<%@ Language=JavaScript %> أحمد العاني مسؤولية القوى والأحزاب السياسية العراقية الحاكمة في المرحلة الراهنة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

مسؤولية القوى والأحزاب السياسية العراقية الحاكمة في المرحلة الراهنة

 

 

أحمد العاني   ـ بغداد

 

 العراق إلى أين يسير والى أية وجهة يتوجه؟ سؤال يبحث عن إجابة في ظل تسارع الأحداث والمتغيرات والمواقف الداخلية والإقليمية وحيث لازالت الانقسامات والصراعات بين أطراف العملية السياسية تحتدم ولا يبدو هناك مخارج للتنفيس عن حالات الأزمات والاحتقانات المتفاقمة التي يعيشها الواقع، ويعاني تداعياتها المواطن، والدعوات إلى الإصلاح والتغيير لم تجد آذانا صاغية أو استجابة من لدن القوى والأحزاب المتصدرة للمشهد السياسي، ما آل إلى تجمع غيوم اليأس والإحباط وانعدام الثقة لدى المواطن بكل ما يجري على الساحة السياسية من محاولات خجولة للتصدي للمظاهر المدانة والتي طبعت الواقع بطابعها واستحكمت به ،وغدت محاولات الإنفكاك منها والتحرر من معطياتها من لدن بعض القوى السياسية يصطدم بجدران من قوى الرفض والمقاومة العنيدة والتشبث بما هو قائم لوأد الأمل وقتل الطموح بالتغيير لدى المواطن .

إن ما يعانيه الواقع العراقي من ترد وتأخر هو نتاج حالة الفوضى السياسية والاجتماعية التي يعيشها وغياب الرؤية المشتركة والتوجه الصادق والأمين للقوى السياسية لمعالجات حقيقية له وانتشاله مما استباحته من مشكلات  وأزمات  عارمة دون تصد فاعل ومؤثر ،والتي باتت تهدد كيان العراق ووحدته، وأسهمت في إضعاف قدرته على مواجهة ما يعتريه من مخاطر داخلية وخارجية ،ففي الخارج أصبحت كل الدول الإقليمية تتدخل في شؤونه الداخلية من خلال القوى السياسية النافذة ،حتى أصبحت الدول الصغيرة العديمة الوزن والقوة تهدد كيان العراق وتتطاول على سيادته وحقوقه التاريخية مستغلة ما تعانيه قواه السياسية من انقسامات ومواجهات وما يسفر عنها من ضعف ووهن وعدم قدرة على مواجهة التحديات(..)

لابد أن ينهض العراق من كبوته ويتجاوز واقعه الراهن  ويستعيد كامل قوته ومكانته، ولو كانت قواه السياسية تتمتع بعمق سياسي ووطني  وتدرك ما يواجه العراق ويهدده لتناست خلافاتها ومصالحها ومنافعها الآنية وواجهت موحدة التحديات وتصدت لمخاطرها. ولولا ما تعانيه القوى السياسية القابضة على الملف السياسي من تأزم في علاقاتها وتعارضات في مصالحها وتغييبها مصالح البلد العليا، لما أصبحت المحافظات تهدد تباعا ولأسباب أقل ما يقال عنها تفتقر إلى المنطق والمبررات المقنعة بقيام أقاليم، متناسين الذين تدفعهم مصالحهم وأطماعهم الشخصية الذين يقفون وراء الدعوات مدى تأثير ذلك على وحدة البلاد ومستقبلها ،لما تلاقيه هذه الدعوات من  دعم وإسناد الدول الإقليمية المجاورة بدعوة طائفية أو عرقية كما يطفو على السطح وفي حقيقة الأمر إضعاف العراق وتمزيقه إلى دويلات مسلوبة القوة والإرادة، لما سوف يشكله عودة العراق إلى كامل قوته ومكانته من تأثير على مراكز هذه الدول ويعيد ترتيب خارطة  المنطقة والتوازنات بها، وهذا ما لاتتمناه وترغب به حتى تبقى تمرر أجندتها السياسية والاقتصادية دون خشية أو رقابة .

وان ما يتعرض  له العراق من تحديات سياسية وأمنية يستلزم من القوى والأحزاب القائدة للسلطة السياسية أن تعيد قراءة الواقع من جديد والتعامل مع احتياجات الشعب والوطن بمنظور أكثر وضوحا لأن استمرارية الأوضاع الراهنة دون معالجات جدية وحقيقية سيفتح الأبواب ليتسلل من خلالها التدخل الأجنبي والإسهام في تأجيج حالة الصراعات بين القوى السياسية والاجتماعية وتخريب نسيج العلاقات بينها لتجد لها موطئ قدم في الشؤون العراقية الداخلية .

وعلى القوى السياسة أن تعي حقيقة المستجدات والمتغيرات على الساحة العراقية، الشعب لم يعد بالإمكان قيادته وهو أعمى، عليه لابد من اشتراكه في صنع القرار، وإقرار حقوقه كاملة في المشاركة في الحياة السياسية والإسهام في صياغة واقعه ومستقبله، والاعتراف بحقوقه في الحرية والكرامة والديمقراطية، والطبقة السياسية تلزمها الظروف الصعبة التي يعيشها العراق أن تعيد النظر بالسياسات القائمة حاليا وبخاصة مبدأ التوافق السياسي الذي افرغ الديمقراطية من مضامينها وتحول التوافق إلى قيود للحؤول دون  مواجهة حالات الفساد المستشري في جسد النظام السياسي، والتستر على العناصر الفاشلة والعاجزة عن الارتقاء بمسؤولياتها إلى مستوى التحديات التي تواجهها البلاد والتعامل مع احتياجات الشعب من منطلق الخبرة والدراية والمعرفة، وكانت سياسة التوافق سببا بظهور التمايز بين المواطنين وغياب مبدأ العدالة والمساواة بينهم، ولها يعود ما تعانيه الأجهزة التنفيذية من ترهل وما يعنيه هذا من هدر وتبديد للأموال العامة التي ينبغي أن تجري في قنوات الخدمات المفقودة للمواطن وتلبية احتياجاته الأساسية .

وما يدلل على ضيق مساحة أفق العلاقات بين القوى والأحزاب السياسية المشاركة في إدارة دفة السلطة ليس الاختلاف في القضايا الصغيرة المحدودة التأثير على مستقبل البلاد وشعبها وإصطراعها على المغانم والمنافع التي تجنيها من مشاركتها في السلطة، بل تعدت إلى القضايا الوطنية العليا بعجزها عن اتخاذ موقف موحد إزاء قضية انسحاب القوات الأمريكية نهاية هذا العام بموجب إطار الاتفاقية المعقودة بين البلدين لاستكمال السيادة الوطنية والاستقلال وتحرير القرار العراقي من التبعية والإملاءات

وعلى هذا ومن منطلق المصلحة الوطنية فإن القوى السياسية المتنفذة مطالبة بالتوجه الجاد والمخلص لبناء نظام سياسي ديمقراطي يتجاوز سلبيات المرحلة الفائتة، يضم تحت خيمته كل القوى السياسية والاجتماعية  المؤمنة بالإصلاح والتغيير، يكون وسيلة الجماهير في التعبير عن طموحاتها وآمالها، يكفل إشراك الجميع  في صنع الواقع الحضاري المنشود للبلاد ،وبما يضمن عدم إقصاء أو تهميش أي قوة سياسية قادرة على العطاء والمشاركة بإرساء نظام سياسي جديد يتوافق وتطلعات الشعب ويلبي احتياجاته ،نظام سياسي يعزز التنافس الشريف والبناء لتقديم الأفضل والأحسن الذي يسهم في إحداث انقلاب نوعي للحالة الراهنة، يعيد جسور الثقة والتقارب بين الشعب والسلطة الحاكمة ،نظام يكون ضابطا وضامنا للعلاقات بين القوى السياسية وتوجيهها نحو الفعل المشترك للتعامل مع استحقاقات المرحلة برؤى ومنظور حديث.

والقوى السياسية التي وظفت نظام المحاصصة لخدمة أهدافها وتوجهاتها في الإمساك بسلطة الدولة ومفاصلها الأساسية لتمرير أجنداتها وخدمة مصالحها دون النظر لعواقب هذه السياسة على المديات البعيدة على مستقبل العملية السياسية وما سوف تؤول إليه الأوضاع على المستويات كافة، عليها مراجعة مواقفها وإعادة استقراء الواقع والانصياع لنداء العقل والمصلحة الوطنية بالتخلي عن نظام المحاصصة السيئ الصيت الذي جاء بأثر الاحتلال وكان أحد ثمراته الفجة لتأثيراته السلبية الكبيرة على قدرة النظام في التعامل مع استحقاقات الشعب ومطالبه العادلة، والتجربة المنصرمة مع نظام المحاصصة أعطت الدليل والبرهان على مدى مساوئه وأضراره ومفاسده والبدء بتأسيس نظام  ذي هوية وطنية يؤشر طريق بناء الدولة المدنية التي تحتكم إلى المؤسسات والعدالة والمساواة والمواطنة وحقوق الإنسان. والعمل النزيه والمخلص بالتصدي للنعرات الطائفية والدينية المتطرفة والعرقية ،واستنهاض كل القيم والأعراف الوطنية والإنسانية لدى أبناء المجتمع ليكونوا رافدا مهما لمواجهة التحديات والدعوات التي تحاول تكريس النزعات المتشددة لتمزيق المجتمع وتشتيت وحدة وطنه ،وتقسيمه على أساس طائفي وقومي، ومعالجة الثغرات في النظام السياسي التي تسللت من خلالها مظاهر الفساد وسرقة المال العام والعبث بمقدرات الشعب ،ورفع غطاء الحماية عن الفاسدين والمفسدين، ورعاية شريحة الشباب في توفير فرص عمل للعاطلين منهم، وحل مشكلات الخدمات التي كثر الحديث عنها ورصدت المبالغ الكبيرة لها دون أن يتلمس المواطن مردودات إيجابية منها، باعتماد خطط واضحة وقابلة للتنفيذ بلا مبالغات وتضخيم لوعود غير قابلة لرؤية النور ،وعدم اعتماد سياسة ردات الفعل تجاه المطالب الملحة لأبناء الشعب وتذمرهم، ببرمجة وهيكلة احتياجات الشعب وتحديد أزمنة تحقيقها تحت رقابة حكومية وشعبية صارمة ،ومعالجة  قضية الفقر ومظاهره في كثرة المتسولين في الشوارع العامة والساحات ،ومواجهة التحديات الأمنية التي بدأت تتفاقم في الآونة الأخيرة ،ويفقد العراق من جرائها الكثير من أبنائه والتي غدت تؤرق المواطنين وتصيبهم بالهلع والخوف من المجهول ،ويظهر عجز السلطة وإخفاقها بالتصدي لمظاهر العنف وعناصره العابثين بأمن الوطن والمواطن واجتثاث العناصر المندسة التي توفر لهم المعلومة التي تمكنهم من متابعة تحركات المطلوبين واستهدافهم ،وإيجاد الحلول لكل القضايا التي تشكل هما للمواطن وعبئا على واقع حياته وتصرفه عن المشاركة الفاعلة والنشطة في بناء البلاد وتوفير مستلزمات تطورها وتقدمها ولابد من الإشارة هنا دون تضافر الجهود وتعظيمها وتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي يتعذر الاقتراب من مصالح الشعب وتحقيقها وبناء دولة حديثة ومتطورة لها قدرة التعاطي مع النهوض الحضاري والتقدم العالمي.

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا