<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي الاحتجاجات في اوروبا: كشف البيوت الزجاجية

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

الاحتجاجات في اوروبا: كشف البيوت الزجاجية

 

 

د. كاظم الموسوي

 

 

لا يمر يوم في اوروبا دون احتجاجات وإضرابات ضد سياسات التقشف الاقتصادي بشكل خاص وضد السياسات الاوروبية الخارجية بشكل عام. وتنتقل موجات الاحتجاجات من بلد اوروبي الى اخر، لاسيما بلدان منطقة اليورو. منذ الازمة الاقتصادية التي ضربت اوروبا عام 2008 والأرقام عن الركود الاقتصادي تتضاعف وأرقام الباحثين عن العمل تتصاعد. وتتفاقم الازمة في التأثير على الرأي العام فيها وتطال تداعياتها مراجعة قضية العضوية في الاتحاد الاوروبي والمطالبة في استفتاء الخروج منه، رسميا وشعبيا. وكلما تتزايد الازمات تتواتر الصراعات والاضطرابات الداخلية وتتضخم الاوضاع الاقتصادية والعنصرية والهجرة والعلاقات الانسانية، كاشفة عمق الازمات من جهة، وفشل السياسات التي تضعها الحكومات لحلها، من جهة اخرى، وازدياد التفاوت الطبقي والاجتماعي وإفقار الاغلبيات العاملة من جهة ثالثة، ومدى الرهانات الاستراتيجية وهدر المال والدم بين الحكومات الاوروبية صاحبة القرار وحلفائها في الادارة الامريكية، لاسيما في خطط الغزو والحروب من جهة رابعة.

منظمة العمل الدولية حذرت من وجود أكثر من 26 مليون أوروبي الآن دون عمل، وهذه الاعداد تتطلب خططا تنموية واسعة وأموالا كبيرة لدمجها في سوق العمل والإنتاج. منبهة إلى المخاطر التي ترتفع مع ارتفاع البطالة طويلة الأمد وبطالة الشباب على وجه الخصوص، والتى وصلت إلى مستويات حرجة. كما ورد في تقرير أصدرته المنظمة من جنيف بمناسبة افتتاح المؤتمر الإقليمي الأوروبي حول العمالة في أوسلو (08 نيسان 2013)، إن حالة العمالة والتشغيل في أوروبا تدهورت منذ تبني الحكومات الأوروبية سياسات التقشف المالية، وأن مليون شخص فقد عمله في دول الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الستة الماضية. وأضافت أن عشرة ملايين شخص إضافي هم الآن دون عمل مقارنة ببداية الأزمة المالية عام 2008، وأن معدل البطالة في أوروبا بلغ في شباط/ فبراير الماضي 12.7 %، وفي منطقة اليورو، بلغ مستوى تاريخياً بتسجيله 13 في المائة. حيث تعاني في منطقة اليورو التي تضم 17 عضوا من الركود كل من إسبانيا وبلجيكا واليونان وأيرلندا وإيطاليا وهولندا والبرتغال وسلوفينيا. بينما تعاني منه خارج منطقة اليورو بريطانيا والدنمارك وجمهورية التشيك.

سياسات الحكومات الاوروبية لمعالجة الازمات لا تقلل منها ومن تأثيراتها، بل تمارس فرصا للمناورة والالتفاف على الاحتجاجات الشعبية، والعمالية والنقابات التي تقود الاضرابات وتحاول تقليل الاضرار الناجمة عن تلك السياسات. فألمانيا مثلا، القائمة على هندسة إستراتيجية التقشف، لم تظهر أية إشارة إلى أنها تريد تغيير سياستها، وكذلك اغلب الحكومات الاوروبية، لاسيما التي تقع تحت حدة الازمة والفساد وتراكم الخسائر والهدر، والتورط في سياسات لا تخدم مصالحها ولا تقدم لها دعما مباشرا لتطورات الاحداث فيها. وتنتج الحكومات الاوروبية في تعاونها مع الادارة الامريكية واتفاقاتها في خطط الغزو والعدوان على الشعوب تصعيدا عاليا في تلك الازمات وتؤثر بشكل واسع على خططها التنموية والاجتماعية.

يسجل محللون إن إستراتيجية التقشف تعود بنتائج سلبية على الدول التي تعاني أصلا من ضعف في الطلب المحلي ومن انخفاض في معدل الفائدة. وفي الوقت نفسه، ليس من المعروف بالضبط كيف ستتعامل الأسواق مع تراجع في سياسات التقشف. بينما تمارس الحكومات الاوروبية اضافة الى ذلك سياسات التبذير وهدر المال والدم في مشاركاتها في خطط الحروب والعدوان، والتي تصب اغلبها في الضد من مصالح شعوبها والنظام الدولي والشعارات الانسانية التي تتبجح فيها في اغلب الاحيان.

بسبب كل ذلك لم تتوقف الاضرابات ولا الاحتجاجات. وكل ما قامت به الحكومات هي صناعة "ترويكا" دائنة (من الاتحاد الأوروبي - البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) لعمل خطط ومناورات من اجل حلول ترقيعية للازمات الحادة في الدول التي تعاني منها. وانتقلت هذه الترويكا من بلد الى اخر، وحضرت في لشبونة الاجتماع الوزاري التقييمي، في 15 تموز/ يوليو، لدعم جهود إصلاح الوضع الاقتصادي فيها، ومنح فرص لإعادة الدين العام إلى ما دون مستوى 3% من إجمالي الدخل المحلي، وهو السقف المحدد من جانب الاتحاد الأوروبي. وفي اليونان واسبانيا وقبرص حاولت الحكومات بشتى الوسائل انقاذ اوضاعها المتازمة. ففي البرتغال  مثلا لم يستبعد رئيس الوزراء إجراء مراجعة سلبية جديدة للأهداف المحددة، للمرة الثالثة منذ بدء تطبيق خطة إنقاذ مالي بقيمة 78 مليار يورو تم إقرارها في ايار/ مايو 2011 من جانب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وأدت سياسة التقشف إلى زيادة فاقت ما كان متوقعا للانكماش والبطالة، وبحسب التوقعات الرسمية فإن الاقتصاد البرتغالي المتراجع منذ عامين، سيواجه تراجعا جديدا هذا العام بنسبة 2,3% في حين من المتوقع بلوغ نسبة البطالة مستوى قياسيا عند 18,2% وازدادت الازمة بعد استقالات بعض الوزراء واقتحام البرلمان من قبل المتظاهرين في الايام القليلة الماضية. وكذلك هو الوضع في اسبانيا وقبرص واليونان وغيرها.

شعارات الاحتجاجات التي عمت أوروبا منذ بدء الازمات وفي الاول من ايار/ مايو الماضي، من مدريد، مروراً بباريس ولشبونة وروما والعديد من المدن، وصولاً إلى أثينا، تجمع غضب الشعوب وتعلن "رفض سياسات التقشف"، و"المطالبة بتوفير فرص العمل"، و"بتعديل المسار" و"التقشف يدمر ويقتل" و"الإصلاحات سرقة ونهب". وتستنكر استمرار تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية واثارها وانعكاساتها الاخرى التي لا تهتم حكومات أوروبا بها وتتعمدها بشكل اعمى ودون حسابات استراتيجية لمصالحها واعادة تقييم خدماتها التي توفرها لسياسات حلفائها.

اضافة الى ما تعانيه دول الجنوب الاوروبي من ازمات حادة تواصل حكوماتها التعاون والتنسيق مع الادارة الامريكية في كل ما يتعلق بمصالح الغرب العامة والتنكر لخيارات شعوبها وشعاراتها المخادعة. فقد كشفت وثائق مسربة من الامن القومي الامريكي خضوعها للتجسس وانتهاك الحقوق والقوانين والتعامل معها دون ثقة واحترام لسيادتها وخصوصياتها الوطنية، ورغم مطالبات بالشفافية وكشف المستور فيها تظل الحكومات الاوروبية بيوتا زجاجية وأشبه بالخاضعة لإرادات خارجية ومنفذة للضغوط والطلبات الامريكية.

 

كاظم الموسوي

24.07.2013 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا