<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني لماذا يجب ان نقف ضد مشروع القرار المقدم لمجلس الامن؟ (2)

 

 

لماذا يجب ان نقف ضد مشروع القرار المقدم لمجلس الامن؟

 

 (2)

 

بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني

 

يتحدث مشروع القرار المقدم عن " تسوية متفق عليها من القضايا العالقة الأخرى، بما فيها المياه" ولقد اتى هذا النص بعد الحديث عن قضية اللاجئين والقدس وكأن هاتين القضيتين قد حلت. والقضايا العالقة الأخرى لم تحدد بمشروع القرار لا ندري لماذا. ما يجدر الاشارة له هنا الى ان هذه القضايا العالقة هي التي تم تأجيل البحث بها منذ أوسلو سيء الصيت، ولم يتم التوصل الى إيجاد الحلول لها للان. ولقد عمدت إسرائيل في "المفاوضات" مع الطرف الفلسطيني المفاوض الى اغراق المباحثات في التفاصيل وتفاصيل التفاصيل بحيث غرقنا في مناقشة القشور ونسينا لب الصراع وجوهره الا وهو الاحتلال وصرفنا سنوات على مناقشة افرازات الاحتلال وكيفية التعامل او بالأحرى التكيف معها، بدلا من تصويب الجهد لإنهاء الاحتلال. والعودة هنا الى القول الى تسوية متفق عليها لا تدعو الى أي تفاءل الى ان يكون الحال أفضل مما كان عليه سابقا. رحم الله الدكتور حيدر عبد الشافي الذي استطاع ان يستشف منذ البداية ان إسرائيل ليس لديها النية في السلام او الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وان كل همها هو إطالة المباحثات والمفاوضات الى اجل مفتوح لا نهاية له في الوقت الذي تسعى فيه الى التحويل التدريجي للوقائع على الأرض، وهو ما حدا به لاتخاذ موقف التخلي عن موقعه في الفريق المفاوض منذ البداية، والتنبيه الى خطورة هذا المسار.

ويحق لنا هنا ان نتساءل طالما ذكر موضوع المياه، إذا كان المقصود إقامة دولة فلسطينية مستقلة لماذا يفرض علينا ان نناقش مشاركة طرف معتد علينا ومحتل اراضينا في مواردنا المائية الجوفية أو السطحية. الا يكفي إسرائيل سرقة مياهنا وبيعها لنا طيلة سنوات الاحتلال؟ وبأي حق أو قانون دولي تعطى إسرائيل أحقية في تقاسم مياهنا او أي مورد او ثروة طبيعية أخرى مثل الغاز الذي تم اكتشافه في المياه الإقليمية لقطاع غزة مثلا؟ نحن لا نريد احتلال يخرج من الباب ليعود لنا من الشباك كما فعلت الولايات المتحدة مع العراق مؤخرا.

يذكر مشروع القرار في البند الثالث " يسلم المجلس بان اتفاق الوضع النهائي يجب وضع حد للاحتلال ووضع حد لكافة المطالبات ...." . الذي يبدو ان هذه الفقرة قد وضعت للتعبير او الإعلان عن انهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بمعنى تصفية القضية بحيث لا يحق لأي طرف فلسطيني بعدها المطالبة بعودة اللاجئين أو التعويض لهم، كما لا يحق للطرف الفلسطيني رفع دعاوي في محكمة الجنايات الدولية لملاحقة مجرمي الحرب من القيادات السياسية او العسكرية الإسرائيلية، او طلب التعويض لما تسببه الاحتلال من اضرار بيئية للأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 ، او عن تدمير البيوت وتهجير السكان ...الخ. وربما هذا النص يفسر أيضا التهديد الذي أطلقته السلطة بالذهاب الى المنظمات الدولية للانضمام اليها مباشرة إذا لم يمرر مشروع القرار، وعلى رأس هذه المنظمات محكمة الجنايات الدولية لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين لما ارتكبوه من جرائم ترقى الى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. شعبنا لن يقبل ان يتنازل عن حق مقدس للأطفال الذين تطايرت اشلائهم في الفضاء على شاطئ غزة وهم يلعبون أو جثث الأطفال التي تفحمت بحيث لم يتم التعرف عليها نتيجة القصف العشوائي البربري المجرم لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ولن يتنازل عن حق الالاف المدنيين الذين قتلوا من جراء قصف بيوتهم التي انهارت على رؤوسهم التي أدت الى استشهاد عائلات بأكملها. هذه حقوق لا يستطيع أي انسان مهما علت قيمته او صغرت ان يتنازل عنها بغض النظر عن ماهية القرار وأهدافه. ان رهن الذهاب الى المنظمات الدولية بالموافقة على مشروع القرار او عدمه يدلل أيضا عن التخلي لعنصر سيادي "للدولة المستقلة" كما يدعون من هدف تقديم مشروع القرار.

مشروع القرار في بنده السادس يذكر مجلس الامن " يحث الطرفين على الانخراط بجدية في العمل من اجل بناء الثقة والعمل معا في السعي لتحقيق السلام عن طريق التفاوض بحسن نية والامتناع عن جميع اعمال التحريض واعمال استفزازية او اصدار بيانات ....". مرة أخرى يعود ويؤكد ان تحقيق السلام عن طريق التفاوض الذي لم يحل المشكلة بالرغم من أكثر من ربع قرن مضت عليها. " يحث الطرفين" نريد ان نسأل من الذي اعتدى ومن يقوم بكل العمليات الاستفزازية من تهجير وهدم البيوت ومصادرة الأراضي وبناء مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة على أراضي الضفة الغربية والاعتداء على المقدسات والاعتقالات وسرقة المياه ووضع القيود على حركة المواطنين وخاصة في غزة..الخ. وإذا لم تبنى هذه الثقة مع هذا الكم من التنازلات المجانية الواحد تلو الاخر من قبل الطرف الفلسطيني المفاوض وعلى مدى ربع قرن فما هي الخطوات او بالأحرى التنازلات الاضافية المطلوبة لبناء الثقة التي نسمعها في كل مرة من الطرف الأمريكي "الراعي" للمفاوضات والطرف الإسرائيلي الذي يريد الحصول على مزيد ومزيد من التنازلات تحت ذريعة "أمن دولة إسرائيل". وها هو السيد كيري ينطق بان أمريكا ستصوت ضد مشروع القرار لأنه لا يحقق الامن لدولة إسرائيل.

مشروع القرار المقدم في بنده الثامن " يشجع جهودا متزامنة لتحقيق سلام شامل في المنطقة، الامر الذي يفتح الإمكانات الكاملة لعلاقات الجوار في الشرق الأوسط ويؤكد في هذا الصدد على أهمية التنفيذ الكامل لمبادرة السلام العربية". "الجهود المتزامنة" "وعلاقات الجوار.." تعني ببساطة وبالقلم العريض التشجيع على التطبيع مع دولة العدو الصهيوني وإقامة العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية ودمج الدولة المعتدية بالشرق الأوسط الجديد الصهيو-امريكي وانهاء الصراع العربي-الإسرائيلي الى الابد والقبول بهذا الجسم السرطاني كجزء من الإقليم، وربما الاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي. وبالطبع فان بعض الدول العربية ليست بحاجة الى مثل هذا القرار لأنها اقامت علاقات رسمية من فوق الطاولة وعلى رؤوس الاشهاد أو من تحت الطاولة أو بنوع من الخجل الكاذب. والبعض اقام علاقات اقتصادية وخاصة في القطاع النفطي ولن نستغرب ان تظهر معلومات في قطاع الاستثمارات في إسرائيل من قبل دول خليجية في فرصة قريبة . والبعض ابدى استعدادا للتعاون الأمني والاستخباراتي واستخدام أراضيه لها الغرض لا بل والذهاب الى ابعد من ذلك وهو السماح لاستخدام اجوائه لضرب إيران ومفاعلاتها النووية. الدول العربية ستأخذ من هكذا قرار وبند لتبرير علاقاتها مع إسرائيل فهو قرار أممي وهو ات من طرف فلسطيني فلماذا يكون النظام الرسمي العربي أكثر كاثوليكية من البابا نفسه. ومن يدري فقد يجد فيه السيد نبيل العربي حجة لإدخال إسرائيل في جامعة الدول العربية بعد تغيير اسمها الى جامعة دول الشرق الأوسط، ففي هذا الزمن الردىء لم نعد نستبعد شيئا. اما المتحمسين لمبادرة السلام العربية نقول انها لا تحمل من العربية الا العنوان فهي قد كتبت بأيدي أمريكية وترجمة الى العربية وطلب من السعودية تقديمها ولقد لعب الأمير بندر بن سلطان آنذاك الدور الرئيسي كحلقة الوصل مع الامريكان بحكم علاقاته الوطيدة مع مراكز القرار والمخابرات الامريكية والرئيس بوش الاب والابن.

ويعود البند التاسع ليذكرنا بالتفاوض " يدعو الى إيجاد إطار للتفاوض ويضمن مشاركة وثيقة، جنبا الى جنب مع الطرفين، من أصحاب المصلحة الرئيسيين لمسعدة الطرفين على التوصل الى اتفاق في غضون الإطار الزمني المقرر......ويرحب باقتراح عقد مؤتمر دولي من شأنه إطلاق المفاوضات". عودة الى التفاوض مرة أخرى والانتظار لتشكيل إطار جديد والدوران في الحلقة المفرغة مرة أخرى. شكلت الرباعية سابقا وبقيت الهيمنة الامريكية على كل كبيرة وصغيرة بحيث همش دورها وما تبقى هو الاسم فقط. ولنفرض مرة أخرى جدلا أن إطار جديد قد شكل وفشلت "المفاوضات" فماذا انتم فاعلون؟  أي قرار يريد الية واية الية تريد اداة للتنفيذ لها سلطة فأين هي؟ مفاوضات... تتبعها مفاوضات... ويتبعها مفاوضات وحلقة اخرى يتم فيها تآكل المزيد من الوطن والقضم التدريجي والممنهج لما تبقى من الأرض، ويبقي الحالمون بإقامة "حل الدولتين" المزمع قيامها على كوكب آخر ليس كوكبنا بالتأكيد قائما الى ان يجد البعض هذا الكوكب.

وفي بنده العاشر فان مجلس الامن " يدعو الطرفين الامتناع عن اتخاذ اية إجراءات غير قانونية أحادية الجانب، بما فيها الانشطة الاستيطانية التي يمكن ان تقوض قابلية حل الدولتين ..".  مشروع القرار "يدعو الطرفين..." وهل هناك أي اجراء غير قانوني قامت به السلطة الفلسطينية من جانب واحد؟ الجواب طبعا لا وهي لم تقم أساسا باي اجراء قانوني لأنها بالأساس ليست بسلطة ولا تملك الصلاحيات فهي لا تستطيع ان تحفر بئرا ارتوازي واحد دون اخذ اذن مسبق من سلطات الاحتلال الإسرائيلية على سبيل المثال. المعتدي  والمعتدعى عليه  والمستعمر (بكسر الميم)  والمستعمر (بفتح الميم) والضحية والجلاد يجمعون مع بعض تحت "الطرفين" فاين هي العدالة والسلام وبناء الثقة التي تتحدثون عنها؟ ولماذا لا تذكر كلمة إسرائيل بوضوح دون مواربة؟ اما القول بالامتناع عن "الأنشطة الاستيطانية التي يمكن ان تقوض قابلية حل الدولتين.." تدلل على ان كاتب هذا المشروع لا يعتقد بان ما قامت به إسرائيل لغاية الان من تغييرات ديمغرافية وجغرافية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 يقوض حل الدولتين، وانه من الممكن ربما تسوية الموضوع من خلال تبادل أراضي.

اما بنده العاشر الذي يتحدث عن عملية تصحيح الوضع الغير المستدام في قطاع غزة، بما في ذلك من خلال توفير المساعدة....عبر وكالة الأمم المتحدة للاجئين ...ووكالات الأمم المتحدة الأخرى..." ، نحن لسنا ضد ان تأخذ الاونروا دورا لأنها متواجدة على الأرض منذ ان نشأت قضية اللاجئين عام 1948 ، ولكن السؤال لماذا يكون حصر تقديم كل هذه المعونات عبر وكالات الأمم المتحدة فأين هو الطرف الفلسطيني وأين هي المطالبة بالسيادة والفعل واولوية تقديم المساعدات وإعادة بناء في قطاع غزة؟ أما الشق الاخر من هذا البند فهو يتحدث عن " بذل جهود جادة لمعالجة القضايا الأساسية اللازمة، بما في ذلك تعزيز وقف إطلاق النار بين الطرفين". ذكر " الطرفين" يرفع عن إسرائيل صفة المعتدي الذي بدأ بالعدوان الهمجي على قطاع غزة واستخدام القوة المفرطة بحسب كل التقارير الموضوعية الغربية ويرفع عنها مسؤولية كل المجازر البشعة التي ارتكبتها، ومرة أخرى يضع الضحية والجلاد جنبا الى جنب في تحمل المسؤولية. نحن لا نرغب في الحروب ولكننا لنا الحق في الدفاع عن شعبنا وأنفسنا متي اعتدي علينا وهو حق كفلته كل القوانين والشرائع الدولية. ألم يعتبر المجتمع الدولي الضفة الغربية وقطاع غزة أراضي محتلة؟ الا يعطي القانون الدولي الحق للشعب المحتل ام يقاوم الاحتلال بكل الوسائل المتاحة؟ لم يفرض القانون الدولي وسيلة المقاومة كما تحاول السلطة فرضها.

من الواضح ان العناصر المتنفذة في السلطة الفلسطينية ماضية في طريقها بغض النظر عن أراء الفصائل الفلسطينية التي عبرت عنها في بيناتها الرسمية او من خلال التصريحات لقيادتها وعلى الرغم عدم عرض مشروع القرار على اللجنة التنفيذية أو على اللجنة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تضم الأمناء العامون للفصائل بمن فيهم حركتي حماس والجهاد. هذا الامر بات واضحا وضوح الشمس وما يزيد التأكيد عليه هو ما صدر على لسان مستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الدينية محمود الهباش في خطبة الجمعة كما أوردها موقع مدينة رام الله الاخباري ( 27-12-2014 ) حيث قال ان "القيادة تواصل طريقها وسياستها الراهنة بحماس سواء بالفصائل أو بدونها" ولقد طالبت الجبهة الرئيس عباس الذي كان حاضرا لخطبة الجمعة بتوضيح ما جاء على لسن مستشاره ولكنها ولحين كتابة هذه السطور لم تعلن عن تسلمها أي رد او تفسير.

ان الفصائل الفلسطينية بمجملها واللجنة التنفيذية واللجنة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية امام مفصل ومسؤولية تاريخية وهي ترى هذا التجاوز والاقصاء الخطير لمؤسسة اعتبرت لغاية الان الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، ولم تعد بيانات التنديد والادانة بالتلاعب بمصير شعب وقضيته، والاستئثار والتفرد والهيمنة على القرار الوطني الفلسطيني كافية لردع الطبقة السياسية المتنفذة في السلطة والمنظمة، ويحق للأغلبية من شعبنا ان يتساءل ماذا أنتم فاعلون؟

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 31.12.2014

 

لماذا يجب ان نقف ضد مشروع

 القرار المقدم لمجلس الامن؟

(1)

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org