عمار الكوفي--

 

هل غبنته الجماهير أم اغفلته المصالح

 

 

يوسف علي خان

 

ظهر شاب عراقي مشارك في مسابقات عرب ايدل بعد أن  تمكن من اجتياز الاختبار الاولي بنجاح أمام اللجنة المشكلة لهذا الغرض فنال اعجابها بصوته الرخيم الجميل واداءه المحكم ..

وبدأ ياخذ دوره في المباراة بين النخبة التي اصطفتها اللجنة للتنافس فيما بينها وقد استطاع اجتياز العديد من المراحل بتفوق بارز بصوته الشجي الذي شنف اذان المستمعين واطرب نفوسهم بما قدمه من اغاني وموالات بالعربية والكردية فابدع في الاثنين معا وادهش الحاضرين المحتشدين في صالة  المنافسة .. واستمر بنجاحاته الواحدة تلو الاخرى  حتى الاسبوع ما قبل الاخير والجماهير تصفق له  وتهتف باسمه فاعطى انطباعا تاما لدى جميع المتواجدين وخاصة اللجنة بانه المتفوق الاكيد في النهاية لا محال . واصبح التصويت خارج ارادة اللجنة ومتوقف على ذوق الجماهير وارائهم .. وقد كنت احد المتابعين لكل الحلقات التي اقيمت  فتوصلت بخبرتي الفنية الموسيقية وبما قدمه الكوفي من اداء رائع بانه الفائز الاول بكل تاكيد.. وليس هناك من يمكن ان ينافسه سوى المصري محمد رشاد الذي والحق يقال قد قدم اداءا متميزا هو الاخر غير اني كنت قد فضلت عليه الكوفي بنقاء صوته وعذوبته ودرجته العالية فقد كان متمكنا في كل مفاصل الاغنية التي يؤديها حيث نال اعجاب  الجميع ولم يتوقفوا عن التصفيق له بشكل مثير وهو ما كان يستحقه بحق وحقيق ..

وقد ايقنت تماما بان الجماهير سوف تصوت له باعلى الاصوات ويحوز على سبق الفوز بهذه المباراة ..فهو اهل لها واكثر المساهمين ابداعا فيها...  غير اني فوجئت بحصول الكوفي على اقل الاصوات في مرحلة ما قبل الاخير وخروجه من السباق .. وهو ما استفزني وصعقني فهو امر لم اكن اتوقعه .. ولربما هو ايضا لم يتوقعه فقدم بعد تنحيته اغنيته الرائعة (( افكر باللي ناسيني لعبد  الوهاب )) فكانت خير رد صاعق واكبر احتجاج  وانصع صورة  وجهه لتدني  ذوق المصوتين  واقوى دليل على سوء تقديرهم وضحالة  خبرتهم في جمالية الاصوات وعذوبتها .. فقد ابكت تلك الاغنية اعضاء اللجنة الذين بان اسفهم على وجوههم وحزنهم على خروج الكوفي الغير متوقع  .. فإن دل خروجه على شيء فإنما يدل على انهيار الذوق العام للناس وسطحية احساسهم ودليل على ما وصل اليه التخلف في فهم الاغنية وطريقة ادائها والذي يعم شعوب المنطقة العربية وسفافهم العميق في التذوق الفني وعدم القدرة على التمييز بين الرث والسمين وبين العذوبة والغلظة و بين المتواضع  والرائع.. أو لربما يكون الامر قد حدث وفق توجهات معينة خفية تداخلتها المصالح أو اثرت فيها الانتماءات المناطقية والاثارات  العاطفية فتمكنت حتى ان تغير في اذهان الجماهير فشوشتها  وتغلغلت في  مشاعرهم  واحاسيسهم فلوثتها... كل شيء جائز في هذه الايام .. فطالما استطاعت المغريات أن تغير في نتائج كل ما يجري على ارض الواقع من سلوكيات وتصرفات فتقلب الحق باطل والباطل حق في اكبر المحافل فتزور وتحرف أفاليس من الممكن ان تغير من اذواق الجماهير او تغير في نتائج التصويت في مباريات ومسابقات ترفيهية ليس لها ذاك الاثر الكبير كما لغيرها من تاثير قد تمس  مصائر شعوب باكملها .. فنحن اليوم في عصر المصالح والمنافع فكل شيء فيه جائز .. ومهما يكن فسرف يبقى عمار الكوفي علما فنيا  رائعا ومطربا يهز احاسيس المستمعين  سيفرض نفسه في عالم الغناء على خشبة المسارح وفي صالات الغناء  مهما قصّر المصوتون وانحرفوا عن المسار الصحيح  في التصويت لمن يستحق  فسوف يبقى الكوفي  هو الافضل ...!!!

 

يوسف علي خان

15.12.2014

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا