<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي العراق وكيمياء الحرب السورية !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

العراق وكيمياء الحرب السورية !

 

جمال محمد تقي

 

قلق اضافي وبمستويين مختلفين يعيشه العراق جراء الانعكاسات المحتملة لتوجيه ضربة عسكرية امريكية متوقعة لسوريا او حدوث متغير حاسم في ميزان القوى المتقاتلة على ارض بلاد الشام منذ اكثر من عامين ونصف ، الاول يخص الشارع العراقي الذي تعود على هذه السيناريوهات السوداء ، وهو المثقل اصلا بدائرة متصلة من الضربات والعقوبات والحصارات والحروب الداخلية والاقليمية والدولية التي جعلته لا يستغرب من حصول الاسوء دائما ، وهو بطبيعة الحال لا يجد بأي ضربة محتملة او اي تحول دراماتيكي في ميزان الصراع لمصلحة قوى التدخل الخارجي ، غير المزيد من التمرغل بوحل التدهور والتشظي والهجرة والتهجير والنزوح ، فالشعب السوري الشقيق والجار والذي كان دائما عونا له في محنه المستدامة ، الان واكثر من اي وقت مضى في خطر داهم ، لا ينقذه منه غير منع هراوات التدخل الخارجي في شؤونه وغير وعي طرفي الصراع الى ضرورة البحث عن حلول غير عسكرية لا تجعل من سوريا ارض محروقة وشعب مشرد ومعوق ، على اعتبار ان انفراط عقد الدولة السورية وعبر تفجير هويتها الوطنية ونسف بناها التحتية ، وبفعل تدخل عسكري خارجي سوف لن يجلب للبلاد والعباد المن والسلوى الديمقراطية التي يتلفح بها الضاربون ، منطلقا بذلك من واقع تجربته المُرة التي هندسها المحتل الامريكي بنفسه وبتذكرة سفر واحدة لا توصل الا الى التقسيم الافقي والعمودي.

 المستوى الثاني من القلق يخص متحاصصي السلطة في العراق ، وهو قلق مركب ومتناقض احيانا نتيجة هشاشة حكمهم من جهة والتبعية المزدوجة للمتنفذين منهم من جهة اخرى ، وايضا نتيجة انغماسهم في المشروع الطائفي الذي تساق له المنطقة برمتها ، فالمالكي الذي كان يتهم النظام السوري بتصدير الارهاب للعراق بواسطة تسهيل مهمة عبور المقاتلين الاسلاميين اليه ، حتى وصل به الامر الى تهديد سوريا ودعم الطلعات العسكرية الامريكية على حدودها بل وتوجيهها ضربات عسكرية لمواقع داخلها ، صار واحدا من العاملين على بقاء نظام الاسد تحت يافطة بقاء الاخير خير للعراق من مجيء المعارضين له ، واصبح من اكثر المبادرين لطرح مشاريع حلول الوسط ، بحيث تطوع ليكون وسيطا بين النظام والمعارضة ، وكانت مبادراته تلك لا معنى لها غير معارضة الوجهة السعودية القطرية المعلنة داخل الجامعة العربية ، وهي لم تلاقي اهتماما سوى من ايران وسوريا ذاتها ، انه من جهة يعلن التزامه امام امريكا بعدم السماح لايران بتزويد النظام في سوريا بالسلاح عبر العراق وبمنع تدفق المتطوعين العراقيين للقتال الى جانب النظام فيها ، لكنه ومن جهة اخرى وعلى لسان وزير خارجيته هوشيار زيباري يعلن عدم استطاعة العراق التصدي للطائرات العابرة لسوريا وايضا عدم قدرة العراق على ايقاف تدفق المتطوعين لان الحدود العراقية السورية غير مسيطر عليها ، بنفس الوقت الذي يقاتل فيه من يتعامل مع المعارضة السورية من اهالي المناطق الغربية .

المالكي يستثمر بالصراعات الداخلية على السلطة مع شركائه ويحاول خلط الاوراق لمصلحة تمديد فترة حكمه لولاية ثالثة قادمة ويبدو ان الشرط الايراني لتحقيق هذه المصلحة من خلال الضغط على الاحزاب الشيعية المنافسة له ، التيار الصدري والمجلس الاسلامي الاعلى ، مرهون بأستماتته المستترة في دعم نظام بشار الاسد ، وبهذا الاتجاه راح يمد المالكي حبل التوافق مع اسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي الذي يتعاطف مع المعارضين السوريين لاعتبارات طائفية الى جانب المتنفذين في الحكومات المحلية لنينوى والرمادي ، خاصة وان قائمة النجيفي ، متحدون ، قد حققت نتائج تجعلها بموقف الاقوى على حساب المحسوبين على حلف المالكي في انتخابات المحافظتين ، اجتماع المالكي والنجيفي الاخير والذي اعلن فيه رفض العراق لاي ضربة عسكرية ضد سوريا يعد ثمرة للتحشيد الذي يحاول المالكي بلورته لاظهار موقف رسمي موحد للسلطة العراقية ازاء التطورات السورية ، اما النجيفي من جهته فهو ايضا مهموم بمعطيات الانتخابات البرلمانية القادمة حيث لا يمكن حجز كرسي سيادي ذا وزن من دون ضوء اخضر ايراني ومن دون التناغم مع الاقوى في صفوف التحالف الشيعي وعلى هذا الطريق هو سائر بصحبة المالكي او من تريده ايران وتقبله امريكا من الاحزاب الشيعية ، وهو هنا قد يزعج تركيا وجماعة الحزب الاسلامي الذي يمثل الاتجاه الاخر في المعادلة الطائفية هذا الاصطفاف الجديد الذي يمثل موقفا برغماتيا ذاتيا اكثر منه موقفا طائفيا او وطنيا كما يريد تصويره ، ومن هذا الباب يستعد النجيفي لجولات ماراثونية تشمل ايران وتركيا وربما السعودية ، والنجيفي لا  يعتبر رفض الضربة الامريكية لسوريا بمثابة دعم للنظام وانما تجاوبا مع مبدأ عدم التدخل الخارجي بشؤون سوريا والذي يشمل ايران ايضا ، والتي يذهب اليها لايصال تلك الرسالة ، لكن مابين سطور رسالته تلك امور تناقضاها الا وهي مناقشة تحالفات الانتخابات العراقية القادمة !

حيدر الملا عضو البرلمان العراقي عن جبهة الحوار الوطني والعضو القيادي في القائمة العراقية ينتقد علنا مواقف المالكي من سوريا ، ويصفها بالانتقائية والطائفية ، ويعتبر ملاحقة نشطاء الحراك الاعتصامي في المناطق الغربية والتشديد الامني الطائفي على حزام بغداد احد ارهاصات التوجه الايراني لمنع اي تفاعل عربي سني مع الاحداث في سوريا وبالتالي ادغام العملية برمتها لخدمة مشروع الولاية الثالثة التي يعمل لاجلها بدعم ايراني صارخ ، وتجيء تصريحاته تلك اثناء زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف للعراق والتي ركزت على تنسيق مواقف الحكومتين العراقية والايرانية بالضد من اي عمل عسكري على سوريا ودعم المقترح الروسي الداعي لتسوية المشكلة سلميا ، حيدر الملا كان قد اثار زوبعة برلمانية قبيل زيارة ظريف باسبوعين عندما انتقد الاحزاب الشيعية التي ترفع صور القادة الايرانيين ، كالخميني وخامنئي ، في شوارع بغداد دون مراعاة للحس الوطني العراقي ، انتقاداته تلك جوبهت بهجوم شخصي شرس من بعض نواب التحالف الشيعي والذين طالبوا برفع الحصانة عنه ، وكانت القائمة العراقية قد اصدرت بيانا تبنت فيه موقف الملا وتحذر من التطاول عليه !

لرئاسة اقليم كردستان موقف مختلف عن موقف حكومة بغداد ازاء الملف السوري برمته بما فيه قضية التدخل العسكري الامريكي ، وحكومة الاقليم لا تحيد هنا عن نهج اثبات الذات الذي تمارسه على طول الخط مع حكومة بغداد وبندية غير مسؤولة ، كما هو الحال بالنسبة للموقف من الحكومة التركية والموقف من اسرائيل ، وكأن رئاسة وحكومة كردستان غير معنية بما تتبناه حكومة بغداد من مواقف، فنجد مسعود البرزاني مؤيدا بالاقوال والافعال الميدانية قوى المعارضة المسلحة السورية وخاصة الكردية منها حتى انه لا يخفي تنسيقه مع الجانب التركي بهذا الخصوص ، ومن الطبيعي ان يستعجل البرزاني التدخل العسكري الامريكي في سوريا املا منه بمد نفوذه للمناطق الكردية السورية التي له فيها اتباع مسلحين ، ولم تعد سرا اخبار الدعم العسكري والتمويلي المتواصل لذي تتلقاه احزاب المعارضة الكردية من اربيل وتحديدا من حزب البرزاني ، كما هناك تكامل مع الموقف التركي ازاء الوضع السوري يقابله برود من المواقف الايرانية ازاء ذات االملف ، على عكس حزب الطالباني الذي تتجاور مناطق نفوذه مع ايران ، فهو يجاري المواقف الايرانية ويحايد المواقف التركية من الشأن العراقي وايضا السوري !

للحرب في سوريا وتداعياتها على العراق كيمياء خاصة بها يصعب حل معادلاتها دون حسابات ديموغرافية متاصلة في الجغرافية السياسية التي تربط البلدين المتداخلين في المكان والزمان ، ومن دون استيعاب مفارقات النسبة والتناسب بين خصوصيات كلا منهما .

كيمياء الحرب السورية لا تنحصر فقط بتفاعلات القتال الدائر بين الجيش العربي السوري والجيش السوري الحر ، ولا في عناصر الفتنة بين جماعة البغدادي والجولاني ، ولا في التنشيط التفاعلي الحامضي والقاعدي الذي تلعبه تركيا وقطر والسعودية من جهة وايران والعراق وحزب الله من جهة اخرى ولا في امريكا وبحثها عن كل ما يخدش مشاعر اسرائيل من اسلحة محرمة نووية كانت او كيميائية او بيولوجية ولا وروسيا وبحثها عن التوازن المفقود ، وانما في تفاعل كل هذه العناوين معا وفي كل الحالات مجتمعة ومتجزئة !

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا