%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا للفيدرالية لا للعولمة والتبعية |
|||
---|---|---|---|---|
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين |
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |
نيلسون مانديلا وصفحات التاريخ
د. كاظم الموسوي
يمدح كثيرون الراحل الكبير نيلسون مانديلا ويبكيه كثيرون ويحتفون بذكراه ايضا. مفارقات كثيرة تضاف الى مشهد الوداع الاخير لجسد الراحل.. رثاه من لا يختلف عن جلاديه او سجانيه او قاتلي احلام شعبه، في بلدان ليست لهم وحكومات لا تمثل شعوبها. وزعم طغاة ومحتلون ومستعمرون حزنا عليه. وتسابق كتبة ووسائل اعلام بنعيه، ويشاركون بلا وجل بالعار الذي ناضل وصرخ بأعلى صوته ضده، وأدانه طيلة حياته.
كنت قد نشرت هذا المقال في ايام حياته في هذه الصفحة ومواقع الكترونية اواخر شباط/ فبراير 2010، وفي مدونتي في 23 شباط/ فبراير 2010، وأعيد النشر الان مشاركة في الوداع وتألما لخسارة هذا الانسان الملهم والقدوة النادرة.
"احتفل نيلسون مانديلا بذكرى خروجه من السجن بعد ان قضى فيه سبعا وعشرين سنة، أنهى معظمها في سجن روبن آيلاند، (جزيرة صغيرة وسط مياه المحيط الأطلنطي، تبعد حوالي 25 كيلومترا عن مدينة كيب تاون)، قبل ان ينقل إلى سجن بولزمور ومن ثم - قبل إطلاق سراحه مباشرة - إلى سجن فيكتور فيرستر، القريبة كلها من كيب تاون. وجمع في الحفل زوجته السابقة ويني، التي كانت قد احتفلت معه في يوم خروجه، وسجانا كان بيده مفتاح زنزانته، وشاركته بالتأكيد أجيال من المواطنين في بلاده، جنوب إفريقيا وربما في العالم أيضا، خصوصا من تابع المسيرة الطويلة نحو الحرية التي انتهجها مانديلا. لم تكن تلك السنوات التي انتهت في السجن ولا التي تلتها عادية، وهي في كلا الحالتين سنوات من عمر الرجل، أعطاها حقها، ومنحته اسمه، رمزا بطوليا وقائدا حكيما يحتكم له ويقلد في تجربته، أو في نتائجها التي تمخضت عنها تلك السنوات وتلك المسيرة. ظلت العبارة الشعبية الشهيرة التي نطق بها مودعا السجن، وهو يرفع يديه إلى السماء مناديا الجماهير المحتشدة لاستقباله، (أماندلا)، التي تعني “السلطة للشعب” بلغة الزولو، مفتاحا وبداية لمرحلة جديدة أخرى من النضال الوطني والإنساني. وما كان الاحتفال بالذكرى عابرا، أو خاصا، فهو تعبير عن دروس وعبر لمن يريد ان يعتبر أو يدرس تجربة كفاح شعب من اجل الحرية والاستقلال والديمقراطية والسيادة والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان عامة.
ولد نيلسون مانديلا في 18 تموز/ يوليو 1918، التحق في سنوات الأربعينات بجامعة فورت هار، ثم انتقل بعدها إلى جامعة “ويتواترسراند” بجوهانسبورغ لدراسة القانون حيث بدأ نشاطه ووعيه السياسي، ضد التمييز العنصري والعبودية. أسس برفقة آخرين رابطة الشباب بحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي انضم إليه في العام 1944. وفي 1948 فاز الحزب القومي في الانتخابات العامة بجنوب أفريقيا وأسس نظام الفصل العنصري (الأبارتهيد). فقاد مانديلا حملات المعارضة والمقاومة السلمية. في 21 آذار/ مارس 1960، أطلقت الشرطة النار على متظاهرين سود ببلدة شاربفيل، محولة المظاهرة السلمية إلى مجزرة من أرواح 69 شخصا.. وردا على عنف السلطات وقمعها شكل وحزبه في 1961 الجناح المسلح لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي ليخوض عمليات الكفاح المسلح.
بعد عام تم اعتقال ماديبا (وهذا اسمه الشعبي أيضا)، وحكم بالإعدام على مانديلا عام 1962 وبعض القادة الثوريين الآخرين أمثال والتر سيسولو ومبيكي وأحمد كاثرادا بعد اتهامهم بتخريب الممتلكات العامة والخيانة العظمى وغيرها من التهم، لكن حملات التضامن والمقاومة الداخلية والخارجية نجحت في إنقاذ رقابهم من المشنقة. ولم تطلق سراحهم، بل نقل مانديلا، من سجن بريتوريا والحراسة المشددة إلى زنزانة انفرادية بسجن روبن آيلاند. وأصبح مانديلا أثناء فترة سجنه رمزا دوليا للكفاح ضد العنصرية والفصل العنصري.
تصاعد النضال من أجل الحرية في أرجاء جنوب أفريقيا، ونشطت أعمال المقاومة كما تعالت أصوات التضامن الدولي للضغط على الحكومة العنصرية من أجل إطلاق سراح مانديلا وباقي المعتقلين السياسيين، وصولا إلى يوم 2 شباط/ فبراير 1990. حيث أعلن رئيس جنوب أفريقيا السابق فريدريك دي كليرك، اقتراب موعد الإفراج عن الزعيم التاريخي، وفتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد، وخطوة مهمة نحو إنهاء نظام الفصل العنصري.
مهد إطلاق سراح نيلسون مانديلا لإقامة أول انتخابات ديمقراطية في جنوب أفريقيا، وبعده بأربعة أعوام، أصبح أول رئيس منتخب ديمقراطياً في تاريخ البلاد عندما تم تنصيبه في أيار/ مايو 1994، وأصبح حديث العالم، إذ تصدر عناوين وسائل الإعلام العالمية، وتوجه زعماء دول العالم إلى لقاء زعيم الحرية ورمز النضال الوطني والقيادة السياسية، وانتشر اسمه وذاعت قصة كفاحه من جديد في أركان المعمورة وفي اللغات الحية.
أوضح نيلسون مانديلا في كتابه الشهير رحلتي الطويلة في طريق الحرية، الذي يستحق قراءة خاصة به مع الملاحظات عليه، والذي ترجم إلى عشرات اللغات، ومن بينها اللغة العربية: "عندما خرجت من السجن ماشيا على قدميّ، كانت مهمتي تتمثل في تحرير الظالم والمظلوم معا، لقد مشيت في تلك الطريق الطويلة من أجل بلوغ الحرية، محاولا أن أحافظ على رباطة جأشي. صحيح أنني ارتكبت بعض الأخطاء في تقدير خطواتي أحيانا، لكني اكتشفت سرا مفاده أن المرء مهما انتهى من تسلق تل شامخ، إلا وتبين له أن هناك العديد من التلال الأخرى بانتظاره.
حمل مانديلا في حياته قصة شعبه وبلاده ورغم كل ما حصل في سيرته المديدة فان التاريخ سجل له مآثر كثيرة. من بينها كونه بوتقة المصالحة الوطنية والتسامح والقيم الإنسانية، الرجل الذي جنب بلاده حربا أهلية كانت تهددها في التسعينات من القرن الماضي، وخطى بها خطوات جريئة على طريق التحرر والتقدم والبناء.
قال عنه فريديريك دي كليرك، آخر رئيس في نظام الفصل العنصري، الذي خاض معه مفاوضات التحول الديمقراطي، وشاركه جائزة نوبل للسلام 1993: مانديلا كان في معظم الأوقات يبالغ في التعامل مع الأمور، وكان ظالما أحيانا... ولكنه واحد من اكبر الشخصيات السياسية في نهاية القرن العشرين.
أما خريستو براند، الذي كان حارس مانديلا في السجن، فقال عن اليوم الذي أطلق فيه سراح مانديلا: "تمنيت إلا يحدث أي عنف، وبالفعل لم يحدث. فقد مر كل شيء كما يجب. إنا عليم بأسلوب مانديلا في التفاوض، فهو يفكر دائما بالجانب الآخر أيضا. لم يحصر مانديلا اهتمامه بالسود ومعاناتهم، بل كانت مخاوف البيض في هذه البلاد نصب عينيه كذلك". وأضاف حارس السجن السابق: "لهذا السبب توصل مانديلا إلى حل جيد لجنوب إفريقيا".
قصة كفاح مانديلا درس حافل بالعبر لمن يريد ان يدخل التاريخ من أوسع أبوابه".
10/12/2013
كاظم الموسوي
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|