<%@ Language=JavaScript %> حارث النقيب  شاكرالسماوي لحن العراق الخالد

 

 

 

شاكرالسماوي لحن العراق الخالد

 

 

حارث النقيب  

 

 بين غربة الروح وظلمة القائم والقادم، غادرنا الشاعر الكبير، الصديق الصدوق والاعزمن اخ، شاكرالسماوي الى حيث تستكين نفسه المعذبة وروحه المكلومة في زمن العقوق والرياء والخواء، زمن انتكاس المعاييروارتكاس القيم وتلوث الارواح وشُح النفوس. غادرنا وظُلمة ما تبصره بصيرته اشَّدَ إيلاما وأّمرّ وأمَضْ على نفسه من وهن بصره نتيجة التعذيب في سجون انقلاب 63. رحل إلا انه باقٍ بنتاجاته وابداعاته المتميزة، فهو الَقُ الثقافة العراقية ووهجها، مبدع النصوص المسرحية وعملاق الشعرالشعبي العراقي وخلاقه بلا منازع. فموهبته الشعرية وُلِدت في ظل المعانات والصراعات النفسية الحادة التي تكونت منذ طفولته القاسية التي صاغت ملامحها وبذرت بذور الرفض والتمرد على ما هوقائم وعاتم في الفكر والوجود، حين تلاقحت الموهبة بالوعي، كاحد ثمار انتماءه للفكر الماركسي، وامساكه بمنهج فهم الانسان والحياة والكون، وفي ظل كفاح الشعب العراقي توقا للحرية، الامر الذي ادى الى تحول شعوره بمعاناته الفردية الى شعورٍ بمعانات شعب بل والانسانية. تجسد ذلك عبر كل ابداعاته الشعرية والمسرحية وكتاباته في الفكر والسياسة والنصوص التي هي مزيج من الفلسفة والادب والحِكَمْ. فشاكر السماوي رجلٌ كبير بقلب طفل، يعشق الاطفال، يحبهم، ويعمل المستحيل لاحلال الفرحة في نفوسهم تعويضاً لبراءة سحقتها قساوة الابوة والحياة، فعبارته: "المجتمع السليم في الطفل السليم" تعبير عن اللاشعور المستقر في مكنونات نفسه، وتجلٍ لوعي رسالته في تحرير الانسان عبر تحطيم المتكلس من العادات والتقاليد والاوهام تحت اي مسميات.

اتلجلج طفل كل عمري بيه ينْدار/ يلكَاني النبي بالغار/ تلكَاني القوافي اشعار/ تلكاني السيوف اجفوف فارس طاح/ والراس العليه ايغار/ جاشلك يكَلبي باكَوز/ نشابة اعلى جفك من يرد منشار؟

امتلك شاكر السماوي ثقافة موسوعية يندر ان نجد مثيلا لها عند غيره. فَمِن استيعابه للماركسية بذهن نقدي ثاقب، مغاير للنموذج السوفيتي "الستاليني" الذي قنونها وقولبها واختزلها إلى غير فلسفة ماركس، التي يقوم جوهرها على تحرير الانسان من حالة الاغتراب التي اوجده فيها النظام البرجوازي الى الفعالية الحرة اللامغرَّبة للبشر والمجتمع الذي يكون فيه الانسان الهدف الاسمى وليس انتاج الاشياء. الى قراءاته النهمة والعميقة للتراث العربي ـ الاسلامي، والادب والفكر العالميين، وتوظيفه الرموز التاريخية والاسطورية بِمَنْحِها ابعادا انسانية تتخطى حدود الزمكان لتضفي على النص والدرامي خصوصا ادوارا تتقمص الحدث او الحالة لاعادة انتاجها لحظة التجربة الابداعية. الى التصاقه بابناء بلده وارتشافه رحيق المفردات العامية من افواههم، لصياغة معانٍ ترتدي ازهى الحلل اللفظية، وقدرة عجيبة على تطويع اللغة عبر اشتقاق الكثيرمن الالفاظ التي مَنَحتْ قصائده جمالية ببلاغة صورها ولونيات موسيقاها التي تُحدِثُ رنينا راقصا عند قرائتها... شافك ضميري ابجلمتك/ رفة جنح تتمرى بعيون الخيل./ ياعازف وجرحك وتر/ ياجف مِنارة على الكَمر/ دهر انت مر بيك الدهر/ يكبراومن تكبر زَغَر/ يَلْ شفت ظَلمة على الشمس/ يَلْ شفت باجر كَبل امس/ بس انت ع الصَّبخة اكَدَرِتْ/ تزرع، وزرعكَ ورًّد/ اولو كَابح زروعك مُطر/  شتلك بلا ماي امتد/ ابماي العُطش تروي العُطش/ عفي عُطش كُلك مد!! من قصيدة الشاعر"المتنبي".

 كل ذلك تُوِجَ بموهبة فذة حَرِصَ على ان يسموا بها الى ذرى مشارف شرفات تتجاوز مَرقَبْةَ الشنفرى العظيم الذي كان يتَفَضَّلْ على المُتفَضِلِيْنَ بقيمهم واخلاقهم وبسالتهم، فكان ذلك خليقاً ببناء شخصية اخرى رديفة له، اسمها: شاكر السماوي، توطنت العمر كله بين جنبات النفس وفضاء الروح. ففي قصيدته المهداة الى عيد ميلاده السبعين والمُعنونة :"رسايل الى 21ـ 04 ـ 2005 وهو تاريخ ميلاده يقول في رسالة 6: يا كَلبي الما أضنك بالأَصل طين، مشيت اوياي للسبعين: نبض يرفد نبض، أو حِلِم يمتد حِلِم، وسنين تبني سنين, او حِرِت بيَّ اوحِرِت ـ ياما ـ هَمْ حِرِت بيك... أوتدولبنة على مد الحين والحين... بين الشوف والخوف، اوبين الكاس والناس، اوبين الحيل والويل، اوبين الصان والخان،أولحد شحْ النبض وتهتكَت بيك الشرايين". امتلكت هذه الشخصية القدرة على النفاذ عبر كوى العواطف، الى ما وراء الاشياء والظواهر والافكار وتجلياتها من ظلال وطيوف والوان وطعوم، يجري اقتناصها والظفر بها ليحيلها في مصهرة نفسه سكبا وسبكا الى صوروقلائدَ من الفاظٍ ومعانٍ فتاتي تجربته غنية بقوة المشاعرالتي تفيض بها روحه. فنجد الكثيرمن قصادئه وليدة حالة الانفعال وليست الافتعال المصحوب بالتأني والتأنق، فتنهض درامية القصيدة طاغية بصراعات ابطالها المتواصلة ذات البعد الكوني، كقصيدة: قسم الفارس/ وفارس جنوباوي/ وعلامك/ والحسين/ وبجينة/ والعشكً والموت وبنادم/ ويا شط الحزن يا..مهداة الى النواب/ وقصيدة: في هذه المرة! وهي من الشعر الحر، كتبت 1972. وفي النسخة المُهداة لي كان التذييل الاتي: "قصيدتي هذه ليست الاولى من نوعها، لكنها من مظلوماتي تركتها اسيرة ظلامٍ عشعش حولها كمَن راح يدفنها...إليك ايها العزيز أهديها علَّها تحظى بتذوقك الفذ فتتنَفسَ ثقتها الفنية بنفسها".

جائوا به/ أنتَ/ أنا/ أو/ ذاكَ الذي توزعَّ الإيقاعُ أحزانَهْ/ قالوا لهُ/ اين تُجيدُ الموتَ؟/ أجابَهم/ قبل انهيار الصوتِ/ في اللغة والموتِ/ تقدَّمَ الشرطيُّ ذو العِمامة/ ياجُثةً تلتحِفُ النور/ لو اننا في كعبة الزهور، نحميكَ في لغة الطيور/ نشعلُ في احزانِكَ السُّرور، نجعلُكَ الحاجبَ، في مداخلِ الجسور، نُجلُسكَ الإلهَ في السُّطور، أتَهجِرُ الرُقْعَة َوالصِّراع والنذور؟

أجابَهمُ قُربَ انهيارِ الصوت/ لن توقِفوا الحياةَ بالموت.

كتب شاكرالسماوي اكثر من ثلاثين قصيدة في الشعر الحر قبل تحوله الى الشعر الشعبي. لكن حين تيقن بان موهبته الادائية والفنية وبراعته اقدرعلى التعبير عن نبض الناس عبر المفردة وبالتالي القصيدة الشعبية، رفع صواريه واشرع صوب منابع اللغة الاقدر على تحسس، آلامِهم وأحلامهم، همومهم وهمهماتهم ما بين يقضة الحُلم وغيبوبة الجنون.

 اكتمل الابداع الشعري لشاكرالسماوي، في الكتابة والنقد المسرحيين، الوجه الاخر لعطائه وابداعه الفنيين وتجلٍ لمعاناته المُفَجِرة لاشكال الابداع. حيث توفرت امكانية نقل التجربة الحية لمسرح الحياة بدراميتها الحقيقية بين قطبي الصراع، فالانسان يَسْحَقْ ويُسْحَقْ. تعبر اعماله المسرحية عن الهَّمْ الانساني الذي يطغى على كل اعماله، كمسرحية خبز وكرامة وبشرى الثورة وبقايا تحتضر وصوت النخل وسفرة بلا سفر وكوميديا الدم ورقصة الاقنعة، التي طلبها مسرح ستوكهولم خريف 2009، وترجمت الى اللغة السويدية وتقرر اخراجها كمسرحية وفيلم. وعن نفس المسرحية التي اخرجت عام 79 في بغداد، كتب الناقد العراقي الكبير المرحوم علي جواد الطاهر نقدا موضوعيا، يبرز نواحي القدرة الابداعية وتفردها والمقترنة بتواضع النفس الخلاقة. وفي الوصية التي تركها الراحل لابنائه واودعني نسخة منها. (اوصى بان تُكتب على شاهِدة قبره العبارة التالية من تقييم علي جواد الطاهر ذاك:"ولو كان بيدي أمرٌ لالقيت به في خضم مسارح العالم ليتصل بالتجربة مباشرة وياخذ الفن على اصوله ومن ثم يجني البلد ثمرة ناضجة من شجرة ناضجة، فما كان مثل شاكر السماوي ليتهيأ لنا كُلّ يوم").   

 كتب في النقد والسيِّيَر الذاتية لمثقفين ومناضلين وَدَّعوا الحياة في اوطان الغربة بعد غربة الروح عن اوطانهم، وكتب نصوصا فلسفية ادبية كحدائق الروح الذي يذكِّر بالامتاع والمؤانسة لابي حيان التوحيدي. ترك نفسهُ لتحكي عن نفسهِ عبر دواوينه: إحجاية جرح ورسايل من باجر ونشيد الناس والعشكَ والموت وبنادم وتقاسيم ونعم انا يساري والديوان السابع"من اخطائي الجميلة" الذي لم يطبع بعد. بالاضاف لاعمال اخرى لم يكتمل انجازها: منها "متر مربع" عن المرحوم حسين سلطان، والذي سبق ان اهداه ثلاثيته اللاديمقراطية عربيا. وقصيدة "العظيم" عن الامام علي، وكان قد خطط لها ان تكون الف بيت، وما كتبه لم يتجاز عشرات الابيات. ومسرحية عودة أنكيدو التي لم يكتمل انجازها كمسودة.

اثناء مراسيم الدفن، حيث ووري الفقيد الثرى، القيت كلمات تابينية من قبل ابنائه واصدقائه ومحبيه، منهم باقر ابراهيم الذي اشاد بعلاقاتهما الممتدة إلى ما يقرب الستة عقود. كذلك المُلحن الاستاذ سامي كمال، الذي تطرق الى تلحينه قصيدتين غنائيتين: "دكَيت بابك يا وطن ـ وحالتين". كتب شاكر السماوي قصائد كثيرة اجلالاً للحزب الشيوعي العراقي وتمجيدا لذكرى شهدائه. كانت ابرز تلك القصائد واطولها قصيدة، "نشيد الناس" ذات الالف بيت، إهداءً الى الذكرى الاربعين لتاسيس الحزب 1974. جاء في مقدمتها:" قدمتها الى رئيس تحرير طريق الشعب، إلا ان من بيدهم الامر الاعلامي للحزب آنذاك طلبوا مني حذف بضعة مقاطع واشارات تخدش مشاعر حلفائهم في جبهة السبعينات، وقد تُعَكِّر صفو العرس التحالفي، فَرَفَضْتُ وسحبتُ مخطوطتي التي حوصِرتْ بالتحفظات المُحبِطة".

أول ماعرفت الشوكَ حبيت/ حجيك ياحزب ، والناس والبيت/ واسمي المُستعار البيه تربيت/ وأول ما عَرفت الطيب عُرفيت/ بيه انه العُمر جَودرني بالروح/ والنبض الندهني اوكَلبي اله وَديت/ ياعِذر العِتب/ ياعين، ياشوف/ ياموعد أحبه اوبيه ما جيت/ يا لفتة حمامة/ يا غمامة/ يا شجاعة يا خوف/ يا صُبح الكَلب يَلْ بيك ضوّيت/ ينشدني النبض:/ من ياكُتر هليت؟

هناك تصور خاطئ لدى البعض من  كون الموقف اللاودي بل والعدائي من شاكر السماوي نابع من موقفه من احتلال العراق، وهذا تصورٌغير دقيق، إذ تميزت مواقف شاكر السماوي بالمبدئية المرتكزة إلى يقينية يغذيها وعيٌ سمته العمق كابداعه وانسجام كامل مع ذواته ورؤاه، تجلى ذلك عبر صموده في سجون النظام الملكي وانقلابيي 63 حتى يوم وفاته كانت اثار التعذيب مترسبة في رئتيه وعينه التي اطفئت عندها سجائر السجان. ذلك الشعور بقيمة الالتزام سواءٌ في الابداع اوالسجن او الفكراوالتنظيم واحدٌ لا يتغير، مما سبب له الكثير من المجابهات والمواجهات والحصارات سواء في العراق اوفي بلاد المهجر،العربية والاوربية من قبل، الجلاد والضحية على السواء. عُرفَ عنه صدقه وصراحته المصحوبة في كثير من الاحايين بسخرية لاذعة لايتحملها البعض من ذوي النزعات المتطرفة. كان يمسك بنبض الايام، يتحسس القادم فيرسم شعوره كلمات نابضة كناقوس الخطر. كتب قصيدة قَسَمْ الفارس بعد ثمانية عشر يوما على انقلاب تموز 68، وهذا ما لم يَرُقْ للحزب الذي ارسل اليه رسولا يخبره بانه قد تعجلَ في حكمه، فكان جوابه: "ان كان الحزب لم يكن قد رأى شيئاً، فانني رأيتُ وقُلتُ". بعد عام من ذلك التاريخ، وإثرَ اعلان الحكومة العراقية توجيه دعوة للجواهري للعودة الى بلده وانهاء غربته! كتب قصيدته:"هلهولة حزن للجواهري" آب 69. حيث قال فيها : إن الغربة الحقيقية هي في الوطن القادم اليه الجواهري وليست تلك التي كانها بعيدا. [بيوم جيتك. طلعت اصفوف الجماجم من كَبرها/ اترد سلامك ذاك ياليلة كَدرها. البيها يتجدد حديها/ ...ياغريب الدار، دجلة، ذيجة دجلة: كَلب يسبح بالجروح المالِكَت شاطيها/ ... ياغريب الدار، كَاعي .../ اتعيش فوكَ الكَاع ـ مثلك ـ هَمْ غريبة من كَبل ماضيها/  ياغريب الدار، صبرك/ صبرك، اوحِلمك عليها/ لا تعاتب.../ لو لكَيت البور عشعش بالسواجي، والصُبَخ واطيها/ اولا تعاتب.../ لولكَيت الطير يمشي، ايكَصكَص الجناح بيده او للقفص يهديها/ او لولكَيت نجوم شُربت كل ضواها/ او عثرت ابناصيها.../ لا تعاتب/  تدري حجي امعاتبك ياذيها]... بعد قرائة الجواهري للقصيدة، رغب بلقاء شاكر السماوي الذي امتنع عن تلبية هذه الرغبة، إلا ان اللقاءات تواصلت طيلة فترة الثمانينات في دمشق، حيث اصبح الشاعران غريبان ومغتربان بعد غربة واغتراب تلمسها السماوي بكل احاسيسه المرهفة ووعيه الثاقب. في نفس الفترة حوصر من قبل المعارضة بل ومن قبل نفس الشخوص الذين طلبوا منه حذف مقاطع من قصيدته "نشيد الناس"، فحاول بعضهم من تجار الثقافة الطعن به أمام الجواهري وفي بيته، فما كان من الجواهري إلا ان يرده قائلا: لم اسمح بأن يُساءَ الى أحدٍ في بيتي يوما، فكيف اذا كان شاكر السماوي، فهو من ابرز مثقفي العراق". جاء ذلك بعد ثلاث محطاتٍ من مَحكاتِ الحياة في دمشق: اولاها: عندما طُلِبَ منه منتصف الثمانينات ان يقود رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين العراقيين، قَبِلَ الطلب بشرط ان تُدعى قوى المعارضة العراقية الاخرى الموجودة على الساحة السورية، رُفضَ مقترحه، فطلبوا منه لقاء نفس الشخص اياه الذي ردعه الجواهري. تحدث معه عن شعار البديل الديموقراطي المرفوع، واهمية تاكيده في الممارسة: كي نثبت لانفسنا وللاخرين اننا حقا ديموقراطيين وليس كما ندعي. ثانيها: بعد لقاء مطول اجرته معه مجلة دنيا العرب 1986 في دمشق ونشرعلى حلقتين متتاليتين، طُلِبَ من المجلة تقديم اعتذار للقراء! لانه تحدث عن الشاعر مظفر النواب جوابا لسؤال: "مظفر النواب لم يُستَكملْ شعريا ما يجعله يشكل عقدة للاخرين بالمعنى الابداعي والانجاز الشعري، والدليل على ذلك في اواسط الستينات انتشرت على ساحة القصيدة الشعبية العراقية الوان شعرية ومذاهب ابداعية ولغات شعرية تخطت فنيا الكثير مما انجزه شعر النواب فنيا، ومنذ ذلك الحين اجتيزت القصيدة النوابية في الاسلوب والموضوعات واللغة والادوات والتقنيات".  ثالثها: اللقاء المطول الذي اجرته معه الاسبوع العربي، جريدة اتحاد الكتاب العرب 1986 والذي تناول مسرحيات السماوي، وهموم المسرح السوري والعربي نصوصا، اخراجا واداءاً، حيث قدم تقييما للكتاب والمخرجين والنقاد المسرحيين، من بينهم المخرج العراقي جواد الاسدي، الذي قال عنه:" مقدرة إخراجية حشرت نفسها في شكلانية مرهقة متطرفة تختزل النص المسرحي بحكاياته وصراعاته وشخوصه في تكوينات بالجسد والاكسوار والمؤثرات الفنية الاخرى على امل خلق مؤثر جمالي على حساب ازاحة الجوهري من المادة الدرامية بتسييد الشكل...غير قادر على الولوج الى عمق النفس الانسانية في الحدث والشخصية وزخم الصراع الدرامي في الحدث الذي يظل في عروضه كبقايا ساقية قد جفت...إن اعظم ما يقدم للانسان في كل اصناف الفن والادب هو الانسان".

قوبل هذاالتقييم بموقفين متناقضين بالتقديرالعالي من قبل مثقفين عراقيين سوريين وكان في مقدمتهم الشاعر الراحل محمد الماغوط، وشعور بالسخط من قبل اليسار العراقي.

خرج من سوريا بجواز سفر سوري وباسم مستعار لانه هدد بالاعتقال من قبل المخابرات السورية التي التقته مرات عديدة!!! فتخفى عن انظارها وذلك قبل ايام من تركه لدمشق.

كتب عام 91 مقالة بعد احتلال الكويت وما ترتب عليه من عدوان، فقال عبارته الشهيرة: "المطلوب رأس العراق وليس رأس النظام".

كتب قصيدة: طواف في ملجأ العامرية تمجيدا لضحايا مجزرة ملجأ العامرية التي راح نتيجتها 52 طفلاً 261 إمرأة. كتب بعد احتلال العراق 2003:الخائن وقاوم قاوم وبغداد ترفض ان تترجل وفتى الضلوعية.

غادرنا إلا انه باقٍ بتنوع ابداعاته وبنغمات قصائده المحتضنة سنابل العراق وسعف نخيله وطيور مياهه وهي تتراقص منشدة لحن الخلود المتجلي في ارق اشكال الابداع في سبيل الانسان، فشاكر السماوي سيمفونية عراقية خالدة تعددت آلاتها وتنوعت انغامها، هدفها واحد هو الانسان الذي قال عنه في احدى اهدائاته لي: مع الانسان الذي ينبغي ان ينتصر بانسانيته لإنسانيته مهما عمَّر العذاب وتاسَّنت الهزيمة وعَشعش الخراب.   

 

 14.12.2014

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org               الصفحة الرئيسية - 1 -