<%@ Language=JavaScript %> علي محسن حميد نصف قرن من التحيز والعداء لثورة 14 اكتوبر

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

نصف قرن من التحيز والعداء لثورة 14 اكتوبر

 

 

علي محسن حميد

 1


31/10/2013

في البداية أود أن أشير إلى خطورة استمرار استسهال الحديث المرسل غير الموثق عن التاريخ الوطني وضرره على الذاكرة الوطنية وتأثيره الضار على إصدار أحكام وتبنى مواقف غير موضوعية . تسييس التاريخ وتطويعه لأغراض حزبية أو دينية أو مناطقية لايقوم به إلا الفاشلون والمفلسون وفي هذا الصدد يلعب التعليم دورا حاسما سلبا وإيجابا. وبسبب ماذكر بعاليه لايركن كثير من الباحثين الأجانب على المصادر المحلية حتى ولو كان بعضهم يتحدث العربية ويفضلون اعتماد مصادر أجنبية يبذل كاتبوها جهودا تستمر سنين لاستخلاص الحقيقة أو الاقتراب منها. وفي كل دول العالم بعد أن يستقر غبار المعارك ويهدأ الجدل وتستقر الأحوال يعمل الكل على خلق ذاكرة جمعية وقناعات مشتركة قد تختلف حول جزئيات ولكنها تجمع على الأساسيات ممايسهل صهر المواطنين في بوتقة قيمية وثقافية ومعرفية واحدة وخلق عاطفة وطنية مشتركة تلعب دورا هاما في الولاء الوطني. وفي الدول التي تحترم الحقيقة ونستثني منها إسرائيل والعرب،لا يكتب التاريخ وفق مشيئة متحيزة لوجهة نظرلاتتواءم مع إدراك دور التاريخ ونسبية حقائقه ولاوجود لتاريخ للمنتصر أو رسمي. إن تاريخ النضال الديمقراطي في بريطانيا وفرنسا وغيرهما وحرب الاستقلال الأمريكية والوحدتين الألمانية والإيطالية والثورة الصينية والنضال ضد العنصرية في جنوب افريقيا وقبلها النازية والفاشية ليس فيه وجهات نظر تنقض بعضها بعضا. وفي اليمن لاتزال آفتنا الكبرى هي تسييس وتديين التاريخ واختلاق أدوار وتجاهل دور البطل الحقيقي . أدناه عينات محدودة لتحيز لاتزال تتعرض له ثورة 14اكتوبرحتى اليوم والتي لو أنصفناها في عقولنا أولا لما حصل للجنوب وللجنوبيين ماحصل على يد صالح وحلفائه.
ثورة 14 اكتوبر:
في كل مناسبة سنوية توصف ثورة 14 اكتوبر ب" المجيدة" تمييزا لها عن الأسمى شأنا "الخالدة" ثورة سبتمبر وتعبيرا عن تعال سياسي يقلل من مقامها لأنها ثورة الفرع وليس الأصل. في حالة نادرة وصفت إذاعة صنعاء في نشرتها المسائية في 16 اكتوبر أن ثورة 14اكتوبر "خالدة". و في عهد صالح كان الإعلام الرسمي المدني والعسكري يحتفل بثورة 14 اكتوبر لتزييف الحقائق وتشويه الجبهة القومية بتدبيج مقالات وإجراء مقابلات مع عناصر معروفة بعدائها لها أومع ضباط شماليين يتحدثون عن مآثربطولية وهمية في أرض معركة لم تطأ أقدامهم ترابها وقد كتبت عن ذلك من قبل، أو تفتح بوابة التبجح لقوى كانت تعادي الكفاح المسلح والتحقت به مضطرة أو مأمورة بعد نشوبه بأكثر من عامين وكان أداؤها الكفاحي متواضعا لتختلق وقائع وهمية لاأساس لها. الاحتفال بثورة اكتوبر كان ولايزال يخصص لها قاعة للاحتفال بذكراها كما لو كانت فعالية فنية أو ثقافية بينما يحتفل ب"الثورة الأم" باستعراض عسكري وتشكيل لجنة علياء رفيعة المستوى وإنفاق مئات الملايين من الريالات لكي يمثل صالح دور رئيس الدولة لعدة ساعات. ماذا سيكون عليه الحال لو كانت ثورة سبتمبر ثورة حقيقية وأنجزت عشر أهدافها فقط. هنا لايجهلن أحد أن ثورة سبتمبر ضاعت منذ وقت مبكر وأجهز عليها صالح وحولها إلى حكم عضوض. وفي عهد صالح كان الاستقلال في 30 نوفمبر يسمى ب"الجلاء" الذي ينتج عنه استقلال ناعم كما حدث في افريقيا في ستينيات القرن الماضي تأكيدا لقناعة ذهنية راسخة بأن الجنوب فرع كان يجب أن يعود إلى الأصل بدون إبطاء عام 1967. إن ماسبق غير منبت الصلة عن عداء قوى معروفة لثورة 14 اكتوبرمنذ انطلاقها.ولقد دفع الأستاذ الزنداني بالزبيري لكي يحث القيادة العربية (قيادة مصر العسكرية في اليمن لدعم ثورة سبتمبر إبان الوجود المصري) على عدم تأييد الكفاح المسلح بقيادة الجبهة القومية. ويذكر الأستاذ راشد محمد ثابت في كتابه " ثورة 14 اكتوبر اليمنية من الانطلاقة حتى الاستقلال" أن مؤتمر عمران الذي انعقد في سبتمبر 1963"شكل أمانة عامة لمتابعة النضال السلمي الذي يخوضه حزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي في الجنوب ضد الاستعمار والانفصاليين". ذلك المؤتمر حضره وفد من المؤتمر العمالي الذي كان لوجوده تأثير على قرارالمؤتمر بتأييد الكفاح السلمي تعبيرا عن تخوف مشترك من كفاح مسلح كان لايزال مشروعا ولم يكن قد بدأ. وفي مذكرات القاضي الإرياني التي وصفها كاتب المقدمة بأنها "الأوفى والأشمل والأعم على الإطلاق لماصدر عن الحركة الوطنية من ثلاثينيات القرن الماضي حتى سبعينياته". لايملك القارئ إلا أن يتساءل عن سبب استبعاد نضال الجنوبيين من تاريخ الحركة الوطنية اليمينة وخلو الجزئين الأول والثاني من المذكرات حتى من فصل واحد عنها. وفي هذا الصدد لن نلوم كاتبي مذكرات مماثلة لأنهم تحدثوا عن أدوارهم في الشمال ولم يزعموا بأن مذكراتهم تتحدث عن الحركة الوطنية ككل. هذه المذكرات التي تسير على قدم واحدة قد يوظفها مروجو الانفصال وإنكارالهوية اليمنية في الجنوب كعينة لمرجعية رفيعة المستوى على تهميش الشماليين للجنوب حتى في صفحات الكتب. ومن البديهي أن عقلية حق الضم الشمالية هي من أسباب هذا التجاهل لأن الوحدة وفقا لها تحصيل حاصل بعد أن يفرغ المناضلون من عملهم ويسلموا وطنهم للشمال. لقد قرر القاضي ضم الجنوب قبل استقلاله عندما سمى اليمن كله الجمهورية العربية اليمنية متجاهلا رأي ثواره وسكانه في مضون الوحدة واسم جمهوريتها وهو ماخبره في طرابلس عام 1972. ولامناص من القول إن القاضي إما كان واقعا تحت تأثير عناصر معادية للجبهة القومية ولثورة اكتوبر أو أن مذكراته تم الاجتهاد فيها بعد وفاته لأنه من غير المعقول أن يتجاهل الجبهة القومية ولا يذكرها ولامرة واحدة كما لو كانت نكرة وخاصة أن ابنه الاستثنائي يحي كان أحد مؤسسسي فرع حركة القوميين العرب في الشمال التي قررت شن الكفاح المسلح لتحرير الجنوب. وفي مرحلة بالغة الخطورة على الثورتين لم يتطرق القاضي من قريب أو بعيد لوحدة مصيرهما ولتأثير تنفيذ اتفاق جدة الموقع بين مصر والسعودية عام 1965عليهما معا وفضل التركيز على مصير الجمهورية في الشمال وكأن مصير ثورة الجنوب لا يعنيه. وعند الاستقلال عام 1967 انحاز القاضي لنظرية الموأمرة فقبل الاستقلال بأسبوع التقى بعبد الفتاح إسماعيل في القاهرة وهو في طريقه إلى جنيف ومع هذا ظل أسيرا لتفسير غير صحيح لدوافع تفاوض بريطانيا مع الجبهة القومية كطرف غير موال لمصر وكأن بريطانيا كان لديها حرية الاختيار وحق المفاضلة بين فصيل قام بأول طلقة وبالجهد الوحيد من اكتوبر وحتى يناير 1966 والرئيسي حتى الاستقلال وفصيل آخر قاد بفشل إلى حد كبير مشروعا غير يمني. مذكرات القاضي خلت من تهنئته لعبدالفتاح بالاستقلال لأن ماكان يهمه كما بدا لي هو أن يسلم الجنوبيون ثمرة نضالهم للشمال باسم الوحدة. ويشترك مع القاضي في التحيز عناصر قومية تختزن ثارات الماضي التي مرت عليها عقود توجب قبول التاريخ كما حدث وليس كما تريده أن يكون. إقرأو بعضا من حديث الأستاذ علي الضالعي في ملحق صحيفة الثورة في 9 اكتوبر حيث قال "وفي 26 فبراير1963 عقدت 100 شخصية جنوبية مؤتمرا لها في دار البشائر من الذين شاركوا في الدفاع عن الثورة مع بعض الرموز السياسية وبعد حوار طويل تم الاتفاق على التهيئة للقيام بثورة مسلحة لتحرير الشطر الجنوبي من الوطن ،على شكل يسمى جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل. الضالعي يختلق حدثا لم يحدث في البشائر. الاجتماع الذي تحدث عنه الضالعي كان اجتماعا موسعا ، عقد في دار السعادة طبقا لما جاء في كتاب الأستاذ راشد محمد ثابت وانبثقت عنه لجنة تحضيرية من 11 شخصابرئاسة قحطان الشعبي وحضره من فرع حركة القوميين العرب في الشمال عبد الحافظ قائد وسلطان أحمد عمر. ولاشك أن الضالعي على علم بالاجتماع المشترك لفرعي حركة القوميين العرب في الشمال والجنوب في قرية حارات ناحية الأعبوس الذي تم فيه تبني اسم الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل (كتاب راشد).وهذه التسمية تختلف جذريا عن اسم جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل التي سوق انتصاراتها وأكذوبة تآمر الاستعمار عليها وهي التي كان الجنوب بالنسبة لها جغرافيا سياسية تحادد الجمهورية العربية الينمية وليس جزءا من اليمن. بريطانيا بتآمرها هذا كانت وحدوية وأرادت في نفس الوقت توجيه صفعة لرائد الوحدة العربية عبد الناصر. كانت الجبهة القومية في رأي الضالعي في بيات شتوي استمر خمس سنوات وأن"ثمان فرق فدائية هي التي قارعت وحدها الاستعمارحتى نيل الاستقلال. أما عن الجبهة القومية فقال "انحصرعملها في الاستقطاب في إطار الجيش اللي بناه الاستعمار.هذا هو التشويه الأول أما الثاني فهو "وفي الأرياف استقطاب حزبي. ثم يزعم أنها "أوقفت كل العمليات النضالية وعندما اقترب موعد الاستقلال التقت مصالح سياسية للاستعمار البريطاني والجبهة القومية حين أراد الاستعمار أن يوجه صفعة لمصر عبد الناصر مقابل صفعة 1956 فتعمد أن لايسلم السلطة لعناصر قريبة من مصر عبد الناصر. ولايذكر الضالعي أسباب رفض الجبهة القومية للدمج القسري في يناير 1966 مع جبهة التحرير. والحقيقة هي أن الجبهة القومية لو كانت بهذا الضعف الذي زعمه لسعت إليه على رأسها وعندما رفضته فقد رفضته من موقع قوة له مايسنده على الأرض من قوة قتالية وسيطرة وتأييد شعبي وليس وجودا في إعلام مزور للحقائق والأدوار نسب كل عمليات الجبهة القومية لجبهة التحرير. وللأسف فإن الذاكرة الماضوية لاتزال حية لدى من أؤتمن في مؤتمر الحوارالوطني على تمثيل القضية الجنوبية والمساهمة في إيجاد حل لها بعيدا عن لي عنق الحقائق والتماهي مع صالح الذي شوه دور الجبهة القومية معظم فترة حكمه. ويضيف الضالعي بأن" الجبهة القومية سلبت السلطة" من جبهة التحرير غير مستذكر لمقولة أن من تغدى بالكذب ماتعشى به. الضالعي يغالط نفسه والقراء ويسخر من تضحيات الشهداء والمناضلين لأنه يعرف أن الموازين في الميدان كانت هي الفيصل وأنه بحلول سبتمبر كانت الجبهة القومية قد سيطرت على معظم مناطق الجنوب وأنه لو لم يكن الحال كذلك لما تمكنت من التخلص من السلاطين الخ. إن الاستقلال لم يكن صفقة للحصول على السلطة وتهميش الآخر الذي عرف شعب الجنوب حدود قدراته ودوره الملحق بالغير . ويعرف الضالعي أن الرئيس عبد الناصر اعتذر لعبد الفتاح إسماعيل عن معانات الجبهة القومية وتشويه دورها نتيجة تقارير غير أمينة ضللته لسنوات. نفس الملحق احتوى على مقابله مع الأستاذ عبدالقادر أمين القرشي قال فيها إن خطاب عبد الناصر في تعز( ابريل 1964)كان ساعة الصفر لانطلاق الكفاح المسلح .وفي هذا افتراء على التاريخ وضد ماأشار إليه هو عن انطلاق شرارة الثورة في ردفان واستشهاد راجح غالب لبوزة في 14 اكتوبروأن سبعة أشهر من عمر الكفاح المسلح قبل زيارة عبد الناصر لتعز لم تكن خلالها زناد المقاتلين في عطلة انتظارا للإذن لها بالقتال ووقتها كانت ثورة 14 اكتوبر قد عرفت في العالم. وهذا لايقلل من دور مصر وعبد الناصر الذي لولاه لما حافظت الجمهورية على اسمها في الشمال ولما استقل الجنوب. ختاما وكعينة من التحيز فإن شركة الخطوط الجوية اليمنية تتجاهل الجنوب عندما تخص مكتبها في شارع الزبيري بلوحات فنية لمدينة يمنية واحدة فقط.

2

حزب الإصلاح الذي لم يتغير!

07/11/2013  

في المقال السابق استعرضت تعمد سلطة صالح تفكيك وتهميش ثورة 14 اكتوبر والتعامل معها ومع الجنوب باستعلاء مناطقي ليس حبا في ثورة سبتمبر التي ذبحها من الوريد إلى الوريد ولكن لكي تبقى الثورتان ذكريات وليس إنجازات.هذا المقال أهديه للتجمع اليمني للإصلاح للنظر في بعض رؤاه وممارساته لكي يكون حزبا جامعا لامفرقا مستقبليا لاماضويا. والمقال يضم عينات من مواقف الإصلاح إزاء ثورة 14 اكتوبر تعبر عن عدم هضم الإصلاح لها وعن مسايرته لمناخ عام كان الرسمي منه منافقا وغير صادق حتى عندما كان يحتفل بثورة اكتوبر.وفي هذا المقال دعوة للإصلاح للخروج من جلباب صالح المناطقي وأن يغادر قناعاته التي لاعلاقة لها بتاريخ ثورة اكتوبر واحترام هذه الثورة بسرد وكتابة تاريخها كما حدث على أرض الواقع قبل وبعد الاستقلال والاعتراف بدور رموزها النضالية بدون انتقاء .
ذكرى ثورة 14 اكتوبر:
عندما تحل ذكرى ثورة 14 اكتوبر يمر الإصلاح عليها مرور الكرام ويأنف من تسمية التنظيم الذي فجرها وقادها حتى تحقيق الاستقلال. كان هذا ولايزال دأبه حتى بعد انضمامه عام 2002 إلى اللقاء المشترك. في الذكرى ال50 لثورة 14 اكتوبر هذا العام تجاهل الإصلاح في إعلامه هذه الثورة واكتفى بتذكرها في يافطاته ودعواته لمهرجاناته بمناسبة الذكرى 23 لتأسيسه. وهذا الموقف ليس بجديد، ففي مقال نشرته جريدة الصحوة قبل خمسة عشرة سنة تقريبا قالت فيه أن القبائل هي من قامت بثورة اكتوبر. وفي 10 اكتوبر2013 نشرت الصحوة مقالا بعنوان "14 اكتوبر .. ثورة ضد الاستعمار والاستبداد والتفرق" جاء فيه أن الثورة انطلقت من جبال ردفان بقيادة راجح غالب لبوزة، ثم سكتت عن ذكر التنظيم الذي فجرها وقاد مرحلة الاستقلال لثلاثين سنة واعتبرت طلقات لبوزة واستشهاده البداية والخاتمة وأن الاستقلال تحقق بعدهما وبفعلهما وحدهما وأنه لم يوجد تنظيم كانت الغلبة فيه للقوى السياسية المنظمة و لفكر قادا ووجها "الكفاح المسلح" وجهته الصحيحة.مالايزال كعظمة في حلق الإصلاح وخارج قواميسه مفردات ك " الكفاح المسلح" و"الجبهة القومية" و"الاستقلال" وأبطال الكفاح المسلح باستثناء لبوزة الذي لايرى فيه إلا وجه القبيلي فقط .الصحيفة أو فالنقل الإصلاح في قراءته يسمح لنفسه بكتابة مالم يكتبه الثوار كأن يقول بأن من أهم أهداف ثورة اكتوبر تحقيق وحدة عربية إسلامية. هذه الوحدة لم تذكر في ميثاق الجبهة القومية الذي نص على وحدة الكيان اليمني شمالا وجنوبا عبر التاريخ، وكان هذا هنو الأهم لنا كيمنيين. الإصلاح يؤسلم ثورة الجنوب بأثر رجعي ويقوم بأدلجة مزاجية للتاريخ، وهذا ليس موقفا مني ضد الإسلام. واستمرارا لسياسة التجاهل أو نحن ومانريد، هنأ الإصلاح الشعب بالذكرى ال 51 لثورة سبتمبر بينما لم يدر بخلده أن هناك ثورة عظيمة في الجنوب تستوجب التهنئة في ذكراها ال 50 (الصحوة عدد 26 سبتمبر 2013). وفي عدد 3 اكتوبر كتب الأستاذ اليدومي مقالا بعنوان "ثورة سبتمبر" ولكنه نسي ثورة اكتوبر لأنها أصغر من أن يهتم بها أولا تستحق منه التفاتة حانية تبعث على الاطمئنان بأننا شعب واحد حتى تجسيدا لفرية صالح عن واحدية الثورة اليمنية.
في ذكرى تأسيس الإصلاح لاجديد:
نظم الإصلاح حفلا حزبيا للاحتفاء بالثورتين سبتمبر واكتوبر ووصف الثورتين ب "المجيدة" وليس كما كان يعمل صالح بجعل سبتمبر خالدة واكتوبر مجيدة وللموقف الإصلاحي منظور ديني لأن الخلود وفقا له ليس إلا لله. ثورة اكتوبر لم تذكر ولا مرة واحدة من قبل مقدم الحفل بينما احتكرت ثورة سبتمبر حنجرته وذاكرته وكان هذا هو حال رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح في خطابه.أما عن 30نوفمبر يوم الاستقلال فقد تجاهل الإصلاح سياسة التثليث الرسمية التي سيجد صعوبة في التهرب منها عندما يمتطي ظهر نمر السلطة . كانت مناسبة الاحتفال بالذكرى 23 لتأسيس الإصلاح فرصة للترويج لتاريخ لأكتوبر لايمت للحقيقة بصلة وهو غير مدرك بأن تاريخ الوطن ليس مجالا لاللمزايدة ولاللزيادة والنقصان وأن العبث به أوتسييسه أوتديينه يعد عدوانا على الذاكرة الوطنية وتفتيتا لها وإنكارا لحق الناس في معرفة الحقيقة وأن من يريدون تاريخا على مقاسهم ومنظورهم لايدركون تكلفة ما يفعلون . وجدير بالإصلاح أن ينظر إلى الثورتين نظرة وطنية ولكن ثقافة وتعبئة الكراهية للآخر مازالت هي السائدة رغم الطنطة حول الشراكة التي تعني شراكة في القيم وفي المصير الآني والمستقبلي وفي الذاكرة الوطنية وتجسيد المقولة الإصلاحية الأثيرة "ابتغاء مرضاة الله" بإعطاء كل ذي حق حقه. لقد احتفل الإصلاح بذكرى تأسيسه ال 23 وبالثورتين "معا" ولكنه أكد قناعات سابقة عن موقف غير ودي من ثورة اكتوبر . رفع الإصلاح يافطات كبيرة في شوارع العاصمة واحدة منها تقول " التجمع اليمني للإصلاح امتداد عميق لثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين " . هذا الامتداد يتطلب القليل من الصدق والذكر والعرفان لثورة حققت الاستقلال الوطني لأنه يعني أيضا الإيمان بقواسم فكرية ونضالية مشتركة مما يفرض الاعتراف بنضال الجبهة القومية ووضع اكتوبر وسبتمبرفي كفتي ميزان. لقد راقبت من بعد في 5/10 2013حفلا لحزب الإصلاح بذكرى تأسيسه ال 23 وماسمعته لم يخرج عن نهج الإصلاح الناكر لثورة اكتوبر وتنظيمها ورموزها. أماعن ثورة سبتمبر فما قيل انتقص منها وكشف أن للإصلاح ذاكرة وتاريخ مختلفين عما لدى اليمنيين. وطبقا لخطاب رئيس دائرة الإعلام في الإصلاح فثورة سبتمبر هي ثورة الزبيري ويليه ! النعمان فالمحلوي والحكيمي وقبل هؤلاء جميعا قريبه العزب .
وهكذا تحكى رواية بعيدة عن الحقيقة. وليس من قبيل الرجم بالغيب أن أجزم بأن الإصلاح سيملي على رعيته مستقبلا هذا التاريخ.رواية العزب وهي رواية الإصلاح تتجاهل دور تنظيم الضباط الأحرار مفجري الثورة وتنسبه لآخرين كانوا في المنفى أو توفاهم الله. الشهيد علي عبد المغني قائد الثورة ورفاقه من الضباط الأحرار وأول رئيس الجمهورية المشير السلال خارج التاريخ الإصلاحي . والأدهى أن رئيس الدائرة الإعلامية طالب بمحاكمة السلال مع أربعة رؤساء سابقين إضافة إلى الرئيس هادي قائلا بلغة جادة وهو مفعم بالحماس أمام أقل من 200 من الحضور معظمهم من شبيبة الإصلاح جلسوا على كراسي من صالة 22 مايو التي لاتؤجر كراسيها لأنها غير ربحية "أن من حق الشعب محاسبتهم على إضاعة أهداف 26سبتمبرولأن أي منهم لم يكن منتخبا انتخابا ديمقراطيا". الإصلاح حزب الحفاظ على الأمر الواقع المؤمن بالشورى " شورى أهل الحل والعقد" الذي لايؤمن بالديمقراطية،ماالذي تغير فيه حتى يصاب بهذه الحمى الديمقراطية ويطلب أحد قادته في اجتماع مفتوح محاكمة حكاما سابقين بأثر رجعي بتهمة التفريط بالديمقراطية وهو يعلم أن أربعة منهم ليسو على قيد الحياة. العزب نسي ثوابت حزبه الشوروية وعبر عن عشق غير مألوف لديمقراطية نادرة الذكر في برنامجه السياسي وهو يعرف في نفس الوقت أن حزبه يرفض تطبيق مبادئ العدالة الانتقالية بماتعنيه من تحقيق عدالة منقوصة ولذلك فإن من العجائب نبش القبور وفتح المفات لنصب المشانق لرؤساء سابقين وللرئيس الحالي هادي المنتخب ديمقراطيا والذي لم يفرط حتى الأن بالديمقراطية مهمت كانت عوراتها.لاحظوا هنا حيوية وتجذر الذاكرة الشطرية الإصلاحية فرؤساء جمهورية سبتمبر هم وحدهم المطلوبين للمحاكمة .الخطيب نسي دور الذين بذروا بذور الشقاق في بداية 1963 الذي أشارت إليه جريدة الصحوة في العدد 12/12 2013 بقولها "إن الحركة الإصلاحية اليمنية ركزت جهودها بعد ثورة سبتمبر للانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الشعبية" ، وهذا اعتراف بدور الإخوان المسلمين الذين استخدموا الزبيري لخلق حالة من عدم الاستقرار بعيد ثورة سبتمبر للانتقال إلى هذه الشرعية التي يقوم بنقلها عادة من حقق الشرعية الثورية الذي يراعي الشروط الموضوعية للانتقال لأن الانتقال في غير وقته قفزا في الهواء أو إلى المجهول. لقد طالب وقتها من أسموا أنفسهم بأهل"الحل والعقد" (الشرعية الشعبية بلغة الإصلاح) بعد أشهر معدودة من قيام ثورة سبتمبر بتسليم السلطة لهم واختلقوا لأنفسهم أدورا من العدم لمناهضة ما أسموه بالحكم العسكري. وهؤلاء لن يرحمهم التاريخ لأنهم أسهموا في شق الصف الجمهوري وخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي وإدخال أطراف الحكم في صراعات عدمية نتج عنها تفريط بعض دعاة " الحل والعقد" بالجمهورية وقبولهم بالدولة الإسلامية في الطائف عام 1965. وبهذه المناسبة أتمنى أن يقيم دور الزبيري تقييما دقيقا وأن ترشد الهالة التي يحاط بها لأنه ارتكب أخطاء تاريخية وأن يوضع في مكانه النضالي المناسب وأن ينصف النعمان الصانع الأول لقضية الأحرارالمظلوم حيا وميتا وأن ينتهي تمييز البعض بين أهل "الحل والعقد حق فوق و "أهل الحل والعقد" حق تحت. إننا لانزال نعاني من حزب الزبيري " حزب الله" الذي أعلن عنه في خمر في 1965 تحت تأثيرالأستاذ الزنداني وكلنا يتذكر بأن أول معارضة علنية للتعددية الحزبية بعيد اتفاقية عدن في نوفمبر 1989 تصدرها الزنداني وسدنة لاحزب إلا " حزب الله" وكأن الزنداني وصحبه لم يغادروا خمر ولم يتغيروا قيد أنملة.
إن المهرجانات أصدق تعبير عن مواقف الأحزاب وعندما راقبت مهرجان الإصلاح ظننت أنه سيكون لعقدين ونيف ولثورة فبرايرولمؤتمر الحوار الوطني وعضوية الإصلاح في المشترك تأثير عليه وأني سأسمع جديدا يبشر بتغيير في فكر وثقافة ورؤية الإصلاح وذاكرته في مرحلة تحول تاريخية تتطلب ليس منه وحده وإنما من كل الأحزاب مراجعة برامجها السياسية احتراما للزمن ومتطلباته وللشباب وطموحاتهم ولكي تعبر بالشعب إلى وضع لاعودة فيه للاستبداد والانفراد بالسلطة والفسادالأسري والفقر والتخلف. شاركت في المهرجان فتيات صغيرات أنشدن ورقصن ولوحن بالأعلام وكن سعيدات ومطيعات عندما يؤمرن بالوقوف على الرصيف عند عمو فؤاد، وأكيد أنهن بحكم السن لايعين ماسمعنه بأن الإصلاح امتداد لثورة اكتوبر ولكنهن عندما يكبرن سيعرفن ماذا تحقق للمرأة في الجنوب وسيدركن أن الإصلاح يقف على النقيض من ثورة اكتوبر فيما يخص حقوق المرأة وأنهن خدعن وأن الامتداد ليس سوى التمدد عند الإصلاح وأنهن سيصبحن في المستقبل ضحايا لتمييزضدهن لم يبرأ الإصلاح منه لأنه لايؤمن بالمواطنة المتساوية ومنها أن يكون للمرأة حق مساو للرجل. هؤلاء البريئا ت سيقال لهن عندما يكبرن قرن في بيوتكن أو مارسن الأعمال التي تتناسب مع طبيعتكن وتكوينكن. المرأة اليمنية في عصر الانفجار المعلوماتي ليست نائمة فهي تراقب ماحققته النساء في القارات الخمس . وسيأتي اليوم الذي تنفجر وتقود ثورتها ضد التمييز بكل أشكاله وستسأل بصوت عال هل ينفرد الإسلام من بين كل الأديان السماوية والأرضية بدونية المرأة وإذلالها وشيطنتها وانتقاص حقوقها. حان وقت التغيير يإصلاح.
إن تجريف الذاكرة الوطنية والتوظيف الإيديولوجي وما ينتج عنهما من مغالطة تاريخية له عواقب وخيمة والحراك الجنوب الذي لم يولد من فراغ استفزته أمورا عديدة منها القراءة العوراء لثورة اكتوبر. إن أقل مايقال في هذا المقام أن الإصلاح خارج الاجماع الوطني وأنه يخترع تاريخا حزبيا لاصلة له بالواقع يؤثر سلبا على تماسك النسيج الوطني وكأنه يتعمد دوما تقسيم المجتمع مرة بالتعليم باستخدام معاهده " العلمية" وأخرى بالتاريخ بعد إلغائها. إن التاريخ لاتكتبه الأهواء ولذلك لايمكن إخراج أحد من التاريخ ووضع آخر محله. صحح قراءتك للتاريخ ياإصلاح.

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا