<%@ Language=JavaScript %> د.علي عبد داود الزكي ازمة الامة العراقية والمناهج التربوية  (2)

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

ازمة الامة العراقية والمناهج التربوية

 

 (2)

 

 

د.علي عبد داود الزكي

 

ان منظري الفكر القومي في العراق وسوريا خصوصا رسخوا مفاهيم لا يمكن تطبيقها على ارض الواقع الا ان هذه المفاهيم كرست مفهوم التسلط والدكتاتورية ومهدت لتغرب الانسان في هذين البلدين عن تاريخهم وحضارتهم  وانتمائهم. ان الفكر القومي ما هو الا استعارة مفروضة من قبل المحتل الاوربي كانت اساس للحكم الدموي المتسلط من اجل اهداف كاذبة غير واقعية. كما ان العراق لم يظهر فيه مفكرين قوميين كما ظهر في بلاد الشام ومصر وسبب ذلك هو المتناقضات الكبيرة والخطيرة في ارض الالم العراقي ، ان التناقض سببه الاساسي وجذوره هو الصراع ما بين ايران وبلاد الاناضول (تركيا) لقرون طويلة والتي اسست الى نشوء صراع طائفي مقيت في  العراق وبذلك لم نرى اي ظهور لمفكر وطني لان اي مفكر ان كان شيعيا وصف بانه صفوي واي مفكر سني وصف بانه عثماني ولم تنشا هوية وطنية عراقية حقيقة وانتماء حقيقي الا بعد نهاية الحكم العثماني في العراق وذلك في ثورة العشرين التي قادتها المرجعية الدينية في النجف ورفعت شعارات عراقية خالصة ومن ابرز قادتها (الامام ومحمد تقي الشيرازي الشيخ عبد الواحد الحاج سكر والسيد علوان عباس الياسري والسيد محمد الصدروالشيخ شعلان ابو الجون الشيخ محمد الخالصي...) كما دعي بقوة للتوحد الوطني بين الشيعة والسنة واستمرت الثورة عدة اشهر الى ان تم اجهاض فكر التوحد الوطني العراقي لاسباب طائفية ومصالح فئوية ضيقة لبعض المتنفذين في عراق ما بعد الدولة العثمانية.

بعدها بقي العراق لعد عقود يرزح تحت نير ظلم وانتهازية وتسلط وقهر شديد الى ان ظهر فكر وطني لتوحيد العراقيين في امة من جديد على يد الزعيم الوطني الشريف عبدالكريم قاسم والذي ايضا لم يستمر بالحكم لفترة طويلة وانما تم استهداف نظامه بمؤامرات داخلية وخارجية كبيرة من قبل القوميين العرب المتعاونين مع امريكا والغرب واستشهد على اثرها الزعيم وتم  الاجهاز على نظامه الوطني. ودخل العراق في عهد ظلام دامس جديد وطويل حيث ان هؤلاء المجرمين اتخذوا من شعارت القومية فرصة للتسلق والدموية وازهاق الارواح واذلال الشعب العراقي. ابتعد الانسان العراقي عن البحث عن هويته واخذ يبحث عما يدافع به عن معتقداته فقط وطمست هوية الوطن بترويج فكرة ان العراق قطرا وجزء من امة وليس بحد ذاته امة.  اي ان العراقي لم يعرف بهوية وطنية عراقية حقيقة لان الهوية الوطنية للامة العراقية تلاشت امام مفهوم الامة العربية التي ليست سوى هذيان غير قابل للتحقيق. قد يعترض البعض على ذلك لكن نقول ان الذي جعل العرب يمتلكون سلطة وامبرطورية في حقبة من حقبات التاريخ كان  فضله يعود الى الاسلام والفكر الاسلامي اي ان توحد الجميع القبائل المتناحرة المختلفة في جزيرة العرب بامة الاسلام وليس امة العرب.

 كنا نسمع ونقرا ونتعلم والاعلام والتلفزيون الحكومي بزمن حكم القوميين والبعثيين يثقف العراقيين على كذبة اسمها ان العراق قطر وليس امة وبذلك فقد العراقيين الانتماء الحقيقي لا هم مستفيدين من فكرة الانتماء لامة العرب الخيالية التي لا يمكن ان تتحقق نهائيا ولا هم يشعرون بقوة انتمائهم الوطني لامة العراق وبذلك نشا صراع داخلي للمكونات المختلفة في العراق الحديث والتي كان من الممكن ان تتوحد تحت عنوان امة العراق بعيد عن اي شي اخر لتنهض كامة عظيمة. كما ان الصراع الطائفي في العراق دفع دعاة الفكر القومي (الاقلية التي سيطرة على زمام السلطة)  الى الاندفاع اكثر باتجاه القومية العربية وذلك سببه هو ان العراق مكون من عرب واكراد تركان واشورين وان نسبة الشيعة العراقيين تصل الى ما يقارب70% من الشعب العراقي لذا فان دعاة القومية العربية لكي يتمسكوا بالسلطة ويرسخوا ذلك استخدموا فكر التغريب ووضعوا مناهج تربوية تدفع بالانسان العراقي نحو الاغتراب لكي لا يشعر بوطنيته وذلك لكي يكون هناك تقارب بين سلطة الحكم في العراق(السنية) مع باقي البلدان العربية التي  في اغلبها سنية المذهب. لذلك راينا ان اغلب العرب بعد سقوط الصنم كانوا يدافعون عن نظام الدكتاتور صدام وكانه بطل قومي عكس ما فعلوه مع القذافي لان القذافي لم يكن شعبه من الشيعة لذا لا داعي للوقوف معه ضد شعبه اما في العراق فان الوضع مختلف. ان العراق اصبح وكانه عدو العرب وكل الاعلام العربي يهاجم العراق ويشوه الحقائق لا بل ان اغلب الحكومات العربية بدات تدعم الارهاب وتجند القتلة والمجرمين وتزودهم بكل ما يحتاجونه وتسهل عمليه دخولهم للعراق لغرض تدميره. ان العراق كدولة منذ عشرينات القرن الماضي مناهجه التربوية وبرامجه الاعلامية اغلبها تروج لامة العرب وتقف موقف عداء وتطرف اتجاه غالبية العراقين وتحارب معتقداتهم وهذا استمر لعقود طويلة.

حضرت قبل عام تقريبا (في شهر رمضان في العام الماضي) ندوة حوار ثقافي لمناقشة المناهج التربوية التي استضافها النائب همام حمودي وحضرها وكيل وزير التربية ومجموعة من النواب ورئيس لجنة المناهج في شهر رمضان الماضي. لقد دار نقاش طويل وموسع حول هذا الموضوع وكيف ان المناهج الصدامية خصوصا في التربية الدينية والتاريخ لازالت معتمدة وتدرس ومن الصعوبة تغييرها وذلك لعدم حصول توافق وطني على ذلك. تحدث السيد وكيل وزير التربية السيد علي الابراهيمي بدبلوماسية ولباقة وكان احيانا يلطف الاجواء بعبارات لطيفة وبسيطة لكي يضفي على جو الجلسة شيء من المتعة والمرح وبنفس الوقت ينبه لبعض النقاط المهمة باسلوب مازح. لا اريد ان اسهب في هذا واعود الى ما دار من حوار رغم اني شعرت بصدق الجميع ونبل غايتهم وفق منظورهم ومعتقداتهم لكنهم طرحوا نقطة جوهرية اذا قالوا كيف يتعلم الطالب وفقا للمناهج الصدامية. قال البعض بتعجب شديد ان نسبة 70% من العراقيين  لم يستطيعوا ان يضعوا مناهج جديدة تخصهم ولم يستطيعوا وضع مناهج تربوية تكون مقنعة لهم خصوصا بمادتي التاريخ والاسلامية. الكل يرغب بان يضع عاطفته ومعتقده في المناهج التربوية وبالتاكيد الكردي والشيعي والسني وحتى التركماني والمسيحي يرغب في ذلك فلماذا يتم منح ذلك لطرف ومنعه عن طرف اخر. ان الفكر الديني والتاريخ ليس حقا لفئة دون اخرى ويجب تحقيق عدالة وانصاف في اعادة كتابة التاريخ من وجهة نظر معتدلة من وجهة نظر الحقائق لا العواطف ويجب ايقاف العمل بالمناهج التربوية الصدامية. وان لا يكون عدم حصول اتفاق بين ممثلي المكونات العراقية على ضع مناهج تربوية جديدة وموحدة هو ما يمنح شرعية البقاء باعتماد المناهج التربوية البعثية الصدامية حتى الان. نتسال هنا لماذا لا يكتب التاريخ باسلوب بعيد عن العاطفة يكتب وتكتب الاراء المختلفة كوجهات نظر قابلة للنقاش وتكتب ادعاءت التاريخ بشكل يحفز العقول للاستنباط والاستنتاج. 

لا اعتقد ان اي مدرسة عراقية تعلم الدين افضل مما يتعلمه الطالب في البيت والمسجد والجامع والحسينية. قد يعترض البعض وترفع شعارات المزايدة اذا تم طلب تعديل المناهج التربوية وتغيير اسم درس التربية الاسلامية ليكون اسمه القيم الانسانية ومكارم الاخلاق فان ديننا الحنيف ركز على ذلك ونبينا الاكرم عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام قال وما اوتيت الا لاتمم مكارم الاخلاق. لذا يجب ان يتم تحديد اسلوب قراءة القران وان يتم تعليم التلاميذ لحد السادس الابتدائي فقط  قراءة القران ويترك باقي التعليم الديني للبيت وباقي المؤسسات الدينية خارج اطار التعليم المدرسي. فانا درست في المدراس العراقية في العهد البائد ولم تؤثر فيه مناهج المدارس بالجانب الديني والمعتقدي كثيرا وكل ما اثر فيه هو ما كنت اسمعه من مواعض وحكم وعبر او اقرائه من كتب دينية وما اسمعه من نقاشات في البيت او في الملتقيات الدينية في الجوامع والمحاضرات الاذاعية وكثيرا منها كان محضورا في زمن الطاغية المقبور. لذا يفضل تقليص ما يتم الاختلاف فيه كمعتقد فكري وديني خصوصا بين الطلبة في المدراس المتوسطة والاعدادية لكي نتخلص من معضلة وطنية تسنتزف الكثير الكثير من ثروات البلد اضافة الى انها تسبب الكثير من الخلافات المعلنة التي يمكن ان نتجنبها بان نترك ذلك كحرية للعوائل في تعليم ابناءها وتثقيفهم دينيا في كل محافظات العراق. اذن يجب ان يتم استبدال درس التربية الدينية بدرس اخر وهو الثقافة الدينية. لكي يتعلم الطالب كثقافة عامة ما هي اهم الاديان في بلده وما هي اهم معتقداتهم دون المساس باي منهم اي يجب ان تطرح الاديان من وجهة نظر ثقافية وليست معتقدية يجب تعليم  الطلبة ان المعتقدات قد تتباين من بيت لاخر وليس فقط من مذهب لاخر.

للاسف بعض السياسين قد يستغلوا ذلك ويبداوا بالتمشدق والدفاع  عن كذا وكذا لغرض الحصول على مكاسب انتخابية خصوصا المفلسين فكريا وسياسيا ووطنيا في فترة اقتراب الانتخابات والترويج للشعارات والدفع باتجاه التخندق الطائفي بشكل اكبر لغرض تحقيق مكاسب انتخابية.

قلنا ما نعتقد ونتقبل النقاش الهادف المثمر غير المتصلب والمتعصب ...وننتظر كسر صنمية التعنصر والطائفية ليتم التوحد في قدسية امة العراق الجديد...

 

د.علي عبد داود الزكي

 

15.07.2013 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا