<%@ Language=JavaScript %>  جمال محمد تقي القوامة الامريكية والمعارك الصغيرة بين ضرائر الخليج !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

القوامة الامريكية والمعارك الصغيرة بين ضرائر الخليج !

 

 

 جمال محمد تقي

 

منطق الشقيقة الكبرى والعمق الاستراتيجي اكل عليه الدهر بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي بعد ان اصبحت تتوجس اكثر من السابق من النوايا السعودية ذاتها ، وبعد ان استرجع ما كان يراود العقل الباطن لحكام الامارات الخليجية ، والقائل ، بحتمية التمسك ، بالحماية الامبراطورية الامريكية قلبا وقالبا ، كبديل مقرر وجاهز ، ومطلوب استراتيجيا لشغل الفراغ الامبراطوري البريطاني للتحصن من التهديدات الاقليمية المتربصة بها ، ومحاولات ابتلاعها من قبل المملكة المتمددة بكل الاتجاهات ، والتي تعتبر نفسها معنية اكثر من غيرها بالوصاية على امارات الساحل غير المتصالح ، لان خضوع امارات الخليج  للقوامة الامريكية لا يؤدي لابتلاعها ككيانات على عكس اي نوع اخر من الخضوع الاقليمي بما فيه السعودي ، بل في مقدمته السعودي لانه  يجد بنفسه الاحق بضم واذابة تلك الواحات في جوف صحرائه الشاسع !

القوامة الامريكية على السعودية وضرائرها من الصغيرات الخليجيات امر مسلم به خليجيا قبل ان تتسلم امريكا مفاتيح الخليج ، وهي  لا تنظر هنا بالمنظار النمطي للقوامة ، لانها اولا غير مقيدة بعدد محدد منها ولا بتبعاتها الاخلاقية ، ولا يجول بخلدها منطق ، القديمة تحلى ولو كانت وحلة ، ولا الجديدة احلى ، وثانيا لا مقدم ومؤخر يربطها باي واحدة منها ، وثالثا قوامة امريكا على توابعها حول العالم يحكمها رسم قانون القوة ، فليس بقاموسها ارتباط  ديني او مدني ، الارتباط اقرب للمسيار والعرفي والمتعة لكنه ايضا يختلف عنها من حيث الزمن فهو قد يطول او يقصر وبحسب الحاجة وقد يحصل بالاكراه ، وامريكا لا تدفع اجرا ولا تكتب اعترافا وانما تملي على المعني ما سيفعله مذ دخوله في الحرملك الامريكي !

الوهم الذي صدقه البعض والقائل بان السعودية قادرة على موازنة الميزان المائل قد ذهب ادراج الرياح ، لان الاحداث المركبة والمتسارعة اقليميا ودوليا قد افرزت نتائج كشفت ظهور الجميع ، وصارت الحجوم المكرسكوبية لدول الخليج ، من ناحية مناعتها الامنية ، طاغية على حجوم ثرواتها الخرافية ، حتى تسيدت معادلة طردية مفادها، كلما تضخمت حجوم الثروة الخليجية كلما تضخمت المخاطر الامنية عليها ، والتي ليس مصدرها بالضرورة قوى داخلية او اقليمية وانما نابعة من صاحب القوامة والوصاية ذاته ، كتكتيك استراتيجي مرن لشفط اكبر قدر ممكن من ريع تلك الثروة وايضا للتحكم باتجاهات تصريف الخامات النفطية والغازية بغرض التأثير على اقتصاديات الدول الكبرى المنافسة وتأخير مستويات نموها !

لم تعد الاوضاع كما كانت في عقود الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي ، حيث كانت السعودية هي مركز الثقل الحصين الاول للقوى المحافظة في المنطقة والمعتمد الثاني بعد اسرائيل امريكيا لعرقلة اي تحول يزعزع الغلبة الامريكية على مقدراتها ، فقد اثبتت مجريات الامور وتحديدا منذ عقد التسعينات ، بان لا حول او قوة للسعودية في رد او صد اوالحد من التهديدات والمخاطر والحروب ، ناهيك عن لعب دور محوري في المجريات التي تعصف بالاقليم ، لان الوجود الامريكي المباشر وبكثافة في الخليج خصوصا ، والشرق الاوسط عموما  ازاح هذا الاعتبار الظاهري الذي لم يمتحن بجدية الا بعد حرب الخليج الثانية وتوابعها ، وبعد هبة مايسمى بالربيع العربي ، فلا محور الاعتدال العربي الذي تصدرته السعودية قد نجح في تحقيق اي من الاهداف الامريكية الاسرائيلية المرسومة لتصفية القضية الفلسطينية ومحاصرة ايران وحلفها العربي والذي انخراطت فيه وقتها كل من مصر والمغرب والاردن ودول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة ، ولا مبادرة السلام العربية مع اسرائيل التي اطلقها الملك عبدالله بن عبد العزيز منذ ان كان وليا للعهد عام 2002 ، ما يعني ان هناك مسلكا اخر قد اتخذ ، وقد نجح لحد ما في تحقيق بعض من الاهداف التكتيكية الامريكية اعلاه ، اضافة الى مكاسب جانبية ابرزها تنشيط سوق بيع الاسلحة وفتح الطريق امام شركاتها النفطية الاحتكارية للاستثمار في مناطق جديدة من بلدان الربيع العربي ، فمن خلال احلال الصراع الشيعي السني محل الصراع العربي الاسرائيلي وتوسعة رقعة محاصرة ايران وحلفائها العرب واشغال شعوب الخليج بالبعبع الايراني كمضاد حيوي بوجه اي عدوى بثورات الشوارع العربية والتي مازالت معمعاناتها متفاعلة وبتدخلات صارخة لحرفها عن مسارها المتطلع لاقامة انظمة مؤسسات ديمقراطية وتنمية حقيقية وعدالة اجتماعية ، بحيث لا تؤدي الا الى اقامة انظمة طفيلية مفككة وتابعة لكن بزي انتخابي وحكومات مدنية ، يتحقق مشوار ليس بالقليل لخدمة المسلك الجديد لمحور الشر الذي تقوده عمليا امريكا واسرائيل ودول الخليج ومن يسير بفلكهم في الشرق الاوسط الكبير !

كان الدور القطري قد تعاظم بنوازع ذاتية واخرى موضوعية ، فاذا كانت السعودية ثاني اكبر منتج للنفط في العالم فان قطر هي ثالث اكبر منتج للغاز فيه ، وصغر قطر وقلة سكانها هنا نعمة لها وليس نقمة عليها ، حيث يملك حكامها قدرة اكبر على تخصيصات اوفر في الاستثمار بالاوضاع الاقليمية والدولية ، على عكس السعودية الشاسعة بالمساحة والسكان ، وبالتالي تاثير ذلك على قدرتها في توظيف حصة اكبر من فائضها الريعي للتأثير بمجريات الاقليم والعالم ، اي ان مرونتها ستكون اقل  من قطر، وسكان قطر يتمتعون بحالة انسجام مذهبي ، وقبلي نسبيا ، عكس السعودية التي تقل فيها درجات الانسجام المذهبي والقبلي وبما يهدد احيانا الحكم الوهابي للعائلة السعودية ، في قطر قواعد عسكرية امريكية متكاملة مشاة وطيران وتخزين وهي الاكبر في الخليج والمنطقة وهي لا تجد حرجا في ذلك بل تجادل بصحة ما تفعله من حيث جدواه الاقتصادي والسياسي فهي ليست مهووسة بالتسلح لان حماة الدار من الامريكان في عقرها ، ولذلك هي ليست مجبرة على استهلاك قدراتها بقوات درع الجزيرة التي لا جدوى منها بل هي عندها رمز لمحاولات الهيمنة السعودية ، وعليه لم تكن قطر متحمسة لدخول القوات السعودية للبحرين لانها تعتبره تدخل خارجي يثير الحساسيات الطائفية والاقليمية ، 30 الف عسكري من المشاة والمدفعية ورجال الدروع ، هو تعداد قوات درع الجزيرة ، بحسب قطر ليس له مبرر مادامت امريكا ستتدخل بالنتيجة في حالة الحاجة لها ، كما حصل في حالة الكويت ، اما السعودية فهي تتحرج من اي وجود عسكري امريكي معلن ومباشر لاسباب دينية متعلقة بحرمة دخول قوات غير مسلمة بلاد الحرمين الشريفين لذلك فهي تلجأ الى موزنات واتفاقات سرية ، علما ان هناك تواجد امريكي في كل دول الخليج الاخرى من الكويت وحتى مسقط ، وهناك اتفاقيات توفر كامل التسهيلات المطلوبة للقطع البحرية واسراب الطيران الامريكية ، قطر تبنت تنظيم الاخوان المسلمين وهو الاكثر حضورا وتنظيما وقوة من السلفيين الذين تبنتهم السعودية الى جانب قطاعات من الوجاهات العشائرية والارستقراطية في عدد من البلدان العربية خاصة بلدان مايسمى بالربيع العربي من تونس وحتى سوريا مرورا بليبيا ومصر واليمن وحتى بلدان من خارج هذه الدائرة كالسودان ولبنان والعراق وفلسطين ، بل انهما يتنافسان بمد هذه التنظيمات الى بلدان الخليج ذاتها وخاصة الكويت والامارات !

قناة الجزيرة القطرية غطت على التفوق السعودي بالاعلام المقروء والذي تستخدمه السعودية ومنذ امد ، كما هو معلنا بصحيفتي الشرق الاوسط والحياة اللندنيتين ، ويبدو ان قطر تسعى حاليا للتفوق في الاعلام المقروء ايضا !

الدوحة لا تريد للرياض ان تكون صاحبة الكلمة العليا عليها او على غيرها من  الدول الخليجية اوالاقليمية فالكلمة العليا في النهاية لحامي الحمى وصاحب المصالح الحيوية في ارض الخليج الطافية على بحر من الذهب الاسود والغاز السحري ، امريكا ، والا مافائدة وجود اكبر قاعدة امريكية في المنطقة قرب الدوحة عاصمة الامارة ، في العديد والسيلية ، والتي انتقلت اليها عام 2002 القيادة العسكرية الجوية التابعة للقيادة المركزية للمنطقة الوسطى من السعودية ، خاصة وان للمملكة موقف يقلق حكام الدوحة تحديدا وهو المتعلق بطريقة تولي  الامير حمد الحكم وزاحته لابيه ، انقلاب ابيض عام 1995 ، لان هذه السابقة قد تفتح الطريق امام طرق خارج السيطرة في انتقال السلطة بين امراء وسلاطين وملوك الخليج ،

المشاكل بين دول مجلس التعاون الخليجي الستة ، عمان والامارات وقطر والبحريبن والسعودية والكويت ، عديدة وبعضها مزمن على الرغم من حاجتها الموضوعية للتكامل والتقارب وحتى التوحد ، وعلى الرغم من نجاحها في بلوغ اطار الحد الادنى من التواصل والتعاون السياسي والاقتصادي الا ان حماية امنها الاقليمي يبقى كاقتصادياتها مرهونين بالدواعي الامريكية اولا واما ما عدى ذلك فهو كزبد البحر .

النوازع الذاتية لقطر في صراعها الظاهر والمستتر مع السعودية ، تنبعث من ردود افعال على محاولات السعودية للتوسع الحدودي البحري والبري على حساب قطر ، وايضا لتدخل السعودية في الشأن الداخلي لقطر من خلال دعمها لتحركات الشيخ خليفة ال ثاني والد الشيخ حمد ، وجد امير البلاد الحالي الشيخ تميم بن حمد ال ثاني ، وايضا من محاولات السعودية لعرقلة الاستثمارات الغازية الضخمة لقطر من خلال عرقلة مشروع مد الانابيب الناقلة للغاز الى الكويت والامارات ، ومافعله امير قطر الشيخ حمد مؤخرا من نقل السلطة الى ولده الامير تميم يعتبر ضربة معلم بمقاييس الصراع السعودي القطري ، فهو قد ضرب عدة عصافير بحجر واحد ، اولها انه قد انهى حكاية الامير الذي اغتصب السلطة من ابيه ، على اعتبار ان الامير الشيخ حمد قد ازاح ابيه الامير خليفة عن الحكم بانقلاب ابيض ، بمعنى ان الشيخ حمد كان يتوقع من ابيه ما فعله هو ازاء ابنه ، وعندما حصل ما حصل فكان على الامير خليفة ان يسلم بالامر الواقع ليعيش معززا مكرما كامير والد كما هو حال الامير حمد حاليا ، وبطبيعة الحال فان الجد ليس له ان يطالب بالحكم من الحفيد ، واصبح الامرعمليا بخبر كان ، والعصفور الثاني هو دفع اصحاب الشأن في السعودية على عقد مقارنات بين سلوك البيت الحاكم في قطر الذي يتيح المجال امام الشباب لاخذ دورهم بادارة البلاد وبين بيت الحكم السعودي الكهل والذي يتشبث فيه اركانه بكرسي السلطة حتى اخر نفس ، وحتما عقد هكذا مقارنات سيؤجج من حالة التجاذب والصراع داخل اسرة ال سعود ذاتها ، مما يزيد حرج حكام المملكة الذين لا يقوى اقواهم صحيا وعمريا على القاء كلمة واقفا ، اما العصفور الثالث فهو محاولة طي صفحة الربيع العربي قطريا ، وهو ما نستنبطه من الخطاب الاول للامير الجديد ، فما جنته قطر من اسقاطات وانكشافات واحراجات وتناقضات والتزامات قد افقدها الكثير ، وعليه فان فتح صفحة جديدة وبوجه جديد للعب دور اكثر جدة على قاعدة الهجوم افضل وسيلة للدفاع هو المطلوب مرحليا ، وما لم يحققه محور اتباع امريكا بالربيع العربي يمكنهم ان يحققوه بخريفه !

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا