%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا للفيدرالية لا للعولمة والتبعية |
|||
---|---|---|---|---|
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين |
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |
الحدباء، سنجار وقره قوش
د. كاظم الموسوي
الحدباء، سنجار وقره قوش، اسماء وألقاب مدن برزت بسرعة خلال الاشهر الاخيرة على واجهة الاعلام وبكل اللغات. مدن على خريطة وطن مطلوب رأسه او مغضوب منه. او بالأحرى استعادت ذلك بعد الغزوة الاولى والاحتلال البغيض..والسبب الرئيسي والأولي المعلن الان هو هجوم عصابات ومجموعات ومنظمات متنوعة تحت اسم داعش عليها. غزو وهجوم واحتلال وسيطرة على هذه المنطقة القابعة في شمال العراق، شرق سوريا وجنوب تركيا، (9-10/6/2014) امتدادا لما لها في الارض السورية من مساحات ومدن مثلها اشتهرت وانتشرت وتداخلت فيها حقب التاريخ بما هو حاصل لها حاليا. اما داعش فهو مختصر/ الحروف الاولى من اسم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، تطور بسرعة ايضا من مجموعات متناثرة ومتفرقة، اساسها القاعدة التي تزعمها ابن لادن في افغانستان وتفرعت منها، حملت اسماء متعددة وصولا الى اسم الدولة، في بلدين، العراق والشام في نيسان / أبريل 2013، ثم في هذه الايام اختصر من جديد الى الدولة الاسلامية، (دا)، بعد ان اعلن ابو محمد العدناني، الناطق باسم "داعش"، قيام "دولة الخلافة" في 29/6/2014، كما دعا اتباع التنظيم الى الزحف على بغداد، (يقال ان اسمه الحقيقي هو طه صبحي فلاحه، من مواليد قرية بنش القريبة من حلب). وفتح باب المبايعة للخليفة الجديد. وأصبح الامر اجباريا بعد خطاب متلفز بتقنية فنية كاملة في الجامع الكبير في مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، شمال العراق، وغرب اقليم كردستان. وتقول وسائل الاعلام انه تعاون او اشترك معه اكثر من عشر مجموعات مسلحة بينها بقايا احزاب علمانية، (كيف اقتنع بها او كيف تعاونوا معه؟) ومنها مجموعات تعرّف نفسها بقوى مقاومة للاحتلال العسكري الامريكي للعراق (ما هي حجتها في التعاون مع دا؟!).
ظهر الخليفة الجديد على منبر الجامع الكبير في الموصل الذي تميز بمنارته الحدباء (4/7/2014)، التي اصبحت من مسميات الموصل ايضا، مثل ام الربيعين، لقبها الاشهر. والتي تشير الى دراية وقصد في كل ما حصل. من الغزو والصدمة والرعب الذي تسرب بالخليفة وأعوانه الى الحدباء.. الى الوقوف تحت المنارة الحدباء، بكل الخرافات والأساطير حولها وأسباب قيامها حدباءا طيلة القرون الطويلة عليها. ولعل محاولة تقليد استمرار الهيمنة داخلها كاستمرار وقوفها في الجامع الكبير امر خطير وكبير، ليس على سكان المدينة وحدها او المنطقة حولها، بل الدول المحيطة بها والشعوب التي عاشت فيها طيلة تلك القرون والعصور. في الموصل ما زال اهالي المدينة يتعرضون لأبشع الاعمال الاجرامية من المجموعات المسلحة المهاجمة، فقد امروا، وفقا للأمم المتحدة، بإخضاع جميع الفتيات والنساء في المدينة وحولها للختان، وتم تهجير 150 الف عائلة تركمانية، ومصادرة ممتلكات 11 قرية اغلبية سكانها من الشبك واستولوا على جميع موجوداتها. ولم يقتصر اجرام داعش على القتل والاغتصاب والتهجير فحسب، بل تعددت الاشكال الاجرامية لتلك العصابات، لتشمل طمس الارث الحضاري والتاريخي والديني للبلد، حيث اقدموا خلال يومين على تفجير جامع النبي يونس والنبي دانيال والإمام ابو العلي ومقام علي الأصغر ابن الحسن في نينوى، في حين هدموا مرقد الشيخ صالح، الذي يقع جنوبي كركوك.. وهنا تطلب معرفة الاسرار وراء ما حصل والأسئلة عنها ومآلاتها وما تحمله للمستقبل وما نقلته خطبة الخليفة الجديد القادم بأردية الخلفاء وخطبهم ولكن بدبابات الغزو وأسلحة الاحتلال ومعدات الشركاء والداعمين، القدماء والجدد، حسب تطورات المشهد وسياسات اللاعبين فيه، سواء في الحدباء او ما يليها من حوادث الدهر والزمان. وهي قصة او حديث لم ينته إلا بعودة الحدباء لام الربيعين وأهلها الفخورين بها، لا تجار السياسة ومرتزقة الطوائف وزعماء الغدر وورثة الخيانات المتتالية.
سنجار بعد الموصل (وتكتب وتقرأ بالكردية: شهنگار أو شنكال) وهي مدينة جبلية وعرة، تقع غرب محافظة نينوى، يعود تاريخها إلى الألف الثالث ق.م.. ولها مثل غيرها قصص وأحاديث خرافة وأساطير تاريخ.. فهناك من يعيد اسمها الى الطوفان، حين اصطدمت سفينة نوح بالجبل عند مرورها قربه، فقال هذا سن جبل جار علينا، فسميت (سن- جار- (سنجار). وزنج تعني أسود نسبة الي قمة الجبل وهذا تفسير آخر لمعنى الاسم، أما أصل التسمية الكوردية شنكال فجاءت من تركيب كلمتين تعني الجهة الجميلة. كما ورد ذلك في سجلات تعريفها المنشورة عنها في شبكة الانترنت.
وكانت وسائل الاعلام بمختلف اللغات تبث خبرا يقول: ان تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" فرض سيطرته شبه الكاملة (3/8/2014) على صحراء غرب الموصل وشماله، والتي تشكل المثلث الحدودي العراقي - السوري - التركي الغني بالمياه والنفط، وذلك عندما استولى على بلدتين خاضعتين لسيطرة قوات البيشمركة الكردية جنوب قضاء سنجار قرب الحدود العراقية - السورية، ما دفع سكانهما الأيزيديين إلى الفرار نحو الجبال والهضاب. وفي هذه الأثناء أعلنت الأمم المتحدة أن استيلاء داعش على مدينة سنجار دفع حوالى 200 ألف شخص إلى الفرار، مشيرة إلى مخاوف كبيرة على سلامتهم ومحذرة من "مأساة إنسانية"!. وأوضح بيان لها أن "الأمم المتحدة لديها مخاوف كبيرة على السلامة الجسدية لهؤلاء المدنيين المحاصرين من جانب مقاتلي الدولة الإسلامية"! في جبال سنجار.
فجرا هاجم مسلحو داعش هذه المناطق، واشتبكوا مع قوات البيشمركة الكردية التي تركت مواقعها، وانسحبت إلى خارجها. وقبل منتصف الظهر رفع مسلحو التنظيم راياتهم السوداء على المباني الحكومية فيها. وذكر شهود أن داعش سيطر أيضا على سد الموصل، أكبر سد في العراق بعد انسحاب القوات الكردية التي خسرت ثلاث بلدات وحقلي نفط أمام تقدم داعش قبل يومين، في أول انتصار كبير للتنظيم على القوات الكردية منذ دخوله الموصل في حزيران/ يونيو الماضي. كل يوم لداعش غزوة وفوز ومسلسل دمار وتهديد، وأسئلة اخرى عن خططه وقوته ونواياه. وكلها ليس لها علاقة بالدين ولا بالخلافة التي يدعي داعش احياءها، بناءً على اراء العلماء والمراجع الدينية المعروفة.
حذر رجل دين إيزيدي، من "كارثة إنسانية على وشك الوقوع في سنجار بعد سيطرة المسلحين عليها"، مشيرا إلى أن "أكثر من 350 ألف ايزيدي مهددون بالإبادة أو التهجير وترك أراضيهم". وكشف أن "عصابات داعش على رغم وعودها بعدم التعرض لأبناء الطائفة، إلا أننا لا نثق بها، وستقدم على العمل ذاته الذي مارسته في الموصل مع إخواننا المسيحيين". كالعادة كثرت البيانات والخطابات وتباينت الارقام وقل العمل الجدي والمطلوب. دعت وزارة المرأة العراقية إلى تدخل محلي ودولي لإنقاذ نساء قضاء سنجار شمال البلاد من السبي بعد وقوعهن بيد عناصر تنظيم داعش (3/8/2014). وأوضح البيان أن المعلومات المتوفرة لدى الوزارة تؤكد أن تنظيم داعش يحتجز نساء وفتيات في منزل واسع داخل سنجار، وتم ترحيل عدد من النساء مع عوائلهن إلى مطار تلعفر بعد قتل الرجال ولا يزال مصير كل هؤلاء النسوة مجهولاً. وكشفت جمعية الهلال الأحمر عن حصولها على معلومات تفيد بأن تنظيم داعش اقتاد عدداً من النساء المسيحيات والأيزيديات إلى مكان مجهول ليبيعهن سبايا.
نشرت على الانترنت، ونقلت بعضها قنوات تلفزيونية، صور تظهر نازحين منتشرين بين الكهوف والوديان الصخرية في جبال سنجار العارية وعابرين عراة وحفاة في قوافل ممتدة وطويلة، اغلبهم من الاطفال والنساء. وكما بات معلوما من منظمة الأمم المتحدة في هذه الحالات، ابداء قلقها إزاء ارتفاع أعداد النازحين وتسجيل وفيات في مناطق سنجار وزمار بعد سيطرة داعش. ودون خطط واستعدادات وحماية وسبق وان تعرض الايزيديون إلى هجمات متكررة من قبل مسلحين متشددين في السابق بسبب طبيعة ديانتهم الفريدة من نوعها التي تعود جذورها إلى أربعة آلاف سنة.
مثل الموصل والقابها تعيد قره قوش الكرة بأسماء اخرى، منها ما ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان بوصفه لها: "بخديدا: بضم الخاء المعجمة وفتح الدال وياء ساكنة ودال اُخرى: قرية كبيرة كالمدينة، من اعمال نينوى، في شرقي مدينة الموصل، والغالب على اهلها النصرانية". وسماها الفرس بيث خديدا وتعني بيت الالهة حيث كانت هذه البلدة تدين بالمجوسية وفيها معابد كثيرة للنار والأوثان، بينما اطلق عليها الترك قره قوش وتعني الطائر الاسود، وقيل في معناها بان بخديدا لفظة آرامية محرفة عن لفظة (بيث ديتا) أي (بيت الحدأة) وهو طائر اسود وهذا الاحتمال مرجح نظرا لما يسجله المؤرخون بان اللون الأسود كان المرجح لكلا الجنسين حتى الآونة الأخيرة، اما افضل ما ذكر عن بلدة بخديدا فهو "المعركة التي دارت بين الفرس والآشوريين عام 610 ق.م حصلت قرب بكديدو وبها اندحر الجيش الآشوري وهي مرادفة للفظة بيث كذوذي أي بيت الشباب باللغة الآرامية". حسبما ورد ذلك في تعريفها في الموسوعة الحرة. وفي كل الاحوال هي مدينة عراقية سكانها من قدماء العراقيين، دخلتها العصابات ايضا، (7/8/2014) كجارتها الحدباء وعاثوا فيها بما عرفوا فيه من سلوك مشين وهددوا اهلها ودفعوهم للهجرة والبحث عن مستقر امن او سكن هاديء ككنائسها السبع ومعابدها وأديرتها الاخرى التي تركوها تحت تهديد التفجير او التدمير او التخريب. اية صور لأبناء الالهة، مشردون ومهمومون، دموعهم تسبقهم قبل كلامهم عن تلك المدينة الوادعة والصابرة على بلواه؟.
قال بطريرك الكلدان لويس ساكو ان مئة الف مسيحي اجبروا على الفرار بعد السيطرة على قره قوش ومدن اخرى في محافظة الموصل. وذكر اسقف الكلدان في كركوك والسليمانية يوسف توما الى ان "الجهاديين"! استولوا على مدن اخرى في الموصل بينها تلكيف وبرطلة وكرملش التي "افرغت من سكانها"، ووصف ساكو ما يحصل بأنه "كارثة انسانية وقد تم احتلال الكنائس ونزع صلبانها" واحراق مئات المخطوطات القديمة. ووجه ساكو نداءً الى مجلس الامن الدولي والاتحاد الاوروبي والمنظمات الانسانية لمساعدة هؤلاء الناس الذين يواجهون خطر الموت، مبديا خشيته من حصول ابادة او تطهير عرقي وديني. وفق ما نقلته وكالات الانباء. وأكدت وسائل اعلام امريكية ان الرئيس الاميركي يدرس امكان توجيه ضربات جوية او القاء مواد غذائية او ادوية بواسطة مظلات بهدف اغاثة عشرات آلاف العراقيين المهددين بالموت، ولم يحصل ذلك حتى وصول التهديدات الى مدينة اربيل، عاصمة اقليم كردستان العراق!.
من روما، وجه البابا فرنسيس نداء ملحا يدعو فيه المجتمع الدولي الى "حماية" المسيحيين في شمال العراق. وأبدت فرنسا "قلقها البالغ" وطلبت عقد اجتماع عاجل لمجلس الامن وأعلنت استعدادها لتقديم دعم للقوات التي تقاتل المسلحين من داعش في العراق من دون ان تحدد طبيعتها. كما اذاعت غيرها من دول الراغبين لحصتهم في نفط البلاد وغازه وخونته.. (متى عرفت فرنسا وغيرها هؤلاء السكان؟ ولماذا يراد دعمهم الان؟ ام ان التابع دائما هكذا، يتسابق مع سيده!).
الارقام كبيرة، عن اعداد السكان في تلك المدن، وأعداد النازحين والمشردين ولاسيما منهم الاطفال والنساء السبايا، والكارثة قد وقعت، هذه البدايات فالى اين تنتهي او متى تنجلي؟..عصابات ومدن وجبال وصراع من اجل الحياة الكريمة في بلد الاباء والأجداد، ومخططات شريرة تريد الاقتلاع والتشريد وعواصم غربية تغري وتجهز ملافيا بمختلف المسميات، الابعد فيها الجوانب الانسانية الحقيقية.
هل هذه الخلافة الجديدة؟ من يقتنع بها؟ ولماذا التأخير في مواجهتها؟ والى متى التفرج على الفظائع التي ترتكبها علنا وتتحدى الجميع بها؟. اسئلة كثيرة اخرى ترسم علامات استفهام ووصمة عار على سياسات الغرب وحكوماته ومن يؤيدها او يتبع لها. ماذا سيكون حكم التاريخ عن كل هذه المآسي والكوارث والفظائع والضحايا البشرية والمادية من كنوز التراث الانساني؟!.
كاظم الموسوي
20.09.2014
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
|
---|