<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن " حرب الثلاثين عاماً: قبل أن تتحول قبورنا الى مباول عامة"

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

"حرب الثلاثين عاماً":

 

 قبل أن تتحول قبورنا الى مباول عامة

 


حمزة الحسن

 

قال وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون باتينا، وهو ليس بائع غنم في السوق، أو بائع شلغم في ساحة الطيران في الباب الشرقي، بل من كبار صناع القرار وخبير في شؤون الأمن والحرب والدسائس والخطط وقراءة المستقبل الم صنّع في مراكز عليا، ان الحرب على داعش قد تستغرق ثلاثين عاماً.قراءة المستقبل علم ولم يعد مجهولاً،
وهو كيف نفكر اليوم وماذا يحدث؟

خلال هذه الحقب ستنقرض عدة أجيال، وتزال مدن ودول ومزارع وجمهوريات، وتتأسس قبائل ومقابر وتندثر حضارة عريقة، ويعود الناس الى البراري بحثا عن العشب وكل ما يصلح للطعام من طيور وجراد وطرائد حية أو ميتة، ويتقلص عدد الذكور كما حدث في اوروبا في( حرب الثلاثين عاما ـــ 1618 ـــ 1648)، وهي حرب طائفية بين الكاثوليك والبروتستانت، جرت معها باقي الطوائف وقلصت سكان المانيا الى الثلث، من عشرين مليون الى ثلاثة عشر، عدا الامراض والعاهات والمجاعات والفواجع، وشاركت فيها السويد وفرنسا والنمسا واسبانيا وايطاليا وغيرها، حتى أصدرت الكنائس قرارات بالعودة الى النظام الاسلامي بتعدد الزوجات لكي لا تنقرض اوروبا،
وكلفتها كانت أضعاف ضحايا الحرب الاولى والثانية العالميتين.

ليون باتينا ــــ ليون يعني الأسد ــــ بشرنا بالانقراض والمحو والعودة الى زمن المراعي ان وجدت والارض المحروقة. لا ينقصنا الذكاء بل الخيال، لذلك يمكن تخيل صورة المستقبل وهي صورة واقعية بشعة،
اذا تحققت توقعات وليس نبوءات ليون، لأن الرجل غارق في السجلات والخطط والصور والبرامج والخرائط والملفات، والعالم السري مكشوف أمامه، وهو مستقبل بشع ومخيف ومفزع، مالم يتم تدارك الكارثة من شعوب المنطقة وهي تقاد الى المسالخ مع اجيال قادمة لم تولد بعد.

بدأت علامات حرب الثلاثين عاما تلوح في الافق، من الذبح ــــ وهو ايضا استعمل في الحرب الاوروبية ــــ الى السبي، ومن حرق الكنائس الى حرق الاضرحة، ومن محو الحقول الى محو المدن والاثار والثقافات والهويات والذاكرات، ولن يسلم من ذلك الأمير والفقير والشيخ والزعيم والرئيس، سواء كان رئيس دولة او عصابة أو رئيس نشالين، بما في ذلك الذين أشعلوا هذا الحريق المجنون وشاركوا مع حلفاء كبار وصغار فيه.

بدأت " بشائر" جهنم ليون باتينا،  مع ان الرجل يحذر والتحذير قرار أخلاقي بصرف النظر عن الدوافع ،
لتجنب كارثة وشيكة بدأت كتفاصيل وحوادث في القتل والخراب، كما حدثت حرب الثلاثين الاوروبية برمي ممثل الامبراطورية الرومانية من النافذة في براغ، وعادة يبدأ الحريق الكبير بحوادث صغيرة تُستعمل كذريعة لمصالح كبرى. لن تتوقف " حربنا الطويلة" الا بعد عقود وربما بعد ثلاثين عاما، يعود فيها شيوخ وأمراء الخليج الى الصحراء للبحث عن جراد كطعام، والشوك والعاقول كحطب للتدفئة اذا لم تنفع النيران التي اشعلوها في المنطقة والفتن الطائفية التي حرضوا عليها كبار القتلة والمأجورين هنا وهناك، وبعض هؤلاء كان يظن انه سينتقم من حقد معتق، أو يفوز بمنصب سياسي، أو يصفي حسابه مع طوائف ومدن وأفراد، ولم يكن يعرف عن سذاجة أو خسة ودناءة انه اتخذ قراراً مهلكاً بالإنتحار لن ينجو منه هو وسلالته القادمة، وسوف لن يجد قصراً رئاسياً يجلس فيه ليحكم، بل مقبرة كبيرة يرقد فيها حتى أحفاده، وأمامه أطلال وأنقاض وحرائق، ولن يجد مقاطعات ليحكمها بل خرائب شاخصة الى السماء كأذرع مستغيثة، ولن يجد جيوشا مناطقية ليقودها بل سيجد متسولين ومصابين بالجذام والطاعون، يتعكزون على بنادق صدئة، وينامون في دبابات مأوى للجرذان السمان من الجثث.

ليس غريبا أن المرتزقة استعملوا في حرب الثلاثين الاوروبية كما يقول المؤرخ البريطاني الشهير بيتر ولسون في كتابه( حرب الثلاثين سنة: ماساة اوروبا)، الذي يؤكد بقوة ان تلك الحرب كانت حرب مصالح سياسية واقتصادية،
وكان يمكن تجنبها، لولا الغطاء الطائفي والديني المحرض الفعال في الحروب.

محاضرة نائب الرئيس الامريكي بايدن قبل أيام في جامعة هارفرد كانت تهديدا مباشرا لمشعلي تلك الحرب بعد أن خرجت عن طورها كما خططوا لها، وطاف بهم شوارع العالم عراةً ثم اعتذر منهم في نهاية حفل التعرية،
ليس عن الفعل بل عن التعرية الكاملة، وهي البراغماتية الامريكية في التخلي عن الشركاء والحلفاء اذا فشلوا في ضبط الاوضاع، أو في فشل مشروع التخريب، ومايزال يوزع الاعتذارات على مشايخ وملوك ورؤساء يعرف جيداً ان هؤلاء ، بعد حفل التعرية، يفضلون الواجهة والشكل والمظهر، على العلم وعلى الشرف الحقيقي،
وعروض الازياء والابراج والقصور وتلميع الشوارب والعكل ونفخ الأوداج في المؤتمرات على حداثة فكرية حقيقية أكثر خطراً من غيرها.

كانت رسالة نائب الرئيس نسخة طبق الاصل من تصريح ليون باتينا عن حرب العقود او الثلاثين عاماً،
وكل محتواها يتلخص في دفع ثمن حرب طويــــــــــــــلة كما بشر الرئيس نفسه، وحرب من هذا النوع ستلتهم كل عوائد النفط والاحتياطي المالي المهرّب الى مصارف العالم تحسباً لليوم الأسود، ولم يعرف هؤلاء ان اليوم الأسود بدأ من لحظة اشعال الحريق، الذي لا أحد يعرف اليوم مهما بلغ من الشطح وعلم التنجيم والتسلطن والخيال في أي اتجاه سيمضي، وليس عليهم سوى توقع العودة الى زمن الإبل، والتشطف بالرمل المحرق.

الجانب المتعلق بنا هو الأكثر أهمية من كل ذلك، التفرج وانتظار ان نصبح نحن واحفادنا حطباً لحرب طويلة،
وانتظار الطائرات الاجنبية المنقذة، والانشغال اليومي بنقد الساسة وتصليح المجاري ورثاء الموتى،
والتنظير لـــــــــــ " العراق الجديد" الديمقراطي الذي، يقول بعض أهل القلم، اننا لم نعرف كيف نمارس فيه الديمقراطية الأمريكية، لأننا شعب جاهل يقضي حاجته على حافات الترع، ويتشطف بالاعشاب أو الصحف المتطايرة أو الأحجار، هذا الاستغراق في التفاصيل، ونسيان الكارثة الكبرى القادمة، هو ما يجعل حرب الثلاثين عاماً واقعاً يتأسس بالغفلة والجهل والاستهتار والربح ونقص الوعي والخيال ووعي الخطر الزاحف.

هناك جرذان كوارث تزدهر في أزمنة الموت، وتعيش على الجثث، مع ان أحداً لن يفلت من هذا الحريق،
" والرابح لن يأخذ شيئاً".

التحذير من حرب طويلة سواء لعقود أو أكثر، مجرد التحذير هو وضع الناس أمام مصير مشؤوم،
لتجنب الكارثة.

فرصة التجنب قائمة حى اليوم، قبل فوات الأوان، وتصبح مرثية أم عبد الله الصغير:
" إبك كالنساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه كالرجال"،
الذي ظلمه التاريخ، مع انه قاتل بشرف وشجاعة، وهذه المرثية ملفقة من المؤرخين الأعداء، كما كشفت، حديثاً، الوثائق الاسبانية القديمة، وصارت حقيقة صلبة من التكرار، هذه المرثية الكاذبة ستنطبق علينا يوماً من أجيال قادمة قد تنجو من حرب الثلاثين، وتحوّل، من باب الانتقام، قبورنا الى مباول عامة.

 

حمزة الحسن

عن صفحة الكاتب على الفيس بوك

https://www.facebook.com/hmst.alhasn/posts/10152482954537266

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا