<%@ Language=JavaScript %> نزار رهك الشهيد الشيوعي محمود عسكر الحديثي ستبقى رمزا للبطولة والبسالة التي لن تنسى

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

الشهيد الشيوعي محمود عسكر الحديثي

 

 

ستبقى رمزا للبطولة والبسالة

 

نزار رهك

 

الشهيد محمود عسكر الحديثي الشاب الأسمر ذو الملامح العراقية البدوية .. قوي التقاسيم كشخصيته النضالية .. حادة سلوكيته المبدئية كعمق المباديء التي كان يعتنقها .. لم يكن يحيد عنها حتى ولو بشعرة .. ومن يعرفه كشخص , يعرف كيف يكرّس المناضل حياته للنضال و كيف تكون أيامه تذوب في تفاصيل هذا النضال وخططه و إمتداده الجماهيري و تربية أجيال من المناضلين ليكملوا المسيرة .. إنه الشاب الذي لم يكن يعرف التعب والكلل و لا حتى الهزيمة .. لأنه كان يؤمن بالضرورة ويفهمها .. وأن مستقبل الناس وسعادتهم تكمن بالحرية الحقيقية و سعادتهم الحقيقية .. لذا لم يكن له طريقا آخر سوى أن يختار طريق النضال في صفوف الحزب الشيوعي العراقي .. وكان مثالا للقائد المنظم الحزبي الذي لا يساوم و لا ينهار أو يهزم ... إنه المناضل الذي يتسابق مع الموت و لا يخون مبادئه ووطنه وشعبه ورفاقه ..

ويعجب المرء كيف تتجمع كل صفات النضال والبطولة و نكران الذات و الفهم العميق للمباديء و الصرامة على أن لا يحيد عنها في شخص كان شابا في مقتبل العمر ولم يكن متزوجا وليست في باله مشاريع للزواج وبناء العائلة و أختار طريق النضال حتى آخر ممكناته و قدراته و حتى في صحته الى مدياتها القصوى .. والصمود في أقبية التعذيب الفاشية البعثية حتى الشهادة .. أي شخصية في التاريخ تحمل هذه القدرات ؟ أي بطولة يراد لها النسيان , تلك التي أمضى بها حياته و بها إنتهى الى صفوف خيرة الأبطال والمناضلين ؟ وأي عراقي لا يستطيع إلا أن يفتخر بهذه النماذج العراقية الأصيلة والشيوعية الأقوى من الموت .. الشيوعيون العراقيون الذين لهم تاريخ كان من بناته الشهيد محمود عسكر عليه أن لا يسمح بأقل من بطولته في قياداته و بأقل من إستعداده للتضحية بين قياداته الميدانية و بأقل من تمسكه بالمباديء في توجه الحزب الوطني ..

لقد كان الشهيد محمود عسكر عضو مكتب محلية الحزب الشيوعي العراقي لمدينة الشعلة  عندما تعرض لمحاولة إغتيال من قبل رجال أمن النظام الفاشي السابق عام 1977.. حيث دهسته أحد سياراتهم اللاندكروز وهو على الرصيف خارجا لتوه من مستشفى النور حيث تم تعيينه بعد تخرجه من معهد الصحة وقد كان أول معيلا للعائلة لوالديه العاجزين و أخوته الطلبة .. كانت عملية الدهس مقصودة و بدليل شهود العيان اللذين شاهدوا السيارة التي لم يكن غير أمن النظام السابق يمتلكها و هي تصعب الرصيف وتتوجه مسرعة بأتجاهه .. كان أحد المستهدفين بالتصفية مع مجموعة من القادة المحليين والكوادر التي كانت في دائرة الأهداف الفاشية ... وتعرض إثر هذه العملية الجبانة الى عمليات جراحية صعبة و خرج منها بأعجوبة و لكن بوضع صحي صعب أيضا ترافق مع الهجمة الشرسة للنظام ضد تنظيمات الحزب .. وكان رغم حالته الصحية المتدهورة و الأرتجاج في الدماغ و كسور الجمجمة الملتئمة بالكاد ..كان لم يزل محافظا على قدراته التنظيمية الصارمة و حصانته العالية الدقة لبقايا التنظيم الجريح المشتت و عناصره التي لم تكن مهيئة لمثل هذه الهجمة بقيادات سياسية عليا تركت الوطن و رفاق الحزب يصارعوا فيه نظاما مدججا بأجهزته القمعية بجلودهم العارية و مبادئهم وثوريتهم و قدراتهم الفردية المجردة .. قد كنا في خضم هذا الصراع وكان معنا الشهداء جميعا .. عائلة واحدة .. خلية واحدة .. حزب واحد .. تقطعت شرايينه وبقي قلبه ينبض بتحد ليس له مثيل .. ولم يخلق تاريخنا صمودا بمثل هذا الصمود ولا بطولة وصبرا بمثل هذه البطولة وهذا الصبر ..

ومع الشهيد محمود عسكر الحديثي, الذي تفتخر عائلتنا بأخفائه , نستذكر بكل فخر و أعتزاز نخبة من المناضلين كانوا قد تبادلوا الألم والمصاعب و التخفي والجوع والحرمان و معاناة العمل السري ضد أقسى ما أنتجته الماكنة السلطوية في التاريخ العراقي من أساليب التجسس و المراقبة و الأستعداد لأرتكاب المجازر و إنتهاك الحرمات و إبادة العوائل بمن فيها .. لقد كان معنا الشهداء :

الشهيد خليل تعبان الطالب الجامعي كلية العلوم جامعة بغداد من مدينة الشعلة إستشهد بأقبية الأعتقال البعثية تعذيبا ..

أخي الشهيد إبراهيم حسين رهك الطالب في المعهد الصحي في المسيب تجاوز تعذيب المعتقلات و تم إطلاق سراحه والعائلة بمرسوم جمهوري و أستشهد بعد الأحتلال بعبوة ناسفة سوية مع أخي ..

الشهيد كريم حسين رهك المستدعى لخدمته العسكرية تجاوز تعذيب المعتقلات و تم إطلاق سراحه بمرسوم جمهوري و أستشهد بعد الأحتلال بعبوة ناسفة..

وكذلك أخي الشهيد علاء حسين رهك خريج معهد تكنولوجيا جامعة بغداد تجاوز تعذيب المعتقلات وأسكن في سجن أبو غريب  وتمت زيارته وقد كان مقعدا ولا يقوى على الوقوف على رجليه بسبب التعذيب وتم تصفيته بعد ذلك دون تاريخ و مكان و جثة ..

لقد كان إختفاء الشهيد محمود عسكر مع رفاقه في بيتنا ليست فقط  لظروف أمنية قاسية وإنما أيضا لظروفه الصحية الصعبة .. فقد كان على إستعداد ليفترش الحدائق العامة و المرآءب و أتعس المكانات و أكثرها قساوة .. ولكنه كان لم يزل تحت العلاج الطبي و تناول الأدوية وقد فرضت عليه العائلة ورفاقنا البقاء بيننا ليكمل علاجاته الطبية التي لم يكن يستطع العيش دونها بعد محاولة الأغتيال السابقة وقد كان مثالا يحتذى به بالأدب و الطيبة و الشعور بالمسؤولية .. و كبقية الرفاق المختفين مثالا رائعا في صيانة البيت و أسرار التنظيم و الرفاق المختفين وتنقلاتهم و طرق إيصال المعلومات بينهم ..

لقد تعلمت من الشهيد كيف يكون الرفيق الفرد حزبا عندما يتعرض الحزب للأنتكاسة و كيف يكون الرفيق قائدا عندما تنهار القيادة الرسمية و كيف تكون البطولة في مواجهة العدوا ليست فقط حروفا على ورق الجرائد بل إرادة في القلب و العقل والظمير .. ولكل إنسان ميتة واحدة وعلى الشيوعي أن يموتها بشرف و أمانة لوطنه وشعبه ومبادئه السامية والنبيلة .

المبدئية لدى الشهيد محمود عسكر لا تقبل المساومة والتسامح تجاه الخيانة و قد تجلت حينذاك من موقفه الحاد والصارم في رفض التعامل مع قادة حزبيين بمجرد إن خبرا ما كان قد وصل حينذاك عن تواجده في مكان كان متفق على عدم تواجده فيه .

أي تعاون مع العدو هو خيانة للرفاق و أي مساومة مع العدو هي خيانة للحزب وأي تخلي عن النضال هو خيانة لدماء الشهداء .. أي قيادة غير مستعدة للتضحية لا تصلح أن تقود حزبا يفترض ان يقود الشعب نحو حريته و سعادته .

كان الشهيد يرتب مواعيد لقاءاته الحزبية بدقة و قد كان يخرج من البيت في أوقات فيها أقل ما يمكن من مارة و كان الشهيد علاء يستطلع الطريق ويعطي إشارة عن بعد لأخي الشهيد كريم و بدوره يعطي للشهيد أشارة السماح بالخروج .. وكان رجوعه  له أيضا تقليد وأشارات لا تقبل الخطأ .. حيث لا يسمح للعدوا أن يحدد نهاية المناضل ومصيره ..

لقدد حدد الشهيد محمود عسكر نهايته البطولية بقرار منه وليس فرضا عليه .. خرج الى موعده الحزبي المعتاد و لكن في هذه المرة دون إشارات العودة و دون وداع  لقد كان موعده مع العدو ليواجهه هذه المرة وجها لوجه .. وليصرخ في وجوههم .. ها أنذا لن أهزم و أتحداكم و أتحدى الهزيمة وسوف لن تنالوا شيئا مني حتى لو تم تقطيعي إربا ...

 لم يرجع محمود في موعده ولا بعد نصف ساعة أو ساعة ولا في اليوم التالي .. وأعلن النفير في البيت و بقي إخوتي خارج البيت لساعات منتشرين بين موقف الباص و الشارع العام ومداخل المدينة .. لم يعد محمود من موعده المعتاد .. كان يعني إنه سوف لن يعود أبدا لقد تم إعتقاله لا محالة .. ورغم المعتاد أيضا للمخاطر التي كان من الممكن أن تتعرض لها العائلة في حالة إعتقال أي شخص كان مختفيا فيه ولكن هذه المرة كان الخوف والقلق على محمود نفسه أكثر من الخوف والخشية على العائلة منه .. كانت ثقة الجميع به عالية جدا و بلا حدود  فقد كانت الثقة عالية حتى المنتهى بصمود الشاب الشيوعي محمود عسكر الحديثي .. وهو ماكان و ما قد كان متوقعا أن يكون .. إنه صمد في أقبيتهم حتى الشهادة .. قد يكون قد أوقعت فيه خيانة أو وشاية ما أو كما عرفنا لا حقا من قيادات في كردستان قد خانت مبادئها و تعاونت مع الأعداء ضد رفاق الحزب في الداخل ...

 ماذا لو أبقى الأمريكان أرشيف المخابرات البعثية بأيدي الشعب العراقي ؟

وبمعزل عن كيف ولماذا إتخذ محمود عسكر موقفه هذا؟ وكيف كان أستشهاده ؟ وكم بقي من الوقت تحت أجهزة التعذيب صامدا ؟ ولكنه وفي جميع الحالات كان قد إختار المواجهة الشجاعة والتحدي و طريق البطولة والشهامة والصدق في المباديء .. لقد إختار الشهادة من أجل وطن حر وشعب سعيد.

 

لن ننسى محمود عسكر ولن ننسى شهدائنا ولن ننسى القيم في الصمود والمواجهة ولن ننسى عدونا الذي تتبدل أشكاله و أسماءه و قد علمنا الشهيد محمود أن عدونا شرس وفاسد و مستعد لأرتكاب الجرائم من أجل مصالح أسياده الأمبرياليين المدججين بأرقى التقنيات و جيش هائل من المرتزقة والخونة والأنتهازيين والفاسدين ...

تحية لصمودك البطولي و لأستشهادك البطولي و تحية للطريق الذي أخترته ... وليسقط الخونة والعملاء ..

 أنا أفتقدك أيها الرفيق ..

 

المانيا

11.11.2014

 Rahak@t-online.de

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا