<%@ Language=JavaScript %>  د.عدنان عويّد التراث من منظور آخر

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

التراث من منظور آخر

 

 

 د.عدنان عويّد

 

 

     يذكر المؤرخ العربي المعاصر حسن إبراهيم حسن في كتابه (تاريخ الإسلام), مجموعة قضايا تراثية استمدها من كتب التاريخ العربي الإسلامي,غابت عن وعي الكثير ممن اهتم بالتراث وعمل على تأسيس الوعي الاجتماعي وفقاً لمعطياته وبخاصة في مسألة الفقه وتفسير الآيات القرآنية.  وبالتاي فإن هذه القضايا التي أشار إليها المؤرخ حسن إبراهيم حسن, تتطلب منا إعادة النظر في الكثير من المسائل المتعلقة في هذا الوعي, والوقوف خاصة أمام ظاهرة التطرف وتكفير الآخر استناد إلى تفسير الكثير من الآيات القرآنية خدمة لمصالح قوى سياسية محددة .

 أولاً : في مسألة تدوين القرآن .

     يذكر المصدر: إن القرآن الكريم نزل منجماً, في بضع وعشرين سنة, وكانت الآيات تنزل حسب الحاجة, ويقوم بعض الصحابة بكتابة ما ينزل من الآيات من تلقاء أنفسهم, أو بأمر من الرسول (ص), على سعف النخيل ورقاع الجلد وقطع الأديم وعظام ألواح الشاة والإبل وأضلاعها.

     أثناء الحروب والمعارك, قتل الكثير من القراء, حيث بلغ عدد من قتل عام اليمامة  /70/ قارئاً للقرآن.

      وعندما استلم أبو بكر الخلافة, كلف زيد بن ثابت بجمع القرآن يعاونه سالم مولى أبو حذيفة. وبعد أن جُمع القرآن- (رغم أن هناك جدالاً قد جرى بين أبو بكر وعمر حول جمعة, حيث أشار عمر وبعض الصحابة على الخليفة أبي بكر أن يقوم بجمع القرآن فقل: كيف لي أن أقوم بعمل لم يقم به رسول الله)- حُفظ عند أبي بكر, ثم عمر حتى مماته. فحفظته ابنته حفصة. ثم عاد عثمان وأمر بتدوينه من جديد بعد أن لمسوا تعدد القراءات فيه في الشام ومصر والكوفة. (2)

     وهذا يشير إلى أن قسماً كبيراً ممن كان يعرف أسباب نزول هذه الآية أو تلك, قد توفي قبل أن يُجمع القرآن ويدون.

ثانياً : في مسألة الحديث.

      لقد جمع البخاري ما يقارب /7275/ حديثاً, بما فيها المكررة, وإذا حٌذف منها المكرر يبقى / 4000/ حديثاً. هذا في الوقت الذي اختار فيه البخاري ما جمعه من /300,000/) حديث.

      ومن ذلك يتبين ما وصل إليه التحريف والوضع غير المدروس أو الملفق لأحاديث الرسول, خدمة لقوى سياسية أو اجتماعية كانت ترغب في هذا التحريف خدمة لمصالحها.

ثالثاً : في التدوين التاريخي والحديث عن السير والمغازي وأسباب النزول.

     بدأ التدوين في الدولة العربية عام /132/ للهجرة. ويعتبر هشام بن محمد الكلبي المتوفى عام /204/ للهجرة, أول من كتب من العرب في أحداث التاريخ. هذا وتُعتبر السيرة النبوي, (سيرة ابن هشام المتوفى /218/ للهجرة), من أقدم كتب التاريخ, وقد استمد ابن هشام معلوماته التاريخية حول سيرة الرسول من أستاذه ابن اسحق المتوفى سنة /151/ للهجرة.  (4)

     والسؤل المشروع هنا هو: إذا كان التدوين قد بدأ بعد /132/ عاماً من الهجرة, وأن معظم من حضر المغازي وعرف أسباب نزول الآيات قد مات,  فكيف يتسنى لمن أرخ للسير والمغازي, أو القول بأسباب نزول هذه الآية أو تلك, وبخاصة الآيات المتشابهات, منها , بأن ما يقوله ثقة او هو على درجة عالية من المصداقية؟!.

     لذلك لا نستغرب عندما سئل عبيدة بن قيس الكوفي المتوفى عام /72/ للهجرة من قبل أحد معاصريه, وهو من أصحاب ابن مسعود عن سبب نزول بعض الآيات القرآنية الكريمة, فقال: ( عليك باتقاء الله والسداد, فقد ذهب الذين كانوا يعلمون فيم أُنزل القرآن. ) .(5)

     كما روي عن (ابن حنبل), هذا القول في تفسير القرآن : ( ثلاثة أشياء لا أصل لها . التفسير والملاحم والمغازي.).  (6)

رابعاَ : في مسألة الآيات المتشبهات: جاء في القرآن الكريم ما يشير إلى مسألة الغموض في دلالات الآيات المتشابهات, وخطورة استغلال تفسيرها من قبل من زاغت قلوبهم لتحقيق مصالح أنانية ضيقة, حيث تقول الآية :

     (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات. فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم, يقولون آمنا بكل من عند ربنا وما يذكر إلا ألو الألباب.). (آل عمران /7).

     إذاً إن هذه الآية تشير بكل وضح, إلا أن الآيات المتشابهات لن يستطيع تفسيرها أو تأويلها إلا الله والراسخون بالعلم. وبالتالي هذا يضعنا أمام مدرستين في التفسير هما: مدرسة المأثور (النقل). ومدرسة الرأي (العقل). وأعتقد أن مدرسة العقل هي الأكثر قدرة على تفسير النص الديني إذا أخذنا برأي ابن حنبل في أن ( ثلاثة أشياء لا أصل لها . التفسير والملاحم والمغازي.) كون هذه المدرسة – أي مدرسة الرأي- تأخذ بالعقل والعلم والقدرة على إخضاع النص للواقع, وسيكون رجالاتها هم من قالت عنهم الآية بأنهم من الراسخين في العلم. وليس كما تفعل مدرسة النقل في السعي بشكل عام إلى إخضاع الواقع للنص, والاتكاء على العنعنة وآراء رجالات العصور الوسطى من فقهاء ومفسرين وأصحاب سير, الأمر الذي تسبب في كوارث إنسانية كثيرة, بحيث اعتبر الكثير من أصحاب هذه المدرسة أنفسهم أوصياء على الدين والحياة معاً, وراحوا يمارسون قمعهم على كل من يخالفهم الرأي, ويعملون على تكفيره وزندقته, بل أن بعضهم لم يتوان عن قتل من خالفهم في الرأي, كما تفعل الوهابية التكفيرية اليوم. 

     إذاً وأمام رؤية كل من عبيدة بن قيس وابن حنبل, في مسألة تفسير القرآن, يطرح السؤال المشروع الأهم نفسه علينا بجدية: من أعطى اليوم الحق لهؤلاء الذين يشهرون النص الديني في وجوهنا ليفسروا آياته الكريمة كما يريدون ويتخذون منها ذريعة أو معياراً لمحاسبة من لا يتفق مع مصالحهم؟. أو ليتخذوا من تفسيرهم للآيات القرآنية مرجعاً في إصدار الفتاوى التي تبيح تفجير السيارات في الأحياء الشعبية للناس الآمنين, أو إباحة نكاح الجهاد وغير ذلك من فتاوى مخزية أساءت للإنسانية وللدين الإسلامي نفسه؟!.

     هذه  الأفكار والأسئلة المطروحة هنا, هي برسم من لازال يؤمن بأن الدين صالح لكل زمان ومكان, وفقاً لمن فسر النص الديني, ولا زال يفسره بعقلية العصور الوسطى, دون مراعاة لخصوصيات الواقع وتطور الحياة.  

 كاتب وباحث من سورية

d.owaid50@gmail.com

  مصدر الهوامش حسب التسلسل الرقمي لها. الجزء الأول من كتاب (حسن إبراهيم حسن). ورقم الصفحات على التوالي (406, 407, 11,411,410,410 ).

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا