحرب الأهلية.

- تهدف الثورة إلى تدمير مؤسسات النظام؛ إلى تدمير السلطة القائمة بمؤسساتها الأمنية والإعلامية والاقتصادية والثقافية، مع الحفاظ على وحدة المجتمع.

- وحدة المجتمع هي فوق كل اعتبار. معظم الطبقات الاجتماعية لها مصلحة في الثورة: الفقراء من أجل العيش الكريم، والطبقات الموسرة من أجل الخلاص من الخوة. الخوة ضريبة غير شرعية وغير قانونية.

- النخب الثقافية والسياسية، بما فيها الأحزاب وقيادات «المكونات»، تخوض الثورة أحياناً، وكأنها صراع على السلطة. يؤدي هذا الأمر إلى أن يحل نظام مكان آخر من دون إزالة الاستبداد.

- تصير الثورة إلى نتائج مفيدة وجدية عندما تهدف إلى صيانة وحدة المجتمع، إضافة إلى وحدة الدولة. تتحقق وحدة المجتمع بالتنمية، التنمية الاقتصادية. تحقيق النمو الاقتصادي لا يتطلب الكثير، سوى برنامج للدولة. تستطيع النخب صياغة برنامج من هذا النوع لكل دولة عربية بالتماهي مع متطلبات الجمهور ووعيه ووجدانه. لكن النخب العربية لم تتعود بعد على خطاب التنمية ومفرداتها.

 تستطيع النخب العربية مواكبة ثورات بلادها بأن تتعلم من شعوبها ومن تجارب العالم المعاصر ومن التاريخ.

 لم تنتظر الثورات العربية فرسان الثورة. مضى وانقضى عهد الفروسية.

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا