<%@ Language=JavaScript %>  د. عدنان عويّد جنبف (2) ... خشبة الخلاص للمعارضة السورية (قراءة في الأزمة السورية)

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

جنبف (2) ... خشبة الخلاص للمعارضة السورية

 

(قراءة في الأزمة السورية)

 

 

د. عدنان عويّد

 

 

     عامان وثمانية أشهر عمر الأزمة السورية ولم تستطع المعارضة بكل فصائلها ومن وقف ويقف معها اليوم من دول عربية وإقليمية وعالمية وعناصر من القاعدة (داعش والنصرة وغيرها) والتنظيم ألإخواني العالمي, أن تحق أي إنجازات أو أهداف إستراتيجية كانت قد رسمتها لنفسها, ويأتي  في مقدمة هذا الأهداف أو الانجازات تغيير النظام أو إقامة دولة الخلافة الإسلامية, عدا إنجاز وحيد هو تدمير سورية في الكثير من بناها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدمية, وكان الرابح الأول والأخير هو إسرائيل ومن يتعامل معها من حكام الخليج ممن يطمحون لتحقيق مصالحهم الإستراتيجية على حساب دم وأمن واستقرار الشعب السوري وعلى رأسهم آل سعود.

     نعم...عامان وثمانية أشهر والنتيجة صفر على الشمال, وستخرج المعارضة في نهاية المطاف من المولد بلا حمص أمام صمود الجيش العربي السوري والكثير من أبناء الشعب السوري الذين راحوا يدركون حجم المؤامرة التي يحيكها لهم آل سعود وحكام قطر والإمارات ومن معهم من دول عدوة بالأساس لسورية مثل الكيان الصهيوني وأمريكا وفرنسة وبريطانية ومن يقف معهم من الدول الغربية وحكومة أردوغان ألإخوانية. وأمام هذا المأزق  يُطرح السؤال المشروع نفسه علينا بعمق وهو: ماذا بعد؟.  

     بداية دعونا نقرأ الظروف الموضوعية والذاتية التي بدأت تحيط بالأزمة السورية ومعارضتها في وقتنا الراهن, لنحدد فيما بعد ما هي رؤيتنا تجاه موقف المعارضة وما هو مآلها.    

أولاً على المستوى الداخلي :

     1-  هناك تقدم كبير للجيش السوري على مستوى الكثير من الجبهات وقد حقق إنجازات هامة على مستوى الجغرافية العسكرية. وهذا يعني أن الجيش السوري لم يزل متماسكاً وهو مستمر في القتال حتى النهاية, إضافة  إلى بدء التحاق الأعداد الكبيرة ممن هرب من الجيش و قوى الأمن الداخلي أو من تخلف عن الالتحاق بالخدمة العسكرية بعد إصدار العفو الذي أصدره السيد رئيس الجمهورية مؤخراً.

     2- على مستوى الحكومة السورية هناك جهود جبارة تقوم بها الحكومة من اجل تامين حاجات المواطنين رغم كل المعوقات التي تقف أمام تأمينها, إن كان على مستوى ما تقوم به المجموعات المسلحة بكل فصائلها من تخريب للقاعدة الخدماتية والاقتصادية, أم على مستوى الحصار بشقيه الخارجي من جهة, والداخلي ممثلاً بقطع الطرق ومنع وصول المواد الغذائية والحاجات الضرورية المعيشية للمواطنين, وكذلك قطع للاتصالات وضرب للأحياء الآمنة للمواطنين بقذائف الهاون, أوتفجير للسيارات المفخخة وغيرها من جهة ثانية. ومع ذلك فأن الدولة قامت بكل ما تستطيع من جهد من أجل إيصال المعونات الغذائية للمواطنين دون استثناء, وبخاصة للمناطق الآمنة التي لم تزل تحت سيطرتها, مع استمرارها دفع الرواتب وتامين التعليم والصحة وغيرها. إن كل هذه المنجزات جعل نسبة كبيرة من المواطنين يصلون إلى قناعة بأن النظام هو المخلص الوحيد لهم من معاناتهم اليوم من دعاة الحرية والعدالة والمساواة ممن أدخلوهم في أنفاق من المعاناة لا يعلم بها إلا الله, مع إدراكك الشعب وبالملموس, أن قسماً كبيراً من المعارضة راح يعمل لمصالحه الخاصة على حساب مصالح الشعب والمتاجرة بإسمه. هذا إضافة إلى ممارسات داعش وجبهة النصرة والقوى التكفيرية من أعمال تمثلت في فرض سلوكيات في المناطق التي يسيطرون عليها لا تتناسب وعقلية وتربية وطبيعة المجتمع السوري.

     3- الانقسامات الحادة والثانوية في صفوف المعارض بكل فصائلها, السياسية منها والمسلحة, جعلها تدور حتى الآن في حلقة مفرغة, بل من المضحك المبكي أنها بدأت تُشهر الاتهامات لبعضها. هذا عدا أعمال القتل والخطف لقادتها من قبل هذا الفصيل المعارض أو ذاك, يضاف إلى ذلك عدم التوافق المعلن مابين الكثير من فصائل المعارضة السياسية في الداخل السوري والمعارضة السياسية في الخارج من جهة, ثم ما بين  الفصائل المعارضة المسلحة داخل سورية, وبين المعارضة السياسية ممثلة بالائتلاف في الخارج فيما يتعلق بطبيعة الصراع الدائر داخل سورية, ومشاريع التسوية المطروحة لحل النزاع . 

     4- إن الارتباطات الخارجية لهذه المعارضة بجهات عدة وقبولها المساعدات من قبل القوى الخارجية, جعلها رهينة في قرارها السياسي لهذه القوى الخارجية, وبالتالي هذا ما دفع العقيد (عبد الجبار العكيلي) قائد المجلس العسكري في حلب الذي استقال من منصبه  في حلب أن ينعتها بعد سقوط سفيرة: بأنها بالكاد تتحكم بنفسها فكيف في قراراتها.

     5 - الصراع الدامي مابين داعش وجبهة النصرة وبعض الفصائل الإسلامية المحسوبة على تيارات الإسلام السياسية ومنها (الإخوان المسلمون), ساهم في إضعاف موقف المعارضة المسلحة الإسلامية أولاً, وأدخلها في صراع مع الفصائل المسلحة التي تدعي العلمانية من (الجيش الحر) من ثانياً, وهي الفصائل التي تريد أن تثبت لأمريكا ومن يساندها من الغرب أو ما سمي ( بأصدقاء سورية), أن الأعمال المشينة التي تمارس ضد الشعب السوري والتي تتنافي مع القيم الإنسانية تقوم بها الفصائل المتشددة ( المحسوبة على القاعدة). وهذا في الحقيقة ما أوقع المعارضة في مأزق كبير أمام من يقدم لها المساعدة من الغرب وأمريكا, في الوقت الذي بدأت تشعر فيه أن من يقدم لها المساعدة من العرب ( آل سعود) هم أنفسهم من يقدم المساعدة لأعدائهم من داعش, وهذا أيضاً جعل البعض منهم يشعر بأنه تحول إلى أداة بيد آل سعود لتحقيق أجندات تخدم طموح آل سعود وحكام الخليج على حساب القضية السورية التي تقاتل المعارضة من أجلها كما تدعي .

     6- إن بيان الظواهري الأخير المتضمن  ضرورة فصل داعش عن جبهة النصرة, بحيث تصبح سورية تابعة للنصرة والعراق للدولة الإسلامية, لم تلق الاستجابة من قبل البغدادي قائد داعش في سورية, لذلك هذا ما سيدخل الفصائل المتشددة (داعش والنصرة) في صراع لا يعلم نتائجه إلا الله, إضافة إلى الإعلان بكل صراحة أن القوى التي تقاتل اليوم في سورية هدفها إقامة خلافة إسلامية, وليس من اجل حرية الشعب وعدالته كما تدعي المعارضة. الأمر الذي سينعكس سلباً على موقف المعارضة السياسية وعلى كل الفصائل المسلحة داخل سورية وأمام داعميها من أصدقاء سورية في الغرب وأمريكا, وبالتالي إضعافها مادياً ومعنوياً.

     7- هناك صراعات دامية بين صفوف المعارضة المسلحة على الغنائم وبخاصة في المناطق الغنية بالنفط, مما ساهم ويساهم في إضعاف المعارضة ويحول قسماً منها إلى لصوص لثروات الشعب السوري, وهذه مسألة بدا الشعب السوري يدرك ويلمس نتائجها الترفيهية على بعض الفصائل المسلحة التي سيطرت على حقول النفط في المنطقة الشرقية, أو تحولوا إلى تجار سلع القوت اليومي للمواطنين بأسعار مضاعفة عن سعرها الحقيقي, أو تشكل طبقة جديدة من تجار الأزمات الذين راحوا يتاجرون مع تركيا على حساب الاقتصاد الوطني ولقمة الشعب.    

ثانياً على المستوى العربي:

     1-  بدأ قسم من المعارضة السورية يدرك الدور الخبيث, وبخاصة المعارضة التي لم تتلوث بالبترودولار الخليجي في الخارج أو في الداخل السوري, هذا الدور الذي أصبح مكشوفاً اليوم من خلال تقاسم الأدوار وتناقض المواقف بين حكام دول الحليج تجاه ما يسمى بثورات الربيع العربي, حيث بدا الكثير يلمس كيف تقف كل من السعودية والإمارات ضد الإخوان في مصر, بينما تقفان إلى جانب الإخوان وداعش وجبهة النصرة في سورية. وهذا الموقف المتناقض يشير إلى أن حكام الخليج يعملون لمصالحهم ومصالح إسرائيل والغرب وأمريكا على حساب الشعب العربي ومصالحه. بضاف إلى ذلك أن شريحة واسعة من المعارضة اليسارية والقومية داخل سورية بدأت تشعر بحجم المؤامرة التي تحاك ضد سورية وضد القومية العربية, بعد كشفهم الدور التركي في العمل على تحقيق مشروع الأخونة والعثمنة معاً, بحيث أدركوا خطورة هذا الدور التركي ومن يسانده من دول الخليج, ونتائجه السيئة في تأجيج المرجعيات التقليدية داخل سورية وبخاصة الطائفية منها التي أخذت ترفع رأسها وتُوظف بشكل قذر من أجل تحقيق هذا المشروع.

     2- بعد التقارب الأمريكي/ الإيراني بشكل خاص, بدأت ألسعودية وبعض دول الحليج ينسقون مع إسرائيل بشكل واضح وعلني, بل أن السعودية رفضت الكرسي غير الدائم في مجلس الأمن عن المجموعة الأسيوية والعربية نكاية بالموقف الأمريكي من إيران, تحت ذريعة أن مجلس الأمن لم يستطع أن يحق الأمن والسلم الدوليين وبخاصة في المسألتين السورية والفلسطينية.- (وله في خلقه شؤون)- وهذا ما يؤكد أن آل سعود يريدون المتاجرة بالدم السوري وبالمعارضة السورية من أجل مصالحهم. الأمر الذي أربك بعض معارضة الخمس نجوم المحسوبة على السعودية. هذا مع بدء مشاهدتنا تغير ملموس اليوم في سياسات الحكومات الخليجية تجاه إيران بعد أن تم الاتفاق بينها وبين أمريكا ومجموعة الخمسة زائد واحد حول مشروعها النووي, ابتدأت برضا بعض هذه الدول عن هذا الاتفاق بعد إعلانه وعلى رأسهم السعودية قائدة مشروع الحملة المعادية مع الكيان الصهيوني ضد إيران, ثم بدء الزيارات الميدانية للبعض الآخر مباشرة ما هو الحال مع دولة الإمارات, التي زار وزير خارجيتها إيران وأعلن من هناك ضرورة حل المسألة السورية حلاً سلمياً. هذا وحبل الزيارات الخليجية على الجرار.

     3- يبدو أن قطر بدأت تعيد حساباتها من جديد تجاه الأزمة السورية التي تورطت فيها حتى العظم, وتعمل على مد الجسور مع سورية, إما بضغط أمريكي, أو ضداً بالسعودية التي وقفت ضد الإخوان في مصر. وبالتالي إذا ما تم التقارب السوري القطري, فسيشكل هذا التقارب ضربة كبيرة للمعارضة, وعلى رأسها تيار الإخوان في سورية الذي يلقى كل الدعم من قطر, ومع ذلك ليس بعيداً أن يتم هذا التقارب السوري القطري, فالعرب كثيراً ما يشخصنون خلافاتهم, وكثيراً ما يحلونها (بتقبيل الذقون). 

     4- إن القضاء على حكومة الإخوان في مصر ووصول القوى العلمانية إلى السلطة شكل ضربة قوية لتيار الإخوان المعارض في سورية, بل فقد أهم حليف عربي له, وهذا ساهم في إضعاف هذه المعارض على مستوى الداخل والخارج, بل أن قسماً من المعارضة الموجودة في مصر من الإخوان بدأت تهاجر إلى دول أخرى حفاظاً على نفسها .

     5- كانت المعارضة تعوَل كثيراً على الأردن في دعمها اللوجستي واتخذها ممراً لتمرير السلاح والمقاتلين من القاعدة, بل في فترة ماضية شكلت الأردن كدولة حليفة لأمريكا وآل سعود خطراً حقيقياً على سورية. بيد أن الموقف الأردني اليوم يعيش حالة من القلق والخوف من تشكل إمارة إسلامية تكفيرية في درعا قرب حدوده, آو تحقيق انتصار لداعش والنصرة في سورية بشكل عام, الأمر الذي يجعله يحسب ألف حساب في مسألة تقديم الدعم  لهذه المعارضة بسبب تغير الموقف الأمريكي والغربي بعد توصل الاتفاق الروسي الأمريكي بشأن المسألة السورية حول مؤتمر جنيف2 من جهة, وإمكانية تشكل محور سوري عراقي إيران روسي, يُغض عنه الطرف من قبل الصديقة أمريكا, وليس للأردن وجود فيه من جهة ثانية, في الوقت الذي تعمل إسرائيل كما يقول الكاتب (ناهض حتر) على (إقامة جدار أمني على الحدود الأردنية ـ الفلسطينية في غور الأردن, وهذا القرار لا يمسّ فقط، بالسيادة والمصالح الفلسطينية، وإنما بالسيادة الأردنية الصميمة. فعلاوة على أنه يعني بوضوح اقتطاعاً جديداً من أراضي الضفة، وخطاً إسرائيلياً أحمر تجاه قيام دولة فلسطينية ذات حدود دولية، فإنه يؤكد الموقف الإسرائيلي العدائي بمنع قيام حدود مفتوحة تحت سيادة الدولتين، الأردنية والفلسطينية. وهو ما سيحول دون حل ثنائي لمشكلة النازحين واللاجئين الفلسطينيين، ويعرقل أي حل قومي لمشكلة تداخل الهويتين والكيانين السياسيين، ويمنع التعاون الأمني والتكامل الاقتصادي والمالي بين الأردن وفلسطين). ومع ذلك نقول في هذا الاتجاه : إن ما تقمه الحكومة الأردنية اليوم من مساعدات للمعارضة السورية ومن يساندها من القاعدة, هي مجبرة عليها من قبل أمريكا والسعودية, وهي تتمنى أن تنتهي الأزمة السورية لصالح النظام اليوم قبل غدً, لذلك فإن الاتفاق الأمريكي  الروسي, جاء رحمة للأردن  للخروج من مأزقها, رغم أن السعودية لم تزل تؤثر عليها. 

     6- أما بالنسبة لموقف لبنان, فقد اتخذ حزب الله قراره في المساعدة والوقوف ضد نباشي القبور كما سماهم السيد حسن نصر الله, ومن يدعمهم من آل سعود,. هذا مع كسر ظهر القوى التكفيرية (تيار الأسير) في لبنان وإخراجه من الساحة.

     7- موقف العراق المؤيد لسورية في مقاومة الإرهاب, والدور الفاعل للعراق في محاصرة المعارضة التكفيرية وغيرها من العبور إلى سورية أو تقديم المساعدات لها, مع التأكيد بأن القطرين يعيشان مأساة الإرهاب والجماعات التكفيرية وعلى رأسها داعش.

     8- تراجع حدة مواقف الجامعة العربية من المسألة السورية, بعد سقوط مرسي والحمدان, ووصول القوى العلمانية إلى السلطة في مصر, بحيث أصبح سقف هذه الجامعة تجاه الأزمة السوري, هو, التأكيد على الحل السلمي.

 ثالثاً على المستوى الإقليمي:

     1-  استمرار الموقف الإيراني الداعم للنظام السوري حتى النهاية, وظهور إيران دولة إقليمه فاعلة يحسب لها الغرب وأمريكا ألف حساب , وما الاتفاق الإيراني مع مجموعة 5+1 حول مسألة النووي الإيراني, إلا تأكيداً على قوة إيران ودورها الفاعل في المنطقة من جهة, ومن المسألة السورية بشكل من جهة ثانية.

     2- بدء تغير في الموقف التركي من المعارضة والأزمة السورية لأسباب عدة أهمها:

     آ-  إن تركيا عضو في الحلف الأطلسي, وبالتالي هي أداة بيد أمريكا والغرب. ونتيجة للتفاهم الروسي الأمريكي بشأن المسألة السورية, سيؤثر هذا التفاهم على موقف تركيا لا محال, وقد بدا يؤثر فعلاً.

     ب- ازدياد موقف المعارضة التركية حدَة ضد مواقف أردوغان من الأزمة السورية, وارتفاع الكثير من الأصوات البرلمانية التركية المنددة والكاشفة لأبعاد مواقف الحكومة التركية من المسألة السورية والعراقية, كمواقف مساعدة في تمرير المصالح الأمريكية والإسرائيلية على حساب مصالح الشعب التركي الذي تضرر كثيراً بسبب هذه المواقف, إن كان على مستوى اللحمة الاجتماعية وبدء تفجير المرجعيات الطائفية والعرقية من جهة,أم على إمكانية دخول القاعدة إلى بنية الدولة التركية من جهة ثانية, أم على حساب العلاقة مع دول الجوار التي وعدت حكومة أردوغان بتصفيرها, بينما أخذت تتزايد وتطفوا نتائجها الخطيرة على مسألة الأمن القومي التركي ذاته بعد استفحال دور القاعدة في المنطقة من جهة ثالثة. لذلك رحنا نلمس تقارباً دبلوماسياً ما بين العراق وتركيا, بدأ يطفوا على السطح بعد زيارة المالكي لأمريكا واتهام تركيا والسعودية بدعم الإرهاب في العراق وسورية, ويبدو أن هناك ضغطاً أمريكياً على تركية لتسوية هذه المسألة. وهذا ما ساهم في تعجيل زيارة وزير خارجية تركية أحمد أوغلو إلى العراق, وتسرب الكثير من الأخبار التي تقول إن تركيا بدأت تتوسط لمد الجسور مع النظام السوري. ثم بدء التقارب التركي الإيراني أكثر من السابق أيضاً بعد أن تم الاتفاق الإيراني مع 5+1, وما الزيارة الأخيرة لوزير خارجية تركيا لطهران وإعلانه من طهران بضرورة الاتفاق على حل المسألة السورية حلاً سلمياً, والاتفاق على زيارة الرئيس الإيراني لتركيا قريباً إلا تأكيد على تراجع الموقف التركي تجاه المسألة السورية .  

     ت- تصاعد حدة الخلافات الكبيرة ما بين تركيا والسعودية بسبب موقف  السعودية من الإخوان في مصر. الأمر الذي جعل تركيا تقوم بمحاصرة المعارضة التكفيرية (داعش والنصرة) في تركيا وتعمل على منع وصول المساعدات إليها, علما أنها نسقت كثيراً مع السعودية بشأن دعم هذه الجماعات التكفيرية في السابق, ليس حباً بهذه القوى الأصولية التكفيرية وإنما رغبة منها في تسخيرها للوقوف أمام أكراد سورية الذين بدأوا يهددون مصالح تركيا من جهة شمال سورية منذ قيام الأزمة السورية ومحاولة بعض المعارضة الكردية استغلال الأزمة لمصلحة إقامة كردستان سوري, وهذا ما تعارضه تركيا.  

     ث- بدء تفاقم مسألة اللاجئين السورين في تركيا والدول العربية, وارتفاع الأصوات بضرورة حلها, لما تركته من آثار سلبية قاسية ومهينة لكل الشعب السوري .

رابعاً عل المستوى العالمي

     1-انتصرت الدبلوماسية الروسية في المنطقة بسبب الأزمة السورية واضطر أوباما أن يخضع لهذه الدبلوماسية, ويتجه نحو تسوية مع إيران لأسباب كثيرة يأتي في مقدمتها, فشل قطر وتركيا في حل المسألة السورية, وحتى فشل السعودية بعد تكليفها بالملف السوري وإدراكه أن آل سعود أوغلوا كثيراً مع القاعدة في الأزمة السورية, الأمر الذي أخاف أمريكا والغرب من هذا التصرف الأحمق. والسبب الثاني ويعتبر الأهم بنظري هنا, وهو الموقف السلبي الذي وقفه اللوبي الصهيوني في أمريكا بضغطه على الكثير من أعضاء الكونغرس الأمريكي حتى لا يوافق على توجه ضربة ولو محدودة على سورية, لأن هذه الضربة إذا ما تحققت فالقادة الإسرائيليون يدركون أن هناك نيران جهنم سوف تُفتح عليهم من قبل حلفاء سورية, وقد كانت هناك توجهات لفتح هذه النيران فعلاً. هذا دون أن ننكر عوامل أخرى ساهمت في إحجام أوباما عن ضرب سورية مثل الصراع الدائر بين الحزبين الأمريكيين, وتوجه المصالح الأمريكية نحو جنوب شرق أسيا, وقرب انسحاب أمريكا من أفغانستان وحاجتها إلى تأمين مصالحها فيها عبر التقارب مع روسيا وإيران, بالإضافة إلى فرض إيران نفسها كقوة يحسب لها ألف حساب, وإمكانية تهديدها منطقة الخليج مركز المصالح الحيوية الأمريكية في الشرق بشكل خاص, والشرق الأوسط بشكل لعام إذا ما وصل تعرض مصالحها للخطر في مرحلة لا تعود فيها إيران قادرة على السكوت وتحمل الضغط الأمريكي والأوربي لمصلحة إسرائيل وآل سعود,  ثم هناك الموقف الصامد لروسيا من المسألة السورية وقد أدخلت أساطيلها إلى المتوسط من باب التحدي تجاه أي مغامرة أمريكية يمكن أن تحدث ضد سورية الحليف الاستراتيجي لها, وإمكانية تحويل منطقة الشرق الأوسط إلى بركان لا يعلم إلا الله كيف تطفئ نيران الحرب إذا ما اشتعلت فيها. يضاف إلى كل ما جئنا عليه هنا سبب آخر برأيي, وهو محاولة أوباما ربما الانتقام من قادة الكيان الصهيوني أيضا بسبب حادثة الفيلم المسيء للرسول, وهو الفيلم الذي ألب عليه المسلمين داخل أمريكا وخارجها, حيث  شعر أن الصهيونية كانت وراء عرض الفيلم في وقت حرج جداً بالنسبة له وهو وقت حملته الانتخابية الثانية للرئاسة. كل هذه المواقف والحسابات كانت وراء عدم قدوم أوباما على ضرب سورية, وهذا ما أحرجه كثيراً أمام الرأي العام الأمريكي والدولي, وأظهره عاجزاً وغير قادر على تنفيذ ما قال أنه خطوط حمراء بشأن المسألة السورية, إن موقفه هذا من إيران أغضب كلاً من إسرائيل والسعودية وجعلهما تنسقان معاً ضد توجهات أمريكا في مسألة التسوية مع إيران, وهنا يظهر الغباء السياسي لدى آل سعود, إن كان في عدم تقديرهم لطبيعة السياسة الأمريكية البراغماتية, وقدرتهم على التخلي عن أصدقائهم في أي لحضه عند مصالحهم كما حدث لشاه إيران سابقاً, أم من حيث طبيعة العلاقة الأمريكية الصهيونية, وإمكانية التأثير الأمريكي كدولة عظمى على الكيان الصهيوني, حيث لعبت دوراً كبيراً في تثبيت هذا الكيان الصهيوني والدفاع عن موبقاته وخروجه عن القانون الدولي أمام المحافل الدولية. الأمر الذي سيبقي هذا الكيان الصهيوني أداة بيد أمريكا تحركه عندما تريد كما تشاء, كما جرى في حرب تموز عندما أجبرته مثلاً أن يحارب حزب الله لمدة /33/ يوماً. عموماً لقد فضح آل سعود أنفسهم في تدخلهم بالأزمة السورية, وظهورا كقوة عربية معادية للعرب ومصالحهم, وأنهم  عملاء للكيان الصهيوني في المنطقة, وهم يعملون على تنفيذ مصالح هذا الكيان بشكل علني اليوم بعد أن كانوا يعملون في السر.

      2-  نتيجة هذا التحول في السياسة الأمريكية, قررت أمريكا أن تذهب المعارض السورية التي قدمت لها الدعم, وبخاصة الائتلاف إلى مؤتمر جنيف 2, بالرغم من موقف السعودية المعارض لحضور هذا المؤتمر في بداية الأمر, إلا أنها تراجعت وسمحت لهم بالحضور ضمن شروط هي نفسها تعلم بأنها لن تتحقق.

     من هنا نقول للمعارضة: كفي تضحكون على أنفسكم أولاً, وعلى كل من يعوّل عليكم في تنفيذ أجنداته من الخارج ثانياً. إن كل ما جئنا إليه هنا يشير إلى انسداد الآفاق أمام طموحاتكم. فهذا الداخل السوري لم يعد بمعظمه معكم, ولا الكثير أيضاً من الفصائل المسلحة التكفيرية معكم, وهي التي أدخلتموها إلى كرمنا وأصبحت من ألد أعدائكم, كما لم يعد هناك من العرب والغرب وأمريكا بقادر على تحقيق أهدافه وأهدافكم المشتركة في دعمكم... نعم لم يبق لكم سوى الكيان الصهيوني وآل سعود, وإن بقيتم معهما فسوف تخسرون كل ما تبقى لديكم من طموح, هذا إذا بقي منه شيئاً بعد أن كُشفت كل أوراقكم عندما راح بعضكم يتعاون مع إسرائيل في مسألة مداواة بعض مسلحيكم ومدهم بالسلاح ودعمهم لوجستياً... كفى مغامرات وارحموا الشعب السوري, وانظروا ماذا حل به من دمار بسبب سو تدبيركم.. اتقوا الله  بالشعب السوري واذهبوا إلى مؤتمر جنيف 2 دون شروط مسبقة, فهو خشبة الخلاص للجميع اليوم من المأزق الذي دخلنا  فيه, واعلموا أن الذي لم تستطيعوا أخذه بقوة السلاح خلال الفترة الماضية لن تستطيعوا أخذه عبر مؤتمر جنيف 2 ... اذهبوا إلى المؤتمر دون شروط, وإن كان لديكم شروط فضعوها على كيفية إجراء الانتخابات وكيفية مراقبة صناديق الاقتراع إن كنتم تشكّون في نزاهتها أو إمكانية التلاعب بنتائجها, ودعونا نحل مشاكلنا بأنفسنا ولا نترك آل سعود والصهاينة يلعبون بنا كما يريدون, وربما آل سعود أنفسهم قد راحوا يفاوضون عليكم اليوم بعد الاتصال الأخير الذي جرى مابين بوتين وملك السعودية في تاريخ 10/11/2013 .

      إن من يقول بأنه يناضل ويقاتل من أجل حرية الشعب السوري, فصناديق الاقتراع أمامه, وهي المجال الوحيد لذي يعطي كل ذي حق حقه إذا كنا نبحث عن الحقوق كما تدعون. ومع ذلك فأنا أشك أنكم قادرون على جعل المعارضة المسلحة توافقكم في الذهاب إلى جنيف 2 إذا ما ذهبتم.   

   كاتب وباحث من سورية

d.owaid50@gmail.com

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا