<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر التغيير والتطيير

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

التغيير والتطيير

 

 

صباح علي الشاهر

 

إلى أيام وأسابيع وأشهر قليلة ما قبل تشكيل الحكومة الجديدة تصاعد خطاب التغيير، حتى بدا للبعض أننا مقدمون على تغيير ما خلّفه بريمر، وربما مرحلة الإحتلال بكاملها، حتى أن البعض من اليساريين طفق يحلل جوهر التغيير، هل سيكون كيفيّاً، أم كميّاً، أم إن شدة التغيير الكمي وتراكمه ستؤدي لاحقاً ، ولو بعد حين، إلى تغيير كيفي ( نوعي )، وهل ما جرى وسيجري ضربة نوعية، أم هزّة في الجدار الصلد، ستتبعها هزات حتى يتهاوى حكم التخلف، والفساد، والتقاسم الطائفي!!  

لم يبق أحد من دون أن يدلو بدلوه في قضية التغيير، حتى أولئك الذين كان المطلوب تغييرهم ( تطفيشهم)، بدأوا يطالبون بالتغيير ويفلسفونه، وأمتد الأمر إلى المساجد والحسينيات، وخطباء الجمعة، ومن ثم المراجع الكبار.

وكي لا يكون التغيير مجرد تغيير أشخاص بآخرين، طالبت المرجعيىة بعدم "التمسك بالمناصب"، ثم لاحقاً بعدم  "تجريب المُجرّب"..

عبود الذي لم يكن معنياً بشيء، لأنه ما كان يؤمن بشيء، ردد مع المرددين ( بوية إحنه ما ينفعلنه غير التغيير).. التغيير هدفنا!!.. التغيير غايتنا!!..

بعض الذين كانوا إذا سمعوا بمفردة التغيير يطفر عرق من عروقهم، خشية، وخيفة، وحذرا  من هذه المفردة التي كانت من مفردات الهدامين والمُشاغبين والمُلحدين، أضحوا أكثر الناس صراخاً ومطالبة بالتغيير.. التغيير خلاصنا.. خلاصنا من الديكتاتورية، أو إعادة إستنساخ الديكتاتورية.. خلاصنا من الفساد والإفساد.. وفي المقدمة خلاصنا من الإرهاب، من القاعدة وداعش.. التغيير هدفنا وغايتنا وأملنا، لأنه وحده الذي يحافظ على وحدة عراقنا المهدد بالتقسيم، ومن دونه ستلتهمنا داعش، بعربنا وكردنا وتركماننا، بسنتنا وشيعتنا، بمسلمينا ومسيحيينا، و( يامحله التغيير... التغيير يلوك إلنه!).

رأيت الناس، رؤية العين المجردة، ينتقلون من مكان إلى مكان، يصبح اليسار يميناً، واليمين يساراً، حتى الذي سبت دهراً، إستيقظ وهو لا يفقه مما حولة سوى التغيير، وسبحان من يحيي العظام وهي رميم!

فجأة إكتشف تنابلة العملية السياسية، ولصوصها، وديناصوراتها مفردة التغيير، وكالطفل الذي يكتشف لعبة جديدة إستهلكوا هذه المفردة لفرط ما لعبوا بها.

هل ثمة من يجادل أن العراق بحاجة للتغيير؟ وهل ثمة بلد كائن من كان ليس بحاجة للتغيير.. التغيير علامة للنمو والإرتقاء، ودليل على أن الأوطان والشعوب حيّة، ولكن ماهو مفهومكم ياسادة الزمن الرديء للتغيير؟

هل التغيير إبدال زيد بعمر، أو تقديم نائب الأمين العام على الأمين العام، أم قيادة السلطة من قبل هذه الكتلة أو تلك؟ ولكن هل يختلف طعم الحنظل أن قدم بكأس نحاسي أم فخاري أم بكأس من زجاج؟

أيكون التغيير إعتراف وإقرار بضعفنا وعجزنا، وإنا لم نكن نفعل شيئاً طيلة عشر سنوات، سوى إهدار ثروة الشعب، بحيث أصبحنا نطالب بعودة من فرض نفسه علينا بالقوّة، وها نحن  اليوم نستدعيه وبقوّة أيضاً، متجاهلين أنه  هو أس  مآسينا وكوارثنا وسبب ضعفنا ونكباتنا وبلاوينا؟

وهللوا للتغيير، وإذا بالتغيير ذهب نوري وجاء حيدر، ذهب المالكي وجاء العبادي، ولكن ماذا بعد؟

إذا كانت مشكلة العراق تكمن في فلان أو فلان، فإننا سبق وأن غيرنا علاوي بالجعفري، وغيرنا الجعفري بالمالكي، ولن يختلف الأمر قيد إنمله ونحن نغير المالكي بالعبادي، وسوف لن يتغير لو أبدلنا العبادي بعبد المهدي أو باقر جبر، أو حتى بطارق الهاشمي .

"داوني بالتي كانت هي الداء" شعار المُدمن على الخمر، ولسنا مدمنين على المآسي والكوارث والنكبات ياسادة !

لاتداوونا بمن كان هو الداء، ولو كان فيه شفاؤنا لشفانا يوم هيمن على مقدراتنا ومقدرات البلد.

ألم تعرفوا بعد أن النهج الذي خطه لكم الغير هو ما ينبغي أن يتغير؟.. لماذا يظل "بريمر" فوقكم وتحتكم وأمامكم وخلفكم وحواليكم؟

هل ندلكم على التغيير الحقيقي، البعض القليل جداً من هذا التغيير لوّح به - إن صدقاً وإن كذباً-  من غيرتموه بعد تجربة مريرة، وإخفاقات كارثية..

التغيير يعني التخلص من التقاسم الطائفي، ومغادرة الخنادق الطائفية، والتخلص  من الإرتهان إلى الكتل المتناحرة، وتأكيد وحدة البلد، من خلال سيادة مفهوم المواطنة العراقية، التي تعلو على أي شيء عداها، واللجوء إلى حكومة الأغلبية السياسية، لا الطائفية أو العنصرية، وإعادة هيبة الدولة، وإضعاف هيمنة البيوتات المذهبية والعشائرية، ومواجهة المليشيات بأي زي تزينت، وإعادة النظر بالدستور وقوانين بريمر، وفك الإرتهان بالأجنبي، والإستفادة من التطورات الكونية المعاصرة قصد الوصول إلى تكريس القرار السياسي المستقل، الذي لا يستطيع أكثركم مغالطة الإدعاء بإنه حاصل اليوم.  

 لكنكم بدل هذا جئتمونا ببدعة "المقبولية"، لتجعلوها بديلاً عن رأي الشعب الذي ركنتموه جانباً، وأعملتم أمور وقضايا لا علاقة لها لا بالديمقراطية، ولا بالتداول السلمي للسلطة، مستحدثين  مفاهيم لم يسبقكم إليها أكثر شياطين الأنس مَلعَنة، فهل كنتم تنشدون التغيير والتطور، أم الإستمرارية وبقاء الحال على ماهو عليه؟

لماذا لم يعد أحدكم يتحدث عن التغيير اليوم، أكان التغيير ذريعة، بعد أن أدت ما عليها ركنتموها جانباً، أم أنكم تحسبون أن التغيير قد حصل؟ أهذا ما كنتم تعدون به الشعب؟

رئيس وزراء سابق، أجبرتموه على الإستقالة سابقاً يصبح وزيراً للخارجية في التغيير، ووزيراً للخارجية طيلة عشر سنوات، يترك وزارته كلما طلب منه إبن أخته ذلك، يصبح نائباً لرئيس الوزراء، ووزيراً للداخلية سابق، ووزيرا للمالية أسبق، يصبح وزيراً للنقل، ونائبا لرئيس الجمهورية، تطارده فضيحة لم يبت بها بعد، يصبح وزيراً للنفط، ونائباً مستداماً لرئيس الوزراء يصبح وزيراً للمالية، ورئيس وزراء أسبق وسابق، ورئيس برلمان سابق يصبحون  نوابا لرئيس الجمهورية، ونائب رئيس وزراء سابق لشؤون الطاقة ووزير نفط سابق، ووزير كهرباء بالوكالة، يصبح وزيراً للتعليم العالي.. و..و.. والحديث ذو شجون!

ذريعة " التغيير"، مثلما ذريعة" المُجرب لا يجرب"، مثلما ذريعة" مقاومة الديكتاتورية"، مثلما ذريعة " المقبولية "، " مثلما ذريعة " التداول السلمي للسلطة" ليست أكثر من كلمات متقاطعة يُمتحن بها ذكاء صبي في مراحل الدراسة الإبتدائية الأولى ..

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا