<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر إعلام مُحرّض ومثقف مأزوم

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

إعلام مُحرّض ومثقف مأزوم

صباح علي الشاهر 

 

المثقف المأزوم هو المثقف الذي يسوّق بضاعة غير بضاعته بإعتباره مثقفاً، بضاعة لا تمت للتقدم بصلة ولا علاقة لها بالثقافة، بل هي نقيضها، لا علاقة لها بالحقيقة، بل هي تشويه لها، ولا علاقة لها بالجمال، بل هي القبح بعينه، وإن زُينت بألفاظ غاية في العذوبة والجمال، وهي الأدوات التي ظلت بيد المثقف الذي إستلب منه جوهر الثقافة، وظلت له قشورها التي أضحى يتاجر بها، ويعرضها في دكاكين تتسع باستمرار، و بإتساع أعداد فاحشي الغنى، الذين يريدون شراء كل شيء بأموالهم، ليس المثقف والثقافة فقط، وإنما القدرة على التحكم بكل شيء، ورهن مصائرنا ومصائر الأجيال الآتية لوضع لن يكون في أحسن أحواله إلا مُظلماً، ولا يُمثل إلا إرتداداً ونكوصاً، وكأنك يازيد ما غزيت!

أن تكون ممن حاز على الملايين أو المليارات، بغض النظر عن طريقة حصولك عليها، فإنك ستغدو بين ليلة وضحاها المدافع الذي لا تلين له قناة، دون كل تلك القوى والأحزاب، وجيوش المناضلين، والمدافعين عن كرامة المواطن والوطن، والذين خبروا سجون الطغاة، الأحياء منهم والأموات والمعطوبين، تكون أنت، وأنت الذي ربما لم تقف يوماً ما بوجه أي ظالم، ولم تقل قولة حق، هذا إذا لم نقل أنك ممن شايع الظالمين وإغتنى بكنفهم، والذي لم تعنيك الثقافة التي ليست حسب فهمك إلا هماً لأولئك المخبولين والمعقدين، تصبح أنت المدافع عن الثقافة والحقيقة والعدل والمساوات، والديمقراطية، وحقوق المسحوقين من الناس، رغم أنكم ( أصحاب المليارات) ما جمعتم المليارات إلا من دم ودموع وحقوق هؤلاء البؤساء الذين تدعون زوراً أنكم تدافعون عن مصالحهم، وياليتكم تحسنون الدفاع، أو تحسنون القول، لكنكم تتسترون وراء جيوش الأمعات من المثقفين المأزومين الذين إرتضوا أن يكونوا شهود زور، وأبواقا للخديعة.  

هل لأحد أن يفسر لي مثلاً لماذا أصبح لكل ملياردير عدداً من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئيّة والرقميّة، بشكل ظاهر أم مستتر؟

هل أصبح الرأسمالي ( العربي على الأقل) معنياً بإشاعة الثقافة، وتكريس الممارسات الديمقراطية، وتوطيد العدالة والمساواة في مجتمعاتنا؟  

هل أصبح بديلاً عن الإحزاب المناضلة، وقادة الفكر الحر، المعنيون قبل غيرهم بالحرية التي هي شرط وجودهم ؟

قد يقول من لا يعرف الحقيقة أن هذه الوسائل أصبحت مجالاً جيداً للإستثمار؟ ولكن هل يعرف قائل مثل هذا القول أن أغلب وسائل الإعلام، الورقيّة على الأقل لا يمكن أن تسد وارداتها ربع صرفياتها، وأن المستثمر يزق في شراينها الأموال دونما إنقطاع لتستمرفي الحياة، وحتى الإعلام المرئي لا يمكن للإعلانات أن تغطي تكاليفة لولا وجود طرق أخرى للدعم والتمويل ، أليس من المناسب البحث عن هذه الوسائل وهذه الطرق؟

ثم السؤال الأهم، هل تقدم هذه الوسائل الإعلامية ثقافة أم سياسة؟

وأي نوع من السياسة ؟

أليست سياسة مخربة تشيع الفرقة والتناحر، والعداء والإختلاف، وتبحث بالإبرة والملقط عن كل ما يفرّق، ويثير الكراهية، ويعزز الضغينة ليس بين السياسين فقط، وإنما بين أبناء الشعب المُختلفي الأديان والأعراق والمذاهب؟.

أي من هذه الوسائل الإعلامية يمكن إعتبارها وسائل لإشاعة المحبة والتعاون والإلفة بين أبناء الوطن الواحد، وبين أبناء الأمة، وبين بني البشر ؟

لماذا أزعق بوجهك لأنني أختلف معك، ألا يؤدي هذا الإسلوب عندما ينتقل لغير المثقفين إلى إبدال الزعيق بإطلاق الرصاص من بندقية أو كاتم؟

كم من مشاهدي هذه البرامج لم يرتفع ضغطة وهو يُشاهد الديوك على حلبة شاشات الفضائح هذه وهي تتلاعب بأعصاب الناس، التي عاشت آلاف السنوات مع الإختلاف والتنوع بمحبة وسلام، ليأتي زمن بالغ الرداءة والبؤس، يحاولون فيه إيهامك بأن عدوك، ليس هو ذاك المُغتصب لإرضك وقرارك الحر، وإنما أخوك وشريكك في الوطن، زميلك في العمل، ورفيقك في الحزب، وجارك في السكن، عدوك هذا الذي إكتشفوه، أو فبركوه لك، لا يمكنك مهادنته ولا الصلح معه، إذ ليس أمامك إلا الخيار الصفري، فإما أن تُبيده أو يُبيدك، وحيث أن هذا سوف لا ولن يحدث، فإن المتوقع الوحيد هو أن يُباد الجميع، ولا ندري من سيبقى بعدئذ، ولمن ستخلو الساحة ؟  

ألمثل هذا الهدف نشأت هذه الوسائل؟

هل إستيقضنا فجأة بعد أكثر من ألف وأربعمائة عام لنجد أن بيننا مسيحيين، أو إيزيديين أو صابئة، وأننا موزعين على كذا مذهب إسلامي، وكذا طريقة صوفية؟!

 ومن هذا النبي الجديد الذي أنجبته الصحراء التي عقمت ألف عام ونصف عن إنجاب من يجمعنا على دين واحد ومذهب واحد وملّة واحدة، أيكون هو محمد بن عبد الوهاب لا غيره؟!

وهؤلاء الثوريون والليبراليون، التقدميون والمتجاوزون، المعارضون للتسلط والإستبداد، وحكم العائلة والحزب، المطالبون دونما فاصلة للراحة بالديمقراطية والعدالة والمساواة والشفافية، المنتشرون في إعلام البترودولار كالنمل، والناقدون لكل ظلامي على مدى العصور، لماذا لا يفطنون لظلامية ورجعية وتخلف فكر محمد بن عبد الوهاب؟ وهم إذ يجهدون في تعرية تشويه الحرية والديمقراطية، في سوريا التي فيها أحزاب وجمعيات ونقابات وإتحادات، وإيران التي فيها إنتخابات، ومعارضة، والمرأة فيها نائبة رئيس جمهورية، وقائدة لطائرة مقاتلة، لا يشيرون ولو إشارة من بعيد، إلى حال المرأة في البلدان التي يتقاضون منها الدولارات، المرأة التي هي عورة من رأسها حتى أخمص قدميها، والتي لم تفلح، ونحن في الألفية الثالثة، لا في الحصول على حقها في الترشيح والإنتخاب، وإنما حتى حقها في سياقة سيارة، وجدتها كانت تمتطي الناقة قبل أكثر من ألفي عام وتتنقل، ودنما محرم في أصقاع جزيرة العرب !

لا نناقشكم  حول الديمقراطية والتعددية والشفافية، وتكافؤ الفرص، والحرية، والإنتخابات، والنقابات، والأحزاب والإتحادات، والتوزيع العادل للثورة، وحقوق المرأة، وحرية الفكر والصحافة، والحداثة والعصرنة، وعدم إحتكار السلطة والمناصب، الحساسة منها وغير الحساسة، معاذ الله كيف لنا أن نشكك في كون كل هذا موجود في دول البترودولار، ولكن ، وإسمحوا لنا بلكن هذه، ألا يوجد قصور ما، مهما صغر، مثلاً قصور في مشاركة أحزاب المعارضة في الحكم، أو قلة نسبة تمثيل المرأة في المجالس التشريعية المنتخبة، على الصعيد المحلي، أوعلى صعيد البلد كله، يستحق منكم التنبيه إليه، أو ألإشارة، مجرد الإشارة؟

نشهد لكم بأنكم أحسنتم إداء ما إإتِجُرتُم عليه، فأصبحتم (مأجورين)، ولكن ممن، ولمن؟

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا