حوار بين شلغم نوري السعيد وشركات الانترنت

 

 

يوسف علي خان

 

مما تجد ر الاشارة اليه وفي الوقت الذي  اعلنت فيه  شركات الانترنت عن تخفيض  اجور الاشتراكات وتحسين سرعة  الاتصال ولم يتحقق منه اي شيء على ارض الواقع كما هو المعتاد في جميع الوعود ...

فقد تذكرت شلغم نوري السعيد حين خفض سعره من عشرة فلوس الى ثمانية فلوس للكيلو الواحد في الخمسينات من القرن الماضي  والذي تحدثت عنه في مقالات سابقة  فانقذ الشعب العراقي في حينه بذلك التخفيض من مجاعة محققة كادت ان تحيق به وتقضي عليه  ... لأن نوري السعيد اعتقدعلى ما يبدو ان العراقيين بهائم تتغذى على بعض  الخضار التي اعتاد المربين من  اصحاب زرائب تربية الماشيبة أن يقدموها كاعلاف لحيواناتهم  مثل البقر والجاموس في ذلك الوقت ومنها الشلغم لرخص ثمنه وعدم استعماله ادميا إلا نادرا فلا قيمة غذائية مهمة  له  إلا لبعض الاشياء التافهة  مثل طرشي المطاعم الشعبية   ...

فلربما اعتبرنوري السعيد  الشعب العراقي جزء من تلك البهائم فاراد ان يقدم لهم مكرمة مثل اصحاب المكارم مما اتوا من بعده...

الذين كانوا يحرمون الشعب من غذائه ثم يقدمون له بعض الاوقات مادة غذائية صغيرة واحدة  كنصف كيلو عدس  كمكرمة ....

وهكذا فعل نوري السعيد وهو مشكورعلى فعله.... فعلى الاقل قد اعترف بان في العراق كائنات حية حتى لو كانت بهائم وليسوا شعبا وبشر ...

فهناك من لا يرى حتى هذه الكائنات لها وجود في العراق... ويعتقد ان في العراق فقط هذه المجاميع من السياسيين الذين لهم الحق ان يحصلوا فيه على كل شيء ولا تحصل البهائم على أي شيء .... لانها غير موجودة اساسا في ارض العراق  ... فخفض نوري السعيد سعر الشلغم   لكي يحسّن احوال الشعب المعيشية الذي اعترف بوجوده ومكّن الغالبية من هذا الشعب من الحصول على  الشلغم هذه المادة التي اعتبرها مهمة  في غذاء هذه الكائنات الحية  التي لاتستطيع الاستغناء عنها لادامة حياتها فاصدر قراره الشهير بتخفيض سعر الشلغم انذاك...

فانهالت عليه البرقيات بصيغتها التي نشرتها جميع الصحف (( تسعيركم الشلغم اثلج صدورنا سيروا على بركة الله )) فقدمت له تلك الكائنات الشكرالعظيم على تلك المكرمة السيادية التي جعلها بتناول الجميع ..

واليوم تفعل شركات الاتصالات ومن يدور بفلكها ومن خلفها  او تحتها او بين جنباتها شبيه ما فعله نوري السعيد... فاصدرت قرارها التاريخي الذي لازال وهما وخيال بتخفيض اجور الاشتراكات الى النصف وزيادة سرعتها الى الضعف....

ولربما لابعاد  ما اثير حولها من شبهات ولغط  على شاشات القنوات الفضائية حول المحالفات والتجاوزات التي ارتكبها العاملون فيها  وما اكثر الشبهات في هذه الايام.... والانتخابات على الابواب   أوقد يكون لابعاد الاذهان  عن الشهادات المزورة التي اخذت روائحها تفوح من كل جانب حول صحة حامليها ....

ناهيك عن بقية المصائب التي لا تعد ولا تحصى في المرافق الاخرى التي نوهنا عنها دون  ان يلتفت اليها احد او يعرها أي اهتمام .... اضافة للمناصب التي تبوأها  من لايستحقها.... أوقد يكون ما اعلن عنه من تخفيض وتحسين في الشبكات هو   نوع من الدعاية لكسب الدعم والتاييد وتجميل  الصورة لليوم الموعود.... فكان لابد من اطلاق هذه المكارم اسوة بالسابقين وتماشيا مع شلغم نوري السعيد .. فالف تحية لشلغم العراق ولا بد ان نوجه لنوري السعيد  الشكر الجزيل مجددا وهو في قبره ولشركة الاتصالات التي تعتصر جيوب المواطنين  استذكارا لمكرمة  سلفهم المجيدة ونقول لهم (( تخفيضكم الاجر  الانترنيتي اثلج صدورنا سيروا على بركة الله ))  واتحفونا في كل يوم بشلغم جديد ...!!!

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا