<%@ Language=JavaScript %> د. ماري ناصيف - الدبس طبول الحرب تـُقـرع في منطقة شرق المتوسط و"مثلث" الثروة الغازية يؤجج الشهوات
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

طبول الحرب تـُقـرع في منطقة شرق المتوسط

 

و"مثلث" الثروة الغازية يؤجج الشهوات

 

 

د. ماري ناصيف - الدبس

 

لم يعد خافياً على أحد أن الحماس التركي المستجد لإثارة موضوع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة وكذلك التهديدات التركية التي خرجت إلى العلن في 12 أيلول المنصرم حول جرائم إسرائيل والاستعداد التركي لمواجهتها عسكرياً إنما تشكل النتيجة المنطقية للمحاولات التي تقوم بها أنقرة منذ أواخر العام 2010 للحصول على حصة من الغاز الطبيعي المتواجد في مياه المنطقة الشرقية للبحر المتوسط... أما حقوق الشعب الفلسطيني، التي تحاول الحكومة التركية أن تزج بها في تلك المعركة إلى درجة الإعلان عن استعدادها خوض غمار الحرب مع حلفاء الأمس، فلا دخل لها في الموضوع؛ بل انها مجرد ذريعة لجر الفلسطينيين – ومعهم الشعوب العربية والرأي العام العالمي – إلى إعانة الجانب التركي في عملية شد الحبال الجديدة بينه وبين قبرص وإسرائيل، بعد إعلان الدولتين الأخيرتين، بدعم من الحكومة اليونانية، عن ترسيم حدودهما البحرية دون الأخذ بعين الاعتبار النفوذ التركي في تلك المنطقة وما كانت حكومة أردوغان قد طرحته حول ضرورة تأجيل الترسيم لبعض الوقت، أي إلى ما بعد التوافق على وحدة قبرص.

والمراقب المتابع لأوضاع منطقتنا في هذه الأيام يسمع جيداً قرع طبول الحرب. بل هو يرى من على شاشات التلفزة، وكذلك بأم العين، التحركات البحرية والجوية التي تقوم بها تركيا على مقربة قريبة من بعض الجزر اليونانية؛ كما يرى كثافة التحركات التي تقوم بها كل من القوات الإسرائيلية والتركية والقبرصية وكذلك اليونانية في المنطقة الممتدة من الجزر الواقعة شمالي- غربي اليونان باتجاه شرق البحر المتوسط وجنوبه الشرقي... بينما تصمت إدارة الولايات المتحدة عن الكلام المباح وتنتظر، كما القط في أقصوصة لافونتين، أن يقترب منها المتحاربون جميعاً طلباً للمساعدة والفصل في الموقف لكي تنقض عليهم وتلتهمهم جميعاً.

فإدارة باراك أوباما تستميت حالياً في التفتيش – حتى ولو اقتضى الأمر قضم بعض مصالح الحلفاء المقربين – عن سبل توقِـف التدهور الاقتصادي المستمر، أو على الأقل تـُخفِـف من الانزلاق نحو الهاوية المشابهة إلى حد بعيد لتلك التي وقعت فيها إدارة سابقة في العام 1929. يضاف إلى هذا الهدف العام هدف خاص، لعله الأهم، هو استعادة النقاط التي خسرتها هذه الإدارة بفعل سياستها الخارجية، إن في أفغانستان أو العراق أم في مصر وتونس، دون أن ننسى التأثير المدوي للقرارات التي اتخذتها بهدف إنقاذ بعض المصارف والشركات المالية المتعثرة، فنهبت مدخرات صغار المودعين وأعطتها لقمة سائغة لمن صرفها على "الهدايا" و"العلاوات" والهبات" ولم يرف له جفن أمام إقفال المؤسسات وزيادة البطالة ودخول الاقتصاد الأميركي عصر انكماش حاد... كما لا يجب أن ننسى أن معركة الانتخابات الرئاسية أصبحت على الأبواب والتجديد فيها صعب المنال في حال لم تحصل معجزة ما، خاصة ما أبرزته هذه الأيام من استعداد آلاف الأميركيين لاحتلال ساحة وول ستريت ومواجهة القمع والسجون (وهو أمر لم يحصل منذ فترة زمنية طويلة).

على ماذا يتقاتل من يتقاتل وعلى ماذا تفتش إدارة أوباما لتأمين ولاية ثانية؟ بل ولماذا الآن؟

في شهر تشرين الثاني من العام 2010، أعلنت شركة "نوبل اينرجي" (Noble Energy) الأميركية أنها حققت اكتشافاً مهماً لحقل يتجاوز احتياطيه 453 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في المنطقة الممتدة من شواطئ فلسطين المحتلة باتجاه جزيرة قبرص. وأطلقت الشركة المذكورة على تلك المنطقة اسم "حقل إسرائيل" بهدف تمييزه عن حقل آخر سبق أن أُطلق عليه اسم "تامار" ويحتوي على ما يقارب 236 مليار متر مكعب من الغاز.

بعد ذلك بأقل من أسبوعين، أي في أوائل كانون الأول من العام 2010، عاد الحديث يدور عن مخزون آخر، مخزون الطاقة اللبناني الذي كانت بعض الشركات النروجية قد حددته في العام 2006، أي في فترة العدوان الإسرائيلي على لبنان.

هذا الحديث الجديد عن المخزون اللبناني انطلق نتيجة تقرير صادر عن شركة أميركية أيضا وأيضا، هي "”US Geological Survey. هذا التقرير قـَدَرَ مخزون لبنان بأكثر من ألف مليار متر مكعب من الغاز إضافة إلى 608 ملايين برميل من النفط ... بما يشكل ثروة كبيرة يمكن للشركات الأميركية الاستفادة منها، إلى جانب استفادتها من مخزون الغاز في المياه الاقليمية لفلسطين المحتلة، وبما يسهم في تخفيف حدة الأزمة الرأسمالية الآخذة في التفاقم.

لن نسترسل في شرح ما جرى خلال النصف الأول من العام الحالي من وضع اليد الأميركية – الإسرائيلية على قسم أساسي من نفط جنوب السودان وبعد ذلك على قسم أساسي من النفط الليبي، دون أن ننسى نفط العراق ومخزون المعادن والنفط المكتشف في أفغانستان... كما لن نسترسل في شرح ما قامت به إسرائيل وتركيا لمنع لبنان من ترسيم حدوده، في وقت كانت فيه الحكومة القبرصية تضع خرائط حدودها البحرية مع إسرائيل وتتوافق معها على تنظيم العلاقة بما لا يؤدي إلى أي نزاع بينهما. أكثر من ذلك، هنالك معلومات تقول إن الدولة القبرصية قد وقعت، هي أيضا، على اتفاقية الدفاع المشترك التي أُقـِرَت، في أوائل أيلول الماضي، بين اليونان وإسرائيل تحت شعار منع تركيا من الوصول إلى الغاز...

ماذا جرى بعد الخامس من أيلول 2011؟

برأينا أن اتفاقية الدفاع المشترك بين اليونان وإسرائيل (وقبرص؟) قد أسست لانطلاقة مرحلة جديدة سياسياً وعسكرياً.

فمن جهة، بدأت تركيا بتحريك قواها البحرية في اتجاه المتوسط، بعد أن سبق ذلك اطلاق تهديد باتجاه إسرائيل في 12 أيلول الماضي، بالاستفادة من "أسطول الحرية لغزة" الذي كان يتحضر للانطلاق. كما أنها انتقلت، بعيد ذلك بقليل، إلى الرد على اتفاقية الدفاع المشترك اليونانية – الإسرائيلية بتوقيع اتفاقية مع رئيس جمهورية قبرص الشمالية، دلرويش أروغلو، تقضي بالسماح لها أن تـُنـَقـِبَ عن الغاز في المياه الاقليمية القبرصية؛ هذا، عدا عن تكثيف حكومة أردوغان للضغوط الممارسة تحت شعار يقول إن وحدة قبرص تمر من خلال الدور التركي في مكامن الثروات المائية.

بالمقابل، واثر اتصالات تمت في 14 أيلول بين نتنياهو وجورج باباندريو، بدأت إسرائيل بنقل قوات بحرية وجوية إلى بعض القواعد اليونانية. الهدف من ذلك هو، دون شك، مهاجمة تركيا من الخلف في حال قامت القوات التركية بتوجيه ضربة ما ضدها.

أما الولايات المتحدة وحلفها الأطلسي فتحركا ، ومعهما الاتحاد الأوروبي الغارق في أزمته والمكبل بمديونية خانقة يفتش عن حل لها بالتسول على المائدة الأميركية، باتجاه دعم قبرص واليونان، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عما إذا كانت الولايات المتحدة هي التي دفعت إسرائيل واليونان إلى عقد اتفاقية الدفاع المشترك ومن ثم إلى الاعلان عنها وأعطت الضوء الأخضر للبلدين المذكورين بتأكيد استعدادهما لاستخدام مضمون تلك الاتفاقية في حال تعرضتا ومعها قبرص للخطر.

باعتقادنا أن الهدف من مثل هذا الضوء الأخضر ليس المواجهة المباشرة مع تركيا، ولا التخفيف من الدور الجديد المعطى لها ضمن الخطة العامة لحلف شمال الأطلسي التي أقرت في لشبونة، ولا كذلك تجاهل إمكانيات تركيا في المواجهة التي تعدها الامبريالية ضد بعض الثورات العربية، فتركيا مفتاح العلاقة مع القوى الاسلامية المسماة "معتدلة"، وهي النموذج الذي تراه واشنطن مناسباً لاستبدال الأنظمة العربية المنهارة. بل أن واشنطن تـُقدر الدور التركي حق قدره، و تعرف جيداً أن بامكانها الاعتماد على أنقرة في الملمات؛ لذا فهي تريد، من جهة، أن تعطي بعضا من مصداقية للدور التركي الجديد من خلال إظهاره وكأنه يتم من خارج الحظيرة الأميركية، إلا أنها تريد، من جهة أخرى، أن تضبط الايقاع الاقتصادي والعسكري التركي على وقع مصالحها وأولوياتها... فهل سترضخ تركيا لمصلحة أوباما والشركات الأميركية بينما تستمر قبرص وإسرائيل في الاستفادة لوحدهما من كرم الطبيعة؟

في ضوء كل ما تقدم، نعتقد أن "حرب الغاز" حقيقة فعلية قد تنفجر في أي لحظة، خاصة وأن "مثلث الثروة الغازية" الممتد بين قبرص ولبنان وفلسطين المحتلة يؤجج الشهوات. فلنـَتحـَضر كي لا نكون وقوداً لها.

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا