<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي المشهد السياسي في العراق: قلق العنف

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

المشهد السياسي في العراق: قلق العنف

 

 

د. كاظم الموسوي

 

لم يعد الصمت ممكنا في المشهد السياسي العراقي. جرائم القتل والدمار تنتشر بشكل واسع. الارقام تتجاوز او تقترب عما كانت في زمن الاحتلال الامريكي البريطاني الخليجي العسكري المباشر وانتشار عصاباته المرتزقة من "البلاك ووتر" ومن حماتها والمتورطين معها او الممولين لها من الناطقين بلغة الضاد. اصبح الدم العراقي المسفوك في الشوارع، خبرا يوميا وحدث الساعة وواجهة لوسائل الاعلام وتعليق المحللين المتمرسين في قنوات العار الاعلامي العربي، واضحى امرا اعتياديا او عاديا او مطلوبا ان يكون كذلك، لإعدام الحس الشعبي والوطني والقومي والديني والقبول به هكذا..!. آلاف القتلى والجرحى في فترات قصيرة.

ايام العنف الدموي التي ارعبت العراقيين تتكرر وتعاود صورتها او تتجدد بتصميم كبير وتحدٍ واضح للأمن والاستقرار. مصادر العنف ذاتها تتصاعد وتائرها وصولا الى ارتكاب الابادة الجماعية لأهداف لم تعد سرية، او لأغراض باتت اكثر من معروفة. المناخات السياسية تشي بها وأركان العملية السياسية الامريكية تتفرج عليها وتتبادل الصمت او الانغماس فيها، فعلا او قولا، دون حياء او وخز ضمير انساني. التدخلات الخارجية تكشف عن وجهها سافرة دون اغطية او حجب بعد كل ما يجري ويحصل في الشوارع العراقية. وليس غريبا في المشهد السياسي امتداد الحرب الدموية في ارجاء العراق وبتوسع مقصود لصناعة ما يطلقون عليه في الردود المخادعة والاختباء وراء خطابات كاذبة، وهم بالتأكيد يعرفون الاسباب والأهداف وراء العنف والدم والإبادة. فيصبح ترديد كلمة القلق على مسارات العنف قلق منها وليس عليها. لان ارتكابه لا ينحصر عنده ولا يتوقف بحدوده. والمتوهمون وحدهم يتصورون انهم قادرون عليه دون ارتدادات او ردات او تداعيات. مهما حاولت جهات العنف او مصادره الاساسية الادعاء بخلافه ومهما بذّرت من اموال شعوبها وثروات بلدان كلفوا بغفلة من الزمن في مسك زمام امورها، ومهما تخادم معها من ينفذ خطواتها ويجسد مشاريعها وينطق بلسانها، فانه لن يتوقف عنده ولن يكتفي بما يقوم به والتاريخ شاهد ومجرب.

في كلمات المسؤولين الامريكيين وخطاباتهم اعترافات مبطنة بالجرائم التي حصلت ونفاق وصفوا به بامتياز وازدواجية معايير لا يخجلون منها. ولكنهم كالعادة يخفونها او يحولونها الى  اتجاهات اخرى للتغطية عليها والتهرب عن تحمل المسؤولية من نتائجها الكارثية، والتي يتوجب تحميلها لهم بكل وضوح والإقرار بها من قبلهم ومحاكمتهم عليها. فهي ارتكابات معلنة كجرائم حرب وإبادة جماعية وضد الانسانية، بلا رتوش. فما ورد على لسان وزير الخارجية الامريكي جون كيري امام نظيره العراقي في واشنطن يفضح حقيقة الدور الامريكي والتوجيهات التي تريد الادارة الامريكية تنفيذها والإمعان فيها، وما حصل في العراق وجواره وفي المنطقة يؤيد ذلك او يبرهنه بكارثيته القاسية. قال الوزير (حسب وكالات الانباء وصحف يوم 17/8/2013) محذرا: "العراق يواجه تطورات إقليمية تزداد اضطرابا وعنفا ولا يمكن توقعها. فالمتطرفون السنة والشيعة على جانبي الشرخ الطائفي في المنطقة، قادرون على تهديد استقرار العراق إذا تعذرت السيطرة عليه". مدينا لها بالكلمات طبعا، ومضيفاً في الوقت ذاته "نعرف أن شبكة القاعدة تتمدد إلى خارج حدود العراق". وخلال المؤتمر الصحافي المنعقد قبيل جلسة المحادثات بين وفدي البلدين لتناول "السبل الكفيلة بتطبيق "اتفاقية الإطار الاستراتيجي" الموقعة في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008"!، قال كيري إنه ينوي "مناقشة تدفق الأسلحة الآتية من سوريا إلى العراق وتدفق الأسلحة التي تعبر العراق إلى سوريا"، مضيفاً أنه "معبر في الاتجاهين ومعبر خطر". وأضاف كيري "سنتحدث عما يقوم به حزب الله وإيران اللذان يحاولان صب الزيت على نار النزاع الإقليمي الخطر على الجانب الآخر من الحدود" في سوريا.(!!)

هذه التصريحات واضحة جدا، وتكاد تنطق وتستهدف من بين ما تستهدف:

 اولا: تسعير الفتنة الطائفية والاثنية وإشغال العراق بها ومنعه من النهوض او الاستقرار وحتى الالتهاء في معالجة مشاكله الداخلية، التي تزداد صعوبة وتعقيدا. اذ منذ الاحتلال قبل اكثر من عقد ولما تزل ابسط المشاكل الخدمية عالقة رغم كل الثروات العراقية والكفاءات والطاقات المتوفرة. وإشارة كيري اليها دليل لما بيّت للعراق والمنطقة وتوضيح لنشرها وتطويرها بأي شكل يخدم المصالح الغربية وييسر لها الاستمرار دون ان تدفع بلاده عنها أي ثمن.

ثانيا: تحويل دور العراق في المنطقة الى دور تابع لسياسات الادارة الامريكية العدوانية وتمرير مشاريعها التدميرية للمنطقة وتصفية القضايا القومية، وأولها القضية الفلسطينية ومن ثم التفتيت والتخريب للبلدان العربية الاخرى اولا والإسلامية المجاورة له ثانيا. ولعل صناعة بيئة محتدمة وخلافات وصراعات داخلية وتشويه المطالب العادلة بما يضيع البوصلة ويدمر الدولة ويخطط لأبعد من تاريخيتها وجغرافيتها هدف معلن لتلبية المخططات العدوانية والتخادم والتواطؤ الصريح معها.

ثالثا: اضعاف العراق عسكريا واقتصاديا وسياسيا وتركه دون حماية واقعية في كل تلك المجالات ودفعه للالتجاء للإدارة الامريكية في الاعتماد عليها وتحت مسمى اتفاقية الاطار الاستراتيجي بينهما. والعمل على هذه الحالة بكل الاشكال التي تهبط معنويات العراقيين وتشل من قدراتهم، تحت حجج اصبحت معروفة المرامي والغايات.

رابعا: محاصرة العراق بقوى مدججة بالأسلحة والإمكانات الاخرى وتجهيز بيئات غير امنة تحيط به لمشاغلته داخليا وتهميشه خارجيا. والعمل على ابقائه ضمن اطار محدود وتأثير نفوذ الادارة الامريكية ومحمياتها وقواعدها، ووضعه تحت اخطار التهديدات الامنية والعدوان، فضلا عن عزله بما هو اشبه بالحواجز الكونكريتية التي تمزق عاصمته وسكانها.

هذا فضلا عن تداعيات وطبيعة العملية السياسية واعتمادها على المحاصصة الطائفية والاثنية، وسماحها لتمادي عمليات الاختراق والتخريب الداخلي والأمني، واستشراء الفساد السياسي والاداري والمالي، دون عقاب ورقيب، الامر الذي رسم ما يشهده العراق اليوم.

الارهاب الدموي و" قلق العنف" تصعيد حاد لسياقات حرب مستعرة في المنطقة كلها وتحت مسميات مختلفة، والقادم ادهى.

 

كاظم الموسوي

20.08.2013

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا