<%@ Language=JavaScript %> فيصل درنيقة المؤتمر القومي العربي: اتهامات متناقضة، وحملات تؤكّد حضوره ودوره

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

المؤتمر القومي العربي :

 

اتهامات متناقضة، وحملات تؤكّد حضوره ودوره

 

 

 

فيصل درنيقة

رئيس المنتدى القومي العربي في الشمال

 

 24/6/2013

 

لم تنل دورة من دورات المؤتمر القومي العربي الأربع والعشرين اهتماماً ونقداً وتسريبات وشائعات وملاحظات سلبية وإيجابية كما نالته الدورة الرابعة والعشرون التي انعقدت في القاهرة يومي 1 و 2 حزيران/يونيو 2013، ربما إذا استثنينا دورة المؤتمر الحادية عشرة التي انعقدت في بغداد أيام 10 – 13 أيار/مايو2001، بهدف التضامن مع شعب العراق ضدّ الحصار الجائر عليه ولرفض الحرب الاستعمارية التي كان البيت الأبيض يعلن عن قرب إعلانها على العراق، معتمداً بالطبع على حكام حرضوا وسهلوا ومولوا تلك الحرب وسابقاتها.

 على أن الفارق الرئيسي بين حملات اليوم على الدورة الأخيرة للمؤتمر، وبين تلك المتعلقة بدورة بغداد، أن الحملات على دورة بغداد ركّزت على اتهام وحيد الاتجاه وهي أن المؤتمر قد "باع" نفسه للنظام العراقي آنذاك، وأنه بات "بوقاً لحكم ديكتاتوري عسكري" ولم يشفع للمؤتمر آنذاك، أن ترأست دورته يومها الشخصية العراقية البارزة التي أمضت نصف عمرها خارج العراق د. خير الدين حسيب، وأن كلمة اللجنة التحضيرية للمؤتمر ألقاها شخصية عراقية عروبية مرموقة معارضة هي الدكتور وميض عمر نظمي، والذي كان يدعو بكل صراحة إلى الإصلاح السياسي داخلياً وإلى مقاومة الحصار والعدوان والحرب على بلاده.

والمؤتمر يومها، ورغم موقفه الحاسم والشجاع ضد الحصار على العراق، وضدّ النظام الرسمي العربي المتخاذل والمتواطئ، وهو موقف جعل بعض أبرز رموزه عرضة للملاحقة من قبل سلطات الاحتلال وأدواتها (كحال الأمين العام السابق للمؤتمر الأستاذ معن بشور الذي كان الشخصية الوحيدة تقريباً من غير العراقيين الذين وضع على لائحة أل 41 مطلوباً من الاحتلال في 2/6/2006، جنباً إلى جنب مع أبرز رموز قادة المقاومة العراقية وعائلة الرئيس صدام حسين "رحمه الله")، كان في مناقشاته، كما في لقاءات أجراها بعض رموزه وأعضائه مع كبار المسؤولين في العراق آنذاك، صريحاً في الدعوة إلى الانفتاح السياسي الداخلي، والإسراع في الانتقال من الشرعية الثورية "إلى الشرعية الدستورية"، وهي صراحة دأب المؤتمر على اعتمادها في كل نقاشاته ولقاءاته مع كل حاكم عربي يتسنى له أن يلتقي به أو يحاوره.

أما النقد الموجه إلى الدورة الحالية فكان يحمل الاتهام وعكسه، فبعض الاتهامات أصرّت على اتهام المؤتمر أنه باع نفسه "للمشروع ألصفوي الفارسي"، وأنه كان أسير بعض "وكلاء" النظام الإيراني وحزب الله، الذين فرضوا عليه توجهاته، أما بعضها الآخر فقد اتهمه بأنه "باع" نفسه للإخوان المسلمين الذين حجزوا لأعضائه الفنادق ووفروا لهم بطاقات السفر، علماً أن الجميع يعلم أن كل أعضاء المؤتمر، ودون استثناء، قد تحملوا نفقات سفرهم وإقامتهم، وهو ما أوضحه الأمين العام الحالي للمؤتمر الأستاذ عبد الملك المخلافي، كما أكّده التقرير المالي للمؤتمر، والمصدّق عليه من مكتب محاسبة قانوني، والذي يكشف كيف أن هذا المؤتمر بات يشكّل ظاهرة جديدة في استقلالية العمل القومي العربي على الصعيدين المادي والسياسي، والاستقلالية المالية هي أساس الاستقلالية السياسية، كما بات معروفاً.

ولم تشفع للمؤتمر أيضاً في مواجهة هذه التهمة "بالأخونه" أن أحد أبرز خطباء جلسته الافتتاحية كان المرشح الرئاسي السابق ورئيس التيار الشعبي المعارض الأستاذ حمدين صباحي، وأن رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر هو البرلماني الدكتور محمد السعيد إدريس العضو البارز في حزب الكرامة والتيار الشعبي، وأن رئيس المؤتمر هو الأستاذ محمد فايق رفيق درب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي أصرّ المؤتمر أن تكون زيارة ضريحه، في منشية البكري، كرمز من رموز الأمّة"، هي جزء من جلسة افتتاح المؤتمر.

أما التهمة الأولى، أي "الصفوية والفارسية"، فقد اعتمدت على أمرين أولهما خلو البيان من أي هجوم على إيران وحزب الله في لبنان، علماً أن أدبيات المؤتمر، الذي هو تجمع فكري سياسي أساساً، لم تعتمد يوماً مثل هذا الأسلوب، كما أن البيان خلا كذلك من اتهامات لتركيا (رغم اعتراضات أغلبية أعضائه على سياسات اردوغان، لاسيّما في سوريا، أو حتى لدول عربية نفطية يعرف القاصي والداني دورها في تسهيل الحرب على العراق والتواطؤ مع العدوان ضد بلد عربي، كما يعرف القاصي والداني دورها في التمويل والتسليح والتحريض في سوريا.

الأمر الثاني الذي اعتمده هؤلاء فهو البيان الذي دعا إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين في البحرين باعتبار أن لا معتقلين سياسيين في البحرين، بنظرهم، رغم معرفة أصحاب هذا الاتهام بوجود أحد أبرز أعضاء المؤتمر الدكتور إبراهيم شريف في السجن منذ عامين وهو رئيس جمعية (وعد)، جمعية العمل الوطني الديمقراطي، والذي لا يمكن اتهامه بالطائفية والمذهبية و"الإيرانية"، وهو المعروف في كل أرجاء الوطن العربي، بخطه العروبي اليساري، ناهيك عن معتقلين بارزين آخرين تمتلأ بأسمائهم أخبار وسائل الإعلام وتقارير حقوق الإنسان.

والمؤسف أن غالبية الأخوة ممن طلبوا سحب توقيعاتهم من البيان الختامي للمؤتمر (وعددهم خمسة من أصل 216)، لم يعترضوا خلال مناقشة البيان نفسه، ولا بعد صدوره بأيام، مما يشير إلى أنهم تعرضوا لضغوط من بعض الجهات في البحرين فاضطروا إلى مسايرته.. والمؤتمر يتفهم ظروف أعضائه، ويعذرهم بالطبع، فالقاعدة التي قام المؤتمر عليها، وما يزال، هي أن لا إكراه في المؤتمر ولا غلبة.

أما عن آلية إصدار البيان الختامي للمؤتمر "بيان إلى الأمّة" كما عرفتها منذ مواكبتي لدورات المؤتمر منذ أكثر من عشرين عاماً، (كمدير لمخيمات الشباب القومي العربي، ثم كأمين عام لها)، فإنها تقوم على تشكيل لجنة صياغة تضم ممثلين عن معظم الاتجاهات الفكرية والسياسية في المؤتمر، وتكون مفتوحة لمن يشاء من الأعضاء، ثم تقدم اللجنة "مسودة" بيان للمؤتمر لمناقشته في الجلسة الختامية، فتضاف إليه فقرات لم تكن موجودة وتعدّل فقرات موجودة، بما يتواءم مع الاتجاه العام في المؤتمر، ثم يصدر البيان مذيلاً بأسماء المشاركين وصفاتهم دون أن يعني ذلك أن كل المشاركين موافقون على كل ما جاء في البيان.

وللتاريخ أيضاً، كانت الفترة التي استغرقتها مناقشة البيان الختامي هي الأقصر في كل دورات المؤتمر، إذا لم تزد عن الربع ساعة، تحدث فيها خمسة أعضاء، وكان هناك ما يشبه الإجماع والإعجاب الواسع بروح البيان وتوازنه وحرصه على المصلحة القومية العليا، وقد رأيت بنفسي العديد من أعضاء المؤتمر يهنئون د. ساسين عساف (لبنان)، على البيان الذي تلاه، ولعب دوراً أساسياً في صياغته.

ولقد لاحظت أن بين من يحضرون دورات المؤتمر، من يخرج إلى "جماعته" ليبلغها أنه قد طرح "كذا وكذا" لكن "القيمين" على المؤتمر لم يأخذوا بملاحظاته أو اقتراحاته، فيما لم نسمع له صوتاً داخل المؤتمر حول هذه القضايا (المثال على ذلك الضجة التي يثيرها البعض "المتربص" – منذ زمن – بالمؤتمر، كقضية الأهواز أو غيرها) التي تحاول أجهزة تابعة لحكومات خليجية تحريكها كل عام، بهدف تشويه صورة المؤتمر العروبية القومية.

لذلك كله فالحديث بأن هناك من "يفرض" على المؤتمر "رأيه"، حديث مناف للواقع، فالمؤتمر سيّد نفسه، شفاف في أدائه، منفتح في مناقشاته أمام كل وسائل الإعلام، ولا يخرج بيان عن اجتماعه السنوي إلاّ بموافقة شبه جماعية.

فلماذا هذا التحامل على المؤتمر من بعض من حضر دورته الأخيرة (وعددهم لا يزيد عن الخمسة أعضاء من أصل 216)، أو ممن هم خارجه، من ذوي التأثير على آخرين، ويهدفون فقط "شيطنة" المؤتمر بإلصاق تهم متناقضة به؟.

ولماذا ينحصر الحديث عن المؤتمر باتهامات غير موضوعية، فيما يتجاهل المتحاملون بعض الأوراق الهامة التي قدّمها عدد من أبرز المثقفين والمفكرين العرب حول عناصر المشروع النهضوي العربي.

هل ينبغي أن يدفع المؤتمر ثمن رفعه للراية القومية العربية الجامعة، وفي زمن لا صوت يعلو فيه على صوت العصبيات العرقية والطائفية والمذهبية؟ هل ينبغي أن يدفع المؤتمر ثمن مواقفه الصريحة ضد التطبيع والاستسلام، ومع المقاومة في فلسطين والأمّة، وضد احتلال العراق وتدميره بعد حصاره ومع مقاومته الباسلة، وضد تدمير سوريا دولة ومجتمعاً، موقعاً وموقفاً، ومع الحفاظ على روح الثورة وائتلاف قواها في مصر وتونس واليمن وغيرها، وضدّ الاستئثار والتفرد والإقصاء؟، هل ينبغي أن ينتهي المؤتمر كإطار، شبه وحيد، مع المؤتمرات الشقيقة، الذي يجمع كل ألوان الطيف العقائدي والسياسي في الأمّة ويدير حوارات بينهم لمصلحة الأمّة؟ هل ينبغي أن يبيع المؤتمر نفسه لأنظمة وحكومات نفطية استسهلت شراء ذمم مثقفين وإعلاميين وسياسيين في زمن يتحول فيه بعض الثقافة إلى تجارة، وبعض السياسة إلى حرفة، وبعض الإعلام إلى أدوات تضليل وتحريض على الفتنة.

وهل يُعقل أن يستمر مؤتمر حوالي ربع قرن، رغم ما واجهته الأمّة من أعاصير وزلازل، ويتزايد عدد أعضائه، لو لم يكن يعبّر بتوازن ورصانة وموضوعية عن ضمير الأمّة ومصالحها العليا؟، ثم لماذا لا يجتمع المتحاملون على المؤتمر في مؤتمر خاص بهم يقولون به ما يشاؤون دون رقيب أو حسيب، أو وكلاء متنفزين؟.

بل هل ينبغي أن يسقط المشروع الحضاري العربي، الذي يحمل المؤتمر لواءه كي لا يبقى في المنطقة إلاّ المشاريع غير العربية، وإلاّ المشاريع الملوثة برائحة النفط الملوث بدورها بإملاءات العواصم المعادية للحقوق العربية.

وأخيراً هل يجب أن نحاسب المؤتمر على كل ما أطلقه من مبادرات ومؤسسات كمخيم الشباب القومي العربي السنوي وقد دخل عمره 24 عاماً، وكالمؤتمر القومي – الإسلامي وعمره عشرون عاماً، وكالمنتديات القومية العربية في عدّة أقطار عربية وبلدان المهاجر العربية، وكالجمعيات والمنظمات العربية المتخصصة والمنتشرة في أكثر من مجال، وكهيئات نصرة فلسطين والعراق وقضايا الأمّة الموزّعة في العديد من الأقطار العربية والتي كانت وراء العديد من رحلات كسر الحصار الجوي على العراق، وكسر الحصار البحري على غزّة، والمسيرات المليونية دعماً للمقاومة والانتفاضة، وكالمركز العربي الدولي للتواصل والتضامن الذي أطلق مبادرات لتنظيم ملتقيات شارك فيها الآلاف من أبناء الأمّة وأحرار العالم من أجل القدس وحق العودة، ودعم المقاومة العربية، والجولان، ووحدة السودان، ونصرة الأسرى في سجون الاحتلال، بالإضافة إلى إطلاق حملة قانونية عالمية لملاحقة مجرمي الحرب الأمريكية في العراق، ثم لدوره مع المنتدى القومي العربي في لبنان في تنظيم ثلاث ندوات متتالية للتواصل الشبابي العربي انعقدت في بيروت وشارك في كل منها أكثر من 100 شاب من مختلف أقطار الأمّة.

في جميع الأحوال نشكر "المتحاملين" على المؤتمر القومي العربي، لأنهم بتحاملهم هذا وفّروا لأعضاء المؤتمر فرصة التعريف به أكثر فأكثر، وأكّدوا على أهمية هذا المؤتمر الجامع ودوره الذي بات يشكّل كذلك "فرصة سنوية" للبعض ليجدوا مادة للتعليق عليها أو للكتابة عنها.

وأختم هذه الرسالة بالآية الكريمة: "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ألاّ تصيبوا قوماً بجهالة، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" – صدق الله العظيم-.

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا