<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي قبعة موفق

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

قبعة موفق

 

 

د. كاظم الموسوي

 

لم يشرح الاديب المبدع والباحث في الاسطورة والتوراة ناجح المعموري دلالة اختياره عنوان: قبعة موفق محمد لكتابه النقدي عن الشاعر موفق محمد.. سؤال قد يكون اضافيا لما انشغل به وهو يرصد ويتابع قصائد الشاعر وشعريتها في نصوصه، مثلما نشر بعضها في الملحق/ القسم الثاني من الكتاب. وقد يكون السؤال هذا نافلا إلا ان العنوان له دلالته ايضا في المتن والنص. ولان النصوص الشعرية والشاعر الفا القراءة بين جمهور، وتحولت الى مشاهد يومية لصلات الشعر والشاعر والحدث اليومي في الشارع ومع الناس، لابد ان يسلط المؤلف ضوءه عليها للاستدلال والتعريف وتقديم النص الشعري وما اكتنزه في طياته الى القارئ المهتم والمتابع. ولأنه الاقرب اليها روحا وزمانا ومكانا من خلال صداقته ومكابدته للظروف المشتركة، القاهرة والتي لم يعرفها إلا من عاشها، فهو يعبر عنها بما يليق بها معرفة وشرحا. جمع ما سجله ووضعه بين دفتي الكتاب مع النصوص وأخرى للشاعر الذي ابدعها وعبّرت عنه، كما ارادها او كما نثرها بـ"قوة الشعر وطاقته السحرية والتخيل"..

الكتاب مقالات نقدية كتبت على فترات متباعدة، كما يقدم في الابتداء، "وتاريخ كتابتها هو تاريخ قصائده الذي اعرفه انا. لأنني اول من يستمع لها في لحظة ابتداء الكتابة او مفاجأتي بها مكتملة. موفق محمد شاعر امين جدا على وظيفته الشعرية، يلاحق مصائر الناس ويكتب عنها بشجاعة لا يعرفها اخر منذ زمن الطاغية وحتى زمن الطغاة." ص6.

في الاسطر السابقة يحدد المؤلف مهمته في القراءة النقدية والكتاب. ويسلط الضوء على تشخيصها واختبارها مرتكزا لقيم نقدية للشاعر بورخس ومعرفته الشخصية بالقدرات والإمكانيات. "موفق محمد شاعر المألوف/ اليومي/ المعروف لنا جميعا، لكنه يصفعنا به وكأننا لا نعرفه". ورغم ذلك فما حمله الكتاب يقدم الشاعر الذي تجاوز المكان وتعمق في الزمان، وحملت نصوصه المعاناة التي كابدها سوية مع الناقد وما بينهما، ومع التغيرات التي وسمت المرحلة، سياسيا وانعكاساتها شعريا ونثريا.

في النصوص فجاءة ودهشة مقصودة من طبع الشاعر، وجدة تتحملها اللغة والخطاب الشعري الضدي الذي وظفه الشاعر والناقد ايضا. تتخلل النصوص صلات مباشرة مع اليومي والساخن والانحياز الى الناس والربط في ثنائية الوضوح والترميز الى درجة التوزع بينهما. اضافة الى استخداماته المتكررة للكوميديا العراقية، نصا ودلالات عيانية، ظلت كما سجل الناقد: وأنا اول من نبه لامتدادها الفني والوظيفي/ ماثلة في المرويات/ والشفاهي التداولي وكأن النص لديه محكوم بعديد من الوظائف الاتصالية اليومية والمعروفة بطابعها التقليدي" ص11. ومن خلال الرمز وأسماء الحيوانات والأمكنة تستثمر النصوص طاقاتها واستفزازها.. وهو امتداد بارز في النصوص منذ نص " الكوميديا العراقية" وحتى نصه "محلة الطاق"، وصولا الى التحريض والاستفزاز برؤية فانتازية مجابهة تتداخل مع لغة الجسد والقراءة الشفاهية والمباشرة مع المتلقي والمستمع والمشاهد ايضا، لصورة الشاعر ونصه وقراءته في وسائل الاتصال الحديثة التي اخذت تتداولها الشبكة العنكبوتية.

التكرار في الاستخدام للرمز ولأسماء معينة، كأسماء الحيوانات والطيور او النهر او الام او الاشجار له وظيفته عند الشاعر بفضاءات دلالية وجمالية جديدة. ويعتقد الناقد ان معجم الشاعر الرمزي لا ينطفئ بل يظل مختفيا في كمين وسط الذاكرة، ويعاود يقظته وسط تشكلات دلالية مغايرة، (ص 42).

يتواصل الناقد مع النصوص بلهفة رغم درايته، وبانغماس في اسرارها وتكرار احيانا لمدلولاتها او مسمياتها او ما يكشفه فيها، وبتعمق في شعريتها وارتباطها بين الاقرب ثقافيا وروحيا لدى المتلقي لها، شفاهيا او كتابيا. مع التأكيد على مفتاح فهم "الابقاء على فاتحة النص مقصود، حتى رسم تصور نقدي خاص عن النص وإيضاح بعض مع تكونات عناصره وتنوع بناه، حتى يبدو الانسجام اكثر وضوحا وارتباطا..." (ص53)، في اطار قراءة واعية لكنوز التراث وهيمنة التراجيديا او الكوميديا العراقية في المنجز الشعري او الالم البشري مقابل ما يحصل من كوارث معاصرة.

يشغل المكان ابعادا متعددة مع الذاكرة في النصوص، كما هي وظيفة الرموز الاسطورية والتراثية  فيها. وهو ما حاول الناقد تفكيكها والوصول الى تثبيت قدرة الشاعر على "جعل محلة الطاق مكانا متجوهرا ليس في الحلة والعراق وإنما في العالم. تحولت هذه المحلة الى مكان يتسع للجمال والشعرية وبإمكانه التجدد والتعالي والتسامي"! ص78. والملحق في القسم الثاني ضم قصائد معبرة عما سبق للمؤلف قراءته وأضاف اليه. وهي من عناوينها تكمل الصورة: غزل حلي، شمس الحلة، يا حلة، بالتربان ولا بالعربان، محلة الطاق، ابواب، سبع عيون، سري للغاية، الجسر العتيق، شاكيرا.

عنوان القصيدة الاولى هو عنوان المجموعة الشعرية الثالثة للشاعر، ضامة عددا من قصائده المطولة والمعروفة، مشيرة الى تجربة الشاعر من بداية السبعينات من القرن الماضي، التي بدأها بقصيدته المعروفة، كما بيّن المؤلف، "الكوميديا العراقية" والتي اقترحت من لحظتها ملامح تجربته الشعرية وتوجهاته الفكرية التي ظلت صاعدة ومتطورة وتجسدت برأي الناقد في قصيدتيه " سري للغاية "و"مايبقى من ايامه". ويضيء في مقاله عن المجموعة بأنها يوميات العراقي/ سردياته التي لم يخترها، بل كتبها الاخر وصارت رسوما دالة عليه في الزمن.

قبعة موفق محمد اضاءات ناجح المعموري النقدية وقراءات واعية لنصوص شعرية ونثرية ابداعية زاخرة بالهم العراقي والشعرية الحساسة للوجع والخسارات التاريخية في وطن اختلطت فيه الكوميديا بالتراجيديا، والسحر بالأسطورة، واليقين بالغياب.. ورغم الالام والعذاب في عراق لا يراد له ان يموت، ولن يموت، ظلت البوصلة عند الشاعر والناقد موجهة صوب مجرى النهر:

تهمس

لغيوم تنقر باب القلب

وسنابل ترقص عارية في البيت

وانهارا تجري خبزا وخمرا

 

 

كاظم الموسوي

kalm2011@live.co.uk

 

 

* الكتاب في 160 صفحة من القطع المتوسط، صدر عن دار تموز للطباعة والنشر، دمشق، ط1، 2012. والغلاف من تصميم امينة صلاح الدين.

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا