<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي  في العراق احزاب لا تشبه الاحزاب !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

في العراق احزاب لا تشبه الاحزاب !

 

 

جمال محمد تقي

 

في الشكل لها كل الوان الطيف الشمسي ، اما مفردات المحتوى فهي مخازن لكل دروس الشيطنة والصعلكة والنصب والاحتيال والنفاق والتقية والنفعية والانتقائية والانتهازية والقبلية والعصبوية والطائفية والانعزالية الاثنية ، حتى يجزم من يراى حقيقيتها بانها وبلا مبالغة في اغلبها اجندة جادة بشقاقها ونفاقها ، اما مذاقها فهو متجانس من حيث مستويات الحموضة المتحللة الى العفن ، واما الرائحة فهي تزكم الانوف من شدة وحدة وقوة ونفاذ فسادها ودونية سريرتها ، وهي  تعط من كل فعالية غير دعائية او اجتماع باطني او قرار سري او موقف عملي يتخذه هذا الحزب او ذاك ، بحيث اذا شم احد المارة هذه الرائحة عرف منها ان شيء ما من حزب ما قد مر من هنا !

مجالس وتيارات وحركات وقوائم وتحالفات وائتلافات ومنظمات مجتمع مدني بكل الازياء واحزاب تتسمى بما لذ وطاب من المسميات المدسمة بكل الالفاظ البراقة من وزن العدالة والمساواة والنزاهة والتنمية والوفاق والحوار والاشتركية والوحدة والتقوى والديمقراطية والوطنية والتحرر والسيادة والتنمية والاستقلال والسلام والاسلام والدستور والقانون والوطن والمواطنة ، لكن جلها يقع تحت طائلة البند الشعري الذي سطره شاعر العراق العظيم معروف الرصافي عندما فضح فيه المستخلفين على حكم العراق من قبل الاحتلال البريطاني الاول ، والذين كانوا يومها يتبجحون بما يتبجح به اليوم مستخلفو الاحتلال الامريكي في العراق بالوطنية المزيفة ، عندما قال وقتها : علم ودستور ومجلس امة  كل عن المعنى الصحيح محرف ، اسماء ليس لنا سوى الفاظها اما معانيها فليست تعرف ، من يقرأ الدستور يعرف انه وفقا لصك الانتداب مصنف ، بند الرصافي هذا يوازي بمفعوله الفعلي البند السابع الذي يتبجح ورثة الاحتلال زورا وبهتانا باخراج العراق من طائلته !

لدينا دستور مهلهل ، يقسم ولا يوحد ، يمرض ولا يداوي ، ولكثرة علله صار مجرد وجوده علة ، فالعلم مشكلة والنشيد الوطني مشكلة ، وهوية العراق مشكلة ، وصلاحيات الرئاسات مشكلة ، واللغة الرسمية مشكلة ، وصيغة الدولة الاتحادية مشكلة ، وصلاحيات الاقاليم مشكلة ، وصلاحيات المركز مشكلة ، ودساتير الاقاليم مشكلة ، وحكوماتها مشكلة ، والمناطق المتنازع عليها مشكلة ، واجتثاث البعث مشكلة ووو واما طريق تغييره دستوريا فهو علة اخرى لا يمكن تجاوزها الا اذا الغي جوهر الدستور نفسه ، الداعي الى جعل العراق مزادا مشتعلا باتجاه الفدراليات والاقطاعيات ، لان اتباع الطريق الذي يرسمه الدستور الحالي لاي تغيير محتمل عليه يؤدي الى مفخخات لا خارطة لمواقعها ، فهو مرهون بتجاوز فيتو يمكن ان تفرضه ثلثي ثلاثة محافظات ، اي انه تحت رحمة توافقات امراء المكونات الثلاثة الشيعية والكردية والسنية ، وبأسوأ الاحتمالات فانه سيكون تحصيل حاصل لاتفاق امراء مكونين ، ليسلم امراء المكون الثالث بما تناغم عليه المكونان مسبقا كامر واقع وان بطرق غير دستورية ، كما حصل في حالة تمرير هذا الدستور البريمري بالاستفتاء العام الذي جرى عام 2005 لاول واخر مرة كما يتوقع اغلب المتفائلين من المتابعين للشأن العراقي ، وذلك لانهم يتوقعون صدور قوانين يتوافق عليها بين الامراء لتحل محل اي استحقاقات جديدة لتعديل الدستور الحالي لان تعديله وطنيا سيفتح الباب لنقض اسس العملية السياسية القائمة ، لان جزءا لا يستهان به من المكون السني والذي يزيد عن ثلثي ثلاث محافظات قد امتنع عن التصويت على مسودة هذا الدستور وبرغم ذلك قد مرر، واعتبر هذا قسرا  نتيجة تكالب امراء الشيعة والاكراد وبالاستناد على القوة الامريكية المحتلة التي كانت تخوض قتالا عنيفا في ذات المحافظات التي رفضت مسودة الدستور باعتبارها مخلة بهوية العراق وبتركيبته وايضا لاحتوائها على بنود انتقامية كاجتثاث البعث !

ما ذكرناه عن الدستور هو مدخل للتعرف على نظام اهم اسسه طاردة للوحدة والتجانس والتكامل والعدالة والمساءلة والنمو ، نظام شعارات احزابه وتحالفاته تتلفع بعبارات دولة القانون ، في دولة لا قانون للاحزاب فيها ، ولا حسيب او رقيب على مصادر تمويلها ، ولا فصل حقيقي للسلطات فيها ولا اسس واضحة لفك اشتباك صلاحيات سلطاتها المتحاصصة مكوناتيا وليست سياسيا ، حتى قانون الانتخابات فيها هزيل ولا يمكن تحريره من شباك امراء المكونات الكبار لانهم يريدوه ضمانة لاستمرار انتخابهم وبكل الطرق الشرعية وغير الشرعية لقطع الطريق على اي صعود لقوى بديلة ، اما المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فهي الاخرى وبكل تفاصيل وجودها وعملها لا تخرج عن شباك الامراء النافذين وهكذا حال القضاء والاعلام !

ما يجري اليوم في اروقة البرلمان من مناقشات حول تعديل قانون الانتخابات وشكل القوائم الانتخابية ، مغلقة او مفتوحة ، يدلل على ما ذهبنا اليه بخصوص عبثية التعويل على صناديق الاقتراع المبرمجة على قاعدة المحاصصات الطائفية والاثنية والمناطقية !

احزاب مقاولات ومناقصات وعمولات ، وبعضها ليس له وجود الا في فترة الحملات الانتخابية ليخطف ما تيسر له من مقاعد في مجالس المحافظات او في البرلمان ومن ثم يبيع صوته لاحد الكيانات الكبيرة بعد التوافق على المغانم والمناصب التي يحلل بيعها لمن يدفع من مقلدي المكون المعني ، وهنا تكون الصراعات بين الطامعين داخل كل مكون غير خاضعة الا لمقاييس السلطة والثروة ، وخير مثال على ذلك  ما يجري حاليا من تطاحن يثير السخرية والشفقة والذي وصل حد الترغيب بملايين الدولارات والترهيب حد التصفية بين ممثلي احزاب وحركات وتنظيمات داخل المكون الواحد للسيطرة على مجالس المحافظات المنتخبة وخاصة على مركزي المحافظ ورئيس مجلس المحافظة ، وهناك مجالس محافظات لم تباشر عملها حتى الان بسبب هذا التطاحن الجاري منذ ماقبل 20 نيسان 2013 ، يوم انتخابات تلك المجالس وحتى الان ، فالصراع بين ممثلي دولة القانون من جهة وممثلي الاحرار والمواطن على اشده في الجنوب ، وبين ممثلي قوائم الحوار ومتحدون في الغرب والوسط  !

 هذه الارضية بمجملها تشكل حاضنة خصبة للفساد والافساد وحتى الاستبداد وبالتالي تعاظم مظاهر العنف والارهاب ، ويكفي ان نشير هنا الى سقوط اكثر من  10 الاف ضحية بين قتيل وجريح منذ بداية العام الجاري وحتى الان وذلك بحسب تقرير ممثل الامم المتحدة في العراق مارتن كوبلر والذي قدمه مؤخرا الى مجلس الامن الدولي ، لان هذه الاحزاب غير معنية بالبطالة التي تفتك بالشباب ولا بهجرة الكفاءات ولا بتردي الخدمات ولا بتفشي الفقر بين اكثر من 30 بالمئة من السكان ، ولا بتدهور الزراعة وخراب الصناعة ولا بتدني مستوى التعليم وتفشي الامية ولا بالتجاوزات الفضيعة على حقوق الانسان في السجون والمعتقلات والشوارع التي تشهد مع كل دورة انتخابية ارتفاع بوتيرة الشحن الطائفي والاثني وبالتالي خروج الميليشيات الحزبية من جحورها ، انها مشغولة بما تقنصه من مكاسب السلطة والثروة ، والملفت في انها تهرب تنهبه من هذه الثروة لخارج العراق ، اي انها توقع الضرر مضاعفا حيث لا تستثمر ما تسرقه الا خارج البلاد .

  احزاب دينية طائفية مرتبطة بالخارج سياسيا وتمويليا وحتى عسكريا ، وعندما تقرأ بياناتها و برامجها او انظمتها الداخلية ، ان كانت لديها تلك الانظمة ، فانك ستجدها معبئة بعبارات الوطنية والنزاهة والتقوى والايثار ومحاربة الفساد !

احزاب بأغلفة ليبرالية وعلمانية وقومية وماركسية ، واغلبها يمتاز بالطفيلية والانتهازية والادعائية ، تقرأ برامجها وبياناتها تجدها مفعمة بمعاني الديمقراطية والاصلاحية والانحياز للعدالة الاجتماعية وتحليلات متذاكية على الواقع بامال وردية ، لكنك لو تمعنت بادائها وباسلوب عملها وبمدى التزامها بما تدعي لوجدتها احزاب مزيفة لانها لا تمارس الديمقراطية بين اعضائها انفسهم ، وقادتها كشيوخ العشائر يتوارثون القيادة ،  او كالرؤساء الذين لا يتغيرون الا في حالة الموت او الانقلاب ، وافضلهم من لم يحصل بعد على عظمة من عظام السلطة الفاسدة كي ينشغل بها !

هي يمكن ان تكون مافيات او دكاكين وميليشيات اواحلاف عشائرية او تكايا دينية اوشركات مساهمة محدودة  او كل هذه المكونات مجتمعة ، وليست احزابا بالمعنى المعلن والمتعارف عليه بالانظمة غير الفاسدة  للاحزاب ، وحتى لا نعمم ففي احسن الاحوال هناك بعض التكوينات التي تحاول ان تكون اسما على مسمى لكنها تصطدم بالطوفان الذي يعيدها الى حيث كانت .

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا