<%@ Language=JavaScript %>

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 المشهد السياسي في تونس: ايام غضب

 

 

د. كاظم الموسوي

 

عادت تونس الى الواجهة السياسية والإعلامية وشعارات " الشعب يريد اسقاط النظام، او يسقط  حكم المرشد"! (مقارنة راشد الغنوشي، الحاكم الفعلي، بمرشد الاخوان في مصر) بعد ما حصل في مصر من تغيير وتحول سياسي، له دواعيه وأسبابه، مثلما حصل الامر مقلوبا قبل نجاح الثورة فيهما بإسقاط رأسي النظامين، هروبا او تنحيا. وتقارب الحالتين يظهر ان الخيار الشعبي الذي غلبت عليه عوامل كثيرة ومؤثرات مختلفة، وادى الى فوز جماعة الاخوان المسلمين في البلدين وتسلمهما السلطة السياسية، او لعب دور رئيسي فيها، لم يكسب ما كان طامحا له ومحققا الارادة الوطنية ومنهج التغيير الثوري الذي قدمت في سبيله التضحيات. وفشل الجماعات الاسلامية في ادارة المرحلة الانتقالية رغم كسب نتائج الانتخابات قدم الدليل عليها وعلى ضرورة اعادة التفكير بالتغيير، معها او بدونها.

المشهد السياسي في تونس اليوم يعبر عنه في الشارع مرة اخرى وتكشف خباياه، حيث يتنازعه صراع بين قوى استمرار الثورة التي شكلت جبهة انقاذ الثورة، وقوى السلطة التي جاءت بانتخابات بعد اجراء الثورة لقيادة المرحلة الانتقالية وتحقيق المهمات التي دفعت الى الانتفاض وانجاز مرحلة ومهمات الثورة الشعبية. هذا الصراع يرسم دور ووظيفة كل من القوى المتصارعة رغم دورها السابق في الانتفاض والثورة والعملية السياسية الانتقالية. ويلعب الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو اكبر اتحاد نقابي عمالي له تاريخه في المشهد السياسي التونسي، دورا في محاولات ايجاد مخرج للازمة الحادة والمتصاعدة في تونس. حيث يسعى إلى الوساطة بين القوى السياسية المتصارعة، من خلال مبادرة تؤمن استمرار الثورة ومصالح الشعب دون استئثار او عزل سياسي غير قانوني يتم خلال اسبوع، وبعدها  وفي ضوء النتائج التي ستأتي بها مساعيه، يمارس دوره العملي بهدف الضغط او المشاركة في العملية، فأما تحذير الحكومة وقواها المتشبثة بأساليبها القديمة ومحاولات "تمكينها" منها، بإضرابات عامة في كافة المجالات، تشل الحكومة والبلاد او الانفراج السياسي. وفي الحالين يلعب الاتحاد دورا وقائيا للثورة وحمايتها من الانزلاق والضياع. وفي حالة الاستعصاء تشكل ممارساته وسيلة ومبررا لتدخل مؤسسة الجيش والأمن لإعادة الاوضاع الى محطة سيرها الطبيعي، وإعادة الثورة لقواها الفعلية ولخيار الشعب وإرادته الوطنية.

القوى اليسارية والليبرالية التي تجمعت في تكتلات سياسية لها عناوينها السياسية والمعبرة عن تطلعات الشعب التونسي وفئاته وطبقاته التي قادت الحراك الشعبي والانتفاضة والثورة تعمل من اجل استكمال المهمات للمرحلة الانتقالية وإنقاذ الثورة بإقالة الحكومة الحالية وممثليها السياسيين الذين انتظموا هم ايضا في تكتلات سياسية تقودها حركة النهضة الاسلامية (فرع الاخوان المسلمين في تونس) ومن تحالف معها. ولم تقدم قوى السلطة خلال الفترة الانتقالية غير خيبة الآمال وركود اقتصادي وتعثر النمو والتنمية واغتيال شخصيتين سياسيتين يساريتين معروفتين في تونس، هما شكري بالعيد (في 6 شباط/ فبراير الماضي) ومحمد الابراهمي (في 25 تموز/ يوليو الماضي) وعدد من الجنود في مواجهات مع حلفاء قوى في السلطة من القوى اليمينية المتطرفة، ووصول  ضربات قوى الارهاب داخل العاصمة التونسية.

اضافة الى ذلك تواصل قوى السلطة وقيادتها حركة النهضة تمسكها بفرض الحل المتمثل بتوسيع قاعدة الحكومة فقط، والتشبث بالسلطة وبشرعية المجلس التأسيسي الذي تهيمن عليه في فترة انتقالية غابت عنها روح العمل والمصالح الوطنية المشتركة، وانعكست سياساتها بقوة الان في الشارع التونسي. هذه السياسات ترمي الى فشل محتمل لمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل. والاصرار عليها يزيد المشهد السياسي غليانا وسيناريوهات عديدة، اهونها استمرار الازمة السياسية وانتشار الارهاب وتصاعده.

في هذه الاجواء تحرك الجيش التونسي، بالتنسيق مع الجيش الجزائري،  في عملية عسكرية في جبل الشعانبي على الحدود مع الجزائر، بهدف "تطهيره" من "الإرهابيين". وكذلك قامت مجموعة من الحركات الشبابية، من بينها "حركة تمرد" و"الاتحاد العام لطلبة تونس" و"شباب الجبهة الشعبية باعتصام (الرحيل) في ساحة باردو وإعلان يوم السبت 3 آب/ اغسطس يوم الغضب لدعم المطالب التي تقدم بها الاعتصام والمتمثلة في حل المجلس الوطني التأسيسي ودعم المجالس المحلية والجهوية التي شكلها أبناء شعبنا.

مفاوضات ربع الساعة الأخير، بين مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة تؤشر الى تشبث كل الاطراف بمصالحها على حساب مسيرة الثورة والإرادة الشعبية، وإشهار كل منها تمسكه بـ"الشرعية" التي يفسرها بما يحقق له مكاسبه دون حوار حقيقي يعطي نموذجا ومثالا جديدا للثورة في تونس.  فالحل المطروح الان بعد فشل حكومة النهضة وحلفائها هو في تأليف حكومة جديدة تدعو الى انتخابات جديدة ومجلس دستوري، وهو مطلب القوى السياسية والنقابية والاتحاد العام، باستثناء حركة النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية وحلفائهما، لاسيما بعد فشلهم بإقناع قوى المعارضة السياسية بما يحقق التوافق وتجاوز الازمة المتصاعدة الان.

للأسف ايضا او بدونه، تستجيب القوى المتسلطة لتدخلات خارجية وتفرض وقائع اخرى على المشهد السياسي. فقد سمحت للاتحاد الأوروبي للتدخل واللقاء في مفاوضات مع ممثلي القوى السياسية. وبالتزامن معها، واصلت حركة النهضة تعبئة أنصارها ودعوة المواطنين إلى التظاهر في كل المدن والقرى دفاعاً عن "الشرعية"! والتجمع في العاصمة في ساحة القصبة أمام قصر الحكومة. وخصص خطباء المساجد خطبة الجمعة الماضية لمهاجمة المعارضة وشيطنتها باعتبارها "شرذمة من اليسار الكافر".

 بينما في ضاحية باردو يزداد يوما بعد آخر تجمع المواطنين في اعتصام (الرحيل) الذي نظمته الجمعيات والاتحادات الشبابية بدعم من جبهة الإنقاذ الوطني. وتنظيمها مسيرة شعبية كبرى يوم الأحد الماضي تحت عنوان "مسيرة ليلة القدر"، بمثابة إعلان سقوط الحكومة، حسب تصريحات بعض النواب المنسحبين من المجلس التأسيسي.

تجدد ايام الغضب في المشهد السياسي ايام اندلاع الثورة في تونس، ولكن القوى التي شاركت انذاك، تتصارع الان فيها وتزيدها اشتعالا.

 

 

كاظم الموسوي

08.08.2013

www.kadhimmousawi.blogspot.com

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا