<%@ Language=JavaScript %> كلمة ممثلة الحزب الشيوعي اللبناني د. ماري ناصيف - الدبس في "اللقاء السادس عشر العالمي للأحزاب الشيوعية والعمّالية"

 

 

 

كلمة ممثلة الحزب الشيوعي اللبناني

 

د. ماري ناصيف - الدبس

 

في "اللقاء السادس عشر العالمي للأحزاب الشيوعية والعمّالية"

 

(غواياكيل – إكوادور، 12 – 15تشرين الثاني 2014)

 

الرفيقات والرفاق الأعزاء،

 

اسمحوا لي، بداية، أن أنقل تحيات الحزب الشيوعي اللبناني الى الحزب الشيوعي الإكوادوري والى شعب الإكوادور الذي يصنع مع شعوب وبلدان أميركا اللاتينية الأخرى – وفي المقدمة منها كوبا وفنزويلا – تجربة مهمة على الصعيدين الداخلي والخارجي، عبر "الثورة المواطنة"  (Citizenship Revolution) التي غيّرت، منذ العام 2007، الكثير على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، خاصة لجهة محاربة الفروقات الاجتماعية والفقر وإعادة النظر بالعلاقات الاقتصادية البترولية مع الشركات الاحتكارية.

ونرى في هذه "الثورة" وفي دور الحزب الشيوعي ضمنها مثالا يمكن لنا دراسته في ضوء شعار لقائنا الحالي الذي يركّز على دور الأحزاب الشيوعية والعمالية – وكل القوى المعادية للامبريالية – في النضال ضد الامبريالية والاستثمار الرأسمالي وما يولدانه اليوم من أزمات ومن نهوض للفاشية والقوى الرجعية... خاصة في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي على وجه التحديد.

 

الوضع في المنطقة العربية

فالامبريالية، وذراعها العسكري حلف الناتو، التي تلقت الضربات الموجعة في العراق وأفغانستان، والتي فوجئت بثورتي تونس ومصر وبانتفاضات أخرى في عدد من البلدان العربية الأخرى، خاصة الخليج، تحاول اليوم استعادة زمام المبادرة في منطقتنا بواسطة بقايا الأنظمة المنهارة، وتعوّل على دور الرجعية العربية والإقليمية، وبالتحديد إسرائيل وتركيا والسعودية وقطر، من أجل الإمساك مجددا بقرار الشعوب العربية. فما يخيف الامبريالية من هذه الانتفاضات والثورات هو أنها انتفاضات وثورات قد أحدثت، على رغم هشاشة وضعها حتى الآن، نقلة نوعية مهمة، إن من حيث الجماهير التي شاركت في صنعها (وفي هذا المجال لا بد أن نشير الى العامل الطبقي الواضح كحافز لها) أم من حيث تأثيراتها في استنهاض قوى اليسار والشيوعية لاستعادة مواقع كانت قد فقدتها في قيادة الحركة الشعبية من أجل فك التبعية عن الامبريالية وانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية.

وتجدر الإشارة هنا الى أن الصراع مع الرجعيات الداخلية بكافة أشكالها وتلاوينها، هو صراع يرتدي بعدا وطنيا تحرريا، خاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار  الدور الذي تلعبه واشنطن في تأجيج الوجه المذهبي لهذا الصراع, فكما كانت واشنطن في الماضي وراء قيام تنظيم "القاعدة" وغيره من التنظيمات المشابهة، فهي كذلك تشجّع اليوم التنظيمات السياسية ذات الأيديولوجية الدينية، بدءا "بالإخوان المسلمين" ووصولا الى "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) من أجل إطلاق حروب داخلية جديدة في العراق وسوريا ولبنان، بهدف متابعة تفتيت هذه البلدان وغيرها تنفيذا لمشروعها المسمى "الشرق الأوسط الجديد". وما التحالف الامبريالي الأخير، الذي يذكّر بالعدوان على أفغانستان ومن قبله على العراق، إلا خير تعبير عن المخطط العام، خاصة وأن القوات العسكرية الامبريالية لا تسعى الى ضرب داعش وأخواتها فعليا، بل إنها لم تحاول أن تفرض على تركيا إقفال حدودها بوجه الآلاف الآتين من أوروبا وأميركا وبعض البلدان العربية. كمل لم تفرض على السعودية وقطر وقف المساعدات التي تقدّم الى تلك التنظيمات الإرهابية.

 

 

 

ونضيف أن قوات التحالف الامبريالي تقصف المدن العراقية والسورية، لا لإنزال الهزيمة بداعش بل لإبقاء الطرفين المتصارعين قادرين على التقاتل والتدمير، في وقت تعمد فيه الشركات البترولية العابرة للقارات، وفي مقدمتها الشركات الأميركية، الى شراء البترول الذي استولت عليه القوى الفاشية الدينية في العراق وسوريا والذي يهرّب جزء أساسي منه عن طريق النظام التركي... ولا ننسى فلسطين في كل ذلك، حيث يواجه شعبها العدوان المستمر على غزة والضفة وأراضي 1948 بتصعيد المقاومة، خاصة العسكرية،  من أجل مواجهة المشاريع الجديدة للتحالف الامبريالي – الصهيوني الذي يحاول الاستفادة من المعارك الدائرة في العالم العربي لإمرار المرحلة الثانية من مشروع "دولة إسرائيل الكبرى" عبر طرح تحويل هذا الكيان الى "دولة لليهود في العالم".

من هنا، كنا ولا زلنا، كحزب شيوعي لبناني، مع تطوير "اللقاء اليساري العربي" الذي نشأ منذ أربع سنوات في كنف الانتفاضات والثورات العربية، كوننا نرى أن المهمة التاريخية الملقاة اليوم على عاتق الأحزاب الشيوعية واليسارية العربية تكمن في تجذير الانتفاضات ومنع القوى المضادة للثورة من تحقيق أهدافها. من أجل ذلك، لا بد من توحيد اليسار في كل بلد عربي على حدة وعلى الصعيد العربي العام ليشكل نواة جبهات عريضة تستند الى برنامج نضالي للتغيير الوطني الديمقراطي هدفه النهائي إسقاط أنظمة الطغمة المالية التابعة والتحرر من الامبريالية, وهو برنامج يبدأ بتطوير القطاعات الاقتصادية المنتجة والدفاع عن حقوق الطبقة العاملة والكادحين عموما وإطلاق الحريات الديمقراطية، مع التركيز على إلغاء كافة أشكال التمييز والتهميش اللاحقة بالشباب والنساء... الخ.         

 

الوضع في لبنان

أما في لبنان، فنجابه ثلاث أزمات.

الأولى تكمن في محاولات القوى الإرهابية المتواجدة على حدودنا مع سوريا ومثيلاتها في الداخل اللبناني، والمؤلفة من فصائل لبنانية وسورية وغيرها، من إقامة "إمارة" تمتد من الحدود اللبنانية الشرقية – الشمالية باتجاه البحر. وعلى الرغم من التصدي لها من قبل الجيش اللبناني، الذي دفع حتى الآن ثمنا باهظا من خيرة جنوده وضباطه بين أسير وجريح وشهيد (ولنا شهيد بينهم)، فان العدوان الداعشي مستمر؛ وهو يهدد بالتوسع، خاصة في ظروف لبنان حيث الانقسام المذهبي السني – الشيعي، الذي انطلق في العام 2007 وانفجر في العام 2008، آخذ في الاستفحال والتشعّب على ضوء المعارك الدائرة في سوريا، من جهة، وما يجري في اليمن والبحرين وغيرهما حيث تحاول السلطات تحويل الانتفاضات الى صراع مذهبي على السلطة.

والثانية تكمن في سعي الطبقة الحاكمة للاستفادة مما يدور من معارك على الحدود ومن تهديدات إسرائيلية جديدة بدأت تتصاعد في الآونة الأخيرة من أجل اعادة تقاسم الحصص بين إطرافها. والمضحك - المبكي أن لبنان يعيش، منذ ستة أشهر من دون رئيس للجمهورية، وفي ظل برلمان مدد لنفسه وسيعيد الكرّة مرة جديدة بحجة أن لا إمكانيات لإجراء انتخابات نيابية. أما حكومته الجامعة بين طرفي البرجوازية (من على علاقة بالسعودية ومن على علاقة بإيران وسوريا)، فشبه معطّلة.

أما الثالثة،  فتكمن في تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، حيث يزداد الوضع الاقتصادي تدهورا بفعل عدم مساعدة لبنان على تغطية متطلبات النازحين السوريين والفلسطينيين الآتين حديثا من سوريا. فلبنان، الذي لا يتجاوز عدد سكانه الأربعة ملايين ونصف المليون، والذي لم يكد يخرج من 15 عاما من الحروب الأهلية إلا ليعود الى حرب أهلية جديدة تمتد شرارتها من الشمال الى الجنوب والبقاع، غير قادر على تغطية أوضاع فقراء لبنان وذي الدخل المحدود، فكيف به يحمل اليوم تبعات ما يقارب مليوني نازح سوري ولأجيء فلسطيني؟

كل هذه الأوضاع دفعت بالحزب الى التحرك باتجاهين. الأول، اقتصادي –اجتماعي، يستند الى إطلاق حركة نقابية ديمقراطية مكافحة في القطاعين الخاص والعام، خاصة القطاع العام الذي يشهد تحولات حثيثة منذ نهاية الحرب الأهلية في أواسط تسعينيات القرن الماضي بهدف تصفيته. أما الثاني، فسياسي ويسعى الى تجميع القوى الديمقراطية على أساس أولوية تغيير النظام السياسي عبر إلغاء المحاصصة الطائفية  والدعوة الى نظام ديمقراطي علماني وطني.

 

لأن التبعية في بلداننا لا تقوم فقط على أساس العامل الاقتصادي بل كذلك بالاستناد الى عامل الدين والمذهب الذي استندت إليهما الامبريالية في صراعها مع قوى التقدم والتغيير.

من هنا، نعود فنقترح ما سبق لنا أن أكّدنا عليه في اللقاء الخامس عشر في دعوتنا لعقد لقاء عالمي من أجل دعم الشعوب العربية وانتفاضاتها ضد الأنظمة الرجعية والديكتاتورية وضد القوى الامبريالية، ومن أجل التحرر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي... خاصة وأن هذا الاقتراح، الذي تحوّل الى قرار (مع تعديل في صياغته) ضمن مجموعة النضالات المشتركة، لم يتم البحث بكيفية تنفيذه خلال العام المنصرم.

وهذا التأخر في القيام بتحركات ونضالات مشتركة عديدة سبق لنا أن أقريناها، من البحث في كيفية تطوير المنظمات العالمية (النقابية والشبابية والنسائية) الى تفعيل لقائنا كأحزاب شيوعية وعمالية، يدفعنا الى طرح أولوية البحث في نضالنا المشترك اليوم وكيفية تطويره في ضوء أننا أمام هجمة موحدة للقوى الامبريالية في العالم. هجمة تتخذ طابع الحرب الكونية وتستند الى استعادة أشكال الصراع السابقة، من الفاشية الى الحروب الدينية الى العودة لبعض أشكال الاستعمار القديم... دون أن ننسى الدور المتزايد للصراع الإيديولوجي. وهي، بالتالي، هجمة لا يمكن مجابهتها "بالمفرّق" بل ببرنامج ذي طابع شامل وبقوى موحدة إقليميا ودوليا، وذات أهداف واضحة.  

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                             

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org               الصفحة الرئيسية - 1 -