<%@ Language=JavaScript %> د. إقبال محمدعلي البرد/الثلج / سعدي يوسف و القصيدة !!!!!

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

البرد / الثلج / سعدي يوسف والقصيدة !!

 

 

 د. إقبال محمدعلي

 

"يذكرون في سبب تأليف الحماسة الكبرى أن أبا تمام توجَه الى خراسان ليمدح واليَها عبدالله بن طاهر, ولما نال منه جائزته- ألف دينار قرر أن يرجع الى العراق, وفي طريقه عرج على( هَمَدان) فأستضافه أبو الوفا بن سلمة و أكرمه, و حين فكَر في شد الرحال الى بغداد وقع ثلج عظيم قطع عليه الطريق, ومنع السابلة, فأضطر إلى البقاء عند مضيفه, الذي أحضر له خزانة كتبه, فطالعها و أشتغل بها, و صنف خمسة كتب , و كان من أشهرها كتاب الحماسة الكبرى, الذي عرف ب (ديوان الحماسة ) لأبي تمام "

و لحسن الحظ أنتهى حال سعدي في كندا/ تورنتو كحال أبي تمام .. فبرد و ثلوج تورونتو أضطرت ضيفي العزيز إلى الأنكباب  على لترجمة كتاب الشاعر الفيتنامي ثيوتخلصا من صباحات البرد الطويلة . .منتظرا و بشغف حلول بصيص من الامل ... لربيع قادم.. أو ..  مِزنة مطر من شهر نيسان .

تراه يتطلع من خلال النافذة الى الشارع راصدا حالة الجو من خلال المارة الملتحفين بمعاطفهم الثقيلة, يراقبهم و هم يخفون رؤوسهم كالطيور في داخل صدورهم , و في مثلث العمارات التي أعيش في واحدة منها ,يشكل هذا المثلث, دوار تيار قوي من الريح للدرجة التي يتعذرفيها احيانا  فتح الباب الخارجي للبناية و الذي أسميه للنكتة "بمثلث برمودا" .

الكتاب امامه و لأيام ... ينظر اليه ساهما و أحيانا

تمتد يده الى الكتاب يتصفحه بسرعة ثم يرميه على الطاولة مرة أخرى

و أحيانا يبدأ بالقراءة سارحا بأفكاره مع الكلمات .. و فجأة يرميه جانبا

و كأنه غير عابئ به و بكاتبه .. و يبقى الكتاب على طاولته مهملا , نائحا عند أنامل سعدي المنحدرةعلى سطوره صعودا و نزولا

و كنت أراقبه مستغربة .. لقد أحضر الكتاب معه الى كندا ليترجمه .. فمتى سيبدأ !!!!!

الفضول دفعني الى تصفح الكتاب و قراءة بعض قصائده لكثرة ما حدثني سعدي عنه

أثارت اعجابي احدى القصائد: ففي عمق البؤس و الفقر كان هناك  شئ من السكون و التأمل والشفافية

تربطك بناسها فتأنس لهم .... تتمنى ان تنزل الى  النهر وتتأمل الشجر وتتمرغ  العشب المبلل .

يأخذ قدح نبيذه و يجلس صامتا متأملا...  أو سارحا مغموما... و احيانا ينظر الي و كأنه لا يراني ....

و هنا أدركت انه سيبدأ بالترجمة قريبا .. انه المخاض .

مخاض سعدي عندما يترجم قصيدة  لشاعر ما , كمخاضه عندما يكتب قصيدته

يتأملها كحبيبة ..يدرسها .. يداعبها بأفكاره .. يقرأ ملامحها , يعريها , يناجيها , يتمرغ بها

يأنس بها ... عندها و على غفلة , يترك كأسه و يركض الى آلتهِ و يبدأ الكتابة ......

رأيته يتصفح وريقات الكتاب متأملا , بعدها بدأت أصابعه تنقر و بقوة و بدون توقف موزعا نظره بين الالة الطابعة و القصائد ,

خلال ساعات أكمل ترجمة القصائد الاربع دون توقف و من دون ان يفتح القاموس  المسكين النائم قربه على الطاولة .... و يستمر يعمل بنفس الخشوع هذا اليوم و سيستمر غدا .... و سيستمر بعد الغد .. وسيستمر و يستمر ......و يستمر

أيها الشيخ الشامخ المبدع ... يتهمونك بالخرف كي يطعنوك  و ليت بعضهم يتمكن من صياغة بيتين بهذه البلاغة و اللغة الرفيعة العالية

أيها الشيخ الشامخ المبدع... لقدنفخت بلاغتك الروح في قصائد ثيو فجعلتها سلسة ,هنية ,مفعمة  بالشاعرية كلغة ثيو الام , وهو يطرح لنا و ببساطة ذكريات الحنين الى قريته , الى أمه ،إلى أذرع الفتيات الغضة تنوح من ثقل الماء في الدلاء ,الى رائحة الطين الاحمر على ضفتي النهر , إالى شعر والده ألاسود/ الابيض مهاجرا/ عائدا / مهاجرا مرة أخرى ......

تورونتو 2014

 

النسوة يستقِين الماءَ من النهر

 

 

نغوين كْوانغ ثِيو-الفيتنام

Nguyen Quang Thieu

ترجمة وتقديم: سعدي يوسف

 

في صيف 2012، تلقّيتُ دعوةً إلى بلباو، عاصمةِ الباسكيين، شماليّ إيبريا. كان ثمّتَ لقاءُ شعراء من العالم الوسيع. والمناسبة: لابدّ من مناسبة! المناسبة هي إحياءُ ذكرى غرنيكا، البلدة الباسكيّة التي هدمَها الطيَرانُ الهتلريّ على رؤوس أهلها، في بدايات الحرب الأهلية الإسبانية، أواسطَ الثلاثينيات، ثمّ حملها بيكاسو إلى ضمير العالَم في لوحته الأشهر: غرنيكا.

كنت في باب الفندق حين هبط من حافلةٍ، جاك هيرشمان شاعر سان فرانسسكو الأشهر، الذي تربطني به علاقةٌ أثيرةٌ. أمّا الآخر فكان نغوين كوانغ ثيو

درس ثيو الإنجليزية والإسبانية في كوبا الثوريّة، واطّلعَ جيداً على الشِعر المكتوب بهاتين اللغتين، وقد كان هذا التثقف عميقَ الأثر في نصوصه.

لا ذِكْرَ للحرب في أشعار ثيو.

لقد انتهت الحرب حقّاً! وهاهوذا يكتب عن الطبيعة، والناس، والقرى حيث يكدح البشر ويحلمون. ثيو شاعرُ فيتنام، لم يسمعْ بأنني أحاول أن أنقل قصائده إلى لغتنا العربية الأجمل، وقد لا يسمع إطلاقاً … لكنني واثقٌ بأن الناس الذين يقرأون العربية سوف يهتمّون بأشعاره، وقد يستمتعون!

 

 

النسوةُ يستقين الماءَ من النهر

 

أصابعُ أقدامهنّ معروقةٌ، ذواتُ أظافرَ طِوالٍ

تتّسِعُ كأصابع الدجاج.

لخمسٍ، خمسَ عشرةَ، ثلاثين من السنين،

راقبتُ النسوة، يذهبْنَ إلى النهرِ، ليستقِينَ الماء.

 

عُقَدُ شَعرِهِنَّ تنحَلُّ، متحَدِّرةً

على قفا قمصانهنّ الناعمةِ الرطبةِ.

هنّ يمسكْنَ عِصِيَّ الكتِفِ، بيَدٍ؛

واليدُ الأخرى تضُمُّ سحائبَ بِيضاً.

 

وحين يضغطُ النهرُ على ضفافِهِ، لينعطفَ

يأتي الرجالُ بِزاناتِ الصيدِ وأحلامِ البحر

السمكاتُ السحريّةُ تفِرُّ وتبكي؛

والطوّافاتُ تظلُّ ثابتةً على وجه الماء.

الرجالُ يمضون بعيداً، غِضاباً، حزانى.

 

لخمسٍ، خمس عشرةَ، ثلاثين، من السنين

راقبتُ النسوةَ عائداتٍ من النهرِ، بالماء.

كثيرٌ من الأطفالِ العُراةِ، يركضون خلفَهنَّ، ويكْبرون.

والفتياتُ يحملْنَ العصي على أكتافهنّ، ويمضين إلى النهر

والأولادُ يحملون زاناتِ الصيدِ ويحلمون بالبحر

بينما السمكاتُ السحريّةُ تفِرُّ وتبكي

لأنها رأت الصنّارةَ في الطُّعْمِ الـمُـدَوَّخ.

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا