<%@ Language=JavaScript %> محمد الحنفي حزب الطبقة العاملة، وضرورة الحفاظ على هويته الأيديولوجية: (الاشتراكية العلمية)، والسياسية.....

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

حزب الطبقة العاملة، وضرورة الحفاظ على هويته الأيديولوجية:

 

 (الاشتراكية العلمية)، والسياسية.....

 

 

محمد الحنفي

 

إلــــــــى:

المناضلين الأوفياء إلى:

ــ التاريخ.

ــ تضحيات الشهداء.

ــ الطبقة العاملة.

ــ من أجل مجتمع جديد تتحقق في إطاره الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية في أفق الاشتراكية في تطورها.

ــ من أجل أن تصير السيادة للشعب.

ــ من أجل سلطة شعبية ديمقراطية في ظل دستور ديمقراطي شعبي.

ــ من أجل قطع الطريق أمام كافة الانتهازيين مهما ادعوا الحفاظ على عذريتهم ومهما تساموا عن السقوط في المطبات القاتلة.

 

محمد الحنفي

 

تقديم:

إن الحديث عن حزب الطبقة العاملة، يقتضي منا، استحضار أهميتها، ودورها في الواقع الذي تنتمي إليه، رغم التحولات العميقة، التي صارت تعرفها هذه الطبقة، على مستوى المؤهلات التي غيرت من مستواها المعرفي، والعلمي، ورغم ما يمكن أن يطرح من أسئلة حول استمرار وجود الطبقة العاملة، بمفهومها التقليدي، وما دام إنتاج البضائع المختلفة قائما في الواقع، فإن الطبقة العاملة تبقى قائمة، وخاصة في بلد كالمغرب، حيث توجد الطبقة العاملة بمفهومها القديم، وبمفهومها الجديد، في نفس الوقت، مع ملاحظة التراجع المرعب عن الاستمرار في جعلها تهتم بواقعها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، نظرا لما يمارس عليها من ضغوط من قبل المشغلين، وفي انبثاق وعيها عن ذلك الاهتمام، وفي تطور ذلك الوعي، إلى مستوى ارتباطها بالتنظيمات النقابية، التي تحمل في ممارستها الجماهيرية، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي تنظيماتها القيادية، والقاعدية، مبادئ الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، حتى  تصير تلك المبادئ، وسيلة لجعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يساهمون في اتخاذ القرارات، التي تهمهم، وتخدم مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل أن يتحول وعيهم، من مجرد وعي نقابي، إلى وعي سياسي، يدفع بهم في اتجاه التحاقهم بحزب الطبقة العاملة، الذي يقود نضالاتهم، من أجل تغيير الواقع، والعمل على تحقيق التحرير بمفهومه الشامل، والديمقراطية بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والاشتراكية التي تعمل على تحويل ملكية وسائل الإنتاج، من الملكية الفردية، إلى الملكية الجماعية، من أجل القطع النهائي مع استغلال الطبقة العاملة، في ظل قيام الدولة الاشتراكية، باعتبارها دولة مدنية / ديمقراطية / علمانية، ودولة الحق، والقانون، بالإضافة إلى اعتبارها دولة اشتراكية.

وفي هذا الإطار، سنتناول موضوع: (حزب الطبقة العاملة، وضرورة الحفاظ على هويته الأيديولوجية، والسياسية)، من أجل المساهمة في مناقشة مفهوم حزب الطبقة العاملة، وهوية حزب الطبقة العاملة الأيديولوجية (الاشتراكية العلمية)، والسياسية، والمخاطر التي تتهدد حزب الطبقة العاملة، وسبل مواجهة مختلف المخاطر، مجيبين على السؤال:

ما العمل من أجل المحافظة على هوية حزب الطبقة العاملة الأيديولوجية، والسياسية؟

وإذا كنا في تناولنا لموضوع: (حزب الطبقة العاملة، وضرورة الحفاظ على هويته الأيديولوجية، والسياسية)، نستحضر الصعوبات التي يعيشها هذا الحزب، على أرض الواقع، فإننا يجب، أيضا، أن نستحضر:

أولا: ضرورة التصدي لكافة أشكال التضليل، التي تستهدف الطبقة العاملة، وحلفاءها، من أجل جعلهم ينصرفون عن التفكير في الواقع، في تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي لا تخدم إلا مصالح الطبقة الحاكمة، وحلفاءها، في جميع القارات، التي تعيش تحت وطأة الاستغلال الرأسمالي / الهمجي.

ثانيا: وضع برنامج علمي دقيق، لمواجهة أدلجة الدين الإسلامي، والأحزاب المؤدلجة له، أيديولوجيا، وفكريا، ونظريا، وثقافيا، وسياسيا، وكشف الخلفيات التي تقف وراء أدلجة الدين الإسلامي، التي يمارسها الحكام، والأحزاب التي تسمي نفسها دينية، كما يمارسها الأفراد  بوعي، أو بدون وعي، من أجل جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يميزون بين الدين كمعتقد، وكشأن فردي، وبين أدلجة الدين القائمة على أساس استغلال الدين أيديولوجيا، وسياسيا، أو التي تحوله من شأن فردي، إلى شأن جماعي.

ثالثا: إعادة الاعتبار للفكر الاشتراكي العلمي، وللتراث الاشتراكي، والتجارب الاشتراكية، والعمل على ترسيخ المنهج الاشتراكي العلمي، في التعامل مع الواقع، في تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من قبل المفكرين الاشتراكيين العلميين، ومن قبل الأحزاب التي تبني أيديولوجيتها، على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، سعيا إلى إبراز التناقضات القائمة في الواقع، ومن منطلق توظيف تلك التناقضات، لإيجاد صراع طبقي حقيقي، بأبعاده الأيديولوجية، والسياسية، أو الرفع من وتيرته، إن كان قائما في الواقع، والتصدي لأشكال الصراع الأخرى، في صفوف مختلف الجماهير الشعبية الكادحة، والتي لا علاقة لها بالصراع الطبقي الحقيقي.

رابعا: الحرص على دمقرطة الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، حتى تتاح لها فرصة تمكين المنتمين إلى كل حزب، من المساهمة في اختيار الأجهزة، وفي التقرير، والتنفيذ، وفي تفعيل الحياة الحزبية، في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، وفي قيادة الصراع ضد التحالف الطبقي: البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وضد البورجوازية، وضد الدولة الطبقية، وضد النظام الرأسمالي الوطني والدولي.

 خامسا: الحرص على أن تكون البرامج الحزبية: الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، هي القاعدة التي تبنى عليها العلاقات النضالية مع الجماهير، وفي صفوفها، حتى يصير ارتباطها بها جدليا، وعضويا، وتطابقيا، لإيجاد حزام جماهيري واسع، يدعم هذه الأحزاب، ويقويها، ويمدها بالمناضلين باستمرار.

فحزب الطبقة العاملة، إذن، هو حزب عمالي / جماهيري، يسعى، باستمرار، إلى تأطير الطبقة العاملة، وحلفائها، وإلى قيادة نضالاتها المرحلية، والإستراتيجية، في أفق التمكن من التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

وكون حزب الطبقة العاملة حزبا اشتراكيا علميا، فإن ذلك، يفرض عليه أن يعتبر التراث الاشتراكي العلمي، والتجارب الاشتراكية المختلفة، بإيجابياتها، وبسلبياتها، والتجارب الحزبية المختلفة، والتجارب الديمقراطية، والتراث الإنساني، والقيم الإنسانية النبيلة، من مختلف الحضارات، وكل ما يمت إلى ضرورة الحرص على إنسانية الإنسان، مسألة أساسية، ومرجعية رئيسية للحزب العمالي، حتى يعتبر عمله إضافة جديدة لكل ذلك، على جميع المستويات، وفي جميع المجالات، ومن أجل الحفاظ على هويته الأيديولوجية: (الاشتراكية العلمية)، والسياسية، في تطورهما، وفق ما تقتضيه الشروط الذاتية لحزب الطبقة العاملة، والشروط الموضوعية القائمة في الواقع الذي يعمل فيه هذا الحزب، ومن أجل أن يصير هذا الحزب، في تحالفه مع الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، محققا للأهداف المرحلية، والإستراتيجية، بعد إنضاج الشروط الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تصير مساعدة على ذلك.

 

مفهوم حزب الطبقة العاملة:

إن الحديث عن الطبقة العاملة، هو حديث عن الطبقة التي يوكل إليها إنتاج الخيرات المادية، والمعنوية، والحديث عن حزب الطبقة العاملة، هو حديث عن الحزب الذي تنتظم في إطاره هذه الطبقة، عندما يصير أفرادها مقتنعين بالأيديولوجية العلمية، والحاملين للوعي الطبقي الحقيقي.

 فالطبقة العاملة، التي ظهرت إلى حيز الوجود، مع مجيء النظام الرأسمالي، والتي صارت تتطور باستمرار، وخاصة في ظل عولمة اقتصاد السوق، سوف تبقى هي الطبقة الخاضعة لاستغلال النظام الرأسمالي، رغم الرشاوى التي يقدمها، هذا النظام، إلى العمال المؤهلين، ليتحولوا بذلك إلى أرستقراطية عمالية، تمارس كافة أشكال القهر على العمال غير المؤهلين، لإخضاعهم إلى المزيد من الاستغلال الهمجي، مع الحرمان من كل، أو من معظم حقوق الشغل، وباقي الحقوق الإنسانية، التي يفرضها واقع الإنسان العامل في مجتمع معين.

وإذا كان العمال، بحكم ارتباطهم بتشغيل وسائل الإنتاج، رهينين بخضوعهم للاستغلال الهمجي: المادي، والمعنوي، من قبل المشغلين (بكسر الغين)، فإن المفروض، أن يصير الاستغلال الممارس عليهم، وسيلة لانبثاق وعي معين، عن طريق إدراكهم لعلاقات الإنتاج، ولقيمة الإنتاج، ولفائض القيمة، الذي يذهب إلى جيوب المشغلين (بكسر الغين)، ولقيمة الأجور التي يتلقونها:

 هل تستجيب لمتطلبات الحياة الضرورية والكمالية؟

أم أنها دون الاستجابة إلى ذلك؟

وما العمل من أجل التخفيف من حدة الاستغلال الممارس على العمال؟

وكيف تعمل الطبقة العاملة على القضاء على الاستغلال؟

وما وسيلتها إلى ذلك؟

وما العمل من أجل الارتقاء بالعمال إلى الوعي بذاتهم؟

وما العمل من أجل جعل الطبقة العامة المؤهلة تمتلك وعيها بذاتها، حتى تتحول من وسيط بين المشغلين (بكسر الغين)، وبين العمال غير المؤهلين، إلى مرتبط عضويا بالطبقة العاملة، سواء كانت مؤهلة، أو غير مؤهلة؟

 

وحزب الطبقة العاملة، هو الإطار التنظيمي / السياسي، الذي ينتظم في إطاره المقتنعون بالاشتراكية العلمية، باعتبارها الأساس الذي تنبثق عنه أيديولوجية الطبقة العاملة، المعبرة عن مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

وهذا الحزب الذي يقود نضالات المقتنعين بأيديولوجية الطبقة العاملة، من أجل العمل على تحقيق البرنامج المرحلي، والإستراتيجي، في ترابطهما الجدلي، وفي تطورهما، والعمل على تحرير الإنسان والأرض، وتحقيق الديمقراطية بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والاشتراكية، التي تعتبر حلما للكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة.

 

وهذا الحزب العمالي، لا بد، في وجوده من ثلاثة أسس مترابطة ارتباطا جدليا، ومنسجمة، ومكملة لبعضها البعض: الأساس الأيديولوجي، الذي يعتبر شرطا لوجود الأساس التنظيمي، الذي يقوم بدور أساسي في وجود وبلورة الأساس السياسي.

 

فهذه الأسس الثلاثة، لا بد أن ترتبط فيما بينها ارتباطا جدليا، ولا بد أن تكون منسجمة، ولا بد أن تكون مكملة لبعضها البعض.

 

فالأساس الأيديولوجي، باعتباره معبرا عن مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يدفع بالمقتنعين به، إلى الانتظام في إطار حزب الطبقة العاملة، باعتباره منسجما مع الأيديولوجية العلمية، لهذه الطبقة، من أجل العمل على بلورة مواقف سياسية، من خلال الارتباط بالواقع، في مظاهره الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تصير تلك المواقف معبرة عن الواقع، ومستجيبة لطموحات الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، وعاملة على جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ينخرطون في النضال من اجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

 

والأساس التنظيمي، يعمل على تنظيم المنتمين إليه، وتوجيه عملهم، في أفق:

 

استيعاب التصور التنظيمي، المترتب عن الاقتناع بأيديولوجية الطبقة العاملة، والالتزام بضوابطه المنصوص عليها في نظامه الأساسي، والداخلي، واحترام مبادئه، والعمل على تفعيل برنامجه المرحلي، والإستراتيجي.

 

2) استيعاب قوانين الاشتراكية العلمية، والعمل على إشاعة الاهتمام بها في المجتمع، وتطويرها، انطلاقا من التطور الحاصل في المجالات العلمية، والمعرفية، وخاصة تلك التي تسمى بالعلوم الدقيقة: الرياضية، والفيزيائية، والطبيعية، بالإضافة إلى التقنيات الحديثة، التي تعرف تطورا لا محدودا، والتمرس على توظيف تلك القوانين، في التعامل مع الواقع، في أبعاده الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل تجسيد مقولة: (التحليل الملموس، للواقع الملموس)، سعيا إلى الإدراك الدقيق لخصوصية الواقع، والوصول إلى معرفة ما يجب عمله، من أجل تغييره بما يخدم مصلحة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

3) استيعاب البرنامج المرحلي، والإستراتيجي، وبالدقة المطلوبة، من أجل الانخراط في تفعيله، بما ينسجم مع ما تقتضيه الشروط الذاتية لحزب الطبقة العاملة، والشروط الموضوعية القائمة في الواقع، حتى يصير تفعيل البرنامج في خدمة التحول الإيجابي، الذي يعرفه الواقع، في اتجاه صيرورته في خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

4) استيعاب طبيعة المواقف السياسية، التي يجب أن يتخذها الحزب، من مختلف القضايا  الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وفي كل المحطات السياسية، وكلما اقتضت الشروط الموضوعية ذلك، ومن أجل التسليح بعملية التحول السياسي، الذي يعتبر شرطا لكافة أشكال الأخرى، التي تهم مختلف المجالات.

 

5) استيعاب أهمية العمل الجماهيري، الذي يعتبر ضروريا بالنسبة لمناضلي حزب الطبقة العاملة، الذين يحققون أهدافا محددة، عن طريق الانخراط في المنظمات الجماهيرية، من أجل الارتباط بالجماهير المعنية، بطبيعة عمل جماهيري معين. وأهم هذه الأهداف نجد:

 

ا ـ تعبئة الجماهير المعنية بالعمل الجماهيري، من أجل ممارسة الضغط، في أفق انتزاع المزيد من المكاسب لصالحها، والتخفيف من حدة الاستغلال، وفسح المجال أمام إمكانية امتلاك الوعي بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، الذي يصير ضروريا بامتلاك الوعي الطبقي، المؤدي، بالضرورة، إلى الوعي بالذات، الذي ينقل الطبقة العاملة، وحلفاءها، إلى خوض الصراع الطبقي، في أبعاده الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والأيديولوجية، والسياسية، الذي يبقى مفتوحا على المستقبل، إلى أن يتم التحرير، وتتحقق الديمقراطية، وتصير الاشتراكية أمرا واقعا، بعد تحويل ملكية وسائل الإنتاج، من الملكية الفردية، إلى الملكية الجماعية، بعد تحقيق حسم الصراع لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

ب ـ ربط العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بحزب الطبقة العاملة، بعد الشروع في تفعيل برنامج هذا الحزب في صفوفهم، وبعد وعيهم بذلك البرنامج، حتى يصير العمال، وحلفاؤهم، وسيلة لتغذية الحزب، بالعناصر الأكثر وعيا منهم، ليشكلوا بذلك طليعة الطبقة العاملة، وحلفاءها، الذين يشكلون تحالفا في إطار طليعة المجتمع، بقيادة الطبقة العاملة، ومن أجل أن يصير لحزب الطبقة العاملة، حزام جماهيري واسع.

 

ج ـ تنمية الوعي الطبقي، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بإمدادهم المستمر بالفكر التنويري، وبالفكر الاشتراكي العلمي، وبربطهم بالواقع: واقع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وواقع الشعب الكادح، وعلى المستوى الوطني، والقومي، والعالمي، حتى يصير الوعي بالواقع، وبما يجري فيه، جزءا لا يتجزأ من ممارستهم اليومية. وهو ما يعتبر شكلا من أشكال التعبئة الذاتية لكل الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة.

 

د ـ تحويل الوعي الطبقي، إلى وعي سياسي، يدفع بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلى العمل في إطار حزب الطبقة العاملة، الذي يقود النضالات السياسية: المرحلية، والإستراتيجية، لكل الكادحين، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، والشروع مباشرة في بناء الدولة الاشتراكية.

 

ه ـ مساهمة الطبقة العاملة، ومن موقعها الإنتاجي، في بناء حزبها الذي لا يكون إلا ثوريا، ولكنه، كذلك، لا يكون إلا ديمقراطيا؛ لأن من سمات أيديولوجية الطبقة العاملة، أن ثورية حزبها، تتجسد في نضالات الطبقة العاملة، من أجل تحرير المجتمع، من الاستغلال المادي، والمعنوي، ومن أجل الديمقراطية، بمضامينها العلمية، لوضع حد للاستبداد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ومن أجل الاشتراك بتحويل ملكية وسائل الإنتاج، من الملكية الفردية، إلى الملكية الجماعية، لتصير الثروة المنتجة، في ملكية المجتمع، الذي تعمل دولته الاشتراكية، على توزيعها توزيعا عادلا، على جميع أفراد المجتمع، وبالطريقة التي تتناسب مع بناء المجتمع الاشتراكي، والتي يجب أن لا تتناقض مع الديمقراطية، بمفهومها الاشتراكي.

 

6) استيعاب الدروس المستخلصة من مختلف التجارب الاشتراكية، التي يمكن الاسترشاد بها، في صياغة فكر، وممارسة مناضلي حزب الطبقة العاملة، حتى يصيروا أكثر فعلا، وأكثر تأثيرا في الواقع الذي يتحرك فيه، مستثمرا الإيجابيات، ومتجنبا السلبيات، التي عرفتها تلك التجارب الاشتراكية، حتى تتوفر إمكانية إبراز أهمية حزب الطبقة العاملة، كحزب عمالي، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، التي تلتف حوله، من خلال الالتفاف حول طليعة الطبقة العاملة، باعتبارها طليعة المجتمع برمته، وتشرع في خوض النضالات المطلبية.

 

7) استيعاب أهمية خصوصية الواقع، في الفكر الاشتراكي العلمي، من منطلق: أن قوانين لاشتراكية، صالحة للتعامل مع الواقع المختلف في الزمان، والمكان، لنعرف بذلك القوانين التي يمكن تفعيلها، من أجل تغييره، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بتحرير المجتمع، ودمقرطته، وبتحقيق الاشتراكية.

8) استيعاب أهمية العمل المشترك، في إطار التحالف المرحلي، والإستراتيجي، حول قضايا محددة، أو حول برنامج الحد الأدنى، الذي يتم الاتفاق عليه بين الأطراف الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، التي تقبل التحالف مع حزب الطبقة العاملة، سعيا إلى تحقيق البرنامج المشترك.

 

9) استيعاب أهمية بناء جبهة وطنية، للنضال من أجل الديمقراطية، التي تنخرط فيها لأحزاب المناضلة، والنقابات المبدئية المناضلة، والجمعيات الحقوقية، والثقافية: المبدئية، والمناضلة، انطلاقا من برنامج الحد الأدنى، الذي تناضل من أجل تحقيقه على أرض الواقع، لتتحقق بذلك الديمقراطية بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والحقوقية، والثقافية، والسياسية.

 

وعملية الاستيعاب، التي تشمل التصور التنظيمي، وقوانين الاشتراكية العلمية، والبرنامجين: المرحلي، والاستراتيجي، وطبيعة المواقف السياسية لحزب الطبقة العاملة، وأهمية العمل الجماهيري، وتعبئة الجماهير المعنية بالعمل الجماهيري، والدروس المستخلصة من مختلف التجارب الاشتراكية، وخصوصية الواقع في الفكر الاشتراكي العلمي، وأهمية العمل المشترك، لتحقيق الأهداف المشتركة، وأهمية بناء جبهة وطنية للنضال من أجل تحقيق الديمقراطية، بمضامينها المختلفة، تعتبر مسألة أساسية للمناضلين في إطار حزب الطبقة العاملة، من أجل توظيفها توظيفا إيجابيا، ومناسبا في الممارسة النظرية، والعملية.

 

وقد يتبادر إلى الأذهان، عند الاحتكاك بمفهوم حزب الطبقة العاملة، أنه هو الحزب الذي لا ينخرط فيه إلا العمال، بقطع النظر عن كون العمال الحزبيين يقتنعون بأيديولوجيته القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، أو عدم الاقتناع بها، سواء كان الحزب يسعى إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، أو لا يسعى إلى ذلك أبدا. وحزب من هذا النوع، لا يمكن اعتباره لا من قريب، ولا من بعيد، حزبا للطبقة العاملة؛ لأنه، حتى وإن كان حزبا لا ينتظم فيه إلا العمال وحدهم، فإنه لا يسعى إلى تحقيق أهداف حزب الطبقة العاملة، المتمثلة في تحقيق التحرير ،والديمقراطية، والاشتراكية، نظرا لكونه لم ينتظم على أسس اقتناع المنتمين إليه، من العمال، بأيديولوجية الطبقة العاملة، القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، كما يقول الشهيد عمر بنجلون، وخاصة في تقديم التقرير الأيديولوجي، للمؤتمر الوطني الاستثنائي، للحركة الاتحادية الأصيلة، سنة 1975، ولأن التنظيم الحزبي العمالي، لا يمكن أن ينبني إلا على أساس الاقتناع بأيديولوجية الطبقة العاملة، ولأن حزب الطبقة العاملة، لا ينبني من أجل البناء فقط، بل من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وفي إطار العلاقة الجدلية القائمة فيما بينها، مما يجعل كل جانب منها، يقف وراء تطور، وتطوير الجوانب الأخرى. وذلك التطور، والتطوير، هو الذي يحدث الدينامية الملازمة لوجود حزب الطبقة العاملة.

 

والعمال، لا يمكن أن يعتبروا منتظمين، فعلا، في حزب الطبقة العاملة، إلا إذا كان حزب الطبقة العاملة قائما على الأسس العلمية الدقيقة، التي يقتضيها وجود هذا الحزب.

 

والعمال لا يمكن اعتبارهم منخرطين في هذا الحزب إلا إذا:

 

1) تأكد اقتناعهم بأيديولوجية الطبقة العاملة، التي تقوم على أساس اقتناعهم، في نفس الوقت، بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف.

 

2) أبانوا عن حرصهم على بناء حزب الطبقة العاملة، باعتباره حزبا ثوريا، انطلاقا من القوانين التنظيمية الثورية، التي تحكم عملية البناء في الأحزاب الثورية.

 

3) عملهم على تحقيق الأهداف الكبرى للحزب الثوري، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، باعتبار هذه الأهداف الكبرى، وسيلة، وهدفا.

 

وهذا الاقتناع بأيديولوجية الطبقة العاملة، المنبنية على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، ليس خاصا بالعمال، أو بالطبقة العاملة فقط، بقدر ما يشمل كل حلفاء الطبقة العاملة، بمن فيهم باقي الأجراء، وسائر الكادحين، وكل المنتمين إلى الطبقة الوسطى، الذين يقتنعون بأيديولوجية الطبقة العاملة، المنبنية على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، وكل المنتحرين طبقيا، من الذين اختاروا أن يتصنفوا إلى جانب الطبقة العاملة، ومعها، بعد الاقتناع بأيديولوجيتها، وبالاشتراكية العلمية، مما يجعل المنتمين إلى حزب الطبقة العاملة، يتكونون من العمال، والفلاحين الفقراء، والمعدمين، والمثقفين الثوريين، المشكلين للطبقة الوسطى، والمنتحرين الطبقيين.

 

وانطلاقا من هذا التصنيف للمنتمين إلى حزب الطبقة العاملة، المقتنعين بأيديولوجية هذا الحزب، وبالاشتراكية العلمية، نرى أن هذا الحزب، يستمد قوته من اتساع خريطة المنتمين إليه، في مجتمع معين، مما يمكنه، في حالة قيامه بدوره كاملا، من:

 

1) إشاعة الوعي الاشتراكي العلمي، الذي يترتب عنه الاقتناع بأيديولوجية الطبقة العاملة، في صفوف قطاع عريض من الجماهير الشعبية الكادحة: عمالا، وفلاحين فقراء، ومعدمين، ومثقفين ثوريين، يتحملون مسؤولية إشاعة الوعي، في المجتمع المعني، من أجل توسيع القاعدة الحزبية، والمحيط الحزبي، من الجماهير المعنية بالخطاب الاشتراكي العلمي، وبخطاب حزب الطبقة العاملة، وبخطابات المثقفين الثوريين.

 

2) إشاعة الاهتمام بالتجارب الاشتراكية، مهما كان شكلها، والتي عرفتها جميع قارات الكرة الأرضية، والتي لا تخلو من استفادة، لإغناء الفكر الاشتراكي العلمي، ولترسيخ أيديولوجية الطبقة العاملة، وللمساهمة في بناء حزب الطبقة العاملة أيديولوجيا، وسياسيا، وتنظيميا، ولجعل برنامج حزب الطبقة العاملة المرحلي، في خدمة تحقيق الأهداف الإستراتيجية، المتجسدة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

 

3) الارتباط بالجماهير الشعبية الكادحة، من خلال المنظمات الجماهيرية النقابية، والحقوقية، والثقافية، والتنموية، والتربوية، وغيرها، مما يساعد الحزب على لارتباط بالجماهير المعنية، انطلاقا من تصور علمي دقيق، وسعيا إلى تحقيق المطالب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، انطلاقا من الربط الجدلي بين النضال السياسي، والنضال الجماهيري، في أفق جعل الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، يدركون أهمية الوعي بمصدر الاستغلال الممارس عليهم، من قبل الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي.

 

4) العمل على جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يدركون طبيعة التشكيلة الاقتصادية، والاجتماعية، التي يعيشونها، بالإضافة إلى ضرورة إدراك طبيعة علاقات الإنتاج، التي تربطهم بالطبقة الممارسة للاستغلال، والمستفيدة منه، من خلال علاقتهم المباشرة، بوسائل الإنتاج، التي يشغلونها، لإنتاج البضائع المختلفة، وضرورة التفريق بين قيمة الإنتاج، والعناصر التي تتدخل في تحديدها، وفائض القيمة، الذي يذهب إلى جيوب المستغلين (بكسر الغين)، أنى كان لونهم، ومهما كانت الديانة التي يومنون بها.

 

5) إشاعة الاهتمام بفكر، وممارسة رموز الفكر الاشتراكي العلمي: التاريخيين، والمعاصرين، والدور الذي قاموا به، أو يقومون به، في عملية التحولات القائمة في الواقع، أو التي قامت سابقا، أو التي تحولت إلى تجربة تاريخية، أو مجموعة من التجارب التاريخية، أو تتحول إلى تجارب تاريخية، يمكن اعتمادها في الدراسة، والتحليل، من أجل استفادة حزب الطبقة العاملة منها، ويمكن أن تعتمدها الجماهير الشعبية الكادحة، في تحصين نفسها ضد الفكر الرجعي المتخلف، مهما كان مصدره، حتى وإن عمل مؤدلجو الدين الإسلامي، على إشاعته بين الجماهير الشعبية الكادحة.

 

6) العمل على تفعيل البرنامج الحزبي المرحلي، في أفق تحريك مختلف القطاعات الاجتماعية، التي تتفاعل معه، وتلتف حول الحزب العمالي، الذي يرتبط بهموم الجماهير الشعبية الكادحة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تعرف مشاكل عويصة، ويسعى الحزب إلى البحث في إيجاد حلول لتلك المشاكل، انطلاقا من تحليله الملموس، للواقع الملموس، كما كان يقول الشهيد عمر بنجلون، وتعبئة الجماهير الشعبية الكادحة، ومن خلال المنظمات الجماهيرية، من أجل النضال المرير، في أفق فرض الحلول، وتفعيلها على أرض الواقع.

 

وانطلاقا مما رأينا، فإن مفهوم حزب الطبقة العاملة، يتحدد من خلال اقتناع طليعة العمال، وطليعة حلفائهم، من باقي الأجراء، وسائر الكادحين، والفلاحين الفقراء، والمعدمين، وطليعة المثقفين، بأيديولوجية الطبقة العاملة، القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، وانطلاقا من ذلك الاقتناع، يتم العمل على إيجاد تصور تنظيمي / علمي دقيق، ينسجم مع طبيعة الطبقة العاملة، وحلفائها، ومع أيديولوجيتها، ومع الاشتراكية العلمية، انطلاقا من التجارب التنظيمية المنجزة، حتى الآن، وانطلاقا من الخصوصية، التي تحكم الواقع، الذي يعمل فيه الحزب، والذي يجب أن يستهدف التحليل الملموس، للواقع الملموس، من أجل إدراك القوانين المتحكمة في تسخير ه لاستغلال الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال، والعمل على إبطال مفعول تلك القوانين، في أفق تفعيل قوانين نقيضة، تساعد على نفي الاستغلال الممارس في المجتمع، وتحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

 

وهذا المفهوم، لا يتحقق إلا بوجود مناضلين ثوريين، يدركون، جيدا، ما معنى بناء الحزب الثوري، مع مراعاة الشروط الموضوعية، والمتجددة، التي تقتضي تطور المفهوم، وتطوير صيغ بناء الحزب الثوري، الذي يستند، بالدرجة الأولى، إلى الاقتناع بالفكر الاشتراكي العلمي، وبأيديولوجية الطبقة العاملة، وبطليعيتها في النظام الرأسمالي، و الرأسمالي التبعي، أو حتى في ظل النظام الذي يحكمه التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف.

 

ومفهوم حزب الطبقة العاملة، لا يكتسب دلالته العميقة، إلا باحترام مجموعة من المبادئ التي تميزه عن بقية الأحزاب، وتميز مناضليه عن المنتمين إلى الأحزاب الأخرى، التي يرتبطون بها، من أجل الحصول على نصيبهم، مما ينهب من ثروات الشعب، التي يحرم منها كادحوه، بسبب انتشار الفساد السياسي، وخاصة في البلدان ذات الأنظمة التابعة.

 

ومن المبادئ التي تعني مفهوم حزب الطبقة العاملة، وتكسبه أهمية خاصة، وتجعل مناضليه يحظون بثقة الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، نجد:

 

1) المركزية الديمقراطية، باعتبارها مبدأ يتكون من شقين:

 

الأول: المركزية التي تعني مركزة جميع القرارات، التي يتم اتخاذها في إطار الأجهزة التقريرية، والتي تتم مناقشتها على نطاق واسع، وفي مختلف المستويات التنظيمية، قبل خضوعها للمناقشة، في إطار الأجهزة التقريرية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، قبل اتخاذ القرار الذي يحال على الأجهزة التنفيذية، التي تحرص على أجرأة تنفيذه، في مستواه التنظيمي: المحلي، أو الإقليمي، أو الجهوي، أو الوطني.

 

والثاني: الديمقراطية، التي تتيح الفرصة لجميع المنظمين في الحزب، من أجل المساهمة في المناقشة، وإبداء الرأي، والاقتراح، قبل اتخاذ القرار، الذي يصير بعد اتخاذه، معبرا عن إرادة جميع المناضلين، الذين يقتنعون بمبدإ المركزية الديمقراطية، ويعملون على تفعيله على المستوى التنظيمي، من أجل المحافظة على وحدة الحزب: الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، باعتبارها هدفا أساسيا، ومركزيا، من وراء تفعيل مبدإ المركزية الديمقراطية.

 

2) النقد، والنقد الذاتي؛ لأن العمل الحزبي، ومن خلال ما يقوم به مناضلو حزب الطبقة العاملة، يكون قابلا للنقد، والنقد الذاتي، من قبل المناضلين، ومن قبل المستهدفين

بالنضال الحزبي، باعتباره نقدا بناء، يهدف إلى الكشف عن إيجابيات الممارسة النضالية العامة، وسلبياتها، وعن إيجابيات، وسلبيات الممارسة النضالية الخاصة، التي تهدف إلى أجرأة القرارات الحزبية على أرض الواقع، وفي حالة رجحان سلبية الممارسة، فإن على المناضل المعني، والهيأة التنظيمية المعنية بالممارسة السلبية، تقديم نقد ذاتي إلى التنظيم. وحتى يصير النقد، والنقد الذاتي بناء، يجب أن يستهدفا معا الممارسة النظرية، والعملية، حتى يتم تجنب ما هو شخصي، إلا إذا كانت له علاقة بالممارسة النظرية، أو العملية للمناضل، أو للتنظيم، وما هو شخصي، مما لا علاقة له بالممارسة، لا يكون خاضعا للنقد، ولا يستلزم تقديم النقد الذاتي.

 

3) المحاسبة الفردية، والجماعية، التي يستلزمها تكليف مناضلين، أو هيئات حزبية، بإنجاز مهام معينة، وإعداد تقارير كتابية، أو شفوية، حول الشروط التي صاحبت إنجاز المهام الحزبية والنضالية أو حالت دون إنجاز تلك المهام، أو بعضها، سواء تعلق الأمر بالأفراد، أو بالجماعات الحزبية، لحزب الطبقة العاملة، وفي حالة عدم إعداد تقارير في الموضوع، فإن الهيئات المعنية، تحاسب الأفراد عن عدم قيامهم بإنجاز المهام، أو الشروط التي تم فيها الإنجاز، كما تحاسب الهيئات.

 

4) خضوع الأقلية لإرادة الأغلبية، تعبيرا عن وحدة حزب الطبقة العاملة. وهذا الخضوع، لا يعني، أبدا، نفي رأي الأغلبية، الذي يبقى حاضرا في التنظيم الحزبي، إلى أن يتحول، بفعل الاقتناع به إلى رأي الأغلبية الحزبية، خاصة، وأن حركية الحزب، وتفاعله، في إطار الوحدة الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، تحتاج دائما إلى تفاعل الآراء، التي تعمل على تطور، وتطوير التنظيم، في حزب الطبقة العاملة، بفعل التطور الأيديولوجي ،الناجم عن تطور، وتطوير قوانين الاشتراكية العلمية، الناجم بدوره عن التطور الحاصل في العلوم، وفي قوانينها، وفي التقنيات الحديثة.

5) تفعيل مبادئ الاشتراكية العلمية، في الفكر، وفي الممارسة الفردية، والجماعية، لتنظيم حزب الطبقة العاملة، باعتباره حزبا قائما على أساس الاقتناع بأيديولوجية الطبقة العاملة، المنبنية على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، بقوانينها: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، وهو ما يستوجب ضرورة حضور مبادئ الاشتراكية العلمية، في النظرية، وفي ممارسة حزب الطبقة العاملة، باعتبارها وسيلة لتحصين الحزب، من كل أشكال التحريف، التي تستهدفه.

 6 الاستفادة من مختلف تجارب الاشتراكية العلمية، التي وقفت وراء إنشاء دول اشتراكية مختلفة، من أجل الوقوف وراء تطور، وتطوير أداء حزب الطبقة العاملة، في المجتمع المعني، في أفق صياغة تجربة اشتراكية جديدة، مساهمة في تجربة حزب الطبقة العاملة: النظرية، والعملية، في إنضاجه لشروط انعتاق البشرية، من نير الاستغلال الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يستهدف استغلال الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي ظل الاستبداد القائم، أو العمل على فرض استبداد بديل.

وبناء على ما رأينا، فإن مفهوم حزب الطبقة العاملة، هو مفهوم يستوجب الاقتناع بأيديولوجية الطبقة العاملة، المنبنية على الاقتناع بالاشتراكية العلمية، التي يترتب عنها بناء التنظيم الحزبي، من كل المقتنعين بأيديولوجية الطبقة العاملة، سواء كانوا عمالا، أو فلاحين فقراء، ومعدمين، أو مثقفين ثوريين، شرط الالتزام بالقوانين، والضوابط الحزبية، واحترام مبادئ التنظيم الحزبي، ومبادئ الاشتراكية العلمية، والاستفادة من التجارب الاشتراكية، في أفق العمل على صياغة تصور للعمل، من أجل الوصول إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كإطار لبناء دولة اشتراكية، تنجز تجربة اشتراكية نوعية. وهذا المفهوم، وبهذا التركيز المحدد، يوضح إلى أي حد، يصير حزب الطبقة العاملة، حزبا نوعيا، يسعى إلى تغيير الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في أفق جعله في خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

هوية حزب الطبقة العاملة:

وحزب الطبقة العاملة، باعتباره حزبا للطبقة العاملة، لا يمكن أن يكتسب هويته الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، إلا من الطبقة العاملة نفسها، باعتبارها هي المعنية بتسييد أيديولوجيتها، وبناء تنظيم حزبها، وتحقيق أهدافه السياسية، خاصة إذا انتظمت بكثافة في هذا الحزب، وعملت على إنتاج مثقفها الثوري / العضوي، من بين صفوفها، وسعت عن طريق ذلك المثقف الثوري / العضوي، إلى تطوير أيديولوجيتها، في العلاقة مع تطور، وتطوير قوانين الاشتراكية العلمية، المرتبط بما حصل من تطور، في مختلف العلوم الدقيقة، والتقنيات الحديثة. وهو ما لا يمكن أن يعبر إلا عن التطور الحاصل في مفهوم الطبقة العاملة، التي عرفت تحولا نوعيا، بسبب التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والعلمي، والمعرفي، والتقني الحديث، الذي أصبح يساهم، بشكل كبير، في تمكين الإنسان من التواصل اللا محدود، وعلى أوسع نطاق، وبجميع اللغات، كما يمكنه من الوصول إلى المعلومة، التي يسعى إلى الحصول عليها، وبدون بذل أي جهد مضني، من أجل ذلك، بالإضافة إلى جعل كافة المعارف الإنسانية، في متناول الراغب، كيفما كانت المعرفة، خاصة، وأن المعارف في هذا العصر، أصبحت عابرة للقارات، ولم تعد محتكرة كما كانت من قبل. وهو ما يمكن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من التواصل مع بعضهم البعض، بالوسائل الحديثة، ومن الوصول إلى المعلومة، والعمل على نشرها على أوسع نطاق، ومن الوصول إلى المعارف التي يحتاجونها، بما فيها معارف الاشتراكية العلمية، التي لم يعد الوصول إليها محرما، كما كان، خاصة، وأن هذه المعارف، ومن هذا النوع، تحولت مع مرور الأيام، إلى معارف إنسانية، تبرز أهميتها، عندما تحدث أزمات حادة معينة، وهو ما يجب استحضاره لإبراز أهمية النظرية الاشتراكية العلمية، التي تحضر معها أهمية الطبقة العاملة، التي تستلزم استحضار أهمية حزب الطبقة العاملة، الذي تتحدد هويته في المستويات الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية.

 

فهوية حزب الطبقة العاملة الأيديولوجية، هي الهوية التي تنبني فيها الأيديولوجية المعبرة عن مصالح الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف. وهذه الهوية، هي التي يمكن تسميتها باختصار، الهوية الاشتراكية العلمية، التي تجعل الحزب يقيم سياسته على أساس التحليل الملموس، للواقع الملموس، لإيجاد برنامج مرحلي، يخدم تحقيق الأهداف الإستراتيجية، على المدى البعيد. ومعلوم أن قيام أيديولوجية الطبقة العاملة، على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، يجعل الهوية الأيديولوجية لحزب الطبقة العاملة، تغييرية، نظرا لكونه يسعى، في ممارسته اليومية، النظرية، والميدانية، إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كأهداف مرحلية، وإستراتيجية في نفس الوقت، مما يكسبه قوة جماهيرية واسعة، وفي نفس الوقت، يخلق حوله كما هائلا من الأعداء الطبقيين، الذين يتكلفون المزيد من التحملات المادية، التي تراكمت عندهم، من ممارسة الاستغلال المادي، والمعنوي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل تأليب الرأي العام ضد حزب الطبقة العاملة، وضد اليسار، واليساريين، والديمقراطيين، في أفق تأبيد الاستغلال الممارس في الواقع، الذي يقف وراء مراكمتهم المزيد من الثروات، التي لا تخدم مصالحهم على المدى البعيد. وهذا العداء الطبقي، هو الكفيل وحده بإبراز صحة أيديولوجية حزب الطبقة العاملة، وعلميتها؛ لأن كل ما يتم الاستناد في وجوده على القوانين العلمية، لا يمكن أن يكون إلا علميا.

وهوية الحزب التنظيمية، هي هوية مكتسبة من هويته الأيديولوجية، التي تقتضي اعتبار حزب الطبقة العاملة حزبا ثوريا، والحزب الثوري بطبيعة الحال، هو الحزب الذي يسعى أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، وجماهيريا، إلى تغيير الواقع تغييرا جذريا، على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى يصير هذا الواقع في خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وانطلاقا من الضرورة الموضوعية، التي فرضت أن يبقى الواقع في خدمة الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي.

وحزب الطبقة العاملة، باعتباره حزبا ثوريا، لا بد فيه من الأخذ بمبدأ التنظيم الخلوي، الذي يكسب الحزب حصانة فائقة، ضد المندسين، والانتهازيين، والتحريفيين، وضد الانحراف اليميني، أو المتياسر. والخلية، هي الأساس المعتمد في بناء تنظيمات حزب الطبقة العاملة، المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، مما يحقق في هذا الحزب:

1) التماسك، والتوحد، والانسجام بين جميع الأعضاء الحزبيين: قيادة، وقاعدة، أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، واجتماعيا، وعلى أساس الاحترام المتبادل بين المناضلين الأوفياء، لحزب الطبقة العاملة، وللطبقة العاملة نفسها، وللأهداف المرحلية / الإستراتيجية، لحزب الطبقة العاملة، مهما كانت التضحيات التي يقدمونها من أجل ذلك، في أفق الارتقاء بصفات المناضلين الحزبيين، إلى مستوى السيادة الاجتماعية، تبعا لشيوع أيديولوجية الطبقة العاملة، والفكر الاشتراكي العلمي في المجتمع. 

2) التواصل الأيديولوجي، والسياسي، والتنظيمي، بين المنتمين إلى حزب الطبقة العاملة، والمتعاطفين معه، مادام كل واحد منهم مقتنعا بأيديولوجية الطبقة العاملة، وموظفا القوانين العلمية، في التعامل مع الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ومستوعبا للبرنامج المرحلي الحزبي، وساعيا إلى تحقيق نفس الأهداف الإستراتيجية. وهي عوامل أساسية، وضرورية، لقام التواصل بين المناضلين الحزبيين، والمتعاطفين مع حزب الطبقة العاملة، كما أن التواصل ضروري، بين مناضلي حزب الطبقة العاملة، وبين المتعاطفين معه، وبين هؤلاء جميعا، وبين الجماهير الشعبية الكادحة، صاحبة المصلحة في التغيير الجذري الشامل، حتى ينجز المناضلون الحزبيون، والمتعاطفون مع الحزب، المهام الموكولة إليهم، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى يقوم الحزب بدوره كاملا، تجاه كادحي الشعب، في أفق إشراك كل الكادحين، في عملية التغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

3) الارتباط بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؛ لأن حزب الطبقة العاملة، إذا لم يتحول إلى حزب جماهيري، يبقى معزولا عن الجماهير الشعبية الكادحة، صاحبة المصلحة في التغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. والارتباط بالجماهير الشعبية الكادحة، يتم إما مباشرة، وإما عن طريق المنظمات الجماهيرية / الحزبية، أو المنظمات الجماهيرية المستقلة.

فالعمل الحزبي المباشر، في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، يتم عن طريق الاتصال المباشر بالجماهير الشعبية الكادحة، من أجل تبليغ بيان، أو قرار حزبي لصالحها، أو من أجل تفعيل البرنامج الحزبي في صفوفها، وتعبئتها حول ذلك البرنامج، الذي يروم إشراكها في النضال، من أجل تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الأهداف المرحلية، التي تصب في اتجاه تحقيق الأهداف الإستراتيجية الكبرى، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، من خلال تحقيق التحول في التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية، من تشكيلة اقتصادية اجتماعية رأسمالية، أو رأسمالية تابعة، إلى تشكيلة اقتصادية اجتماعية اشتراكية، تنتقل فيها ملكية وسائل الإنتاج، من الملكية الفردية، إلى الملكية الجماعية.

وحزب الطبقة العاملة، لا يكتفي بالعمل الجماهيري المباشر، بل يوجه المنتمين إليه إلى العمل في المنظمات الجماهيرية: النقابية، والحقوقية، والثقافية، والتربوية، من أجل العمل إلى جانب الجماهير المعنية، وقيادتها، في أفق فرض تحقيق مطالبها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والتربوية، باعتبارها مطالب، يساهم تحقيقها في خدمة تحقيق الأهداف المرحلية، لحزب الطبقة العاملة.

والمنظمات الجماهيرية، التي يوجه مناضلو حزب الطبقة العاملة، إلى العمل فيها، إما أن تكون منظمات تعمل تحت الإشراف الحزبي، أو تعتبر تنظيمات لحزب الطبقة العاملة، تعمل على أجرأة البرنامج الحزبي على أرض الواقع، حتى تساهم في تحقيق الأهداف المرحلية. ومنظمات كهذه، تكون محكومة بالقوانين الحزبية الفرعية، التي تستمد قوتها من القانون الأساسي لحزب الطبقة العاملة، والمبادئ التي تحكمها، هي نفسها المبادئ الحزبية.

أما المنظمات الجماهيرية، التي لا تعمل تحت إشراف الحزب، هي منظمات جماهيرية، ليست تابعة لأية جهة حزبية. وهذا النوع من المنظمات الجماهيرية، لا بد فيه من احترام مبادئ العمل الجماهيري، المتمثلة في الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، مع الحرص على تفعيلها باستمرار، لتحصين المنظمات الجماهيرية: النقابية، والحقوقية، والثقافية، والتربوية، من الانحراف، والتخلي عن احترام المبادئ المذكورة، وتفعيلها، في اتجاه صيرورتها حزبية، أو تابعة لجهة معينة، أو مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، أو ابتلي المتحكمون فيها بالممارسة البيروقراطية، التي تجعلهم يوظفون المنظمات الجماهيرية، التي يتحكمون فيها، لخدمة مصالحهم الخاصة، أو لتحقيق تطلعاتهم الطبقية. وهو توظيف انتهازي صرف، يجب التصدي له في كل الإطارات الجماهيرية، التي تعاني من الممارسة البيروقراطية، كما يجب التصدي لكل أشكال التحريف الأخرى، كالحزبية، والتبعية، واختيار المنظمات الجماهيرية مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين. ذلك أن مقاومة كل أشكال التحريف، التي تستهدف المنظمات الجماهيرية المستقلة، والمناضلة، من المهام التي يجب أن ينجزها مناضلو حزب الطبقة العاملة، لمحاصرة كافة أشكال التحريف، ولحماية المنظمات الجماهيرية منه، حتى تؤدي رسالتها المتجددة باستمرار، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي صفوف النساء، والشباب، واليافعين، والأطفال الذين يهيأون لتحمل المسؤولية في المستقبل.

4) التمرس على العمل المشترك، مع الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، لتفعيل البرنامج المشترك، المعبر عن إرادة كل الأحزاب المذكورة، الساعية إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وفرض احترام الكرامة الإنسانية، خاصة، وأن العمل المشترك، يذوب الخلاف الذي لا يكون إلا مشتعلا بين هذه الأحزاب، ويقرب وجهات النظر المختلفة، ويوحد الخلاصات التي يتم التوصل إليها، لتصير برنامجا مشتركا، يعتمد في القيام بالعمل المشترك.

وتمرس من هذا النوع، بين حزبين، أو ثلاثة، أو بين مجموعة من الأحزاب، التي تجمعها نفس الأهداف، تبدأ بالتنسيق الآني، ثم تنتقل إلى التحالف، من أجل القيام بالعمل المشترك، في القضايا التي تلتقي فيها الأحزاب المذكورة، والعمل على التحول إلى جبهة مشتركة، مع مختلف الإطارات، التي تقتنع بالانخراط في الجبهة، سواء كانت حزبية، أو نقابية، أو حقوقية، أو ثقافية، أو تربوية، تعمل وفق برنامج حد أدنى، لتحقيق الديمقراطية: بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تصير السيادة للشعب، انطلاقا من إقرار دستور ديمقراطي شعبي، يفصل بين السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية، ويضمن إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لإيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية، تحترم فيها إرادة الشعب.

ومعلوم أن بناء الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، صار ضرورة تاريخية، ومرحلية، واستراتيجية:

فالضرورة التاريخية، تقتضيها الشروط الموضوعية، التي تعيشها الأحزاب المعول عليها، في إنجاز تغيير نوعي، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والتي تعاني من الضعف، والتآكل، الأمر الذي لا يمكن تجاوزه إلا بالعمل المشترك، فيما يخص الملفات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في إطار التنسيق في قضايا معينة، أو إقامة تحالف يتطور إلى فيدرالية، في أفق الاندماج، وتتويج كل ذلك، بالعمل على إنشاء جبهة وطنية، للنضال من أجل الديمقراطية، على أساس قيام حد أدنى مشترك بين جميع الإطارات الحزبية، وغير الحزبية، للعمل على تحقيق مطالب الحد الأدنى، التي تصب جميعها في أفق تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن أجل أن يصير  تحقيق الديمقراطية، أفضل وسيلة لتحقيق المطالب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والحقوقية، وغيرها، مما له علاقة بتفعيل الممارسة الديمقراطية، بالمضامين المشار إليها.

والضرورة المرحلية، تقتضي من الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، العمل على تجميع كل المجهودات، التي تقوم بها التنظيمات، التي تعاني من الضعف، والتفكك، في هذه المرحلة، من أجل تجاوز الوضعية، التي تعتبر مرحلية، التي يعتبر فيها تجميع الجهود قوة مرحلية، تساعد على تجاوز حالة الضعف، باستعادة القدرة على الفعل، بعد استعادة الوحدة الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، للأحزاب المكونة للجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية.

والضرورة الإستراتيجية، تقتضي قيام جبهة وطنية للنضال من أجل الديمقراطية، باعتبار بناء الجبهة في حد ذاته، يعتبر عملا استراتيجيا، يسعى على تحقيق الأهداف الإستراتيجية، التي تعجز التنظيمات عن تحقيقها بشكل انفرادي.

ومعلوم أن بناء الجبهة عمل استراتيجي، يهدف إلى:

أولا: تحقيق وحدة الهيئات الحزبية ،والديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية.

 ثانيا: تحقيق وحدة التنظيمات الحزبية، وغير الحزبية، المناضلة من أجل تغيير الواقع، في تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

ثالثا: تحقيق وحدة البرنامج بين الأحزاب، والمنظمات الجماهيرية، من اجل تحقيق وحدة الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، المتمثلة في التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، في أفق الاشتراكية.

خامسا: تحقيق التدبير المشترك، بين مختلف التنظيمات، المكونة للجبهة الوطنية، للنضال من أجل الديمقراطية، في أفق الاشتراكية، للبرنامج المشترك، في أفق الاستعداد للتدبير المشترك، للواقع القائم، في حالة الوصول إلى المسؤولية.

سادسا: تحقيق التضحية المشتركة، بين مختلف التنظيمات المساهمة في بناء الجبهة الوطنية، للنضال من أجل الديمقراطية، من أجل فرض الاستجابة إلى مطالب الشعب، من أجل تحقيق الديمقراطية بمضامينها المذكورة. 

وهذه الضرورات الثلاث: التاريخية، والمرحلية، والإستراتيجية، تتداخل فيما بينها، وتكمل بعضها بعضا، في أفق جعل قيام الجبهة الوطنية للنضال من اجل الديمقراطية، يعتبر من المهام التي يجب أن تنجزها الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، والمنظمات الحقوقية، والنقابية، والثقافية، والتربوية، لأن ما هو موكول إلى الجبهة، لا يمكن أن تنجزه الأحزاب، أو النقابات، أو الجمعيات، بشكل انفرادي. وهو ما يجعل قيام الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، من المهام التي يعمل حزب الطبقة العاملة على تحقيقها، في علاقته مع مختلف التنظيمات. 

وبالنسبة للهوية السياسية، فإنها تأتي نتيجة للاقتناع بالأيديولوجية، المترتبة عن الاقتناع بالاشتراكية العلمية، ولطبيعة تنظيم حزب الطبقة العاملة، لأن استحضار مصلحة الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من خلال توظيف قوانين الاشتراكية العلمية، في التحليل الملموس، للواقع الملموس، لا يكون إلا منتجا لتصور سياسي قائم على العلم، وعلى المعرفة العلمية، بالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وهي معرفة يترتب عنها قيام حزب الطبقة العاملة، بخلاف الأحزاب البورجوازية، وأحزاب التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وأحزاب البورجوازية المتوسطة، والصغرى، بإنتاج مواقف سياسية، لا يمكن وصفها إلا بالمواقف العلمية، المعبرة عن الهوية السياسية لحزب الطبقة العاملة.

ولذلك نجد أن حزب الطبقة العاملة، يعتبر أن السياسة الحقيقية، هي سياسة الحقيقة، كما كان يقول الشهيد المهدي بنبركة، لانبنائها على أساس التحليل العلمي الملموس، للواقع الملموس، لمعرفة ما يجري في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

واعتبار السياسة الحقيقية، هي سياسة الحقيقة، ناجم عن حرص حزب الطبقة العاملة، على الوضوح السياسي، في العلاقة مع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يعنون، مباشرة، بتحقيق الأهداف المرحلية، والإستراتيجية لحزب الطبقة العاملة، الساعي إلى تغيير الواقع، تغييرا جذريا، بتحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كأهداف مرحلية إستراتيجية كبرى، على المستوى السياسي.

فتحقيق التحرير، معناه: تحرير الأرض من الاحتلال الأجنبي، ومن سيطرة التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف على الأراضي الواسعة، التي يحرم من استغلالها الفلاحون الفقراء، والمعدمون، باعتبار ذلك الاستغلال حقا لهم، تمت مصادرته عن طريق السيطرة على الأرض، بمساعدة السلطات المسؤولة، أو عن طريق إغراء مالكيها، ببيع ما يملكون منها إليهم، أو ما يتصرفون فيه، ليصير كل ذلك في ملكية التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، الذي يحول المالكين، أو المتصرفين الأصليين، إلى عبيد الأرض. وهو ما يقتضي القيام بإصلاح زراعي واسع، تعود بموجبه الأراضي إلى مستحقيها، من أجل استغلالها عن طريق العمل فيها، لإنتاج المزروعات، وتربية المواشي، بعيدا عن الاستغلال الواسع للفلاحين الفقراء، والمعدمين، في أفق تحقيق العدالة الزراعية، التي تصير فيها الأرض موزعة بالتساوي بين العاملين فيها، ليتحقق تحرير الأرض، من الاحتلال الأجنبي، ومن سيطرة التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، ومعناه: كذلك، تحرير الإنسان من مظاهر الاستغلال المادي، والمعنوي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بوضع حد لاستغلال الإنسان، للإنسان، مما لا يتم تحقيقه على أرض الواقع، إلا بتحويل الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، إلى ملكية جماعية، في أفق انتفاء الاستغلال المادي، والمعنوي، الذي يقف وراء التراكم الهائل للثروات، في أيدي قلة من البشر، مقابل تجويع غالبية الشعب، المتكونة من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، المتمثلين في الفلاحين الفقراء، والمعدمين، والعاطلين، والعمال المياومين، والتجار الصغار، والفراشة، وغيرهم، ممن يقضون يومهم بحثا عن وسيلة مشروعة، للحصول على قوتهم اليومي.

والتحرر من الاستغلال، يعتبر استكمالا لتحرير الأرض، خاصة إذا كان المستغلون، في إطار دولة تابعة، لا يحترمون لا حقوق الشغل، ولا حقوق الإنسان، ولا قوانين الشغل المعمول بها، ولا المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان؛ لأن استغلال الإنسان، وبالبشاعة المعهودة في المستغلين، لا علاقة له بالتحرير، حتى وإن كان المستغلون ينتمون إلى نفس الوطن، المحرر من الاحتلال، أو يدعي حاكموه أنه كذلك.

وتحقيق الديمقراطية، لا يتم إلا باعتبار الديمقراطية، بالمضامين الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية؛ لأن اعتبار الديمقراطية بالمضمون الانتخابي، فقط، لا يتجاوز أن يصير مجرد إعطاء الاعتبار لديمقراطية الواجهة، ليس إلا، واعتبارها بالمضمون السياسي، لا يتجاوز كونها ديمقراطية ليبرالية، تهدف إلى حماية المصالح، والمؤسسات الرأسمالية، والنظام السياسي، في البلد المحكوم بالنظام الرأسمالي التبعي، أو بالنظام الرأسمالي، لا يخرج عن كونه نظاما ممارسا للقمع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وهو ما يعني، في العمق، أن تحقيق الديمقراطية في هذا النظام بنوعيه، لا يكون إلا بتحقيق المضامين الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل قطع الطريق أمام إمكانية اعتماد ديمقراطية الواجهة، أو الديمقراطية السياسية، التي لا تتجاوز أن تكون إطارا لتزوير إرادة الشعب، وتحت إشراف الجهات المسؤولة، عن إجراء تلك الانتخابات، وأمام إمكانية تحقيق الديمقراطية الليبرالية، ذات المضمون السياسي، الذي لا يخدم إلا مصالح الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي ،ولا يمكن أن يستفيد منه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وخاصة في بلد لا يحترم حقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وحقوق الشغل، وغير ذلك، مما تتحقق معه إنسانية الإنسان.

 وتحقيق الاشتراكية، كهدف مرحلي / استراتيجي، لا بد أن يكون مسبوقا بتحقيق العدالة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في مجتمع يتساوى فيه جميع الناس، على أساس التمتع بالحقوق، والقيام بالواجبات، في أفق إنضاج شروط القبول بتحقيق تحويل الملكية الفردية، إلى ملكية جماعية، حتى يتحقق المجتمع الاشتراكي، الذي يصير من واجبه العمل على بناء مؤسسات الدولة الاشتراكية: التشريعية، والقضائية، والتنفيذية، انطلاقا من دستور ديمقراطي شعبي، ومن قوانين انتخابية، ضامنة للحرية، والنزاهة في الانتخابات، تحت إشراف هيأة مستقلة، تحرص على الالتزام بتطبيق القوانين الانتخابية، من أجل تمكين الشعب من الاختيار الحر، والنزيه، لمؤسسات الدولة الاشتراكية، التي تخضع للالتزام بأجرأة الممارسة الديمقراطية الاشتراكية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

وبذلك، يتبين لنا أن العمل على تحقيق الأهداف الكبرى، التي تتمثل في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، المعبرة عن الهوية السياسية لحزب الطبقة العاملة، المكملة لباقي الهويات الحزبية، والتي تعتبر امتداد للهوية الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، التي لا يمكن أن تتوفر إلا في الحزب الثوري، باعتباره حزبا للطبقة العاملة.

 

المخاطر التي تتهدد حزب الطبقة العاملة:

وإذا كان هناك حزب يعاني من مواجهة المخاطر، التي تتهدد وجوده، فهو حزب الطبقة العاملة، الذي يعاني من وجود الكثير من الأعداء، الذين يسعون إلى تضييق الخناق عليه، في أفق زواله إلى الأبد؛ ولكن حزب الطبقة العاملة، ليس هو الحزب الذي وجد لينتهي وجوده، خاصة وأن شروط وجود الطبقة العاملة، كطبقة تفرض وجود هذا الحزب المعبر عن وجودها، وإلا، فإنها غير موجودة أصلا، إذا افترضنا أن المجتمع لا زال بعيدا عن فرز الطبقة العاملة. وما دام المجتمع رأسماليا، أو رأسماليا تبعيا، فإن الطبقة العاملة موجودة، ويبقى: هل هي واعية بذاتها كطبقة عاملة، أو مستلبة بوعي مقلوب، يجعلها لا تعرف نفسها من هي، حتى تنتظم في إطارها الحزبي، المعبر عن وجودها. 

ونظرا لأن قيام حزب الطبقة العاملة، يقلق أعداء الطبقة العاملة، الذين يتحولون، بطريقة مباشرة، إلى أعداء لحزب الطبقة العاملة، الذي يفرض عليه أن يواجه مختلف المخاطر، التي تهدده، وبالجدية المطلوبة، معتمدا، في ذلك، على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين عليهم أن يمتلكوا الوعي الطبقي، الذي يعمل الحزب على نشره فيما بينهم، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وأن يستوعبوا القوانين العلمية للاشتراكية العلمية: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، التي تمكنهم من استيعاب التطور الذي يعرفه الواقع، ومن التحليل الملموس للواقع الملموس، حتى ينسجموا، في ذلك، مع تحليل حزب الطبقة العاملة، حتى يتناغموا معه على مستوى الممارسة.

والمخاطر التي تتهدد الطبقة العاملة، وحزبها، يصير مصدرها:

1) الدولة الرأسمالية، التي توظف كل إمكانياتها، لقطع الطريق أمام إمكانية قيام حزب الطبقة العاملة، حتى يصير من المستحيل وجوده، وإذا وجد، فإنه لا يتجاوز مرحلة الضعف، التي ينشغل بالعمل على تجاوزها: أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، وفي العلاقة مع الجماهير، ومع المنظمات الجماهيرية، التي تصير مطبوعة بالأزمات المتوالية، والإمكانيات التي توظفها الدولة الرأسمالية، التي تتمثل في:

أولا: الإمكانيات الإعلامية، التي تعمل على تشويه حزب الطبقة العاملة، وتنفير الطبقة العاملة منه، وعرقلة أجرأة تفعيل برنامجه المرحلي، والإستراتيجي، والحيلولة دون تحقيق أهدافه المرحلية / الإستراتيجية، التي تمكنه من تحقيق امتداد جماهيري معين، من أجل أن لا يتحول حزب الطبقة العاملة إلى حزب جماهيري.

ثانيا: تشويه أيديولوجية الطبقة العاملة، باعتبارها معبرة عن مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى تصير محاصرة، ومنبوذة في صفوف المعنيين بالاقتناع بها، مما يساهم في التضييق، بشكل واضح، على حزب الطبقة العاملة، وعلى التغلغل في صفوف الكادحين، وعلى انتشار الوعي في صفوفهم، في أفق إصابة هذا الحزب بالجمود، على جميع المستويات.

 

ثالثا: عرقلة توسيع الحزب على المستوى التنظيمي، حتى يتأتى العمل على استئصاله من الواقع، وعدم قدرته على الفعل اليومي، وعجزه عن الارتباط بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

رابعا: تشويه المواقف السياسية لحزب الطبقة العاملة، التي تجد لها صدى، وتأثيرا في الرأي العام المحلي، والإقليمي، والجهوي، والوطني، والعالمي، من أجدل إضعاف مفعول تلك المواقف، التي تجد لها صدى جماهيريا معينا، وسعيا إلى إبطال ذلك المفعول على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد.

 

خامسا: السعي الدؤوب، والمستمر، إلى إيجاد الأسباب التي تعمل على حظر هذا الحزب عمليا، حتى ينعدم وجوده أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، حتى تطمئن الدولة الرأسمالية، على مستقبل تكريس الاستغلال الهمجي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

ومعلوم أن الدولة الرأسمالية، هي دولة طبقية، تتلخص مهمتها السياسية في حراسة، وتنظيم الاستغلال، لصالح الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

وهذه المهمة التي تنجزها الدولة الرأسمالية بامتياز، تجري في ظل ادعاء هذه الدولة الرأسمالية، حرصها على احترام الديمقراطية بمضمونها السياسي وعلى احترام حقوق الإنسان: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية. وهو ادعاء تكشف الممارسة اليومية للنظام الرأسمالي، أو للدولة الرأسمالية، عدم صحته.

 

2) الدولة الرأسمالية التابعة، التي تتنكر لكل القيم الإنسانية، حتى تغلق جميع الأبواب، التي يمكن أن تتسرب منها فكرة إيجاد حزب الطبقة العاملة إلى الواقع، الذي تحكمه الدولة الرأسمالية التابعة، خاصة، وأن هذه الدولة، لا يمكن أن تفكر في تحولها إلى دولة للحق والقانون، كما لا يمكن أن تفكر في الحرص على تمتيع جميع أفراد الشعب، بكافة الحقوق الإنسانية، بما فيها الحق في إيجاد تنظيم حزب الطبقة العاملة، بعد امتلاك الحق في إشاعة أيديولوجية هذا الحزب، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والحق في أن يكون لحزب الطبقة العاملة، مواقف سياسية معبر عنها، من مختلف القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وفي حالة وجود هذا الحزب، فإنه يعاني من كافة أشكال الحصار الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي.

 

ونظرا لإيغال الدولة لرأسمالية التابعة، فإنها تلجأ إلى إفساد الحياة السياسية، والإدارية، واعتماد اقتصاد الريع، القائم على الامتيازات، التي تخلق جيوشا من المتحلقين حول أجهزة الدولة التابعة، التي تعمل على توظيفهم، لخدمة مصالح الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، حتى نستطيع فرز من يتمتع بامتيازات اقتصاد الريع، ومن يستمر في الانتظار.

 

ومعلوم أن اقتصاد الريع، يعتبر جزءا لا يتجزأ من الفساد الاقتصادي، الذي له علاقة باستفحال أمر الفساد السياسي، إلى جانب استفحال أشكال الفساد الأخرى، التي لها علاقة بكل أشكال التضييق، التي يعاني منها حزب الطبقة العاملة، وباقي الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، ليصير المجال الفاسد رهانا للدولة الرأسمالية التابعة، من أجل محاصرة حزب الطبقة العاملة، كما هو حاصل في المغرب، وفي كل دولة ذات نظام رأسمالي تبعي.

 

3) الأحزاب البورجوازية، المبنية على أساس الاقتناع بأيديولوجية البورجوازية، والتي تعتبر الطبقة العاملة نقيضة للطبقة التي تسعى إلى حماية مصالحها، وخدمة تلك المصالح، كما تعتبر حزب الطبقة العاملة نقيضا للحزب البورجوازي: أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا. ولذلك، فهذا الحزب البورجوازي يقوم بدور كبير في:

 

أولا: تعبئة الطبقة البورجوازية، ضد الطبقة العاملة، ومن أجل العمل على تسخيرها لخدمة المصالح السياسية للبورجوازية، وللحزب البورجوازي، بالانخراط الواسع في محاربة حزب الطبقة العاملة: أيديولوجيا، عن طريق تشويه أيديولوجيته، وتفكيك تنظيماته، ونقض مواقفه السياسية، موظفا في سبيل ذلك، كل الإمكانيات التي تتوفر عليها، بما في ذلك وصولها إلى السلطة، التي تتحول إلى وسيلة قمعية لحزب الطبقة العاملة.

 

ثانيا: توظيف وسائل الإعلام، التي تتوفر عليها الأحزاب البورجوازية، لتشويه سمعة حزب الطبقة العاملة، في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، وتشويه أيديولوجيته، بمرجعيتها العلمية، والتحريض على تفكيك تنظيماته، ونقض مواقفه السياسية المختلفة، والتي تؤلب الرأي العام، ضد المواقف السياسية للأحزاب البورجوازية، في أفق إيجاد عداء مطلق، للأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كامتداد لعداء الطبقة البورجوازية للأحزاب المذكورة.

 

ثالثا: التحالف مع الأحزاب، التي يمكن أن تتضرر الطبقات، التي تدافع عن مصالحها، وتعمل على حماية تلك المصالح، من تفعيل برنامج حزب الطبقة العاملة المرحلي / الإستراتيجي، ضد حزب الطبقة العاملة، من أجل العمل على محاصرته، في أفق استئصاله من الواقع جملة، وتفصيلا، وتحالف من هذا النوع، لا تجمعه إلا نقطة واحدة، وهي قيادة الحرب على حزب الطبقة العاملة، الذي يعمل على رفع مستوى وعي هذه الطبقة، حتى تنخرط في حزبها، وتناضل من خلاله، وبواسطته، وبقيادته، من أجل تغيير الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل أن يصير في خدمة كادحي المجتمع. وهذا العمل هو الذي تعتمده البورجوازية في تحالفها، لإعطاء الشرعية لإعلان الحرب على حزب الطبقة العاملة، وعلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

4) أحزاب التحالف البورجوازي الإقطاعي، التي تطبع العلاقة بين البورجوازية، والإقطاع، والتي تكن العداء المطلق للأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، لأن هذه الطبقة، وفي حالة وصولها إلى السلطة، لا تسعى أبدا إلى تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وإذا أقدمت على تفعيل الديمقراطية، فإنها لا تتجاوز تفعيل ديمقراطية الواجهة، التي تعتبرها مناسبة لتفعيل مبدأ التزوير، الذي يطبع السلطة، التي يتحكم فيها هذا التحالف، ونظرا لكون حزب الطبقة العاملة، الذي يقيم برنامجه النضالي، على أساس التحليل الملموس، للواقع الملموس، مما يكشف بشاعة الاستغلال، الذي يمارسه التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف. وهو ما يجعل التحالف المذكور، يكن العداء المطلق لحزب الطبقة العاملة، نظرا لدوره في فضح ممارساته، ولدوره في توعية لعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بممارسة التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف الاستغلالية، في أفق العمل على مواجهة هذه الممارسة، بالعمل على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، واحترام الكرامة الإنسانية.

 

5) أحزاب البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، التي قد تدعي سعيها لتحقيق الديمقراطية، وهي في الواقع لا تسعى إلا إلى تحقيق تطلعات قياداتها الطبقية؛ لأن الديمقراطية، التي تسعى إلى تحقيقها، لا تتجاوز أن تصير ديمقراطية الواجهة، التي لا تكون إلا مزورة، كما أنها قد تدعي أنها تسعى إلى تحقيق الحرية، في الوقت الذي ترتمي فيه بين أحضان الطبقة الحاكمة، التي تستعيد كادحي الشعب، تسمح باستمرار احتلال جزء من التراب الوطني، وقد تدعي أنها تسعى إلى تحقيق الاشتراكية، في الوقت الذي تقوم فيه بحماية النظام الرأسمالي، أو الرأسمالي التبعي، عندما تصل إلى المسؤوليات الحكومية، التي تمارس بواسطتها شكلا من أشكال السلطة، التي كان يجب أن توظفها في تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.

 

وعداء أحزاب البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، لحزب الطبقة العاملة، ناجم عن كون الحزب المذكور، الذي يوظف القوانين العلمية، في التحليل الملموس، للواقع الملموس، مما يجعله يقف على الطبيعة الانتهازية لأحزاب البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، التي لا تسعى إلا إلى تحقيق التطلعات الطبقية، للقيادات الحزبية، أو النخب البورجوازية الصغرى، على حساب الشرائح العريضة من البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، وعلى حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كما يذهب إلى ذلك مهدي عامل، في كتابه: مقدمات نظرية. وهذا العداء في صفوف نخبة البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، لحزب الطبقة العاملة، هو عداء موضوعي، وطبقي، وموضوعيته نابعة من كون موقف الطبقة العاملة، من ادعاءات أحزاب البورجوازية الصغرى، والمتوسطة التضليلية، التي تجعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يفقدون البوصلة الاشتراكية العلمية، مما لا تستفيد منه إلا الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال، ومنهم نخبة البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، التي تحقق تطلعاتها الطبقية، واضح. وهو عداء طبقي؛ لأن قيام نخبة البورجوازية الصغرى، بتحقيق تطلعاتها الطبقية، تلحق أضرارا هائلة بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يستمرون في الحرمان من حقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهو ما يقتضي اعتبار نخبة البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، من الطبقات الاجتماعية المستغلة، التي تصير نقيضا للطبقة العاملة، ولحزبها، الذي يناضل من أجل الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، في أفق تحقيق الاشتراكية. فالعداء الموضوعي، نابع أساسا، من ممارسة البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، التي تلحق أضرارا هائلة بالكادحين، والعداء الطبقي، نابع، من كون نخبة البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، تحرص على تحقيق تطلعاتها الطبقية، وتتنكر لادعاءاتها المتعلقة بتحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

 

6) الأحزاب المؤدلجة للدين، بصفة عامة، والمؤدلجة للدين الإسلامي، بصفة خاصة. ذلك أن أدلجة الدين، تحوله عن مقاصده المتمثلة في إنتاج القيم النبيلة، المقومة لسلوك الأفراد، والجماعات، لتزداد بذلك احتراما للأفراد، والجماعات، وللاعتقاد القائم في الواقع، إلى إنتاج قيم بديلة، تقود إلى التسلط، والقهر، وإنتاج الاستعباد، بدل التحرر، والاستبداد، بدل الديمقراطية، والاستغلال، بدل العدالة الاقتصادية، والاجتماعية، وأن أدلجة الدين الإسلامي، تعمل على تحويل الدين الإسلامي، من دين يحرر المومنين بالدين الإسلامي، إلى دين يستعبدهم، ويعدهم لاعتبار الاستبداد القائم، أو الاستبداد البديل، مشروعا، ولقبول التجييش وراء مؤدلجي الدين الإسلامي، وللعمل على مضاعفة الإنتاج، وللخضوع إلى الاستغلال الممارس عليهم، باعتباره مقدرا من  عند الله، والقدرية ليست إلا سلبا لكافة الحقوق الإنسانية، حتى لا يفكر المسلمون في العمل على فرض الاستجابة إليها، مهما كانت شروط العمل، والتعود على الحرمان منها، ولاعتبار العمل على التمتع بتلك الحقوق، تدخلا في شأن الله. وهو ما يعني، في عمق الأشياء، أن حقوق المسلمين في التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية وفي التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، تبقى غير واردة في عمق، وفي منطق، وفي عرف مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين يبنون إستراتيجيتهم على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، انطلاقا من الاستغلال الأيديولوجي، والسياسي، للدين الإسلامي.

 

وهذا الشكل من الاستغلال للدين الإسلامي، يعتبر مبررا لنفي ما سوى أدلجة الدين الإسلامي. وهو ما يشكل خطورة كبيرة، وعظيمة، على حزب الطبقة العاملة، وعلى كل أشكال التنوير، التي تستهدف المومنين بالدين الإسلامي، من أجل النهوض بهم، من حالة التخدير، والتضليل، التي يجدون أنفسهم فيها، بسبب ما يمارسه مؤدلجو الدين الإسلامي، الذين يجعلون كل ما يجري في الواقع، من مصدر الغيب، وبقدرة قادر. وهو ما يتناقض تناقضا مطلقا، مع التحليل الملموس، للواقع الملموس، الذي يسعى إلى اعتماده حزب الطبقة العاملة، من أجل جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يعتمدون المنطق العلمي، والمعرفي، للتعامل مع الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل الإدراك العلمي، لعوامل التحول فيه، ولمعرفة اتجاه ذلك التحول، وكيف نجعل التحول يسير في الاتجاه الذي يخدم مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

7) أحزاب اليمين المتطرف، التي تعمل على نفي كل ما يتناقض مع مصلحتها في التحكم، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والعمل على إخضاع جميع أفراد المجتمع، للاستغلال المطلق، والعمل على إزاحة كل ما يتناقض مع حرص اليمين المتطرف، على التحكم في الواقع، وعلى تسخيره لخدمة مصالحها المطلقة، التي تصير مقدسة، انطلاقا من الاعتقاد بأن الطبقة المستغلة، المتحكمة في كل شيء، هي التي يجب أن تبقى متحكمة في كل شيء، ودون منازع، مما يمكن اعتباره مصادرة، غير مباشرة، لحق العمال، وباقي الأجراء وسائر الكادحين، في بناء الحزب العمالي، وتفعيله في الواقع، من أجل تغييره، لصالح المعنيين بالمصلحة في التغيير.

 

وهذه المصادرة، تهدف إلى تحقيق السيطرة المطلقة، على الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، لتحقيق الاستغلال المطلق، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ودون أن يوجد في الواقع من يعمل على رفع صوتهم، والتعبير عن معاناتهم، حتى ولو أدى ذلك، إلى التخلص من كل من يناضل، من أجل أن يقع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فريسة للاستغلال الهمجي لليمين المتطرف.

 

8) اليسار المتطرف، الذي ينشأ على المزايدة على الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية (أحزاب الطبقة العاملة)، المتواجدة في هذا البلد، أو ذاك، في هذه الدولة، أو تلك، من أجل تبخيسها، والحط من قيمتها، وعرقلة عملها، وإبعاد الناس عنها، خدمة للتطرف، وللطبقة البورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وخدمة للشرائح البورجوازية المتوسطة، والصغرى، المغذية لكل أشكال التطرف اليساري: الأيديولوجي، والسياسي، الذي يغري المسؤولين بمساومتها، مما يجعلها تسقط بين أحضانهم، من أول لحظة، ومن أول إشارة ترسلها الطبقة الحاكمة. ومما يدل على ذلك، هو أن من ذاقوا عذاب سجون الطبقة الحاكمة، في سنوات الرصاص، من هذا اليسار المتطرف، سارعوا إلى إعداد ملفاتهم، للاستفادة من التعويض، الذي قررته هيأة الإنصاف والمصالحة، لشراء كل من يستعد لبيع تاريخه النضالي.

 

وهكذا، يتبين لنا، تعدد مصادر المخاطر، التي تستهدف استئصال حزب الطبقة العاملة من الواقع، في تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تتمثل في الدولة الرأسمالية، أو الدولة الرأسمالية التابعة، والحزب البورجوازي، وحزب التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وأحزاب البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، والأحزاب المؤدلجة للدين بصفة عامة، وللدين الإسلامي بصفة خاصة، وأحزاب اليمين المتطرف، وأحزاب اليسار المتطرف؛ لأن هذه المصادر، تعتبر حزب الطبقة العاملة نقيضا لها، خاصة، وأنه يسعى، من خلال العمل على تفعيل برنامجه المرحلي، في أفق تحقيق أهدافه المرحلية، والإستراتيجية، إلى تحقيق تحرير الأرض، والإنسان، وتحقيق الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، في أفق تحقيق الاشتراكية، وهي أمور، لا تخدم إلا مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ضد مصالح الدولة الرأسمالية، والدولة الرأسمالية التابعة، التي تنهار بقيام الدولة الاشتراكية، التي تصير في خدمة مصالح كادحي المجتمع، وضد مصالح البورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وضد مصالح البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، المريضة بتحقيق التطلعات الطبقية، وضد مصالح مؤدلجي الدين الإسلامي، واليمين المتطرف، واليسار المتطرف، وجميع مصادر المخاطر التي تتهدد حزب الطبقة العاملة، الذي تعتبره عدوا لها، لسعيه المستمر، إلى مناهضة الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، والكرامة الإنسانية. وهي مناهضة لمصادر المخاطر، التي تتهدد حزب الطبقة العاملة.

 

ولذلك لا يمكن إلا أن يجد حزب الطبقة العاملة نفسه، مواجها لتعدد الأعداء، الذين تمرسوا على الاستفادة من النظام الرأسمالي، أو الرأسمالي التبعي، ومن تكريس الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، وامتهان الكرامة الإنسانية.

 

سبل مواجهو مختلف المخاطر:

 

ولمواجهة المخاطر التي تتهدد حزب الطبقة العاملة، من مختلف الجهات، التي ذكرنا سابقا، والتي تسعى إلى مصادرة حق حزب الطبقة العاملة في الوجود: أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، وهذه الرغبة الأكيدة في المصادرة، تفرض أول ما تفرض:

 

1) الحرص على استيعاب أيديولوجية الطبقة العاملة، من قبل الأعضاء العاملين في الحزب، ومن قبل النصيرين، باعتبارها أيديولوجية منبنية على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية: (المادية الجدلية، والمادية التاريخية)، كوسيلة، وكهدف، حتى يتحصن الأعضاء العاملون، والنصيرون، ضد الأيديولوجيات البورجوازية، والإقطاعية، وأيديولوجية التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، وضد أدلجة الدين بصفة عامة، وأدلجة الدين الإسلامي بصفة خاصة، وضد التلفيق الذي تتميز به أيديولوجيات البورجوازية الصغرى، وضد أيديولجيات اليمين المتطرف، وأيديولوجيات اليسار المتطرف، ومن أجل أن يعملوا على نشر أيديولوجية الطبقة العاملة، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى تصير وسيلة لربط حزب الطبقة العاملة، بأوسع الشرائح الاجتماعية، التي تصير متحررة من التأثير بالأيديولوجيات المضللة، والوهمية، بفعل تسييد أيديولوجية الطبقة العاملة، في صفوف الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة.

 

2) الالتزام بالتنظيم، والانضباط لقراراته المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، والعمل على تفعيلها في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. تلك القرارات التي يتم اتخاذها، على أساس احترام المركزية الديمقراطية، الذي يضمن مساهمة الجميع، في بلورة القرارات قبل اتخاذها، ليتحول تنفيذها إلى عمل مركزي، يتم تحت إشراف الأجهزة التنفيذية، لحزب الطبقة العاملة.

 

والالتزام بالتنظيم، والانضباط له، لا يتم إلا من خلال الالتزام باحترام مبادئ حزب الطبقة العاملة، المتمثلة في الالتزام بالخلية، كأساس لقيام تنظيم حزب الطبقة العاملة، وبالمركزية الديمقراطية، وبالنقد، والنقد الذاتي، وبالمحاسبة الفردية، والجماعية، وبخضوع الأقلية لإرادة الأغلبية، وباحترام الآراء المختلفة، التي لا تحظى بالأغلبية، وبالمساهمة في اتخاذ القرار، انطلاقا من الموقع التنظيمي، الذي يتواجد فيه العضو العامل، بالإضافة إلى احترام مبدأ الحرية في التعبير عن الرأي، ومبدأ الديمقراطية الداخلية. وهذا الاحترام للمبادئ، هو الذي يكسب حزب الطبقة العاملة أهمية خاصة.

 

وإذا كانت أيديولوجية حزب الطبقة العاملة، توحد جميع الأعضاء العاملين، والنصيرين، في أفق توحيد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وكأن التنظيم ينظم عملهم، فإن الحرص على إشاعة المواقف السياسية، التي يتخذها الحزب، انطلاقا من برنامجه السياسي، الصادر عن أجهزته التقريرية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، يجعل المجتمع برمته، ينساق وراء تلك القرارات، التي تسعى إلى فضح ممارسات الحكام، وتعمل على تعبئة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل التصدي للاختيارات الرأسمالية التبعية، والرأسمالية، الهادفة إلى إخضاع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، للاستغلال الهمجي، والنضال من أجل تغيير الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بما يخدم مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كأهداف مرحلية إستراتيجيه.

 

وإذا كانت القوة الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، تعمل على ترسيخ حزب الطبقة العاملة، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وتعده لمواجهة المخاطر التي تتهدده، فإن إعداد الشروط الموضوعية، لعمل الحزب، تعتبر، كذلك، ضرورية، لمواجهة المخاطر التي تتهدد الطبقة العاملة، وحزبها الثوري، ومن هذه الشروط نجد:

 

1) ترسيخ النضال من أجل التحرر من الاحتلال، ومن الاستعباد، ومن الاستغلال الهمجي للمجتمع، ولكادحيه، من أجل تحرير الأرض، والإنسان، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تتحرر الدولة من التبعية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، للنظام الرأسمالي العالمي، وللمؤسسات المالية الدولية، التي تفرض شروطها على الدولة التابعة. ذلك أن التحرر يعتبر مسألة أساسية، بالنسبة للتطور في الاتجاه الصحيح، وفي إطار التفاعل بين الدول المختلفة اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا؛ لأن الدولة، أي دولة، لا يمكن أن تعيش بمعزل عن باقي الدول، كما لا يمكنها أن تبقى بعيدة عن التفاعل عن ما يجري في العالم، على جميع المستويات.

 

2) ترسيخ النضال من أجل الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق القضاء على الاستبداد بالاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، من أجل أن تصير الديمقراطية بمضامينها المذكورة، وسيلة لاستئصال كل أشكال الاستبداد من المجتمع، حتى يتوفر النمو السليم، للواقع الذي يسمح بوجود المتناقضات المتصارعة، فيما بينها، ومن أجل انتفاء الشروط، التي تحول دون وجود المتناقضات المتصارعة، والسماح بانفراز تلك المتناقضات، وانخراطها في الصراع الإيجابي، الذي يتيح الفرصة أمام التطور المطلوب، في الاتجاه الصحيح.

 

3) ترسيخ النضال، من أجل وضع حد للاستغلال، وتحقيق العدالة الاجتماعية، التي تتيح الفرصة أمام التطور المؤدي، بالضرورة، إلى تحقيق الاشتراكية، باعتبارها تشكيلة اقتصادية اجتماعية، نقيضة للتشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية، والتي تبقى بدورها مرشحة للتطور، في اتجاه التحول إلى تشكيلة اقتصادية اجتماعية، أرقى من التشكيلة الاشتراكية.

 

4) ترسيخ النضال، من أجل تمتيع جميع أفراد المجتمع، بكافة الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، خاصة، وان الحرمان من الحقوق الإنسانية، تنجم عنه كوارث لا حدود لها، بسبب الحرمان من الحقوق المذكورة. وهو ما يترتب عنه افتقاد احترام إنسانية الإنسان، في العلاقات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي تطبع العلاقات القائمة في الواقع الرأسمالي التابع، والرأسمالي، الذي لا وجود فيه لشيء اسمه احترام حقوق الإنسان، الذي يتناقض مع مصالح الرأسماليين، ومالكي وسائل الإنتاج، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، للكادحين في المجتمع الرأسمالي، والرأسمالي التبعي. والنضال من أجل احترام حقوق الإنسان، يقودنا بالضرورة إلى فرض احترام تلك الحقوق، التي تصير معتبرة في سن القوانين، وفي ملاءمة تلك القوانين، مع المواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وهو ما يترتب عنه تقليص الهوة بين المستغل (بكسر الغين)، والمستغل (بفتح الغين)، الذي يشعر بجزء من إنسانيته، التي لا تتحقق، ولا تحترم، إلا بالقضاء على مظاهر الاستغلال الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

 

5) ترسيخ النضال من أجل قيام دستور ديمقراطي شعبي، يضمن السيادة للشعب، ويضمن إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لاختيار من يحكم، ومن يمثل الشعب في مختلف المؤسسات التمثيلية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، مع إقراره الفصل بين السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية، وضرورة تحديد المسؤوليات، وإخضاع جميع المسؤولين للمحاسبة الفردية، والجماعية، حتى يتأتى وضع حد لنهب ثروات الشعب، من خلال استغلال النفوذ، واستعمال الشطط في السلطة، وغير ذلك من الممارسات، التي يجب أن يعمل الدستور الديمقراطي الشعبي، على اختفائها من الواقع القائم.

 

6) ترسيخ النضال من أجل قيام دولة الحق، والقانون، التي كانت، ولا زالت، حلما للشعب المغربي، الذي يعاني من دولة التعليمات، التي لا وجود فيها لشيء اسمه الحق، واسمه القانون. والشعب لا يمكن أن يحقق احترام كرامته الإنسانية، إلا بفرض احترام كافة الحقوق الإنسانية، وتطبيق القوانين المعمول بها، على جميع المواطنين، مهما كانت المسؤوليات التي يتحملونها. والدولة عندما تصير دولة للحق والقانون، فإن جميع المواطنين، يتمتعون بكافة حقوقهم الإنسانية، وجميع القوانين تعرف طريقها إلى التطبيق، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مع اعتبار مساواة جميع أفراد الشعب أمام القانون.

 

7) ترسيخ النضال من أجل قيام تعليم وطني متحرر، ومدرسة عمومية، تحرص على إعداد الأجيال القادمة، إعدادا وطنيا متحررا، يهدف إلى جعل العلم، والمعرفة العلمية، والأدبية، والفنية، متاحة لجميع أبناء الشعب المغربي، على جميع المستويات، وعلى أساس المساواة في ما بينهم، حتى يصيروا مصدرا للأطر الكفأة، ولصانعي القرار الوطني، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. فالتعليم في المدرسة العمومية، يعتبر مسألة أساسية، في إعداد الأجيال المتعاقبة، من خلال التربية على قيم المواطنة، وقيم التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية. وهو دور لا يمكن أن تقوم به إلا المدرسة العمومية، التي صار مفتقدا فيها كل ذلك، لتوكل المهمة إلى المدرسة الخصوصية، التي يعلم الجميع، أنها لا تهتم إلا بالأرباح، لتبقى الأجيال المتعاقبة معرضة لكافة الأخطار، التي تتهددها، وتتهدد حزب الطبقة العاملة في نفس الوقت. وهو ما يعطي الشرعية لتكثيف النضال، من أجل إقرار تعليم وطني متحرر، ومن أجل مدرسة عمومية، تقوم بدورها كاملا لصالح الأجيال الصاعدة، التواقة إلى التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، حتى تقوم الأجيال الصاعدة بدورها، لصالح الشعب المغربي.

 

8) ترسيخ النضال من أجل تقديم كافة الخدمات الإدارية، والاجتماعية بالمجان، إلى كافة المواطنين، وعلى أساس المساواة فيما بينهم، بما في ذلك الصحة، والسكن، والنظافة، والشغل، وغيرها من الخدمات العمومية، وخاصة تلك التي تقدمها الإدارة الجماعية، وإدارات الدولة، بقطاعاتها المختلفة، ومن أجل أن تصير الخدمة، في مقابل الضرائب، التي يؤديها المواطنون بطريقة مباشرة، وغير مباشرة، خاصة، وان الدولة المغربية، تسير في اتجاه خوصصة جميع الخدمات، لإنهاء قدرة المواطن، على مواجهة متطلبات الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهو ما يجعل النضال من أجل تقديم الخدمات العمومية بالمجان، مسألة أساسية، كذلك، لفرض احترام الهوية التضامنية للمجتمع المغربي، ومن أجل تخفيف تكاليف الحياة على المواطنين.

 

وبالعمل على ترسيخ هذه الأشكال من النضال، يمكن العمل على إنضاج شروط قيام، ونمو، وسلامة حزب الطبقة العاملة، حتى يقوم بدوره لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في أفق تجسيد التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، والكرامة الإنسانية على أرض الواقع.

 

ما العمل من أجل المحافظة على هوية حزب الطبقة العاملة؟

 

إن المحافظة على هوية حزب الطبقة العاملة، هي مهمة حزب الطبقة العاملة، ومهمة المسؤولين عن حزب الطبقة العاملة، في مستوياتهم التنظيمية المختلفة، من أدنى مستوى في القاعدة، إلى أعلى مستوى محلي، أو إقليمي، أو جهوي، أوطني؛ لأنه بدون المحافظة على الحزب، وبالدقة المطلوبة، يتبخر حزب الطبقة العاملة، ويصير في خبر كان، أو مجرد هياكل بدون مضمون أيديولوجي، أو تنظيمي، أو سياسي، ليتوقف، بذلك، تأثيره في الواقع، وفي صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

وهوية حزب الطبقة العاملة، التي تعني جميع مناضلي حزب الطبقة العاملة، هي هوية أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية، وهي هوية متكاملة، يكمل بعضها بعضا، إلى درجة أن فقدان إحداها، يؤدي إلى فقدان الباقي، فبدون أيديولوجية الطبقة العاملة، لا يقوم تنظيم الطبقة العاملة في حزبها، ولا يمكن قيام تنظيم هذا الحزب، الذي يقوم على أساس الاقتناع بأيديولوجية الطبقة العاملة، ولا يمكنه، بدون التنظيم، أن يتخذ مواقف سياسية، مما يجري في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وعدم اتخاذ الحزب للمواقف السياسية، المنسجمة مع الواقع، ومع طبيعة الأيديولوجية، ومع طبيعة تنظيم حزب الطبقة العاملة، لا يعني إلا أن التنظيم الحزبي، غير قائم، أو مصاب بخلل معين، كنتيجة حتمية، لعدم التمكن من استبعاد أيديولوجية الطبقة العاملة، الذي لا يعني إلا عدم الاقتناع، أو عدم استيعاب الاشتراكية العلمية، بقوانينها المادية الجدلية، والمادية التاريخية، التي، بدون الاقتناع بها، لا يصير لأيديولوجية الطبقة العاملة وجود، ولا يصير لتنظيم حزب لطبقة العاملة وجود.

 

وهوية حزب الطبقة العاملة، هي التي تتخذ طابعا أيديولوجيا، وطابعا تنظيميا، وطابعا سياسيا. وهذه الهوية الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، هي التي تشكل الأسس التي يقوم عليها حزب الطبقة العاملة، وهي أسس تكمل بعضها بعضا، ولا يقوم حزب الطبقة العاملة إلا بها مجتمعة، خاصة، وان العلاقة بين هذه الأسس، هي علاقة جدلية، وعلاقة عضوية.

 

فالعلاقة الجدلية، توضح أن أيديولوجية الطبقة العاملة، تتفاعل مع تنظيم حزب الطبقة العاملة، ومع مواقفه السياسية، وأن تنظيم حزب الطبقة العاملة، يتفاعل مع أيديولوجية الطبقة العاملة، ومع الموقف السياسي لهذا الحزب، وأن المواقف السياسية لحزب الطبقة العاملة، تتفاعل مع تنظيمه، ومع أيديولوجيته. وهو تفاعل لا يتوقف أبدا، إلى درجة العمل على نفي كل ما هو سلبي أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، مما يمكن أن يقود حزب الطبقة العاملة إلى الانحراف الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي، واستثمار ما هو إيجابي في ترسيخ إيديولوجية الطبقة العاملة، وتقوية تنظيمها، ورفع مستوى مواقفه السياسية.

 

والعلاقة العضوية، هي التي تصير فيها الأيديولوجية، والتنظيم الحزبي للطبقة العاملة، والمواقف السياسية لهذا التنظيم، شيئا واحدا، يصعب فيه التمييز بين ما هو أيديولوجي، وما هو تنظيمي، وما هو سياسي، من منطلق أن الطبقة العاملة، هي الطبقة العاملة، وليست شيئا آخر، خاصة، وان من مصلحتها إشاعة أيديولوجيتها، إلى درجة التسييد، وتقوية تنظيمها إلى درجة الانتشار، ورفع مستوى المواقف السياسية، إلى درجة التميز.

 

وسواء كانت العلاقة بين الأيديولوجية، والتنظيم الحزبي للطبقة العاملة، والمواقف السياسية لهذا الحزب جدلية، أو عضوية، فإن هوية هذا الحزب لا يمكن أن تتأكد إلا ب:

 

    1) احترام المركزية الديمقراطية، والنقد، والنقد الذاتي، والمحاسبة الفردية، والجماعية، وخضوع الأقلية لرأي الأغلبية، وحرية إبداء الرأي داخل تنظيم حزب الطبقة العاملة، وتوجيه عمل مناضلي حزب الطبقة العاملة في الإطارات الجماهيرية المختلفة، وخاصة النقابات، التي يعتبر عمل مناضلي حزب الطبقة العاملة في إطاراتها القطاعية، والمركزية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، وسيلة للارتباط بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل إشاعة الوعي النقابي، والجماهيري المبدئي، والمبادئي، في صفوفهم، والدفع بهم في اتجاه امتلاك الوعي الطبقي، في مستوياته الأيديولوجية،  والتنظيمية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، انطلاقا من تمريسهم، وتمرسهم على التحليل الملموس، للواقع الملموس، الذي يرفع مستوى وعي العمال بأهميتهم في العملية الإنتاجية، وبالرفع من مستوى فائض القيمة، الذي يذهب إلى جيوب الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال، في أفق إدراكهم لأهمية تنظيمهم سياسيا، من أجل الانتقال من النضال الجماهيري / النقابي، الذي لا يتجاوز الهدف منه، العمل على تحسين شروط الاستغلال المادي، والمعنوي، إلى النضال السياسي، الذي يهدف إلى العمل على اجتثاث لاستغلال، بعد اجتثاث الاستعباد، والاستبداد، لتحقيق التحرير الكامل للإنسان، والأرض، ولتفعيل الممارسة الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، كشرط أساسي لتحقيق الاشتراكية، والشروع مباشرة في بناء الدولة الاشتراكية، التي تشرف على تحويل الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، إلى الملكية الجماعية.

 

2) تسييد أيديولوجية الطبقة العاملة، من خلال تسييد الاشتراكية العلمية: (المادية الجدلية، والمادية التاريخية)، التي تنبني على تحليلاتها الملموسة، لمختلف الظواهر الملموسة، أيديولوجية الطبقة العاملة، باعتبارها معبرة عن مصلحة الطبقة العاملة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والتي لا تتجسد إلا في تغيير الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من واقع تسود فيه الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، وللمؤسسات الخدماتية، ويذهب فيه فائض القيمة إلى جيوب مالكي وسائل الإنتاج، والمؤسسات الخدماتية، إلى واقع تسود فيه الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج، والمؤسسات الخدماتية، ويتم فيه، بناء على ذلك، التوزيع العادل للثروة، في إطار تحويل التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية الرأسمالية، إلى تشكيلة اقتصادية / اجتماعية اشتراكية، تنفرز عنها دولة اشتراكية، تتجسد مهمتها في الإشراف على التوزيع العادل للثروة، بين جميع أفراد المجتمع، المتكونين من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

3) التربية على احترام الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، كما هي في منطق الاشتراكية العلمية، وكما تقتضيها الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج، وفي إطار المساواة بين النساء، والرجال، في الحقوق، وفي الواجبات، مع مراعاة خصوصية النوع، سعيا إلى إزالة كافة أشكال الحيف، التي تلحق أفراد المجتمع، في ظل النظام الرأسمالي، الذي تسود فيه الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، وللمؤسسات الخدماتية، التي تستغل أبشع استغلال، لصالح الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي.

 

فالتربية على مختلف الحقوق الإنسانية، تعد أفراد المجتمع، لقبول احترام قيام المساواة بين جميع أفراد المجتمع، في الحقوق، وفي الواجبات، وبين الرجال، والنساء، ولقبول تمتع الجميع بنفس الحقوق، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، كما يقتضيها تحرير الإنسان، والأرض، وتحقيق الديمقراطية بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وقيام المجتمع الاشتراكي، الذي تنتفي فيه الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، وللمؤسسات الخدماتية، ويتحقق فيه التوزيع العادل للثروة.

 

4) العمل على تحويل التعليم القائم، من تعليم نخبوي، غير ديمقراطي، وغير شعبي، لا يخدم إلا مصالح الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال، إلى تعليم ديمقراطي شعبي، يخدم مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ويعد الأجيال على أساس احترام قيم الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية؛ لأنه، بالتعليم وحده، يمكن تكريس سيطرة الطبقة الحاكمة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، عن طريق تكريس نخبويته، التي تقود بالضرورة إلى إعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وإلى تجديد النخب القائمة، التي يمكن أن تتحول، باستمرار، في اتجاه إعادة إنتاج نفس العلاقات القائمة، حتى لا تجنح في اتجاه التطور، والتقدم، والتغيير إلى الأحسن، ولأنه بالتعليم الديمقراطي الشعبي، يمكن أن نجد أنفسنا أمام تغيير عميق، في البنيات الرأسمالية، أو الرأسمالية التبعية، التي تتحول بالضرورة إلى بنيات اشتراكية، بسبب التحول في طبيعة الإنتاج، وفي ملكية وسائل الإنتاج، والمؤسسات الخدماتية، وفي مآل الثروة المنتجة.

 

5) الحرص على تمكين جميع أفراد المجتمع، من كافة الخدمات، وبالمجان، سواء كانت تعليما، أو صحة، أو سكنا، أو غير ذلك، مما يمكن احتسابه من ضمن الخدمات، التي يجب أن تقدم للمواطن، باعتباره مواطنا، وباعتباره إنسانا، وباعتباره مؤديا للضرائب المباشرة، وغير المباشرة، حتى نتعامل مع الإنسان، كل إنسان، على أنه يتمتع بالحق في تلقي كافة الخدمات، وكمواطن يؤدي الضرائب الواجبة عليه، ويجب أن يتمتع بحق المواطنة، المتمثل في تمكينه من تلقي كافة الخدمات، التي تقتضيها المواطنة.

ولذلك، نجد أن هوية حزب الطبقة العاملة، تفرض النضال المرير، من أجل تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وفي النضال، قبل ذلك، من أجل احترام مبادئ التنظيم، وتسييد أيديولوجية الطبقة العاملة، والتربية على احترام الحقوق الإنسانية، والعمل على تحويل التعليم القائم، إلى تعليم ديمقراطي شعبي، والحرص على تمكين جميع أفراد المجتمع، من كافة الخدمات، ما داموا مواطنين، يقومون بالواجب تجاه الوطن، مهما كان هذا الوطن، وما دام كل واحد منهم يعتبر إنسانا، سواء كان رجلا، أو امرأة، حتى يكون حزب الطبقة العاملة وفيا لأيديولوجية الطبقة العاملة، وللاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، وللعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

خلاصة عامة:

ونحن، في تناولنا لموضوع حزب الطبقة العاملة، وضرورة الحفاظ على هويته الأيديولوجية: (الاشتراكية العلمية)، والتنظيمية، والسياسية، تناولنا مفهوم حزب الطبقة العاملة، وهوية حزب الطبقة العاملة، الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، والمخاطر التي تتهدد حزب الطبقة العاملة، وسبل مواجهة مختلف المخاطر، وما العمل من أجل المحافظة على هوية حزب الطبقة العاملة: الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، لنخلص إلى أن:

1) وجود حزب الطبقة العاملة ليس مسألة إرادية، بقدر ما هو ضرورة تاريخية، وموضوعية، وطبقية، لا يستطيع أي نظام، مهما كان مبالغا في استبداده، وفي قمعه للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى وإن كان النظام المستبد مؤدلجا للدين الإسلامي، ليعتبر، تبعا لذلك، قيام حزب الطبقة العاملة، مساهمة في قيام حزب، يعتبره مؤدلجو الدين الإسلامي، تنظيما للكفار، والملحدين، الذين يفتون فيهم بالقتل. 

2) أيديولوجية حزب الطبقة العاملة، هي الأيديولوجية التي قامت على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، وباستيعاب قوانينها المتمثلة في قوانين، ومقولات: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، وما يمكن أن نبني عليه: علمية أيديولوجية الطبقة العاملة.

3) تنظيم حزب الطبقة العاملة، هو تنظيم قائم، على أساس الالتزام باحترام المبادئ، والضوابط التنظيمية، التي لا يمكن أن تحترم في أي حزب من الأحزاب القائمة. وهذه المبادئ، والضوابط، يقتضيها احترام المرجعية الاشتراكية العلمية، لحزب الطبقة العاملة، ولأيديولوجية الطبقة العاملة، المنبنية عليها.

4) المواقف السياسية لحزب الطبقة العاملة، هي مواقف، يتم اتخاذها بناء على التحليل الملموس، للواقع الملموس: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا وما تقود إليه من نتائج، تملي، أو تفرض اتخاذ مواقف سياسية معينة، تنسجم مع مرجعيته الاشتراكية العلمية، ومع طبيعة أيديولوجيته، وتنظيمه، وبرنامجه السياسي المرحلي، والإستراتيجي، ومع سعيه إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، في أفق تحقيق المجتمع الاشتراكي، وقيام الدولة الاشتراكية.

5) أن حزب الطبقة العاملة، يسعى إلى التغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، عن طريق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كوسيلة، وكهدف؛ لأن التحرير يستهدف نفي احتلال الأرض، إلى جانب نفي استعباد الإنسان، ولأن الديمقراطية تستهدف نفي الاستبداد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ولأن الاشتراكية تستهدف نفي الاستغلال، بمظاهره الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. ومعلوم أن التغيير الشامل، يرسخ التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وكل القيم المتعلقة بها، لندخل، بذلك، إلى إعداد الإنسان للعمل على تحقيق التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية الأرقى، التي يتحقق من خلالها شعار: (على كل حسب قدرته، ولكل حسب حاجته)، وهو شعار يحتاج إلى المزيد من الفهم، والاستيعاب، والتضحية، التي لا حدود لها، وصولا إلى الاقتناع بتضحية الجميع، من أجل الجميع.

فحزب الطبقة العاملة، لا يناضل من أجل الطبقة العاملة وحدها، بل من أجل جميع أفراد المجتمع الكادح. وهو عندما يعمل على نفي الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، إنما يسعى إلى ترسيخ التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، لأن المجتمع إما أن يكون مستعبدا، أو متحررا، مستبدا به، أو ديمقراطيا، مستغلا (بفتح الغين)، أو اشتراكيا؛ لأن الشيء، لا يجتمع مع نقيضه، في نفس الزمان، أو المكان.

وإذا كان السائد الآن، في ظل الاختيارات الرأسمالية التبعية: اللا ديمقراطية، واللا شعبية، هو الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، فإن حزب الطبقة العاملة يسعى إلى تغيير الاختيارات القائمة، باختيارات ديمقراطية / شعبية، كشرط لتحرير الأرض، والإنسان، ولتحقيق الديمقراطية، والشروع في البناء الاشتراكي، من أجل إعادة الاعتبار إلى الإنسان، وإلى المجتمع الإنساني، الذي لا وجود فيه لما يسيء إلى الكرامة الإنسانية.

 

ابن جرير في 20 / 4 / 2014.

محمد الحنفي

sihanafi@gmail.com

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا