<%@ Language=JavaScript %> علي محسن حميد    توريط القوات المسلحة بمخالفة دستورية في بيان لم تكتبه
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 توريط القوات المسلحة بمخالفة دستورية في بيان لم تكتبه

 

 

علي محسن حميد  

 

 

 كتبت في السنوات الماضية عن أهمية الحياد السياسي للقوات المسلحة واستقلاليتها وعدم  تدخلها في الخلافات السياسية اليومية بين فرقاء العمل الوطني وأن انتهاج هذا الموقف ضرورة وطنية لتتجنب كل مايشتم منه رائحة انحياز أو تفضيل موقف فريق سياسي على آخر في بلد ديمقراطي يتم فيها - نظريا-  تداول السلطة سلميا بانتخاب دوري ينتج عنه - نظريا- أن الحكومة قد تصبح  في المعارضة يوما ما.  هذا الحياد نص عليه الدستور وأكد عليه اتفاق الوحدة و باركه الإجماع الوطني وقبلت به القوات المسلحة. وهذا الحياد ليس بدعة فهو من البديهيات في الأنظمة  الديمقراطية وحتى في بعض الأنظمة غير الديمقراطية.  وككل شيئ في اليمن ينتهك الدستور باسم القوات المسلحة من قبل إدارتها الإعلامية محاكات لانتهاكات عليا وجهات خفية تمارس سلطات موازية شبيهة بالسوق السوداء الموازية.  

بعيد التوقيع على المبادرة الخليجية في 23 نوفمبر في الرياض من قبل رئيس السلطة الذي لم تعد له سلطات دستورية أو عسكرية نسب الإعلام الرسمي للقوات المسلحة بيانا أنا وغيري نثق تمام الثقة بأنها لم تكتبه ولم يصدر عنها ولم يعرض على قياداتها كأشياء أخرى كثيرة حدثت في العهد المنقرض وأن جهة خفية كتبته تحكم البلاد من وراء ستار بدون مسوغات دستورية دأبت فيما مضى على تزوير إرادة القوات المسلحة كما زورت إرادة الشعب في انتخابات غيرنزيهة . هذا العمل الذي تسكت القوات المسلحة عنه ينتهك حيادها والدستور والإجماع الوطني.  

حقيقة هذه  الأشباح تتسبب في إحراج القوات المسلحة وفي إضعاف موقفها الأخلاقي والوطني . وعندما نبهت إلى هذا الأمر الخطير قبل سنوات في مقالين الأول في القدس العربي والثاني في  جريدة الوسط اليمنية،كان رد التوجيه المعنوي على ماكتبته في الوسط باللغة المتخشبة نفسها، المحشوة بعبارات إنشائية لاتقنع أحدا وخلاصته أني استهدف هذه القوات وأنال منها وفي الرد وضع إسم (حميد) بين قوسين لتنبيه القارئ وتحذيره مني بسبب اسمي الذي يحمله آلاف اليمنيين . وقد برهن الرد على أن من تربى على ثقافة النفاق والكذب وتجميل القبح وتزوير الحقائق  وتبرير مالايبرر يعد فعلا شريكا كاملا في الاستهانة بالدستور وانتهاك نصوصه. البيان الذي زور إرادة القوات المسلحة هو بيان باطل وتفضحه اللغة المستخدمه التي تسمع وتقرأ يوميا في أكثر من وسيلة إعلامية رسمية.  

البيان غير موقع وطويل وإنشائي أيضا وتعمد كاتبه تطويله إما نفاقا لولي نعمة أفل نجمه ويغرب حسّه رويداً رويدا، أو لكي لايقرأه أحد وينفر منه لأول وهلة لأنه لاينقصه أن يقرأ كلاما ليس فيه أي جديد سوى أنه صادر باسم القوات المسلحة. وخطأ سمي بيانا لأن البيان يوجه إما للشعب أو إلى القوات المسلحة أو إلى أعضاء نقابة ولا يوجه إلى فرد واحد. لقد اتخم  البيان  بالتزلف والنفاق والانحياز لسلطة تعيش شتاءها الأخير. حتى التهنئة في غير محلها لأنها لو كانت واجبة  لوجهت أيضا إلى الشريك الذي يمثل الثورة ووقع المبادرة والآلية. البيان، تجاوزا، بعثت به جهة خفية كما أسلفت نيابة عن القوات المسلحة وبدون علمها إلى رئيس انتهت ولايته الفعلية بمناسبة التوقيع على المبادرة الخليجية والآلية المزمّنة ولا يجوز صدوره بعد تدمير أحياء وقرى وشوارع وقتل جماعي وفردي متعمد لنساء وشباب ورجال وأطفال من قبل قوات الرئيس وليس القوات المسلحة الوطنية التي نعرفها والتي دحرت القاعدة في أبين رغما عن إرادة السلطة. البيان يصور هذا الفعل الوحشي والنازي بأنه انتصارا للرئيس وأن القوات المسلحة توافق عليه. والتوقيع وياللعجب ليس سوى تجل "لحكمته" التي غابت عشرة أشهر ثم ظهرت فجأة. (فترة الحمل تسعة أشهر).  

ومما جاء في البيان أن "الرئيس يستحق إجلال وعرفان الوطن والشعب". أنا لاأعرف كيف يجل الوطن فردا مهما علا شأنه ثم هل الوطن كائن حي ليفعل ذلك وهل هو أدنى درجة من الرئيس ليقدم له هذا العرفان أم أن الرئيس -أي رئيس- هو في خدمة الوطن والعكس ليس صحيحا. ويعبر البيان عن "عرفان القوات المسلحة لجهود الرئيس المضنية والتضحيات الجسيمة التي قدمها في سبيل هذا الوطن وصناعة أمجاده وانتصاراته ". ثم  منح البيان الرئيس المنتهية ولايته وصلاحياته أوصافا  لايملكها مثل"1- القيادة الفذة،2- الحكمة 3-الرّوية 4- الدهاء السياسي 5-الصبر6- الجلد ،مكنته  كلها مجتمعة من إفشال وإجهاض كافة المؤامرات والمشاريع التدميرية التكتيكية . و الحمد لله أن البيان المزعوم  كشف لنا أن المؤامرات تكتيكية  وليست استراتيجية لأنها لو كانت استراتيجية لأصيب  الوطن في مقتل. يضيف البيان في وصف المنتهية صلاحيته بأنه "باني هذه المؤسسة الوطنية وراعيها وقائدها على مدى 33 عاما".  

هل كنتم يا ضباطنا وجنودنا وأحد الطلائع الوطنية عدما ولاوجود لكم قبل ذلك ؟ وهل هذا قبول منكم  بأنه لم يكن لمؤسستكم دور في الدفاع عن الثورة والانتصار في حرب السبعين وحماية حدود الوطن في شماله وجنوبه؟. ألم يفكر كاتب هذا البيان بشعور الضابط والجندي الجنوبي ورد فعله عندما يرى في هذا ازدراء لجيشه المحترف بحق والذي لم يعرف صالح سوى في ال20 سنة السوداء الماضية. ثم هل كان من الحكمة أن يطرد الرئيس سبعين الفا من  رفاقكم من الخدمة العسكرية لأنهم جنوبيون. وعندما ذكر البيان ال33 عاما فقد حدد النهاية لحكم المنتهية صلاحيته وقيادته لهذه القوات وهذا أمر لم يتنبه له كاتب البيان المزور.  

من جهة ثانية فقد سار البيان على النهج الشمولي الرسمي  المعتاد منذ عام 1994 عندما تجاهل الطرف السياسي الآخر في المعادلة السياسية و أتى على ذكره في ذيل البيان على استحياء وليس بالاسم وكأنه عورة ". قال البيان  "مرة أخرى نهنئ شعبنا وقيادته (وكل الفرقاء السياسيين)". الطرف الآخر لا وزن له حتى 23 نوفمبر ولايزال اسمه -المجلس الوطني لقوى الثورة اليمنية- نكرة لدى السلطة ومحرم ذكره.  

هذا بيان ثقافة شمولية إقصائية بامتياز لأنه لايعترف بهذا المجلس وبقوى الثورة الشبابية والشعبية التي يمثلها. كان هناك طرفان في الرياض يا من تغمضون عيونكم وتغلقون قلوبكم عن رؤية الحقيقة. لا عجب فهذا هو الإعلام العسكري والمدني الذي زيف الوعي وأخفى الحقائق وبرر كل خطيئة وجريمة للسلطة وتجاهل الفساد وأصبح جزءاً منه. هل هذه هي إرادة القوات المسلحة التي ستتعامل مع المجلس الوطني خلال المرحلة الانتقالية وفيما بعد فيما لو وصل إلى السلطة بطريقة ديمقراطية. وثالثة الأثافي أن ماتم من انتصار تم بإرادة الرئيس  وحده بحسب  البيان باعتباره هو الذي يمتلك أعمدة الحكمة الستة السالفة الذكر وأن التوقيع تزامن عمدا مع عيد استقلال الجنوب وتوقيع اتفاق الوحدة. يقول البيان " بهذا الانتصار الذي أراد له فخامة الرئيس أن يكون متزامنا مع الذكرى ال44 للاستقلال والذكرى الـ22 للتوقيع على اتفاقية الوحدة بعدن وهذا التزامن المتعمد إنما يؤكد الحرص على استمرار ديمومة فعل الثورة". لقد غاب العقل والرشد هنا والكاتب يستهبلنا ويستحمرنا كعادته ويتعامل معنا كسذج وأغبياء لاوعي لنا ولا ذاكرة. ماذا يريد البيان أن يقول في هذه الجزئية؟ يريد القول إن من واجب الشباب وأسر الشهداء والنساء  والـ109 أطفال الذين  قتلوا برصاص قوات فخامته وبأموال الشعب أن يشكروا صالح لهذا التزامن العبقري وأن يعفوا عنه لقتله بعضا منهم لأنه ماكان يصح وطنيا أن يتم التوقيع بدون هذا التزامن للآلية المزمنّة!!. ماذا ستقول أرحب والحصبة ونهم والحيمة وساحة التغيير بصنعاء  وجولة كنتاكي وساحتا الحرية بعدن وتعز ومحمد الدرويش أول شهيد  للثورة في عدن  وساحات وميادين إب وذمار والبيضاء والحديدة وحجة وشبوة وحضرموت وغيرها عن هذه العبقرية الفذة غير المسبوقة التي أبت إلا أن يتزامن التوقيع مع هاتين المناسبتين؟ هل يرضي ذلك القوات المسلحة ؟ لا أظن. وسؤال واجب: لماذا غاب حس هذا التزامن في 22 مايو عندما سجن الرئيس الوسطاء في سفارة الإمارات ورفض التوقيع بعد توقيع قيادات مؤتمرية؟ هل كان ذلك التزامن ناقص الوطنية مع أن 22 مايو هو عيد الأعياد اليمنية.  

ختاما أكرر ما كتبته من قبل وهو أن تنأى القوات المسلحة بنفسها عن التدخل في الشأن السياسي أولا، احتراما للدستور، وثانيا لتبقى على الحياد في الصراعات السياسية، وثالثا لتحتفظ بمكانتها الوطنية وهامتها كحام للوطن وليس للنظام. هذا البيان كغيره من بيانات وخطابات وبرقيات ودراسات ومقالات  تكتبها  أياد خفية آثمة وطنيا وأخلاقيا بأسماء مستعارة وهي ككتيبة نفاق لا تخجل من بيع الكلمة الشريفة بأبخس الأثمان.  

مثال" تحدث دكتور من هذه الكتيبة  في الفضائية اليمنية قبل عدة أسابيع بأن الرئيس المنتهية ولايته الدستورية تخرج من الكلية الحربية. هل سمع أحدكم بهذا الكذب  من قبل. ولأن الزيف يجر الزيف فقد بدأ هذا الزيف عند اختلاق دور للرئيس لم يقم به مطلقا في ثورة 26 سبتمبر وللأسف أن هذا الدور تم تخليقه وتوثيقه في مركز الدراسات والبحوث وربما استند إليه كاتب نشر مقالا في صحيفة الأهرام قبل أسبوعين زعم فيه أن صالح مفجر ثورة سبتمبر.  

في مقاليّ السابقين  اقترحت كترجمة لحياد القوات المسلحة ومنابرها الإعلامية المقروءة والمكتوبة أن تخصص لها إذاعة داخلية وقناة تلفزيونية داخلية وأن  تلتزم صحفها  ومجلاتها  بالحياد بين القوى السياسية وبضوابط تتفق عليها كل أطراف العمل السياسي تكون ملزمة لها .  وبذلك تنحصر مهمتها  في التثقيف والتوعية بما يدور في الساحة الوطنية  بحياد تام وشحذ الهمم وتوصيل رسالة القوات المسلحة إلى منتسبيها. في الديمقراطيات يكون وضع القوات المسلحة هكذا ولا أحد يسمع أو يشاهد لها برنامجا في الإذاعة أو التليفزيون. ولكن عندنا هناك من يريد وبإصرار أن يقول لنا: طز بالديمقراطية وأن لانمني أنفسنا بالاقتراب منها لأن الرمز عندها أهم وأعلى وأغلى من الوطن. إن ماسبق تتحمل مسؤوليته إدارة التوجيه المعنوي التي يجب إعادة تأهيلها وهيكلتها وأن يكون عملها  تحت الرقابة وتخضع للمحاسبة عندما تشذ عن الإجماع الوطني والمصلحة الوطنية وتنتهك الدستور.  

*عضو المجلس الوطني لقوى الثورة اليمنية 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا