<%@ Language=JavaScript %> كمال مجيد لتتحد السعودية وايران ضد العدو الامريكي

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

 

لتتحد السعودية وايران ضد العدو الامريكي

 

 

د. كمال مجيد

 

كمقدمة تأريخية: انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين العراق وامريكا سنة 1967 ، ايام حكم عبدالرحمن عارف، اثناء الحرب العربية الاسرائيلية. فقرر عملاء امريكا بقيادة عبدالرزاق النايف وناصر الحاني الاتفاق مع البعث لازاحة عبدالرحمن في 17/7/1968 مما ادى الى سيطرة البعث على الحكم في 30/7/1968. ومع قيام البعث بتأميم النفط وتوثيق العلاقات مع الاتحاد السوفياتي تمكن نيكسون وكيسنغر من اقناع شاه ايران على تسليح مصطفى بارزاني مرة اخرى للهجوم على الجيش العراقي. للتفاصيل راجع الخبير الاسرائيلي في الشؤون السوفياتية اريح يودفات في كتابه  ((الاتحاد السوفياتي وايران الثورية، منشورات سنت مارتينز بريس 1984، ص 35. )) واثناء الحملات الفلسطينية على الغرب،  في اوائل السبعينات، تم ادخال العراق في قائمة الدول الارهابية.

     الا ان الحكومة الامريكية ادركت جنين التغيرات في ايران اثناء المظاهرات الضخمة في طهران ضد الشاه سنة 1975. ولمنع انحياز ايران الى المعسكر السوفياتي قررت امريكا تشجيع رجال الدين، بقيادة آية الله الخميني، على السيطرة على الحكم. من الجهة الاخرى التجأت الى العراق لاستخدامه كقوة مهددة للحكومة الايرانية الجديدة في حالة عصيانها. وفي اجتماع في برمنغهام ببريطانيا في 1977 صرح مسعود بارزاني لعدد من الاكراد، وكنت بينهم، بأن (( العلاقات الكردية – الامريكية كانت على احسن مايرام الى ان التقى كيسنغر، سراً، وفجأة بصدام حسين سنة 1975 فانهارت الثورة الكردية.)) يؤكد البروفسور سعد ناجي جواد على حدوث هذا الاجتماع الا انه يذكر بان كيسنغر اجتمع بسعدون حمادي الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية العراقية. والواضح ان تفاهماً ما قد حدث بين الطرفين بحيث تستطيع امريكا استخدام العراق للوقوف ضد ايران اثناء الضرورة. وبهذا الخصوص يقول عادل درويش وغريغوري الكساندر: (( كان قرار صدام حسين للاتجاه نحو الغرب قد اتخذ مبكراً، حتى قبل ان يبدأ بحرب الخليج...))

  ( راجع Unholy Babylon, Victor Gollancz, London. ))

   اقامت امريكا الدنيا بالصراخ واقعدتها لتأجيج الحرب الطائفية في منطقة الخليج النفطية مباشرة بعد ان سيطر المتظاهرون الايرانيون، في 4/11/1979، على السفارة الامريكية في طهران وحجزوا 57 دبلوماسياً كرهائن. لقد اسرعت حكومة الخميني في تاييد الطلبة ورفضت كافة المحاولات الامريكية لاطلاق سراح مواطنيها. بل على العكس اخذت ايران تشجع الشعوب العربية المجاورة للثورة ضد امريكا والتي بدورها الحت على ان الخميني يعمل على محاربة الحكومات السنية المجاورة. فتكونت جبهة بين امريكا وحكومات الخليج ومصر والاردن التي تمكنت، في 22/9/1980، من دفع الجيش العراقي الى الهجوم على المنشأة الايرانية النفطية. فنشبت الحرب العراقية الايرانية التي فاق عدد ضحاياها عن الذين قتلوا في الحرب العالمية الاولى. وقف جمهور كبير من شيعة العراق، بقيادة حزب الدعوة ومحمد باقر الصدر، ضد الحكومة التي قرر ت نفي حوالي مئتي الف  منهم الى ايران، فاشتدت الخلافات الطائفية في عموم البلاد.

   وفي تلك الحرب قدمت السعودية ودول الخليج 60 مليار دولار لمساعدة العراق، منها 30 ملياراً من الكويت. وبعد نهاية الحرب اعلنت الحكومة الكويتية ، عن طريق شادلي قليبي، عن تجهيز العراق خلال الحرب بالبترول بقيمة 17 مليار دولار. للتفاصيل راجع ( النفط والاكراد لكمال مجيد، منشورات دار الحكمة، لندن، 1997. ) اما امريكا فقد جمعت البلايين من الدولارات البترولية عن طريق بيع الاسلحة المتطورة الى الطرفين بغية استمرار الحرب التي ادت الى مقتل مليون انسان من الجارتين. اذن اشتركت السعودية في مساعدة العراق في حربه على ايران ولا توجد لحد الآن حالة واحدة لعدوان ايران على السعودية.

   لقد غيرت الحرب الحسابات الامريكية ، اذ قررت سنة 1982 شطب اسم العراق من قائمة الدول الارهابية وادخاله في قائمة ((البلدان المعتدلة))، بل قدمت المؤسسة التجارية للبضائع الزراعية الامريكية تخويلاً بمقدار مليون دولار للعراق لشراء الاسلحة الكيمياوية من امريكا، كما يشرح تفاصيل ذلك وليام بلوم، الموظف في وزارة الخارجية الامريكية في كتابه:

William Blum, Rouge State, Zed Books, London 2001))))

مباشرةً بعد الحرب اجبرت امريكا العراق على احتلال الكويت. وبحجة تحرير الكويت جلبت امريكا قواتها لاحتلال الخليج ثم تحطيم البنية التحتية والفوقية للعراق. وفي هذه الحرب وقفت الحكومة السعودية والجيش السعودي مع المعتدين الامريكان بصورة تامة وكلية. ثم اتفقت امريكا مع المعارضة العراقية، وهذه المرة الشيعية والكردية منها، لاحتلال العراق وسوق صدام حسين وقادة حزبه الى الموت. ففي فرض سيادتها على العالم ليس لأمريكا أصدقاء دائميين. وتستطيع الاستغناء عن اقرب حليف لها بجرة قلم. وبهذه الطريقة استغنت عن شاه ايران وحسني مبارك وبن علي وسوهارتو في اندونيسيا ومبوتو في كونغو وارستيد في هايتي ونوريغا في باناما وميلوشفيج في يوغسلافيا بل حتى شفرنادزة في جورجيا. وحين قررت امريكا التخلص من حسني مبارك وبن علي لم تاخذ معارضة الدولة السعودية الحليفة للعملية بنظر الاعتبار.

  والآن يشير الكتاب الامريكيون والعرب بل الصحافة الامريكية والعالمية الى احتمال قيام امريكا بتغيير الحكم في العربية السعودية بل حتى تقسيم البلد الى اربع دويلات. فحين القى جو بايدن محاضرته في جامعة هارفرد، في 4/10/2014 وصرح بـ (( أن دولاً مثل تركيا والسعودية والامارات دعموا الارهابيين في سوريا بمن فيهم القاعدة ... وكان هدف هذه الدول اسقاط الحكومة السورية وقدموا مئات الملايين من الدولارات وعشرات الاف اطنان من الاسلحة الى كل الذين يقبلون بمقاتلة الاسد.)) انه كان يدرك بأن الحكومة الامريكية كانت الشريكة بل القائدة في تنفيذ الجريمة. انه بالتأكيد اراد التلميح بامكانية ادخال حتى السعودية في قائمة الدول الارهابية.

   لم يبالغ بايدن في اتهامه لهذه الدول وللسعودية خاصة. فبمناسبة مقتل ثمانية اشخاص من الطائفة الشيعية واصابة عشرة اخرين في قرية الدالوة بمحافظة الاحساء، في شرق السعودية، قرر عبد الباري عطوان في رأي اليوم الغراء، في 6/11/2014 ، ان يذ ّكر القراء بما قامت به السعودية في  ((نشر نيران الطائفية )) عن طريق ((تصدير الازمة الطائفية وذيولها الى الخارج، وسورية والعراق بالذات، من خلال ضخ مليارات الدولارات في تمويل جماعات اسلامية متشددة وتسليحها تحت عنوان اسقاط النظام السوري “العلوي الكافر” ومحاربة الحكومة العراقية الطائفية.)) فالمعركة اذن اخذت طابعاً طائفياً ولا علاقة لها بالاسلام او بالقومية العربية وما شاكل ذلك من الشعارات الفارغة. والمقصود منها القضاء على الجبهة الايرانية العراقية السورية من جهة واضعاف حزب الله في لبنان وانقاذ اسرائيل من الخطر.

يدرك القراء كل هذه الحقائق ولكن الاهم ان تدرك السعودية بأن تصرفاتها اصبحت معروفة. ان عليها، اذن ، ان تعيد النظر في سياستها تجاه التفرقة الطائفية بل، وبصورة رئيسية، تجاه حليفتها امريكا بغية تجنب شرها قبل فوات الاوان. ان عليها ان تدرك بانها  قريبة جداً من جارتها الكبيرة ايران وانها محاطة بحروب طائفية في اليمن والعراق وسوريا. دون الحاجة الى الاشارة المفصلة لما يحدث في البحرين. ان الموقع الجغرافي للسعودية وثروتها النفطية الواقعة في الجهة الشرقية من البلاد يجعلاها ان تصادق ايران بل تتفق معها لتنظيم سياستها النفطية والدفاعية لمصلحة البلدين ولمصلحة جيرانهما النفطية الاخرى.

   اليس الاجدر بالسعودية ان تقترب من ايران لكي يتعاون الطرفان في مكافحة الطائفية كخطوة اولى لاعادة السلام والامان الى المنطقة وللعمل على مجابهة الخطر الامريكي الذي اخذ يمنع قادتها من النوم بأمان? ان الثقة العمياء بامريكا، دون وجود حتى اتفاقية تلتزم بها وتحترمها امريكا، لا تشير الى ادراك القادة السعوديين بعمق التقلبات السياسية الامريكية التي تحدث حتى دون ان تنذر اصدقائها. ثم ان امريكا لا تتمسك حتى بالمعاهدات. فالواضح، مثلاً، انها ترفض تسليح الحكومة العراقية بالاسلحة المتطورة لمحاربة داعش بالرغم من المعاهدة الاستراتيجية التي فرضتها هي على حكومة المالكي في العراق.

وللانصاف لا يمكن الاشارة الى السياسة الطائفية للسعودية دون ذكر الطائفيين في ايران والعراق. فهم ايضاً لهم مرجعياتهم الذين يعملون على تأجيج الخلاف بين الطائفتين. ففي العراق مثلاً يسير جيش مليوني جرار من المتطرفين الشيعة الى كربلاء والنجف، في اكثر من عشر مناسبات في السنة، في مظاهرات تساعد على تعميق الحقد الطائفي بين ابناء الشعب الواحد. وبالمقابل هناك جيش جرار من المتطرفين السنة ، من امثال القاعدة وداعش وجبهة النصرة واخوان المسلمين يقتل الابرياء، بالمفخخات والانتحاريين، لا في العراق وحده بل في معظم بلدان المنطقة بما في ذلك الاحساء في السعودية.

يتجمع المرجعية الشيعية بصورة خاصة في النجف في العراق  وقم في ايران. وفي محاولتهم الخبيثة في اشعال نار الطائفية انهم يركزون بالحاح مستمر على ما جرى بحسين ابن على ابن ابي طالب في فاجعة كربلاء قبل 1400 سنة. انهم يحثون الجهلاء على اللطم والعويل، باسلوب وحشي منافي لأبسط مظاهر التمدن، وكأن الفاجعة حدثت قبل ساعات. وفي كل مرة يشارك الوف الايرانيين في المسيرات العراقية ويصرفون المبالغ الطائلة في العتبات المقدسة مما يحث المستفيدين على تشجيع هذه التصرفات المخزية. ان القصد من كل هذا هو غسل ادمغة الناس واجبارهم على الاهتمام بهذه الطقوس التافهة وكأنها جزء مهم من التعاليم القرآنية. فالخلاف الطائفي قد بلغ اوجه بل تحول الى حرب شاملة لمعظم بلدان المنطقة ولا يمكن التخلص من شرورها الدموية الا بالتعاون الوثيق بين ايران والسعودية. ان على قادة البلدين انهاء التلاسن الممزوج بالتملق والدخول في مفاوضات جدية وبناءة للتوصل الى اتفاق عملي لمحاربة الارهاب واعادة السلام الى المنطقة.

عند تقييم الوضع السياسي والاجتماعي في كل المنطقة من الضروري الادراك بأن ايران بلد واسع يعيش فيه اكثر من 80 مليون انسان. انها تسيطر على كل الجانب الشرقي من الخليج وملتصقة بالعراق من اقصى شماله الى اقصى جنوبه بصورة محكمة . انها ثابتة في مكانها ولا يمكن نقلها الى مكان أخر بعيداً عن البلدان المجاورة. وبالرغم من الحرب العراقية الايرانية المدمرة للشعبين انها تمكنت من تطوير صناعتها وقابلياتها الصاروخية بصورة مدهشة ولها اقمار صناعية تدور حول الكرة الارضية شأنها شأن البلدان المتقدمة الاخرى.

    من الضروري الادراك بان الحرب على ايران ستجبر روسيا على الدفاع عنها. ليس ذلك تنفيذاً لبنود اتفاقيتي 1921 و 1927 بين البلدين فحسب بل خاصة وانها وقعت مع ايران اتفاقية امنية جديدة قبل ايام. وبالنسبة لروسيا ان الدفاع عن الجارة ايران اهم بكثير من الدفاع عن سوريا التي وقفت روسيا معها ودافعت عنها عسكرياً وسياسياً. الى درجة ان وزير الخارجية السيد وليد المعلم اعلن في جريدة الاخبار اللبنانية، في 6/11/2014 ، ان روسيا ستجهز سوريا بصواريخ ايس 300 الستراتيجية. فالحرب على ايران قد تتطور الى حرب عالمية تؤذي البشرية كلها. ثم ان جريمة القتل الاخيرة في السعودية لم ترتكبها ايران بل ارتكبتها الدولة الاسلامية ، داعش، التي قتلت ثمانية ابرياء في منطقة الاحساء لاسباب طائفية بحتة كما اكدت الحكومة السعودية على ذلك بصورة رسمية.

ان على شعوب المنطقة ان تدرك هذه الحقائق الدامغة وتتعلم الحياة مع ايران وتعاملها كجارة لا يمكن الاستغناء عنها في مقاومتها للتوسع الاستعماري الصهيوني الذي يعمل السيطرة على خيراتها النفطية ويدخلها في حروب محلية بغية اضعافها. وبدل عداء ايران، كما يفعل البعثيون العراقيون، من الضروري الاستفادة من قابلياتها وتقوية العلاقات معها لمكافحة الاستعمار الامريكي الذي فرض اسرائيل على فلسطين ويستخدمها لتهديد شعوب المنطقة. فاسرائيل، وليست ايران، هي التي تضطهد الشعب الفلسطيني، منذ تأسيسها سنة 1948 ، باسلوب عنصري فاشستي اتعس مما فعل هتلر باليهود. ان على قادة العربية السعودية ان يلعبوا الدور الرئيسي في هذا الاتجاه. عليهم ان يدركوا ان امريكا هي المستفيدة من الحرب الطائفية المنتشرة في كل المنطقة.  ذلك لان الحرب تضعف هذه الشعوب وتسهل تسلط العدو على الثروة النفطية الثمينة. عليهم ان يدركوا ان امريكا مهتمة بنفط المنطقة وليست بحكامها. ان ما جرى بشاه ايران وبصدام حسين خير برهان على ذلك. ان الثروات السعودية الهائلة الموجودة في امريكا احسن محفز لاسقاط الحكم فيها ثم السيطرة على ترليوناتها التي تبقى محجوزة في البنوك الامريكية بعد القضاء على اصحابها.

ليس هناك دليل مقنع واحد للخلاف بين العربية السعودية وايران. فما يسمى بالخلاف تكوّن نتيجة التلقين المزمن والمستمر للدعاية الامريكية والاسرائيلية حول خطر ايران وخطر المذهب الشيعي على بلدان الخليج.  بل العكس: اذا اتفقت البلدان النفطية الواقعة على جانبي الخليج واقتربت من دول البريكس ، اي البرازيل وروسيا والهند والصين وافريقيا الجنوبية، واعتمدت على ثرواتها الذاتية الهائلة فليست هناك قوة تستطيع معاداتها. فالظروف الموضوعية ملائمة جداً لقيام المملكة العربية السعودية بالتحالف مع ايران. انها ستكون خطوة تأريخية عظيمة في تحرر المنطقة من الطغيان الامريكي وخياناته. انها ستعيد البترول الى اصحابه الشرعيين.

 

كمال مجيد

في 8/11/2014

 




 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا