<%@ Language=JavaScript %> د.عدنان عويّد المعارضة السورية المقدسة (نقد النقد)

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

المعارضة السورية المقدسة

 

(نقد النقد)

 

 

د.عدنان عويّد

 

 

     وجه نقد لمقالتي السابقة : (المعارضة السورية... من أنتم وماذا تريدون بعد؟). والتي أبرز ما جاء في هذه المقالة هو, (هل تستحق شعارات الديمقراطية والحرية التي تنادي بها المعارضة السورية كل هذه العسكرة, والارتباط بالخارج, وبالتالي التدمير الممنهج للأخضر واليابس في الدولة سورية؟, ثم فرض كل هذه المعاناة على الشعب السوري الذي دفع الغالي والنفيس؟. )

     بداية أتقدم بالشكر مرتين لكل من قرأ المقال, أشكره أولاً, كونه قرأ المقال, وأشكره ثانياً, كونه تجشيم عناء الرد على مقالتي وأبدى رأيه فيها, إن كان عبر رسائل نقدية عبر الإيميل, ا أو عن طريق بعض المواقع الالكترونية. وعلي أن أحترم رأيه وأقدره, ولكن من حقي أن أرد على بعض وجهات النظر المتعلقة بتبرير ما تقوم به المعارضة السورية والتي جاءت في الرد أو الردود, التي أجد أنها لا تتفق والحقيقة التي نعيشها ونلمسها داخل القطر وحتى خارجه, وأرجو أن  يقبل ردي أو نقدي بالنسبة لمن علق أو نقد مقالتي بصدر رحب.

     أولاً: لجهة الاختلاف معي في الأسباب التي أدت إلى الحراك في بدايته, لقد قلت هناك سلبيات وجدت, والنظام نفسه أعترف بها مثل قانون الطوارئ وحرية الإعلام والتعددية السياسية والمادة الثامنة وغيرها. ولكني أختلف معكم بأن هذه الأخطاء لا تستوجب كل هذا الدمار والمعاناة التي حدثت في القطر, كاستخدام العنف والقتل على الهوية وبطرق وحشية.  

     ثانياً: جاء في نقد المقال: إن النظام ماطل في تطبيق هذه الإصلاحات. والسؤال المطروح على المعارضة هنا: كيف ماطل النظام في تطبيق الإصلاحات, والمعارضة ترفض الحوار معه منذ الأيام الأولى للحراك؟. بل هي ومن يقف معها كأمريكا وفرنسا وبريطانية وقطر والسعودية وتركية وكل ما سمي أصدقاء سورية لم يتركوا وسيلة إلا  واستخدموها من أجل إسقاط النظام, بدءاً من الحصار الاقتصادي, مروراً بتعليق عضويتها في الجامعة العربية, وصولاً إلى المذكرات المفبركة وغير الدقيقة في توثيقها, التي كانت تقدمها ولم تزل والسعودية وفرنسا وبريطانيا وأمريكا وتركيا إلى مجلس الأمن, ومجلس حقوق الإنسان, والجمعية العامة, من أجل إدانة النظام. هذا عدا ما كانت تقوم به قنوات الربيع العربي من تزوير وتشويش وفبركة للحقائق.   

     ثالثاً: أما قول المعارضة بفصلها اليوم ما بين التكفيريين ( جبهة النصرة) و(الجيش الحر), ومحاولتها إدانة تصرفات جبهة النصرة كقوى تكفيرية. فالسؤال هنا: كيف تستطيع المعارضة إقناعي أو إقناع القارئ بهذا الإدعاء؟. هل نسيت المعارضة كيف أدان السيد معاذ الخطيب أمريكا عندما وضعت جبهة النصرة تحت قائمة الإرهاب, معتبراً الجبهة جزءاً من المعارضة. وهذا الموقف ذاته عبر عنه السيد جورج صبرة أيضاً عندما أصبح رئيساً للإتلاف. أما الموقف الأخير العدائي الذي اتخذته المعارضة من الجبهة, فقد جاء بناءً على موقف أمريكا والغرب من مسألة رفض تسليح المعارضة خوفاً من وقوع السلاح بيد جبهة النصرة والقاعدة, فهذا الموقف من قبل المعارضة إذا كان صحيحاً وليس تكتيكيا, فهو يهدف في الحقيقة إلى الحصول على الدعم المالي والسلاح من ما يسمى أصدقاء سورية, وهذا الموقف في المعيار الأخلاقي, يعتبر موقفاً انتهازياً من المعارضة تجاه القوى الأصولية التي قاتلت معها لمدة عامين ونيف, هذا بالرغم من أن جماعة الأخوان المسلمين وهي جزء هام من المعارضة, لا تختلف في توجهاتها الفكرية والعملية عن فكر وتصرفات جبهة النصرة. بل لنقل بصراحة إن أكثر من 90% من المعارضة هي إسلامية, والدليل على ذلك أسماء الكتائب والألوية التي تنضوي تحتها المعارضة المسلحة.    

     رابعاَ: أما في مسألة قناعة المعارضة بضرورة مد يدها للسعودية ودول الخليج من أجل الحصول على المساعدات, لأن الدول الرأسمالية امتنعت عن تقديم العون لها كما جاء في الرد على مقالي.. فهذا عذر أسوأ من الفعل. وفي المحصلة فاقد الشيء لا يعطيه. أي من يريد الحرية والديمقراطية عليه أن لا يطلبها من دول تفتقد إليها أصلاً, وإن رضيت المعارضة بذلك عن قناعة, فهذا يعني, أن هناك توافقاً في المصالح بين المعارضة ومن يدعى أصدقاء سورية, وإن لم يكن هذا الموقف عن قناعة, فهذا أيضاً يصب في خانة الانتهازية والوصولية. مع قناعتي المطلقة بأن أي دولة من الدول التي تدعي اليوم بأنها من أصدقاء سورية , هي في الحقيقة من ألد أعدائها, وهي لايمكن أن تقدم أية مساعدة دون مقابل, والمعارضة تعلم علم اليقين بذلك. 

       خامساً: جاء في نقد مقالتي تبريراً للاستخدام السلاح ضد النظام كما تدعي المعارضة, وبالتالي تبريراً في أخذه من الدول الإمبريالية والرجعية المعادية لمصالح العرب, كون روسيا تمد سوريا في السلاح. أعتقد بأن هذه المقارنة غير عادلة أو منطقية, فسورية دولة  معترف بها دولياً ومن حقها أن تتسلح للدفاع عن شعبها. أما ألمعارضة فبأي حق تمارس استخدام السلاح؟. ثم أن مسألة تسليحها هي منافية للقوانين الدولية أصلاً.

     سادساً: أما لجهة تأكيد النقد على أن النظام كان يتعامل مع السعودية وقطر ودول الخليج, وبالتالي هذا يبرر للمعارضة التعامل مع هذه الدول. نقول في هذا الاتجاه : إن من حق النظام السوري من موقعه كدولة, أن يتعامل مع كل دول العالم قاطبة, طالما أن هناك مصالح مشتركة من جهة, وأن لا يكون هناك ما يؤثر على مسألة الأمن الوطني والقرار السياسي للقطر من خلال هذه العلاقة من جهة ثانية, لذلك عندما لمس النظام في سورية أن قطر وتركيا وغيرها من لدول العربية والأوربية بدأت تساومه على طبيعة علاقاته السياسية وما يحفظ أمن القطر الوطني وحتى القومي, تخلى النظام عن هذه الدول, علماً أن هذه الدول أغرت النظام بعشرات المليارات من الدولارات مقابل أن يتخلى عن بعض علاقاته الدولية التي لا تصب في المحور الأمريكي الغربي الخليجي التركي الإسرائيلي ورفض, كونه شعر أن ذلك لا يصب في مصلحة وأمن الوطن. 

     سابعاً :أما لجهة القول: بأن النظام في سوريا هجَر شعبه ودمَر بيوته. فأنا سأبين ما جرى في الحقيقة :

     إن قسماً كبيراً من الذين هجروا إلى الدول المجاورة في الأيام الأولى للحراك, إنما هجروا في الحقيقة برغبة المعارضة نفسها وليس بسبب عنف النظام كما تدعي المعارضة, وذلك لكي يُستخدم هؤلاء كورقة بيد المعارضة ومن يساندها من دول(أصدقاء سورية) ضد النظام السوري على انه يهجر شعبه ويمارس عليه العنف, ثم من اجل تحقيق مكاسب لوجستية للمعارضة مثل الحصول على مناطق أو ممرات آمنة, أو حضر جوي إلخ. وعندما لم تستطع المعارضة تحقيق ذلك, بدأت المتاجرة بإسم هؤلاء اللاجئين من أجل الحصول على المعونات الدولية للدول المستضيفة التي لم تعد تعرف ماذا تعمل بهذه القضية التي وضعت نفسها فيها, وللأسف كان الضحية في كل هذه العملية هم المهاجرون السوريون الذين غرر بهم .

     أما بالنسبة لمهجري الداخل, فليس الدولة هي من هجرهم أيضاً, وإنما المجموعات المسلحة. فعندما دخلت المعارضة المسلحة أحياءهم, تركوها مباشرة مع منازلهم وما فيها وهاجروا إلى المناطق الآمنة داخل القطر كما ذكرت في مقالي. وعند هجرتهم قامت الدولة بتأمين السكن لمن لم يستطع الحصول على مأوى, حيث فتحت لهم المدارس والمدن الجامعية والكثير من المؤسسات الأخرى, كما قامت بتأمين كل الحاجات الأساسية لهم. وأحب هنا أن أشير إلى مسألة وهي, أن النظام منذ بداية الأزمة وهو يقدم لكافة سكان المناطق الآمنة السلات الغذائية كل شهر, ويسعى بكل جد لتأمين الكهرباء والماء والوقود وكل ما يحتاجه المواطن, رغم أعمال التخريب التي تقوم بها بعض المجموعات المسلحة. أما قول المعارضة بأن النظام هو من يهدم البيوت على المواطنين, فالسؤال المطروح هنا هو: لماذا لم يهدم النظام البيوت على سكان المناطق التي لم تدخلها المعارضة المسلحة, وهي اليوم مناطق آمنة, والحياة تسير فيها على قدم وساق بحماية الدولة ؟. أما ما هُدم أو دمر, فهي المناطق التي هجرها سكانها واستقرت بها المعارضة المسلحة, التي راحت تحفر الأنفاق تحت البيوت والشوارع وبين الحارات من أجل مقاتلة الجيش النظامي الذي كان يدافع عن نفسه وعن الشعب. ولكن يظل السؤال المشروع هنا هو: أين ذهب أثاث المنازل, وبضائع المحلات في الحارات التي استقرت فيها المجموعات المسلحة وهجرها سكانها؟ .  

     ثامناً: أما القول في الرد على ما ورد في مقالي بأن سورية دولة مقاومة: بإن إيران وسورية وحزب الله لم يطلقوا طلقة واحدة ضد إسرائيل منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد حتى هذا التاريخ. فهذا كلام لا ينسجم مع الوقائع ولا الحقائق التاريخية. فمن الذي أخرج الكيان الصهيوني من لبنان؟. ومن الذي قاتل في حرب تشرين, وظل يقاتل في حرب الاستنزاف بعد أن أوقف السادات الحرب؟. ومن الذي يقدم الدعم كل الدعم لحماس والجهاد وحزب الله ؟ . أعتقد أن الشمس لا تغطى بغربال!.

     تاسعاً: أما لجهة ما جاء في نقد مقالي, بأني أدافع عن النظام, فأحب أن أقول في هذا الاتجاه: أولاً أنا ضد استخدام العنف المسلح مهما كان دوره وأهميته عندما يوجه ضد أبناء الوطن الواحد او الأمة الواحدة, وأنا مع الحرية والديمقراطية والتعددية ,السياسية ومع كل المطالب المشروعة التي تحقق للمواطن كرامته وإنسانيته. وثانياً أنا لن أقول بأني مع أو ضد, ولكني سأعرض ما حققه النظام في سورية للمواطنين وليحكم القارئ.:     

       في سورية وتحت ظل النظام القائم, تعلمنا ويتعلم أولادنا وأحفادنا حتى آخر مرحلة من التعليم مجاناً, وأن الطبابة والدواء مجاناً, ونأخذ الكيلو غرام من الخبز بربع قيمته الحقيقة, ونأخذ سكرنا وشاينا ورزنا بأقل من ربع قيمته الحقيقة, وأن الدولة تعطي كل موظف ما معدله /15/ ألف ليرة سورية سنوياً ثمن محروقات المازوت, هذا عدا البطاقات التي تعطى مجاناً كل فصل شتاء بما يساوي /600/ ليتر. يضاف إلى ذلك أن النظام أدخل الكهرباء والهاتف والمياه النقيّة إلى كل مناطق وقرى سورية, وقد بنى العديد من المشاريع الصناعية والزراعية الكبيرة, في الوقت الذي كان فيه القطر قبل استلام النظام الحالي يستورد (نكاشات وبور الكاز) من الصين. والدولة لم تعد تحكم بقانون الطوارئ, وصدر عنها قانون حرية إعلام, والتعددية الحزبية, ونحن في دولة حازت فيها المرأة على أعلى مرتبة من الحقوق لم تحققها أية امرأة في دول العالم. وصوتنا منذ عام على دستور عصري, يقوم على تحقيق كل ما تتضمنه مسألة المواطنة, ونحن في دولة متعددة الطوائف والمذاهب والأعراق, ولا يمكن أن تحكم هكذا دولة بالدين, لذلك تعلمنا منذ القدم أن نحب وطنا, وندافع عن لحمته الوطنية, كما نؤمن بالعروبة قدرنا وهويتنا, لذلك يسمح في سورية لكل مواطن عربي أن يدخل بالهوية, وكثيراً ما وقف الشعب السوري ونظامه إلى جانب إخوته العرب عندما تعرضوا في هذه البلد أو ذاك لمحن, وهذا ما حدث مع إخوتنا في العراق, حيث استقبل القطر /2/ مليون عراقي تقاسم معهم الشعب السوري الحلو والمر, وكذلك مع ثلث إخوتنا في لبنان أثناء حرب تموز, وغيرهم الكثير عبر تاريخه.

     فهل هذا النظام سيء لدرجة أن نحمل السلاح ضده وندمر كل ما بناه منذ ستين عاماً, ونعيد القطر مئة سنة إلى الوراء, ونوصل الدولة والمواطن معاً إلى حافة الإفلاس, ونقضي فيه على الأمن والآمان بعد أن كانت سورية أكثر آماناً من أية دولة في العالم.  

   كاتب وباحث من سورية

d.owaid50@gmail.com

         

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا