<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر كوميديا رمادية !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

كوميديا رمادية !

 

 

صباح علي الشاهر

 

من منا لم ينشد يوماً ما " جيشنا سور للوطن".. أفترض أننا جميعاً جلسنا على الرحلات الدراسية، وأصطففنا في باحات مدارسنا صباحات الخميس لرفعة العلم، في عز الشتاء وحر الصيف اللاهب.

تغيرت أزياء جيشنا من الخاكي إلى الزيتوني، إلى الزرق ورق، وأحسب أن موقفنا من جيشنا لم يتغيّر، أللهم إلا بالنسبة للبعض الذي كان ومازال أقل من القليل، ممن لم يجلسوا مثلنا على الرحلات الدراسية في مدراسنا التي كانت عراقية، ولم يصطفوا لرفع العلم في الصباحات، أظن- وليس بعض الظن أثم – أن هؤلاء، وأبناؤهم، وأحفادهم فيما بعد هم الذين إمتهنوا الإساءة للجيش في كل المراحل، طبيعي أن هؤلاء لم يدخلوا الجيش قط، وليس لهم ذكريات عنه، لأنهم كانوا من أبناء القلة التي تحصل على الإعفاء من الجيش، سواء عن طريق دفع البدل النقدي أو سواه..

في العهد الملكي كان الجيش بالنسبة للبعض جيش الإنكليز ونوري السعيد، لكن هذا الجيش ثار عدّة مرات على الإنكليز ونوري السعيد، حتى تمكن إخيراً من إقتلاع النظام الذي أقامه العم ناجي في صبيحة الرابع عشر من تموز.

وفي العهد الجمهوري قيل أن الجيش جيش قاسم، أو إبن "كيفية" لكن جيش "إبن  كيفية " قضى على "إبن كيفية "وجماعته.

وفي العهد الديكتاتوري قيل أن الجيش" جيش صدام" رغم أن لصدام حرسه وفدائييه، وجيشه الذي كان يُسمى الحرس الجمهوري، وقواته الخاصه، والذي كان أصغر نفر فيها يتحكم بأعلى رتبة في الجيش الذي أضحى جيشاً فولكلوريا، أكبر قياداته تعمل سواق تاكسيات لتوفر لقمة العيش!

وفي عهد ما بعد الإحتلال قيل عنه جيش الإحتلال، ثم الجيش الصفوي، وفيما بعد جيش المالكي.. ولا أدري هل سيمتد به العمر حتى يسمونه جيش العبادي، أم أنه سيتلاشى قبل هذا، ويصبح ذكرى؟.  

كانت مفردة الجيش العراقي ثقيلة على أفواه البعض، حتى لكأنهم يغصون بها.. وإذا نطقوا بها فلكي يعقبوها بإستثناءات، و " لاكنات" تجعل لكل الدنيا جيشاً ينبغي أن يحترم، إلا العراق، فجيشه جيش عدائي دخل في حروب مع جيرانه، وكأن هذا مما أختص به العراق، ولم يقم به أي جيش آخر،  دلونا أيها المتحذلقون على جيش لم يدخل في حرب مع جيرانه أو سواهم، وعلى إمتداد المعمورة، أيكون هذا الجيش الذي لم يتلوث بحرب، هو الجيش الأمريكي، أم البريطاني، أم الفرنسي، أم الروسي، أم الحمل الوديع الجيش الإسرائيلي؟ حتى جيوش الدويلات الكارتونية المجهرية، التي لا تعدوا أن تكون بئر نفط، ومحطة تلفزيون ، قامت بإرسال جنودها وطائراتها لتضرب جيوشاً ودولاً لم تكن في حالة عداء معها.. 

هل هو مسعى بريء ذاك المسعى المتوالي للتقليل من أهمية الجيش وتحقيره، وشيطنته، وتنسيبه لشخص أو جماعة أو طائفة، أو حزب، أم هو أمر مقصود، حتى تحل تلك اللحظة التي يتمكن فيها شذاذ آفاق من أجتزاز رؤسنا ذبحاً حلالاً مُباحاً ومأجوراً، وسبي نسائنا، وإغتصابهن بنص شرعي إسلامي، تحت يافطة نكاح الجهاد؟!

أم هو مسار موصل إلى إثبات لا جدوى هذه الجيوش التي لم تُعد كما يجب، ولم تُسلح كما يجب، ولم تُدرب كما يجب، ولم تُحتضن كما يجب، بل قُوبلت بالعداء والرفض الشديد وهي في أرضها وبين ناسها، والتي أصبح أمر هزيمتها مؤكداً، هذه الهزيمة التي ستكون مبرراً لحلها، مثلما كانت مبرراً لتغييرات كان يعمل عليها منذ أمد بعيد نسبياً..

لقد آن الأوان لجعل العراق، ومن دون بلدان العالم، بلداً بلا جيش، علماً أن العالم لم يصل بعد، ولا حتى في أي مدى منظور، إلى المرحلة التي لا تحتاج فيها الدول إلى جيوش، نحن ما زلنا في مرحلة تؤكل فيها الأوطان التي لا تقدر على حماية نفسها، ولا تملك ما يردع الآخرين من التجاوز على حقوقها.. نحن وأن كنا نعيش في عالم يبدو متحضراً، إلا أنه عالم بشع، وحشي، دموي، إستغلالي، لا يرحم الضعفاء، ومن لا يقدرون على الحفاظ على حقوقهم، وهو وأن تبرقع بمفاهيم الإنسانية وحقوق الإنسان، لكنه لا يختلف عن عالم الغابة، حيث يأكل فيه القوي الضعيف.

لم يتوقف التسليح في أي بلد، فالإنفاق في هذا المجال يتصاعد، وبأرقام فلكية، وبنسب عالية من ميزانيات الدول، الكل يسعى لتقوية الجيوش وتسليحها، وتعزيز قدرة الردع لديها، وسيتواصل هذا التوجه أكثر فأكثر في السنوات القادمة، فالعالم يمر بمخاضات عسيرة ، وهو على أعتاب تحولات كبرى، من المؤكد أنها ستغير الجغرافية السياسية ليس في منطقتنا فحسب، بل في العالم، لم يعد هذا مجرد إحتمال، بل بات أمراً واقعاً لامحال، وسيصبح من المتعذر، لا بل من المستحيل مجارات هذه الدول في قوّتها، وقدراتها العسكرية المتضخمة باستمرار، الكل يسعى أن لا يذهب في الأقدام، وأن يبقى بعد المتغيرات المتوقعه، أن لا يزول كما زالت دول وأمم، فهل إستوعب أصحاب القرار هذا الأمر، أم أنهم ركنوا إلى قضية عدوها مسلمة، وهي أن يكون الجيش الأمريكي جيشنا، حامينا، وراعينا والمدافع عنا؟

هل بمكنة الجيش الأمريكي حمايتنا حتى لو أراد؟

من ما زال نائماً في العسل عليه أن يصحو، أمريكا والهلمة التي معها، تعدنا بأنها ستخلصنا من داعش بعد ثلاثين عاماً، وفق تصريح وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، فإذا كان هذا حال أمريكا مع داعش، فكيف يكون حالها مع من هو أقوى بما لايقاس من داعش؟

درس داعش لا يستوجب إضعاف الجيش وأبداله بعشرات الـ"ميني جيش"، والتي تسمونها الحرس الوطني في كل محافظة، درس داعش يستوجب بناء جيش قوي مقتدر، مهني بمهارات عالية، وتسليح على أعلى مستوى، وإنتشار على كامل التراب الوطني، جيش لا يُعد  لمواجهة داعش فقط، بل يُعد لحماية العراق، أرضاً وشعباً ، بمواجهة كل المخاطر، ما ظهر منها ، وما قد يظهر مستقبلاً. 

سنبقى ننشد " جيشنا سور للوطن" ، ولن نبدله بنشيد: "حرسنا الوطني سور للمحافظة"!!

    

 

 10.10.2014 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا