<%@ Language=JavaScript %> كمال مجيد تستطيع السعودية تبديل مجرى التأريخ

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

تستطيع السعودية تبديل مجرى التأريخ

 

 

كمال مجيد

 

منذ الحرب العالمية الثانية سيطرت الحكومة الامريكية على كتابة التاريخ. فقررت اولاً استخدام مشروع ماريشال للسيطرة على الامور الاقتصادية والسياسية في اوروبا . ثم نفذت ما يسمى  بـ ((الثورة الخضراء)) لمنع انتشار الشيوعية في الشرق الاقصى ولتبديل حياة الناس لكي تلائم مصالحها. تلى ذلك تحطيم كوريا وفيتنام ولاوس وكمبوديا ثم يوغسلافيا وهايتي وباناما ونيكاراغوا وافغانستان والعراق والصومال واليمن وليبيا. ونتيجة لاستخدام روسيا والصين حق الفيتو في مجلس الامن اضطرت امريكا على تحطيم سوريا مستخدماً اصدقاءها المحليين. الا أن المؤسسة الحاكمة الامريكية اجبرت على التوقف والتقهقر نتيجة لضغط الرأي العام العالمي بما في ذلك البرلمان البريطاني والكونغرس. فسحبت اسطولها الحربي من بحر المتوسط الى بحر الصين. فامريكا الآن في مرحلة اعادة النظر في خططها العدوانية التي ستباشر بها حتماً عند عودة الجمهوريين الى الحكم. كانت احدى نتائج اعادة النظر هي ايقاف تهديداتها ضد ايران بل الاتفاق الاولي معها حول مشاريعها النووية.

لكن امريكا لا تستطيع العيش والتقدم دون الاستمرار في انتاج السلاح واستخدامه. فهناك حوالي 60 مليون امريكي ينالون رزقهم من السلاح. قسم من هؤلاء هم العمال والموظفون (وعوائلهم) الذين يعملون في المعامل المنتجة للسلاح. والقسم الآخر يتكون من افراد وعوائل جيش جرار، الذين يستخدمون السلاح لقهر الشعوب. فاذا قررت الحكومة الامريكية ترك الحروب او تخفيض انتاج الاسلحة فستتدهور الحالة الاقتصادية لما يقرب من 60 مليون امريكي. كما ستتحطم الصناعات والاسواق التي تجهز هؤلاء بالطعام والملبس والحاجيات الاخرى. كل ذلك سوف يؤدي ايضاً الى ازمة قاتلة لا لانتشار البطالة بين منتجي السلاح وحدهم بل تتضرر البنوك التي تدير اموال شركات السلاح وتتضرر الشركات التي تبيع لهم مختلف الاجهزة، كالكومبيوترات وغيرها. ثم أن الاقتصاد الامريكي مصاب الآن بأزمة شاملة. فهناك الضرورة القصوى لقيامها من جديد باعمالها العدوانية في بقعة او اكثر من العالم للتخلص من ازمتها ولاستمرار الانتعاش في صناعة وتجارة السلاح.

يقول الدكتور عبدالله فهمي النفيسي في كتابه ((ايران والخليج، دياليكتيك الدمج والنبذ، دار قرطاس، الكويت 1999)):

((منذ 1941 تعيش الولايات المتحدة على الاقتصاد الحربي واذا انهار هذا الاقتصاد سوف تغرق الولايات المتحدة في ازمات لا يمكن الالتفاف عليها الا في حالة اعادة تركيبة النظام الاجتماعي الامريكي. ويؤكد سمير امين وبول سوزي وهاري ماغدوف ان الولايات المتحدة لم تخرج من ازمة الثلاثينات الا بفضل الاستهلاك الحربي الخيالي خلال الحرب العالمية الثانية.)) اذن هناك اسباب اقتصادية هامة تجبر امريكا على الاستمرار في كتابة التأريخ بطريقتها الدموية المعروفة.

في فرض سياستها على العالم ليس لأمريكا أصدقاء. فتستطيع الاستغناء عن اقرب حليف لها, وكما رأينا انها استغنت عن شاه ايران وحسني مبارك وبن علي وسوهارتو في اندونيسيا ومبوتو في كونغو وارستيد في هايتي ونوريغا في باناما وميلوشفيج في يوغسلافيا بل حتى شفرنادزة في جورجيا. لقد لعب هذا الاخير الدور الرئيسي في تحطيم الاتحاد السوفياتي حين كان وزير الخارجية هناك.

  والآن يشير الكتاب الامريكيون والعرب بل الصحافة الامريكية والعالمية الى احتمال قيام امريكا بتغيير الحكم في العربية السعودية بل حتى تقسيم البلد الى اربع دويلات. وكما تقول البروفسورة مضاوي الرشيد، في القدس العربي في 1/12/2013  ((فالسياسات الخارجية تتغير وتنقلب حسب المصالج القومية لكل دولة.)) هكذا فعلت امريكا حين نفذت تقسيم يوغسلافيا وجيكوسلوفاكيا وكوريا والسودان. وفي العراق سطر المحتلون الامريكان دستوراً يقسم البلاد الى فدراليتين بصورة تعطي الحق لمسعود البارزاني ان يفرض قراراته على الحكومة في بغداد، الى درجة فشل البرلمان العراقي، لثمانية اشهر، من اختيار رئيس الوزراء. فاضطر قادة العملية السياسية السفر الى اربيل لقبول اوامر مسعود باعطاء نوري المالكي حق تشكيل الحكومة الحالية. لقد تمكنت امريكا من احداث حرب طائقية بين السنة والشيعة في العراق عن طريق الوقوف الى جانب الحكومة الطائفية لضرب السنة بحجة ايقاف الارهاب في ((المثلث السني)) وبحجة اجتثاث البعث. وحين نجحت في العراق قررت تعميم العداء الطائفي بين مسلمي كل العالم وخاصة عن طريق توجيه الحكومات السنية ضد ايران بذريعة كونها ((رأس الافعى.))

ليس لأمريكا اصدقاء دائميين. فكيف يشعر قادة العربية السعودية بالامان حين ينظرون الى القائمة الطويلة من الذين طعنتهم الحكومات الامريكية المختلفة عبر العقود. الم يسمعوا كيسنجر حين صرح بعد الانقلاب في شيلي ضد اليندي بأن السياسة الامريكية لا تستند على العواطف الانسانية؟ الم تشعرالسعودية بالخيبة حين تلقت سياستها الخارجية ((خلال الاشهر والاسابيع السابقة ضربات قاصمة من المجتمع الدولي قد يصعب عليها ان تتجاوز تبعاتها وتداعياتها )) كما تكتب مضاوي الرشيد؟ لسنا ادرى من قادة السعوديين في ادراك هذه الحقائق. اذ بينهم الكثيرون من الذين تثقفوا في ارقى الجامعات واكتسبوا الخبرة الضرورية حين عملوا في الوظائف السياسية العليا لوقت طويل!

بالاعتماد على مثل هذه الحقائق على الحكومة السعودية ان تركز على مصالحها الوطنية .عليها أن تعيد النظر في سياستها تجاه امريكا التي اضعفت الدولة السعودية عن طريق القضاء على حلفائها  في المنطقة من امثال شاه ايران وصدام حسين وحسني مبارك وبن علي.

 تشير التقارير الصحفية بأن الدولة السعودية غاضبة على السياسة الانانية لحكام امريكا وتفكر فعلاً في اعادة النظر في الحلف المزمن الذي يمتاز بنوع واضح من التسلط الامريكي على مقدرات الشعب السعودي بل مقدرات المنطقة كلها. لكن بامكان قادة السعوديين تغيير مجرى التأريخ، بصورة جذرية في العالم كله. يتم ذلك عن طريق تبديل سياستهم تجاه ايران، عن طريق التحالف مع مصر وايران دفاعاً عن مصالحهم النفطية الهائلة. وقبل كل شئ يخفف بل قد يزيل مثل هذا الحلف الخلاف السني - الشيعي بين المسلمين. وحين اعطى حلفاء السعودية الغربيون الحق لأنفسهم للاتفاق مع ايران فما الذي يمنع القادة السعوديين من القيام بنفس الشئ؟

تقول البروفسورة السعودية مضاوي الرشيد، في نفس المقالة المذكور اعلاه، ((.. حتى في المحيط الخليجي نجد معظم الدول قد رحبت بالاتفاقية الامريكية الايرانية...)) بل جنحت سلطنة عمان ((للسلم وعدم المواجهة المباشرة مع ايران.))

 ولماذا مواجهة الجارة ايران التي تفيد فقط اسرائيل وتنذر بحرب تؤذي المصالح  السعودية بالدرجة الاولى بل ومصالح كافة شعوب المنطقة؟ ليس هناك من يخسر اذا تحالفت العربية السعودية مع ايران سوى اسرائيل واعداء العرب والمسلمين في الغرب. ولهذا يبثون الدعاية المخيفة حول عدم امكانية السعودية من التخلص من حلفها المزمن مع امريكا. وحول خطورة الوقوف امام الخطط الامريكية .. فالاحسن ان تتفق السعودية مع اسرائيل للوقوف امام العدو الايراني! ولهذا ايضاً القى الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز من بيته، في القدس!،  خطابه التأريخي (كذا) الموجه لـ 29 وزير عربي واسلامي، مجتمعين في ابو ظبي، ينصحهم بالعمل مع اسرائيل ضد العدو الايراني المزعوم. ( راجع القدس العربي في 3/12/2013، الصفحة الاولى.)

ليس هناك دليل مقنع واحد للخلاف بين العربية السعودية وايران. فما يسمى بالخلاف تكوّن نتيجة التلقين المزمن والمستمر للدعاية الامريكية والاسرائيلية حول خطر ايران وخطر المذهب الشيعي على بلدان الخليج.  بل العكس: اذا اتفقت البلدان النفطية الواقعة على جانبي الخليج واقتربت من دول البريكس ، اي البرازيل وروسيا والهند والصين وافريقيا الجنوبية، واعتمدت على ثرواتها الذاتية الهائلة فليست هناك قوة تستطيع معاداتها. وبالاضافة على قيام سلطنة عمان على توثيق صداقتها مع ايران قام وزير الخارجية الايراني، محمد جواد ظريف ، لاحظ ان اسمه محمد وليس نتنياهو، بزيارة البلدان العربية في الخليج لشرح موقف ايران والتأكيد على توثيق الصداقة معها. لقد اقترح ظريف السفر الى الرياض لتقوية الصداقة بين ايران والسعودية. وفي 3/12/2013 صرح ( راجع مدخل صحيفة للقدس العربي) يقول: (( في أي وقت يظهر فيه الاخوة السعوديين استعدادهم فنحن مستعدون.. ونعتبر ذلك يصب في مصلحة البلدين، والمنطقة والعالم الاسلامي.)) واضاف ان ((البلدان الجارة لنا في جنوبي الخليج مهمة جداً لأمن وتطور ايران ويجب ألا ندعهم يقعوا بفخ الاكاذيب والتهويل من قبل المتشددين وطلاب الحرب.))

فالظروف الوضوعية ملائمة جداً لقيام المملكة العربية السعودية بالتحالف مع ايران. انها ستكون خطوة تأريخية عظيمة في تحرر المنطقة من الطغيان الامريكي وخياناته. انها ستعيد البترول الى اصحابه الشرعيين.

 

3/12/2013

كمال مجيد

كاتب من العراق

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا