<%@ Language=JavaScript %>  صباح علي الشاهر نعم إنها إبادة جماعية

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

نعم إنها إبادة جماعية

 

 

صباح علي الشاهر

  

إبادة جماعية ؟ .. نعم .. هي إبادة جماعية هذا الذي يحدث في العراق وأفغانستان وباكستان ، وسوريا واليمن، وقد يحدث أيضاً في مصر، وتونس، وليبيا، ودول أخرى تقف في الطابور.

أليس من المناسب التوقف عند سؤال: لماذا هذه الدول تحديداً، ولماذا هذه المنطقة بالذات، في حين يعم الأمن الشامل والنسبي بقية أرجاء العالم؟ الإجابة على مثل هذا السؤال تبدو بدهية للبعض، وتحتاج إلى بحث بالنسبة للبعض الآخر، وغير مُدركة بالمرّة بالنسبة للغافلين أو المغفلين، والجاهلين، أو المتجاهلين.  

أكثر التعليلات سطحية هي الإدعاء بالصراع الطائفي، المتمثل بالصراع بين المسلمين والمسيحين، وبين الشيعة وألوانهم والسنة وأطيافهم، لكن المسلمين والمسيحيين يعيشون معاً في هذه البقعة منذ أن نشأ الإسلام، ولم تخلو مرحلة من مراحل التأريخ من وجود شيعة وسنة في بلد واحد، ومدينة واحدة، ومنطقة واحدة، وشارع واحد، وربما في زقاق واحد، ولم يشعر الشيعي في يوم من الأيام أنه مدعو لإزاحة السني، ولم يشعر السني في يوم من الأيام أن الله سبحانه وتعالى كلفة بتنقية الإسلام من دنس الشيعة والتشيع، وإن سفك دم أخيه المسلم وسيلته لمرضاة الله، وعربون دخوله الجنة.  ما كان بالإمكان لهكذا بلادة وخبال أن تلامس وعي الناس الذين كانوا ينغمسون في نضالات حقيقية من أجل أهداف ملموسة ومحسوسة، في الحرية، والإستقلال، والوحدة، والتقدم، ومحاربة الإستغلال والإستعمار، والتبعية. كان السني يناضل جنب الشيعي، والعربي جنب الكردي والتركماني، والمسلم جنب المسيحي والصابئي والأيزيدي، يعملون معاً، ويناضلون معاً، تختلط دماؤهم في ساحات النضال، وتأويهم زنازين الطغاة والظلمة والعملاء.

هل هو عداء للإسلام لأنه إسلام، وعداء للعرب لأنهم عرب، أم هو عداء لنهج معين، وإعاقة لصيرورة تبدو محتمة ؟

قطعا ما هو بعداء للإسلام بذاته، وإن اتخذ في بعض المنعطفات هذا المنحى، وبالأخص من قبل المتصهينين والمسيحيين الجدد، ومن حاول لعب هذه الورقة سياسياً في الغرب عموماً، لأن أهم الدول المرتبطة بالإسلام والرافعة لرايته هي أخلص وأقرب أصدقاء الغرب، والقادة المتصهينين، وعتاة المسيحيين الجدد.

وهو ليس عداء للعرب لأنهم عرب، فالعديد من الدول العربية، هي حليفة تقليدية للغرب، وصديقة له، وعدوه لكل من يعادية، والعرب مع مزيد الأسف، ليس كأنظمة، وإنما حتى كنخب وأفراد يشرئبون إلى الغرب، وينهلون منه ثقافتهم ووعيهم، حتى لو غلفوا هذا بتعابير ثورية طنانة، ممنوعة من الصرف، أو لا محل لها من الإعراب عملياً.

هو بالتأكيد عداء سافر لنهج سياسي معين، سواء رفع راية الإسلام أم راية التشيع أو التسنن  أو لم يرفع، وقد حُورب عبد الناصر، ولم يكن إسلاموياً، ولا سنيا أو شيعياً، وحورب عبد الكريم قاسم، وهو وطني ليبرالي، وحورب العلمانيون واليساريون، والناصريون، ولم يكن الإسلاميون على قائمة أعداء الغرب وأمريكا، بل على قائمة الحلفاء، والأنصار، وكان المعيار هو موقف هذه التيارات من التبيعة والعلاقة بالغرب المهيمن، والموقف من إسرئيل، وعلى درجة القرب والبعد يتحدد الموقف، وكل هذا سياسة، ومواقف سياسية، لا علاقة لها لا بالدين ، ولا بالمذهب، ولم يحتل الغرب الرأسمالي عالمنا الإسلامي العربي محاربة للإسلام، أو نصرة للمسيحية التي لم ينصروها في ديارها، بل حصروها في الكنيسة التي سلبوا منها كل شيء، وحولوها إلى فلكلور. إن من يزعم أن الرأسمالية مناصرة للمسيحية لا يحسن قراءة التأريخ، ولا يدرك كنه الرأسمالية .

هم أيضاً قد يستغلون المسيحية، عندما يجدون فائدة في هذا، ويفعلون ما تفعله أنظمتنا وما يفعله ساستنا، الذين يستغلون الدين، والشعور الديني الفطري لدى عامة الناس، فيكونون بوجهين، وخطابين، وفعلين، تماماً مثلما يفعل اليهودي المتصهين، والبوذي المتشدد.

إن جعل الدين، أو المذهب يافطة، أو وسيلة لتحقيق أغراض سياسية ليست نبيلة في الأعم ، إذ لا نبل في عمل يستهدف أتباع دين آخر، أو مذهب آخر، لمجرد أنهم من دين أو مذهب مختلف، وتقسيم الناس بناءاً على هذا إلى من يستحق الذهاب إلى الجنة، ومن هو خالد في النار، إن نهجاً كهذا سيشيع الكراهية بين الشعوب، وبين أبناء الشعب الواحد، وسيكرس الإحتراب والتناحر الأبدي، وسيحرقنا جميعاً بنار الحقد الأعمى والأهوج، قبل أن تحرقنا نار الله الحامية.

أداة الإبادة الجماعية قد تكون إسلاموية، سنية أو شيعية، تنهل من مناهل تأريخية ظلامية ألبست لبوس الدين، وهي سياسية سلطوية بالمطلق، إستغلت الدين كما يُستغل اليوم. عيبنا أننا لم نسمي الأشياء بمسمياتها، درّسونا مناهج متناقضة، وقدموا تأريخنا وهو حافل بالتناقضات، نقرأ عن عظمة عظمائنا، ونبوغهم، ونقرأ لهم مبهورين ومقدرين، ثم يقال لنا أن الشاعر الفلاني والفيلسوف الفلاني و الكاتب الفلاني والعالم الفلاني، عاشوا زمن السلطان أو الخليفة العادل، ثم نفاجأ أن هذا العادل أمر من دونما محاكمة بقطع هذه الرأس، أو حرق هذا الأديب بالتنور، أو دفن هذا حياً، لمجرد شبهة الشك بإسلامه، أو أن إسلامه ليس على مقاسات الحاكم، ولا وفق إدراكه .

مُخطيء من يتصور أن قطع الرؤوس، وشي الناس، أو طمرهم أحياء، أو تقطيع أوصالهم، وحرق وتدمير أماكن العبادة، فعل مُستحدث، لم يحدث مثله في تأريخنا السعيد، فليس ثمة مكان أقدس من الكعبة عند المسلمين، لكنها أحرقت ودكت بالمنجيق على يد جيش إسلامي، وخليفة للمسلمين، ولا أحد يمكن أن يناقش في حرمة دم الحسين الذي أجتزت رأسه، ونقلت من كربلاء إلى بلاد الشام مرفوعة على الرماح، ولا في قيمة محمد بن أبي بكر الصديق، الذي تم شواءه، ولا يختلف أحد في مكانة عبد الله بن الزبير (ابن اسماء بنت أبي بكر الصديق) الذي قُتل وهو مُتعلق بأستار الكعبة، ولا يجادل أحد في حرمة المدينة المنورة، مدينة الأنصار والمهاجرين، التي إستُبيحت لعدة أيام تم فيها قتل خيرة المسلمين الأوائل، من المهاجرين والأنصار، وهُتكت فيها أعراض زوجات وبنات المهاجرين والإنصار من قبل جيش يدعي أنه جيش الخلافة الإسلامية، ولا علاقة لكل ما جرى بالإسلام، وإنما هو من أعمال سلطات تتستر بالإسلام، ثم تفعل ما لا يتفق مع الإسلام جملة وتفصيلاً، ولم يقتل الذين قتلوا، عبر مراحل الحكم الإسلامي، لأنهم شيعة، أو سنه، أو متصوفة، أو علماء، أو مفكرين، أو شعراء أو كتاب ، أو قادة فرق دينية، أو زنادقة، أو سكيرين، أو ماجنيين، وإنما قتلوا، ونكّل بهم  بسبب مواقفهم من الحاكم والسلطة والحكم.

وتفجير الجوامع والكنائس، والمدارس، والأسواق الشعبية، والمقاهي، وأماكن إحتشاد البسطاء من الناس، لا علاقة له بأية قضية إسلامية، أو مذهبية، فمثلما كانت الإبادة في الماضي من أجل تثبيت الكرسي، فهي كذلك الآن، ولكن لا تثبيت كرسي من يزعم أنه يمثل الإسلام الصافي، وإنما لتنفيذ مخطط  ليس من أو لوياته الإهتمام بوضع الإسلام أو المسلمين ، وإنما إستعمالهم في خدمة أجندات الأمبراطورية التي هي في دور صيرورة سوف لن تكتمل ، تماماً مثلما إستعملت الإمبراطوية التي لا تغيب عنها الشمس، الهنود ( الكركة ) لتعزيز هيمنتها على الشرق.

يدعي بعض ممن لا يقرأ الأحداث جيداً، أن أمريكا تخلت عن سياسة الفوضى الخلاقة، بعد رحيل بوش، ورهطة من المسيحيين المتصهينين، ترى ماذا تسمون ما يجري في العراق، وسوريا، ومصر، وليبيا، وتونس، أليس هو الفوضى بعينها، والفوضى الخلاقة تحديداً.

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا