%@ Language=JavaScript %>
الشيوعيّ الأخير يذهب إلى السينما
سعدي يوسف
يقالُ في الصحافة المحترفة إن الخبر الجيد يجب أن يتضمّن أربعة أجوبة عن أربعة أسئلة :
متى ؟ أين ؟ ماذا ؟ مَن ؟
وبما أن الشيوعيّ الأخير لم يحترف الصحافة المتاحة لأسبابٍ ليست خاصةً به ، كما يقول ،
فقد تصرَّفَ كما يحلو له ، مكتفياً بـ " أين ؟ " و " ماذا " و " مَن " . أي أنه قفزَ على
" متى " قفزاً . أمّا " مَن " فقد اكتفى فيها بذِكْرِ الحرفِ الأول من اسمه ، وقد يكون تصَرُّفُه
هذا نتيجةَ تربيةٍ قديمةٍ في العمل السـرّيّ . الخطّة ، واضحةٌ ، لديه ، في الأقلّ . وهي تشملُ
النقاطَ الأربعَ الـمُدْرَجةَ في أدناه :
1- موقع السينما.
2- موقع الشيوعيّ الأخير في قاعة السينما.
3- الفيلم المعروض.
تأمُّلات الشيوعيّ الأخير بعد انتهاء العَرض.موقِع الســينما
لا تمتلكُ الدارُ اسماً حتى الآنَ
و لا تمتلكُ الدارُ لموقعها رسماً حتى الآنَ
ولكنّ الناسَ يحبّونَ الذكرى. يُحْيونَ الذكرى . يَحْـيَونَ مع الذكرى .
ولهذا منَحوا تلكَ الدارَ اسماً : دارَ الذكرى ...
*
كنا نتساءلُ كلَّ مساءٍ : أين الدارْ ؟
فيُقالُ لنا : دارُ العَرضِ تغورُ عميقاً في الأرضِ ...
نقولُ : إذاً ... مَن يدخلُها ؟
*
بعدَ طوافٍ ، وبحارٍ ، وضفافٍ
أبصَرْنا الـمَـبْنى ...
كان جداراً منخفضاً من طينٍ معجونٍ بالـتِّـبْـنِ ...
المبنى كان بلا بابٍ
كان بلا محرابٍ ؛
كان وطيئةَ أَنعامٍ بين جذوعٍ خاويةٍ .
ها نحن أولاءِ هناك ...
بَـلَـغْـنا دارَ الذكرى !موقعُ الشيوعيّ الأخير في دار السينما
دارُ الذكرى ، دارٌ للعَرضِ الصيفيّ
والناسُ بها يقتعدونَ الأرضَ
إلاّ أصحابَ الدارِ ... فقد كانت لهمو بِضْعُ أرائكَ مستوردةٍ
في الصفّ الأوّلِ .
كان الناسُ طويلاً ينتظرون أماكنَهم ...
أمّا أصحابُ الدارِ فقد جلسوا منذ الآن ، وجاؤوا بكؤوسٍ وقناني ماءٍ.
والناسُ يلوبون
عطاشــى
أنهكَهمْ قيظُ الصيفِ
وبُعْــدُ الدارِ ...
ويسألُ " س " : أليسَ لنا ، نحن الناسَ ، مكانٌ ؟
قيلَ : اجلِسْ أنَّى شئتَ !
وفكَّــرَ " س " : الأفضلُ لي أن أقتعدَ الأرضَ بآخرِ صفٍّ ...
سوف أرى الناسَ جميعاً
وأرى الفيلم ...الفيلم المعروض
عن أيّ مزرعةٍ هنا ، يتحدثُ الفيلمُ ؟ الخرافُ تدورُ والغِزلانَ ، ثَـمَّ زريبةٌ يُقْعي
بها بشرٌ عُراةٌ . والذئابُ تنامُ نِصفَ مَنامِها المألوفِ . تهبطُ بالمظلاّتِ النســاءُ
وقد لبِسْــنَ ملابسَ العَومِ. الزريبةُ أشرعَتْ أبوابَها للقادماتِ من الفضاءِ . يهلِّلُ
البشرُ العُراةُ : المنقذاتُ أتَينَ ! كانت في السماءِ سفينةٌ بَحريّةٌ ، ميناؤها " جَنَوا " .
النساءُ يَطِرْنَ نحوَ سفينةِ الخشبِ الجميلةِ تاركاتٍ في الزريبةِ ما خلَـعْـنَ . ويهتفُ
البشرُ العُراةُ وقد تقدّمت الذئابُ إلى الزريبـةِ : يا إلهَ النارِ ! أشعِلْ عودَ كبريتٍ
لتنقذَنا ... ستأكلُنا الذئابُ الليلةَ . الغربانُ في الـثُّـكْنات.تأمُّلاتُ الشيوعيّ الأخير بعدَ انتهاءِ العَرضِ
سوف يستغرقُ الحديثُ طويلاً لو أردْنا ، لكننا رِفقةٌ لا نُتْقِنُ اللفَّ والـمِلَفَّ ...
انتهى " س " من العَرضِ ، ساهماً ... كان مشدوداً إلى فكرةٍ :
هل يكونُ الفيلمُ وهماً ؟ والقصْدُ : هل كانَ الحقيقةَ الـمُرّةَ ، العلقمَ ما شاهَدَ ؟
السفينةَ في الـجـوِّ .
انتبِهْ أيها العاملُ الشيوعيّ ...
إن العالَمَ اليومَ يظهرُ بالمقلوبِ ...
ماذا عليكَ أن تفعلَ ؟
الشيوعيّ كارل ماركس قد قالَها : سنَقْـلِـبُـها حتى نرى السفينةَ في البحرِ ...
الشيوعيّ " س " يســري وحيداً .
لندن 23.05 .2006
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
|
---|
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين
|
||
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org الصفحة الرئيسية - 1 - |