<%@ Language=JavaScript %> عارف معروف سرطان الفساد يهدد مستقبل ووجود العراق ....هل ثمة امل ؟ .......1
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

سرطان الفساد يهدد مستقبل ووجود العراق

 

 ....هل ثمة امل ؟

 

الجزء الأول

 

 

بقلم : عارف معروف        

                    

 اولا : الفساد ظاهرة عالمية ....

 

من  تحصيل الحاصل ، القول ، ان الفساد ظاهرة عالمية ، وهو ينجم عن ويرتبط بطبيعة النظام الرأسمالي العالمي القائم وطبيعة دور الفرد  وعلاقته فيه، ومنظومة قيمه الاستهلاكية التي ينشأ عليها  ، وكون المال  هو السيد الحقيقي الذي يحكم تصرفات وقيم الافراد والمجتمع السلوكيه، وحيث الافتقار الى الضمان والطمأنينة والسعادة، بل والقيمة ، الا ّبه ومن خلاله... "انه الذهب ... ذهب يكفي لجعل الاسود ابيض ، والقبيح جميلا، والظالم عادلا، واللئيم نبيلا، والعجوز فتيا والجبان باسلا ، انه هذا النقد الاصفر الرنان ... يبني ويهدم اديانكم ، يبارك الملاعين ، ويجعل الابرص معبودا !.. انه هو الذي يضع اللصوص على مقاعد الشيوخ ويمنحهم القابهم ومايحيط بهم من  مهابة وخضوع ، انه هو الذي يجعل من العجوز البالية .. عروسا صبية ... ايها الذهب ، يا مفسدة البشر!-( شكسبير ، تيمون اثينا ) .

 ورغم ان، الفساد ، ظاهرة قديمة يفرزها النظام الرأسمالي  وجميع الانظمة القائمة على الاستغلال بالضرورة ، فانه اتسع ووصل في حجمه وعمقه  الى مديات غير مسبوقة في العقود الاخيرة ، حيث تحول الاقتصاد الرأ سمالي العالمي ، اكثر فاكثر ، من  اقتصاد ، حقيقي ،انتاجي  ربحي الى اقتصاد، رمزي ، ريعي ، قائم على   التداول النقدي  والمضاربة بصورة متزايدة ادت الى سيادة وسيطرة راس المال المصرفي والطغم المصرفية والطفيلية  في مركز النظام الرأسمالي العالمي ، امريكا، خصوصا ، واليابان ، اوروبا وباقي المنظومة العا لمية   . ولقد تزايدت، جراء ذلك عمليات الاحتيال المالي  والقانوني و فضائح  الفساد المالي اوالاداري  والنشاطات المافيوية والطفيلية المرتبطة بها والتي غالبا ما يكون ابطالها بنوك وشركات ومجموعات مالية كبرى ، وايضا  شخصيات متنفذه ماليا او سياسيا، ومنها ، على سبيل المثال ، فضيحة مادوف" سامكو  العا لمي ! " الذي جعل الاقتصاد المالي العالمي كله في ازمة ثقة جراء احتياله بمبالغ هائلة تحقق منها ، وفق ما اعلن ، اختفاء ما يزيد على الخمسين مليار دولار، في جيبه  الشخصي على اقل تقدير !  ، لكنها ،عمليات الاحتيال والفساد هذه ، وبالرغم من انها تنتج، حتما ،عن طبيعة النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي يحكم العالم الراسمالي، وامريكا على وجه الخصوص،  تظل، محدودة العدد وكذلك الاثر والتاثير بفعل ثقل القوانين واجهزة الرقابة وطبيعة الشفافية ودور الاعلام وآلية السيطرة والتحكم، ووسائل امتصاص وتدوير الازمات، المالي والاقتصادي ومنظومة القيم الاخلاقية السائدة وغير ذلك من المحددات التي تجعل امر ممارسة صور الفساد واساليبه، بهذه الكيفية والحجم ، صعبة ومحدودة.

وحيث ان دول الاطراف في العالم الرأسمالي اليوم ، كما كانت دائما ، صورة شوهاء عن الاصل ، وبفعل تاثير المركز العالمي ، فقد تنامت فيها صورة اقتصاد ريعي طفيلي تتحكم به طغم ماليه فاسدة مرتبطة براس المال المالي العالمي  بعد ان دمرت تدريجيا ، الصناعات الوطنية وكذلك قطاعات الزراعة والري وانظمة الحماية الكمركية ...الخ، لصالح جعل هذه البلدان مجرد اسواق مفتوحة ومصدر للمواد الاولية كما كان شانها  منذ القرن الاسبق ، وتنامى فيها دور الانشطة الريعية والطفيلية  واللصوصية التي لا تقاس بمثيلاتها في الغرب،   سواءا من ناحية السعة او الحجم او العمق ، او الفظاظة ، بالنسبة لامكانيات مجتمعاتها وحجم ثرواتها ، اذ يختفي ، هنا الثقل المعدل  للقوانين والرقابة ودور الشفافية وحرية ورقابة الاعلام وآليات السيطرة والتحكم والقيم الاجتماعية السائدة وطبيعة النظرة  الى المال العام ، واثرها وتاثيرها ، خصوصا في ظل زواج المال والسياسة او السلطة والمال تحت مظلة الانظمة الاستبدادية، وكذلك نمو فئة البيروقراطية الادارية المسيطرة على جهاز الدولة، في ظلها ، وتجذر مصالحها  وارتباط هذه المصالح بفئات المقاولين والموردين والطفيليين . لقد اصبحت هذه البيروقراطية بمثابة "الشريك النائم" في الكثير من المصالح والشركات والبنوك الخاصة ، خصوصا تلك التي تمارس ادارة المال العام في البنوك  والمؤسسات الصناعية والتجارية الكبرى وكبار القادة في الجيش او الحكومة...  وقد ضاقت ذرعا، اخيرا ، بالاطر التي تكبلها واصبحت تتطلع الى ان تمارس دورها بحرية  خارج اطار القطاع العام والخدمة الوظيفية الذي يكبلها بعض  الشيء ويمكن ان يجعلها تحت وطأة الادانه بالفساد .   اذ ان السلطة المطلقة وغياب اي دور رقابي او مسائلة مع الغياب الكامل للحريات ، يحول الحاكم وحاشيته الى مقاوليين وتجار رئيسين ووكلاء للشركات والرساميل الاجنبية ، كما كان شانهم  قبل قرن او قرنين  في المستعمرات البدائية الاولى  !

 لقد شهد العالم العربي ، منذ السبعينات ، تحولا، تدريجيا، في طبيعة السلطة السياسية بفعل تغير مضمونها الاجتماعي ، فالسلطة العسكرية الشمولية ذات الشعارات القومية والمضامين الاجتماعية المعبرة عن مصالح قاعدة عريضة نسبيا من الجماهير او متناغمة معها، على الاقل، او تنزع الى احتواءها عبر تطمين  الحد الادنى من احتياجاتها المعيشية والصحية والتعليمية ، والتي تنشد اعادة هيكلة البناء الطبقي للمجتمع وفقا  لذلك وتهشيم دور الطبقات والفئات المسيطرة القديمة ولاعتبارات هيمنتها ، هي ، والتي غالبا ماكانت حزبية او فردية يمثل فيها الحزب او  شخص الزعيم الفرد صورة مجسمة للنظام، الطامح الى القوة والمجد والزعامة، عبر ايديولوجية مناسبة وبرنامج اجتماعي  معلن وان كان غير محدد المعالم  ، اخلت المكان لنوع آخر من السلطة ، تعكس، ليس فقط نمو وتضخم شخص الدكتاتور بل  نمو وتفاقم مصالح بطانه وحاشية وعائلة بدأت تتجذر وتتضخم وترتبط مصالحها بمصالح الطبقات الطفيلية واصبحت هذه البطانه او العائلة تستغل السلطة السياسية من اجل الا ستحواذ على المال العام عبر منافذ شتى، كاستغلال الاموال العامة في المضاربة او التجارة ، والمقاولات والتوريدات الحكومية، دون اعلان او منافسة ، واصبحت قاعدة لالية فساد بدأت تتسع رويدا، فشهدنا في بعض الدول العربية ، ومنذ وقت مبكر بروز  اسماءولافتات عريضة لغنى اسطوري نجم عن فساد غير مسبوق وكان ابطاله  وشخوصه في الغالب من الحثالة الاجتماعية والعاطلين والمجرمين والمقامرين، والذين لعبوا ، في اكثر الاحيان دور الواجهات بالنسبة للمالكيين الحقيقيين الذين كانوا" السلطان" وحاشيته واتباعه ووزراءه وقادة جنده  .. حيث كانوا، هؤلاء الواجهات، وراء صفقات الغذاء الفاسد والمواد   منتهية الصلاحية التي تستورد بكميات كبيرة لغرض توفير الدعم الحكومي للسلع الغذائية الاساسية بغية تصبير الشعب ، ومشاريع الاسكان الوهمية وشركات توظيف الاموال  وغير ذلك الكثير،يسند  هذا النشاط ويجعله ممكنا الطغيان والغياب الكامل للشفافية والرقابة ، حيث يصبح المال العام هو المال الشخصي للطاغية ووزارة المالية تتحول الى امانة الخزانة الخاصة! وميل تلك الانظمة الى غض الطرف عن الفساد المستشري لانه اولا يضمن مشاركة الجميع في الفساد  ويجعلهم بذلك متواطئين في قبوله ومتضامنين  ولهم مصلحة في  استمرار وبقاء النظام . ويخلق منهم ، ثانيا ،" مدانين تحت الطلب " على حد التعبير الموفق للدكتور" طيب تيزيني " يمكن ان يبطش بهم الطاغية اذ يتوفر له  وتحت يده،باستمرار،  وساعة يشاء، الدليل المادي الملموس لادانتهم ، وتدميرهم سياسياواجتماعيا ، ويقلل، ثالثا ، الى ادنى حد من وجود العناصر النظيفة اليد التي يمكن ان تشكل مادة الاحتجاج وعناصر التمرد  .

 ان البقاء في السلطة لعقود طويلة ولدّ ، لدى الطغاة والمستبدين ،حالة من الشعور بالملكية اتجاه الوطن والمجتمع الذي امسى رعية وليس شعبا ان الطاغية يعتاد على وجوده على راس السلطة ويعتاد على ان يصبح "ابو الوطن" و تنمو لديه نوع من مركزية الذات المرضية تشبه تلك التي لدى الاطفال انه لايتصور البلد والشعب بدونه ولذلك تنمو لديه القناعة بقانون السلالة وشرعية التوريث وان ما حصل عليه بقوته وطموحه وتميزه وتضحيته يجب ان يوّرث لاولاده ويستمر في سلالة حاكمة متميزة ، واذا كان اولاده وافراد عائلته يشاركونه هذه القناعة فان الحاشية والعشيرة والمعارف ، على العكس منهم، ينتابهم القلق باستمرار ، القلق من تقلبات مزاج الطاغية والمنافسات العائلية والفردية وتنامي مراكز قوة شخصية داخل عائلته نفسها ، ومن صروف الدهر وتبدل المقادير ولذلك فانهم يتكالبون على استغلال الفرص واستثمار السوانح ويتجهون ، بغية الحصول على ضمانه للمستقبل الى،النهب بكل حيلة ووسيلة و تهريب الاموال وتصدير الرساميل  المالية والارتباط عضويا بالاستثمارات العالمية خارج الوطن، ان لم  ينقلبوا الى ما هو اسؤ، حتى بالنسبة للطاغية نفسه ، مطية للتدخلات الاجنبية وحصان طروادة التدخل العسكري عند الضرورة  !

. انتجت هذه الواقعة، على مدى عقود ، طلاقا بائنا بين تلك الانظمة وادعائاتها بتمثيل مصالح الجماهير او السعي الى تحقيق المصالح القريبة او البعيدة للامة او الشعب واصبحت ، وعلى درجات متفاوته بالنسبة لكل نظام ، انظمة طغم مالية " اوليغارشيات "طفيلية لا تشارك باي قدر في الدورةالاقتصادية ولا تمثل حتى كومبرادورا  مرتبطا  بالرساميل الاجنبية وانما زمر احتيال وسرقة ومقاولات وهمية  تعمل بالضد من مصالح البلاد الوطنية وتعادي ، بعملها حتى الراسمالية المحلية المنتجة وهي لا تتورع عن بيع نفسها وبلادها للمصالح الاجنبية ودوائر المخابرات والجاسوسية ومن هذا الباب ، اصبحت بعض البلدان مرتعا لشبكات التجسس ومنفذا لارادات دوائر المخابرات في الدول الكبرى ، وقواعد جاهزة للعدوان على ابناء جلدتها من الشعوب الشقيقة والمجاورة ،واذلت البلاد وكبلت بمعاهدات استرقاق حقيقية،  كما كان شان مصر مثلا .لقد  رافق هذا التحول، تحولات كبيرة في البنية الطبقية والاجتماعية والاقتصادية وانعكس على مستوى الفكر والفن والسياسة ، فضعفت وتقهقرت الطبقة الوسطى وتمثيلها السياسي وتدهور الانتاج الصناعي والزراعي بل وحتى الانتاج الفكري والفني  الذي بات يعكس طبيعة ثقافة ورؤى الفئات، الضحلة ، الصاعدة ويمكن العثور على امثلة واضحة، لذلك على مستوى الادب والفن والسينما والمسرح والثقافة الشعبية و الامثال ولغة التخاطب اليومي !

 واذ اضحى الوطن ملكية خاصة ، والشعب رعية مستعبدة ،كان لابد ان  تتسع وتتعمق ممارسات العنف والبطش والاخضاع والاذلال للجماهير ، والشعوب التي ستصبح " خائنه " وكافرة بالنعمة ، وعاقةّ ، لو تجرأت على الرفض او المواجهة او حتى الشكوى رغم انها ازدادت فقرا وتردت احوالها المعيشية بصورة غير مسبوقة وجردت من كل ما تحقق لها من " مكتسبات " خلال العقود السابقة ، ابان صعود تلك الانظمة حينما كانت تتملق او تستغفل او ربما تؤمن حقيقة ببعض حقوق الشعوب والجماهير في اوطانها و تخشى من تمردها وبأسها ، جردت  ونهبت تحت عناوين الخصخصة  وهيكلة الاقتصاد الوطني على اساس وصفات صندوق النقد الدولي ، لمكافحة الترهل وتفعيل الاقتصاد وانشطته الانتاجية والغيت كل اشكال الدعم ، واضحت الجماهير او اريد لها ان تصبح او تعود كتل دهماء لاتعليم ولا صحة ولا وعي لديها  .  في ظل برامج الخصخصة، هذه ، نهبت الممتلكات العامة وبيعت بابخس الاثمان الى مستثمرين محليين من البطانة والاتباع او الى مستثمرين اجانب يلعب اقطاب وعناصر واتباع النظام دور الوكلاء بالعمولة لهم او المدراء التنفيذيين لشركاتهم ، كما تم التخلي تدريجيا عن مشاريع الاسكان الشعبي ودعم الزراعة ورعاية منظومات الري وكذلك دعم وتطوير التعليم بشتى مستوياته وكذلك التخلي عن الدعم في مضمار الصحة العامة، فاوشكت الاوطان ان تصبح يبابا متصحرا وخرائب تنعق البوم في اطلالها  !، واذا اخذنا مصر كمثال فأن ساكني العشوائيات والمقابر ، والمعتاشين على مقالع القمامة اصبحوا يعدون بالملايين :

 (   يخرج الفقر والاملاق ، الانسان ، عن منظومة القيم السائدة، بما فيها الدين ، الذي  يدّعى الطغاة والفئات المتسيدة الحرص عليه ويضعون السيف في رقاب من يتجرأ علي النيل منه، ولذلك قال الامام  علي بن ابي طالب ، لو كان الفقر رجلا لقتلته  ، اذ على الانسان لكي يعيش ، ان ياكل اولا ، وفي مقابلة لهيئة الاذاعة البريطانية مع مربي الخنازير المصريين ، حينما اتخذت  الحكومة المصرية قرارها باعدام كل الخنازير للتخلص من تهديد مرض انفلونزا الخنازير ، اتضح ان اكثر مربي الخنازير ، على القمامة ، هم من المسلمين وصرحت  سيدة منهم لمذيعة المحطة انها وعائلتها لا تعتاش من بيعه فقط وانما ياكلون لحمه بصورة منتظمة " ومالوا الحلوف يختي، لذيذ اوي ، اصله كله خير وبركة ... ايوه ناكلوا ياختي ، امال ناكل ايه ، داه رزق من ربنا )

 في حين ازداد عدد مالكي المليارات وبيعت لهم حتى اراضي البلاد باثمان رمزية ليعيدوا بيعها الى اجانب!( في تقرير لمواقع الجزيرة وابن مصر والبديل الجديد وغيرها ، ان حكومة مبارك كانت قد خصصت اراض توازي مساحة 5 دول عربية صغيرة ، غرب السويس ، لبضعة  اشخاص من رموز الفساد  بواقع عشرين مليون متر مربع واكثر لكل واحد منهم وبسعر رمزي للمتر الواحد يساوي 5 جنيهات مصرية استوفت منها جنيها واحدا فقط ، وان احمد عز ، مثلا ، باع 150 الف متر مربع من حصته للملياردير الكويتي ناصر الخرافي ، بسعر 1500 جنيه للمتر المربع الواحد ، اي انه دفع 20 مليون جنيه في ارض قيمتها السوقية تساوي 30 مليار جنيه، فاي نهب وفساد!!   فاذا كان ربح معدله 100% يجعل الرأسمالي يدوس على كل القيم  و200 % يجعله لايتورع عن ارتكاب اية جريمة ، فماذا سيفعل هؤلاء اللصوص الطفيليون ازاء ارباح بلا دور او عمل ، بل سرقات فجة ، تعدل 25000%!! بالتاكيد سيسحقون بلا رحمة كل الشعب ويبيعون كل الوطن لمن يشتري ، وهكذا  اختزلت حتى الحريات البسيطة التي كان يتيحها تمثيل هذه الجماهير وقطاعاتها في بنى مجتمع مدني ولو كارتونية، او منحها بعض الحريات الشكلية  استجابة لضغوط دولية تبغي المحافظة على النظام اساسا و استكمل بناء اجهزة قمعية غاية في الفضاضة والبعد عن الانسانية وجردت حملات  قمع وحشية  . ووصلت الامور الى طريق مسدود  حيث اصبحت المواجهة محتمة بين هذه الشعوب وتلك الانظمة التي بدأت تميل ، جميعا، الى توريث الحكم في ذات العائلة لضمان ذات السيطرة الاوليغارشية واستمرارها . ان هذا الامر المتفاقم هو ماهيأ الديناميت الاجتماعي للانفجار ، سواءا في مصر او تونس او ليبيا او اليمن او غيرها ، لقد كان الفسادالمستشري ، والقمع الذي تعاظم بسببه، على راس الدوافع والمحفزات الى الثورة وكانت المطالبة بعزل ومحاسبة رموز الفساد والقمع  على راس المطالب الجماهيرية .

 

لقد ادرك العالم  المتمدن مدى التهديد الكبير الذي ينطوي عليه الفساد على مجمل  الاقتصاد العالمي وما يرتكز عليه من هيكل اجتماعي وسياسي وعبر عن قلقه، كما جاء في ديباجة اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد ،من خطورة ما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وامنها مما يقوض مؤسسات الديمقراطية والقيم الاخلاقية والعدالة ويعرض التنمية المستدامة وسيادة القانون للخطر وللصلات القائمة بين  الفساد وسائر اشكال الجريمة ولتعلق حالات الفساد بمقادير هائلة من الاموال يمكن ان تمثل نسبة كبيره من موارد الدول وتهدد الاستقرار السياسي ولكون الفساد لم يعد شأنا محليا بل هو ظاهرة عالمية تمس كل المجتمعات والاقتصادات مما يجعل التعاون الدولي على منعه ومكافحته امرا ضروريا ،  لذلك ،تنامت المبادرات الى مواجهة الفساد ووضع المعالجات والاليات لمكافحته والتعاون في الحد من اثاره الوبيلة عالميا فكان ان توصلت الامم المتحدة الى الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد ، التي شخصت معظم صوره وآلياته وكذلك دعت الى التزام او اتباع معايير منهجية معينه لمواجهته ، وسنتناول ذلك لاحقا ، في مقارنه بين ما تضمنته تلك الاتفاقية وما تتضمنه القوانين والاوامر الصادرة في العراق بهذا الخصوص، والامكانية الحقيقية لمنع ومكافحة الفساد التي لاتتعلق بالنصوص والقواعد فقط وانما يتحتم ان تقترن بالارادة الجدية والممارسة الجادة  .

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا