<%@ Language=JavaScript %> محمد السهلي «أوسلو» الإسرائيلي !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

«أوسلو» الإسرائيلي !

 

 

محمد السهلي 

 

إذا كان مهندسو اتفاق أوسلو الإسرائيليون أوضحوا أهدافهم التوسعية من وراء الاتفاق وفي وقت مبكر.. فلماذا استمر المفاوض الفلسطيني في التفاوض على تطبيقه؟

لم يخف القائمون على صياغة اتفاق أوسلو من الجانب الإسرائيلي حقيقة الأهداف التي تريد تل أبيب الوصول إليها من وراء هذا الاتفاق. بل أن مهندس «أوسلو» يؤئيل زينغر عبر عن هذه الأهداف بوضوح وبوقت مبكر، وهذا ما يلاحظه القارئ من مطالعة مقتطف لقائه الصحفي مع المحلل السياسي آلوف بن الذي نشرناه على الصفحة الأولى من هذا العدد من «الحرية».

ومع ذكرى مرور عشرين عاما على توقيع الاتفاق، حفلت الصحف العبرية بالعديد من التحليلات والاستخلاصات كان أبرزها ما كتبه دوف فايسغلاس، رئيس ديوان أرئيل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق.

معظم هذه الكتابات، إن لم يكن جميعها، وجدت في «أوسلو» مكسبا إسرائيليا صافيا، بعد أن نجحت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في فرض الالتزامات الفلسطينية التي ينص عليها الاتفاق، وأغلقت بوابة تنفيذ التزاماتها بمساعدة مباشرة من الولايات المتحدة الأميركية.

 

لقد جهد مهندسو اتفاق أوسلو الإسرائيليون إلى أن تكون الخلاصة العملية لهذا الاتفاق هي إنشاء إدارة فلسطينية تحكم السكان الفلسطينيين في الضفة. وبحيث تكون هذه الإدارة مستقلة عن ومرتبطة بإسرائيل في الوقت نفسه. مستقلة بمشاكلها وهموم التنمية وتطوير البنى التحتية وما يتطلبه ذلك من أموال طائلة. ومرتبطة بإسرائيل اقتصاديا في علاقة تتيح لتل أبيب التحكم بمسار التطور الاقتصادي للفلسطينيين بالضفة، وتنسيق أمني يضمن التقيد بالاعتبارات الأمنية الإسرائيلية بما يتوافق مع نصوص أوسلو التي أوضحت أن الكيانية الفلسطينية  التي ستوجد من خلال الاتفاق ستكون منزوعة السلاح.

لقد وصل الأمر بدوف فايسغلاس، وهو يعدد مزايا أوسلو بالنسبة لإسرائيل، إلى أن يتساءل عن الوضع الذي ستكون فيه إسرائيل من دون أوسلو! وهو يرى أنه لو مرت الأعوام العشرون الماضية دون توقيع الاتفاق لكانت إسرائيل أمام كارثة جراء الأعباء الاقتصادية التي من المفترض أن تنهض بها تجاه السكان وأكلاف البنى التحتية في الضفة، والتي ستقع ـ بحسب فايسغلاس ـ على كاهل دافع الضريبة الإسرائيلي؛ بينما بفعل اتفاق أوسلو يقع هذا العبء بشكل رئيسي على الدول المانحة التي التزمت بإعالة السلطة الفلسطينية ومؤسساتها بموجب هذا الاتفاق.

لكن الجانب الأخطر في تظهير الأهداف الإسرائيلية من وراء اتفاق أوسلو كان ما ورد على لسان المستشار القانوني لوزارة الخارجية الإسرائيلية إبان صياغة الاتفاق والتوقيع عليه، يوئيل زيغنر، الذي أشار بوضوح إلى أن صيغة الاتفاق مكنت إسرائيل من الاحتفاظ بالأرض التي تريدها في الضفة؛ في ضوء التقسيمات التي أشار إليها الاتفاق واحتفاظ إسرائيل بالولاية الأمنية والإدارية الحصرية على مناطق «ج» التي تبلغ نحو 60% من مساحة الضفة؛ بينما سلمت السلطة المناطق الأكثر ازدحاما بالسكان الفلسطينيين.

وبين زيغنر، أن صيغة الاتفاق جاءت منسجمة مع الإجماع الصهيوني تجاه موضوعة الأرض، وهو موقف اتحد حوله قطبا المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي في ذلك الوقت، «الليكود» و«العمل», وخلاصة الأمر تتبدى في رفض مبدأ الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة  عام 67. وكل ما يجري في سياق التسوية وفق أوسلو، ينحصر في تسليم مناطق معينة للسلطة دون تخلي تل أبيب عن الولاية الأمنية والاقتصادية على عموم الضفة بما فيها المناطق التسل سلمت للسلطة التي تنحصر مهامها وصلاحياتها في إدارة حياة السكان في تلك المناطق. وقد جاء بروتوكول باريس الاقتصادي ليضمن الجانب الاقتصادي من تلك الولاية، وقد أشارت الحكومة الإسرائيلية مؤخرا وفي سياق المفاوضات التي تجرى حاليا، أنها لن تتخلى عن منطقة الغور والإشراف على المعابر بين الضفة والأردن.

وترجمة للرؤية الإسرائيلية لصياغات اتفاق أوسلو، أطلقت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة العنان للتوسع الاستيطاني ليتضاعف عدد المستوطنين ويصل إلى أكثر من نصف مليون مستوطن خلال الفترة التي انقضت على توقيع الاتفاق. وكان توسعا منهجيا تركز في القدس وما حولها وفي تعزيز الكتل الاستيطانية وتواصلها حتى باتت شبكة استيطانية قوية قابلة للاستمرار والتطور المتواصل واستولت على معظم الثروات الطبيعية في الضفة وخاصة المياه.

من جهة متتمة، وكما أوضح زيغنر، كرست إسرائيل في آليات التفاوض حول تنفيذ اتفاق أوسلو، مبدأ رفض وجود طرف ثالث كمشارك فعلي في مسار التسوية وبالتالي تكرس المعادلة التفاوضية بين طرفين أحدهما بالغ القوة والثاني في منتهى الضعف، وهو ما مكن إسرائيل من فرض سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين على امتداد العشرين عاما التي مضت ولا تزال هذه المعادلة سارية المفعول حتى يومنا هذا.

لكن السؤال الكبير هنا، إذا كان زيغنر قد أوضح أهداف إسرائيل بجلاء من وراء الصيغ التي اعتمدت في اتفاق أوسلو، وجاء توضيحه معلنا ومبكرا في العام 1996 وفي غمرة التفاوض على تطبيق الاتفاق.. لماذا لم يتخذ المفاوض الفلسطيني موقفا جديا تجاه الأمر.. طالما أن الطرف الذي يجري التفاوض معه قد كشف كل أوراقه وأهدافه من استمرار المفاوضات؟

وعلى الرغم من تعذر الحصول على جواب مقنع لهذا السؤال، إلا أنه من الواضح أن المفاوض الفلسطيني قامر بالرهان على الدور الأميركي تجاه عملية التسوية.. وغلَّب تأثير ما تسمعه أذنه من الوعود المعسولة على ما تراه عينيه مما يجري على الأرض في سياق مضي الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة قدما في تنفيذ سياساتها التوسعية على حساب الأرض التي يجري التفاوض حول مستقبلها في الوقت الذي ينهشها الاستيطان بسرعات قياسية.

في الأساس، دخل المفاوض الفلسطيني عملية التسوية وفق أوسلو بناء على خيار سياسي محدد ووحيد، هو مسلك المفاوضات، مغلقا الباب على جميع الخيارات الأخرى المتاحة. وجاءت انتفاضة الاستقلال لتكشف بوضوح أن الخيارات الوطنية مفتوحة ولها حاملها الشعبي العارم الذي عبر بوضوح عن رفضه لسياسات السلطة وحيدة الجانب التي تمترست وراء طاولة التفاوض وكأنها بوابة تجسيد الحقوق الوطنية بينما هي تسدل الستار على ما يجري على الأرض من هضم تدريجي وممنهج لهذه الحقوق.

واليوم، أمام الحالة الفلسطينية خيارات وطنية مفتوحة، أبرزها على الصعيد السياسي والديبلوماسي تفعيل المسعى الفلسطيني نحو الأمم المتحدة والتوجه لعضوية مؤسساتها ومنظماتها ذات الصلة بمحاسبة الاحتلال على  جرائمه المتكررة، فليس من المعقول إلقاء هذا السلاح بناء على طلب واشنطن وتل أبيب، مقابل التسمر في عملية التسوية والمفاوضات العقيمة التي بدأت من آخرها. والنتيجة صفر بما يخص الحقوق الفلسطينية.

وأمامنا المقاومة الشعبية التي سجلت حضورا بارزا في معارك هامة في مواجهة الاستيطان ونصرة الأسرى..

الوقت تأخر كثيرا.. لكن لم يفت الأوان على تصويب ما يجري.. والبداية هي الانسحاب من المفاوضات وتفعيل المسعى الفلسطيني تجاه

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا