<%@ Language=JavaScript %>  صباح علي الشاهر شراء الخدمة !!

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

شراء الخدمة !!

 

 

صباح علي الشاهر

ذات السعف، ذات العرانيص، سيدة الشجر المقتنى، مُسميات وأواصاف لعمتنا النخلة، تتعدد الأوصاف والجوهر واحد، تظل النخلة نخلة بإي إسم تسمت، وبأي وصف وصفت ..

دفعني لهذا الإستهلال ما جاء في برنامج السيد رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي من وصف سياسته الإقتصادية المقترحة ، والتي هي الخصخصة، بتعبير رشيق ( شراء الخدمة ) ، ووعدنا بأن سياسة شراء الخدمة ( أي الخصخصة) ستشمل الحقول الإقتصادية كافة..

ما الذي تبقى لنا لنخصصه.. المصانع التي قيل أن عددها يتجاوز السبعة آلاف مصنع، لم يبق منها سوى الخردة، ومنتسبين يتقاضون أجورهم منذ أحد عشر عاماً، ومن دونما عمل يؤدونه، وأغلبها قد تمت خصخصته تحت مسميات شتى، من جنس مُسمى ( شراء الخدمة ) .

كانت سلع القطاع العام والمختلط، وحتى الخاص تلقى قبولاً، حتى ولو كان قبول المضطر، لعدم وجود التنافس المفتوح على مصراعيه، هذا القبول جعل عجلة المصانع تدور، وجعل السلعة تتطور، وتتحسن  مما جعل المنتوج الوطني قادر على منافسة المنتوج الأجنبي مع وجود الدعم الذي لابد منه في المراحل المبكرة من الإنتاج، حتى يستقيم عود الشركات المنتجه .

قد يكون البعض مولع بإعطاء شواهد، والشواهد كثيرة، بدءاً من مصانع باتا ودجلة للأحذية، وسكائر سومر وبغداد، وبيرة ديانا وفريدة وأمستل (مع الإعتذار للأخوة المتدينين) ومنتجات شركات النسيج، وصوبات علاء الدين، والثلاجات والغسالات، والتراكتورات، وصولاً إلى شاحنات عنتر وسيارات الصالون، والأمثلة أكثر من أن تُعد وتحصى، أما المنتجات الغذائية والدوائية فقد كدنا نصل حافة الإكتفاء الذاتي، أما في مجال التصنيع العسكري فقد قطعنا شوطاً طويلاً، لا يمكن تجاهله ..

لم يبق لنا من كل هذا شيء، بفعل الأصدقاء الأمريكان، الذين أجبرونا على الدخول في إقتصاد السوق، وحرية التجارة، ومنعونا من تقديم أي دعم ليس فقط لمؤسسات الدولة والقطاع العام، والمختلط ، ولكن حتى للقطاع الخاص، ولم يقف الأمر عند هذا الحد فالبنك الدولي يمنع دعم الدواء والغذاء أيضاً لأن هذا الدعم يتعارض مع السوق الحرّة وحرية التجارة ، التي تفرض وتلزم عدم وضع أي عراقيل أمام إنسياب البضاعة من اي منشأ، وفسح المجال أمامها للتحرك والتنافس بكامل الحرية وبإنسيابية مطلقة، وحيث أنه لم يكن بإمكان إطارات شركة الديوانية منافسة إطارات ميشلان مثلاً ، ولا منافسة سيارات الإسكندرية لشوفرليت أو فورد، لا من حيث الجودة فقط ، وإنما من حيث السعر أيضاً بعد إيقاف الدعم ، فقد كان من البدهي أن تصبح معامل الإنتاج كلها، في كافة المجالات مجرد خردة، حتى لو سلمت من الدمار والنهب الذي إستهدفها عقب الإحتلال، وآل بنا الأمر إلى أن  نستور حتى التمر واللبن والآيس كريم ، والماء من دول صحراوية ليس فيها أنهار ..

ماهي الحقول التي ستشملها سياسة ( شراء الخدمة )؟

لم يبق لنا سوى بعض النفط، وبعض الغاز، والكهرباء، والماء الذي نشربه، وإلميناء، والسكك الحديد، فهل سيقدم السيد رئيس الوزراء على إدراجها في سياسته الإقتصادية المقترحة، سياسة ( شراء الخدمة ) ؟ وهل سيشتري المواطن العراقي الكهرباء من القطاع الخاص الأكثر قدرة على توفير الكهرباء بإستمرار  وبلا إنقطاع، بعد أن أن عانى ما عانى من مشكلة الكهرباء، التي عجزت الدولة عن توفيرها طيلة أكثر من عقد من الزمن، وفق سياسة يبدو أنها كانت مقصودة، بحيث يضطر المواطن، والمسؤول أيضاً، بعد شعوره بالعجز، إلى القبول  بالخصخصة، وتقديم هذا القطاع إلى الإستثمار، لا الوطني الذي ليس بمقدوره سوى توفير مولدات لشارع أو حي، وإنما لمستثمر أجنبي، وهكذا سيكون الأمر بالنسبة للقطاعات الأخرى ، فالرأسمالي الوطني أثبت فشله تماماً، حتى في رصف رصيف شارع، وفي بناء مدرسة، بعد أن أصبح قطاع المقاولات حكراً على الفاسدين والمرتشين بالتواطوء مع من أصبحوا في موقع القرار، وبإرادة وقبول ( ماما أمريكا) ..  

وبغض النظر عن مآلات الخصخصة الكارثية بالنسبة للأغلبية الساحقة من الشعب، وهو ما أكدته تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال، وليس بعيد عنا المثال المصري حيث إضطر ملايين الناس لمشاركة الموتى، والسكن في المقابر، فإننا نستلفت إنتباه المسؤولين، والسيد رئيس الوزراء في مقدمتهم إلى أن العراق بلد ( ريعي) ، وأن الثروة الرئيسية فيه ( النفط والغاز) ملك للشعب، وثروة الشعب تترجم إلى خدمات مجانيّة أو شبه مجانية، أو مدعومة، وهذا ما توفره الدولة ، ولا يمكن أن توفره الخصخصة بطبيعتها الإحتكارية الإستغلالية، وبالتالي فإن سياسة ( شراء الخدمة ) تتعارض كلياً مع نص الدستور الصريح، وتسلب الشعب حقه ، لمصلحة فئة قليلة ستكون في أحسن الأحوال مجرد قومسيونجي لشركات النهب الإحتكارية.

أنتم ملزمون بتوفير الكهرباء وماء الشفه بسعر رمزي، وملزمون بحكم كونكم أصبحتم أوصياء على ثروة الشعب، بدعم المواد الإستهلاكية الضرورية للحياة، وبتوفير العلاج المجاني المناسب للمواطنين ووفق المعاييرالدولية، وبتوفير التعليم المجاني اللائق، وتوفير التنقل، بشتى وسائل النقل، وبأسعار مناسبة لاتثقل كاهل المواطن، وتوفير السكن قليل الكلفة، أفقياً وعمودياً، لمستحقيه من ذوي الدخل المحدود مجاناً، أو بأثمان رمزية، ومثل هذه الخدمات لا توفرها سوى مؤسسات مدارة من قبل الدولة، تتحمل  ما يعرف إقتصادياً بـ( الخسارة المنظورة والربح غير المنظور) ..

السيد رئيس الوزراء، إذا كانت سياسة ( شراء الخدمة ) من بنات أفكارك، فنرجوا التخلي عنها، فهي لا ولن تخدم سوى حفنة من المستغلين، وإن كانت مفروضة عليك في إطار ظروف معقده، فأنت غير ملزم بتنفيذ رغبات حيتان نهمه لا تشبع أبداً ..

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا