مــــا لجُرْحٍ بمَيّتٍ ...!

 

 

د. كاظم الموسوي

 

وصلني ايميل/ رسالة الكترونية بعنوان: هؤلاء هم الشرفاء في العالم. فاسرعت لفتح الرسالة. كانت صورة مشتركة لعدد من رؤساء دول امريكا اللاتينية بعد اجتماع قمة لهم، وفيها اتخذوا قرارا لدعم شعب فلسطين.. (وهم كما في الصورة رؤساء الاورغواي، البرازيل، فنزويلا، الارجنتين، البرغواي، بوليفيا).. تابعت الاخبار عن مؤتمر قمة دول امريكا اللاتينية وقراراتها. فيما يخص فلسطين وجدت خبرا يقول: "وجهت دول أمريكا الجنوبية نار غضبها على مجازر "إسرائيل" باستدعاء عدد من دولها لسفرائها من تل أبيب، وفيما يشبه انتفاضة دبلوماسية استدعت حتى اليوم الأربعاء (30/7/2014)، 5 دول أمريكية لاتينية سفراءها من تل أبيب، حيث استعادت السلفادور سفيرها لتلحق بدول تشيلى وبيرو بعد الإكوادور والبرازيل احتجاجاً على العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة واستمرار جرائم قتل الأبرياء الفلسطينيين".

نقل عن بيان لوزارة خارجية تشيلى: "تلاحظ تشيلي بقلق واستياء بالغين أن العمليات العسكرية التى تبدو فى هذه المرحلة أنها أصبحت عقابا جماعيا للفلسطينيين المدنيين فى غزة لا تراعي الأعراف الأساسية للقانون الإنساني الدولي".

وفى السياق نفسه، كشفت الاخبار: أن البرازيل كانت قد وجهت انتقادات حادة للغاية لتل أبيب بسبب استمرارها فى قتل المدنيين الفلسطينيين، وقامت هى الأخرى باستدعاء سفيرها من تل أبيب للتشاور، وذلك احتجاجا من جانب الحكومة البرازيلية على أعمال إسرائيل الوحشية فى القطاع.

سبق وقد أعلن الرئيس البوليفي، إيفو موراليس، إسرائيل "دولة إرهابية" بسبب حربها المستمرة على قطاع غزة. وأوضح موراليس أن "إسرائيل لا تحترم المبادئ أو الأهداف الخاصة بميثاق الأمم المتحدة ولا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان". وكان موراليس قد قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الاسرائيلي عام 2009، حيث أدان تعاملها مع الفلسطينيين واصفا إياه بأنه إبادة جماعية.

اضافة الى ما حملته اخبار امريكا اللاتينية هذا خبر اخر من جنوب غرب اسيا، من طهران تحديدا. يقول ان لجنة فلسطين التابعة لحركة عدم الانحياز تجتمع في طهران (4/8/2014) بدعوة من حكومتها لبحث العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة.. أكد في افتتاح الاجتماع الرئيس الايراني حسن روحاني ان الازمة القائمة في قطاع غزة هي جزء من السياسة الثابتة والدائمة للكيان الصهيوني التي تقوم على القتل والابادة الجماعية للفلسطينيين. وان استمرار الازمة في قطاع غزة ناجم عن عدم اهتمام المجتمع الدولي وخصوصا مجلس الامن وصمته حيال جرائم الاحتلال، مضيفا أن الولايات المتحدة وبعض اعضاء مجلس الامن يغضون الطرف عن جرائم الاحتلال ويدافعون عن الظالم ضد المظلوم ويشجعونه على الاستمرار في جرائمه. واعرب روحاني عن أمله بان يساهم اجتماع طهران ومن خلال البحث والتشاور بين دول حركة عدم الانحياز، في التوصل الى حلول عملية لمساعدة الشعب الفلسطيني الشجاع والمظلوم الذي يرزح تحت الاحتلال ويعاني من مؤامرات الاستعمار منذ عقود.

والاهم هو تنديد الرئيس روحاني بممارسات الاحتلال الذي ضرب كل القوانين الدولية والاعراف الانسانية ومبادئ حقوق الانسان عرض الحائط واستخدم الاسلحة المتطورة والفتاكة والمحظورة لضرب وقتل الابرياء والاطفال والشيوخ في قطاع غزة المحاصر. وفي هذا الخطاب الواضح ما هو مطلوب من اللجنة الوزارية ودعم شعب فلسطين، والذي ورد في بيان الاجتماع الختامي وكلمات اغلب المتحدثين فيه. حيث دعا المشاركون مجلس الامن الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وفق ميثاق منظمة الامم المتحدة والعمل لتحقيق تطلعات المجتمع الدولي حول الوضع في فلسطين المحتلة.‏‏ وشدد البيان على ضرورة ممارسة مجلس الامن الدولي الضغط على الكيان الصهيوني لايقاف عدوانه ضد الشعب الفلسطيني والعمل بتعهداته المنصوص عليها في ميثاق حقوق الانسان وخاصة اتفاق جنيف وجميع القرارات الصادرة عن منظمة الامم المتحدة وضرورة قيام مجلس الامن بانهاء مواقفه السابقة بعدم معاقبة اسرائيل على تهربها من المحاسبة وارغامها على تحمل مسؤوليتها امام انتهاكها لحقوق الانسان.‏‏ كما دعا البيان محكمة العدل الدولية إلى التحقيق بجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني.‏‏ وادان البيان الممارسات القمعية والتعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين وخاصة الاطفال والنساء والمسؤولين الفلسطينيين والـ 800 معتقل الذين اعتقلوا بعد 13 حزيران/ يونيو الماضي، مطالبا باطلاق سراحهم فورا.‏‏

 ومن اسيا ايضا، أصدر البرلمان الباكستاني، (5/8/2014) قراراً بإجماع أعضائه، وصف فيه الهجوم الذي يشنه الكيان إلاسرائيلي على غزة بـ "جريمة الحرب والإبادة الجماعية". وكان مستشار رئيس الوزراء الباكستاني، "نواز شريف"، للأمن القومي والشؤون الخارجية، "سيرتاج عزيز"، قد اقترح مشروع القانون على البرلمان. وجاء في القرار أن "ما تقوم به (إسرائيل) من استهداف الفلسطينيين العزل، وقتل الأطفال والنساء في غزة، هو جريمة حرب ومذبحة بحق الفلسطينيين، وانتهاك لحقوق الإنسان"، وأن إسرائيل تكون بذلك "قد ارتكبت أعمالا إرهابية". وأدان القرار عدم صدور رد فعل مناسب من المجتمع الدولي على الهجوم الإسرائيلي الوحشي على غزة، ودعا الأمم المتحدة إلى التحرك بشكل عاجل لإنقاذ حياة أطفال غزة الأبرياء.

لعل المفاجأة الاخرى هي استقالة الوزيرة البريطانية، رئيسة حزب المحافظين السابقة، البارونة سعيدة وارسي من الحكومة (5/8/2014) واعلانها بأن دعم بريطانيا للعمل العسكري الإسرائيلي ضد حماس، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1800 فلسطينياً خلال الشهر الماضي، هو عمل سياسي "لا يمكن الدفاع عنه من الناحية الأخلاقية، وليس فيه فائدة وطنية لبريطانيا، وسوف يكون له تأثير ضار على المدى الطويل على سمعتنا". ورغم التزامها بسياسة حزبها اليميني رأت وارسي أيضا بأن واحداً من الأسباب التي دفعتها للاستقالة من منصبها، رغم توقيع اتفاق وقف إطلاق نار مؤقت آخر بين "إسرائيل" وحماس، كان أنها تريد أن ترى أولئك الذين يزعم أنهم ارتكبوا جرائم حرب خلال الأربع أسابيع الماضية، سواء في غزة أو في إسرائيل، وهم يتعرضون للمحاكمة، لكنها لا تعتقد أن الحكومة البريطانية ستدعم هذه العملية. وقالت: "كوزيرة للمحكمة الجنائية الدولية، قضيت العامين ونصف العام الماضية بالعمل على المساعدة على تعزيز ودعم وتمويل المحكمة الجنائية الدولية. شعرت بأنني لن أستطيع التوفيق بين هذا العمل وبين الضغط المستمر لحكومتنا على القيادة الفلسطينية لمنعها من اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق العدالة"!!.

هذا غيض من فيض من روح التضامن العالمي، من قمم رؤساء، واجتماع لجنة وزراء وقرار برلمان، ووزيرة .. تضاف الى التظاهرات والاعتصامات والبيانات والتجمعات في اكثر من مدينة عالمية خارج الوطن العربي.. اين الملايين؟ اين المؤسسات العربية.. حكومات.. وزراء.. القمم..القمم.. وينهم.. وين العرب...؟! رحم الله المتنبي ابو الطيب:

كُلُّ حِلْمٍ أتَى بغَـيرِ اقْتِــــدارٍ    حُجّةٌ لاجىءٌ إلَيها اللّئَامُ

مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ    مــــا لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلام

 

كاظم الموسوي

06.08.2014

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا