<%@ Language=JavaScript %> يوسف علي خان الهيئات الدولية وفشلها  في فرض الاستقرار

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

الهيئات الدولية وفشلها  في فرض الاستقرار

 

 

يوسف علي خان

 

 ذكرنا في الفصل الاول  البعض من مجريات السياسات الدولية التي انتهجتها الدول الامبريالية لتحقيق مصالحها وكيف ادت تلك السياسات المتعارضة الى شفير حرب طاحنة سنة 1914 أطاحت بامبراطوريات كانت قائمة.. مثل الامبراطورية العثمانية والامبراطورية الروسية والامبراطورية الالمانية  والذي ادى سقوطها الى بروز دول استعمارية جديدة استولت على ما كانت تسيطر عليه تلك الدول من مستعمرات وقسمتها فيما بينها وكان من بين تلك المستعمرات البلدان العربية التي جزأتها الى عدة اقسام استحوذ ت كل دولة من الدول المنتصرة في تلك الحرب العالمية الاولى على جزء  استطاع العديد منها بعد فترة وجيزة وكفاح مرير خاضتها شعوبها مع المستعمر الى نيل استقلالها المنقوص في بداية الامر  ثم اضحت عضوة في عصبة الامم الهيئة الدولية التي شكلت انذاك لحفظ السلام وعدم تكرار مثل تلك الحرب ... واستمر الحال طيلة الفترة المحصورة بين سنة 1917 و1939 في اخذ وجذب لم يكن استقرارا حقيقيا دون مشاكل دولية ومنغصات اربكت عمل تلك العصبة وبالتالي عجزها عن ادامة الاستقرار ... حيث نشبت حرب عالمية ثانية إذ لم تستطع عصبة الامم التي شكلت لتحقيق السلام من كبح جكاح بعض اعضاء العصبة التي تولى زعامتها بعض القادة الطموحين المستبدين الذين  دفعتهم النرجسية وحب التسلط لمحاولة السيطرة على العالم برمته ... فقد فشلت عصبة الامم من ردعهم لعدم توفر المقومات الضرورية التي تؤهلها لردع تلك الدول ومنعها من التجاوز على غيرها من الاقطار ...إذ لم يكن لها القوة العسكرية الخاصة بها للردع ...وهو ما كان يجب ان يتوفر لمواجهة العدوان .. اضافة الى ان قراراتها لم تكن ملزمة بل تنفذ باتفاق الاطراف المتخاصمة  أوبموافقة الدولة التي تصدر بحقها القرارات  وهو ما يصعب حصوله في معظم الاحيان... فليس من المنطق والمعقول ان تنفذ اية دولة قرار يصدر ضدها ليردعها عما هي مقدمة عليه ... وعصبة الامم وكل الهيئات  والتنظيمات  تتكون من بشر وهم اعضاء منتسبون لتك الهيئات فيتصرفون داخلها بصفاتهم البشرية لهم رغباتهم واطماعهم وطموحاتهم وهو ما جعل قرارات عصبة الامم لا قيمة لها على ارض الواقع ... كما لم يكن لها قوانين ملزمة إذ اعتبرت القوانين الدولية ملزما  التنفيذ ادبيا وليس قسريا... فمن يرفض الالتزام بها لا عقوبة قهرية عليه فليس هناك جهة بامكانها ان تجبره على التنفيذ ..  إلا اللهم  ما يمكن ان تتخذه من بعض  الاجراءات  الزجرية و التي يمكن للدولة التي تقع عليها العقوبة التهرب منها بمختلف الوسائل... وقد تتضرر منها فقط شعوبها في اسوأ الاحوال وهو نقص وعيب  كبير في القوانين الدولية التي لا زالت تشكو من خلل  في طبيعتها  معظم شعوب الدول حتى الان... خاصة التي تحكمها انظمة مستبدة.... في الوقت الذي تنجو منها الدول الكبيرة العظمى او التي لها الحصانة  كما حدث للدول الدائمة العضوية في مجلس الامن فيما بعد... وهو ما افقد هذه القوانين اهم ما يجب ان تتصف به القواعد القانونية وهي صفة الالزام وافقد المنظمات الدولية قيمتها بعدم قدرتها على التنفيذ الملجيء الجبري والقهري  ... وهذا السبب جعل عصبة الامم هيئة عاجزة مشلولة لم تستطع ان تلعب دورا مهما في حفظ السلام العالمي وردع الدول المعتدية... فأدى ذلك بروز  دول متمردة مثل المانيا النازية التي لم تحترم قرارات تلك العصبة  وتصرفت بمحض ارادتها... معتمدة على ما للدول من استقلالية مطلقة في التصرف وسيادة كاملة داخل اراضيها وسيطرة منفردة على شعوبها لا يحق لاي كان التدخل بشؤونها الداخلية..... فخلقت العديد من الزعامات الطاغية الديكتاتورية التي قمعت شعوبها دون ان تستطيع عصبة الامم كبح جماحها بل وإمتد استهتارها بالقوانين الدولية وعدم الانصياع لها أن جعلها  تتحرش بغيرها من الدول الاخرى حتى العضوة في تلك العصبة لعدم وجود قوة رادعة فعالة لدى  تلك العصبة مما ادى لنشوب الحرب العالمية الثانية بعد  فترة وجيزة لم تتجاوز العشرون سنة حيث حلت على اثرها تلك العصبة وفشلت فشلا ذريعا في مهماتها بحفظ السلام العالمي وردع الدول المارقة ...وقد استمرت تلك الحرب خمس سنوات تدك معظم دول العالم باسلحتها الفتاكة وقنابلها المدمرة نتيجة اضطراردول الحلفاء للتصدي للنظام النازي الالماني ثم ما اعقبه من تدخل ياباني في تلك الحرب بمهاجمة بول هارفر محاولة الاعتداء على الطائرات والبواخر الامريكية حيث اطلق على تلك الدول المارقة بدول المحور وانتهت الحرب باستسلام المانيا واليابان ... وتشكلت بعدئذ هيئة الامم المتحدة كبديل عن عصبة الامم ... حيث تأمل  العالم أن تحقق هذه المنظمة ما عجزت عن تحقيقة عصبة الامم  بقدرتها على حفظ السلام وكبح جماح من تسول نفسه بالعدوان على غيرها من الدول ...غير انها وللاسف فقد تشكلت بشكل معوق غير سليم جعلها هي الاخرى كسابقتها عصبة الامم عاجزة عن حماية اعضائها والدفاع عن مصالحهم الوطنية ووضعت العالم بكف عفريت تتقاذفه الاهواء الدولية وتجره المصالح الذاتية واوشكت أن تجر الدول الامبريالية الى هاوية الحرب العالمية الثالثة لولا الموانع التي اوجدتها  القنبلة النووية وحيازة العديد من الدول عليها وتصنيعها أو على الاقل معرفة اسرارها إذ شعرت تلك الدول بانه  لو اثيرت الحروب بتواجد القنبلة النووية بيد العديد من الدول سوف لن يكون هناك غالب او مغلوب...  ما دفع الدول الاوربية الى التراجع عن دخول المواجهات المباشرة  واعتقد ت شعوب العالم خاصة الضعيفة منها بان  هذه القنبلة  ستكون الدرع الواقي للبشرية جمعاء..اضافة لاعتقاد الشعوب بان تأسيس  هيئة الامم المتحدة التي ضمت بعضويتها في بداية الامر ما يقارب الخمسين دولة ثم اخذت العديد من الشعوب التي تنال استقلالها الانضواء تحت خيمتها حتى غدت اليوم تحوي في عضويتها ما يزيد على 180 دولة سوف تنقذها من العديد من الاعتداءات والتهديدات المحتملة من بعض  الدول المارقة ..  حيث تشكل العديد من اللجان التي عمل كل منها في احد الجوانب الانسانية مثل لجنة حقوق الانسان التي انبثق عنها  الاعلان الدولي لحقوق الانسان ... ثم تشكل مجلس الامن الذي ضم بعضويته الدول الخمسة الكبرى الذي كان الهدف منه كما اشيع هو الحفاظ على السلم العالمي باعتباره يشكل الدول الكبرى ذات القوة الاعظم والتي بامكانها ردع اية دولة تحاول الخروج عن الاجماع الدولي او الاعتداء على غيرها من الدول... واصدار القرارات الرادعة بحقها واتخاذ الاجراءات الكفيلة بردع العدوان لكنه للاسف الشديد فقد تشكل هذا المجلس بشكل معوق خفض من قدرته  على تنفيذ ما شكل من اجله في الضغط على الدول المارقة ومنعها من التجاوز وذلك بما اقره من حق غير منطقي وغير صحيح لجميع اعضائه وهو حق الاعتراض على القرارات التي تعرض على  المجلس لاقرارها إذ لا يتم ذلك  باعتراض ولو عضو واحد من اعضائه بل يجب ان تصدر القرارات بالاجماع كي تكون نافذة وقابلة للتطبيق ... لذا فقد اضحى من الصعب جدا تفعيل اعمال المجلس في معظم الاحيان... خاصة بعد ان استجدت اوضاع دولية قسمت القوى العالمية  الى  معسكرين  متعارضين ومتصارعين ومتنازعين على زعامة العالم.... معسكر شيوعي بزعامة الاتحاد السوفييتي انضمت الى جانبه الصين بعد  انتصار الثورة البولشفية بزعامة ما وتسي تونك ومعسكر غربي رأس مالي بزعامة الولا يات المتحدة الامريكية... حيث احتدم الخلاف فيما بينهما خلال الخمسينات من القرن الماضي وتاججت حرب خفية اطلق عليها الحرب الباردة بين القطبين الكبيرين .. ومع تأزم العلاقة بين الاتحاد السوفييتي والصين فيما بعد فقد ظل المعسكر الشرقي مناوئا للمعسكر الغربي ومعارضا له لاكثر من عقدين من الزمان وصل حافة نشوب حرب كونية فيما بينهما في بداية الستينات من القرن الماضي ايام الرئيسين كندي من الولا يات المتحدة  وخروشوف من الاتحاد السوفييتي  حول قواعد  الصواريخ التي  اراد الاتحاد السوفييتي نصبها  في كوبا وعجز مجلس الامن عن كبح جماح أي منهما... حتى رضخ خروشوف وسحب تلك القواعد وتراجع عن نصبها هناك ... فلم يستطع مجلس الامن في حقيقة الامر ان يكون فاعلا إلا في الامور التي تحقق مصالح جميع اعضائه في وقت واحد... وضد الدول الصغيرة الضعيفة خاصة من الدول النامية التي يتمكن الاعضاء الدائميين من الاتفاق على تقسيم الموارد التي تمتلكها فيما بينهم ... وفيما عدا ذلك فقد لعب حق الاعتراض الفيتو في شل معظم القرارات المهمة التي كان يجب ان يتخذها في العديد من المواقف الدولية التي  عرضت السلم العالمي للمخاطر وادت الى  إزهاق ملايين الانفس.... فقد كان لهذا الحق اثره الفعال في منع المجلس من اتخاذ القرارات الهامة التي قد تحيل من تدهور الامور في بعض الاماكن الساخنة وابقى على اطرافها يتقاتلون ويتصارعون لربما لعدة سنين كما كان الحال مثلا في قضية فلسطين التي عجز تماما ان يجد لها حلا يرضي جميع الاطراف فيها وغيرها من القضايا التي حدثت في شرق اسيا  وفي افريقيا... ولا زال هذا المجلس يترنح عاجزا عن اقرار ما يحقق الاهداف التي انشأ من اجلها خاصة بعد زوال الاتحاد السوفييتي وصيرورة  امريكا القطب الاقوى الوحيد في العالم... فاصبح مجلس الامن اداة طيعة بيدها اضافة  لهيئة الامم المتحدة نفسها فظلمت العديد من الدول والاقطار بسبب الانحياز الغير عادل التي تتخذه الولا يات المتحدة تجاه العديد من الدول... ومع موافقة المجلس قبول انضمام عشرة دول اخرى اليه لكنها  اضحى تواجدها فيه شكليا  لا تمتلك حق الاعتراض وليست دائمية العضوية فيه... فلم يكن لهذه الدول المنظمة أي دور مؤثر في هذا المجلس وظلت الكلمة النافذة للدول الدائمة العضوية فيه فقط وتابعة في الواقع لارادة الولا يات المتحدة... فقد فقدت روسيا قيمتها التي كانت تلعبها ايام الاتحاد السوفييتي فغاب ذلك الموقف المتشدد الذي كانت تقفه في بعض الاحيان  ضد بعض  القرارات التي تجيز للدول الغربية التسلط أوالوقوف مع بعض الدول المعتدية او المماطلة في حل بعض الازمات او اصدار القرارات في غير صالح بعض الشعوب داعمة لقادتها المستبدين.... فغياب نفوذ الاتحاد السوفييتي من المجلس جعل الولايات المتحدة تنفرد في اتخاذ القرارات المجحفة بحق الشعوب وتنفرد في الهيمنة على هذا المجلس وتضغط عليه لا صدار القرارات التي تحقق مصالحها الذاتية في أي منطقة من مناطق العالم دون ان تجد من يعترض عليها حتى الصين فقد اتجهت اتجاها يتماشى مع الموقف الغربي في كثير من الاحيان فتمتنع عن التصويت وتقف على الحياد... فيصدر

 القرار الذي ترغب في اصداره الولايات المتحدة دون ان يتمكن االاتحاد الروسي من مجابهته... وهكذا اصبح مجلس الامن تابعا عمليا للادارة الامريكية  تسخره بحسب ارادتها دون ان يكون للدول الاخرى دور فعال فيه ...واصبح خلال السنوات الماضية مجلس تمييع وتسويف واداة ايذاء للعديد من الشعوب لما يصدره من قرارات مجحفة بحقها او المماطلة في حل الازمات التي تثور داخل مجتمعاتها... غير ان هذا الانفراد المستفحل للادارة الامريكية  وخلال الفترة الاخيرة قد تغير بعض الشيء فقد  تمكن الروس بقيادة بوتين من اتخاذ بعض المواقف الصلبة في المجلس يحاول استعادة

 مكانة دولته السابقة التي فقدها بسقوط الاتحاد السوفييتي...  وهو ما قد يعيد التوازن من جديد او يثير حربا باردة اخرى فهو امرمحتمل  سوف يكشفه المستقبل ونامل ان يتحقق ذلك... فهذا على اية حال هو في صالح الشعوب فهي بحاجة الى توازنات دولية تمنع بعض الدول من التغول والاستكبار على غيرها من الدول

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا