<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني لماذا هذا الإصرار على تقديم مشروع قرار لمجلس الامن يعمل على تصفية القضية الفلسطينية؟

 

 

لماذا هذا الإصرار على تقديم مشروع قرار لمجلس الامن

 

 يعمل على تصفية القضية الفلسطينية؟

 

 

بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني

 

يتملك الشارع الفلسطيني شعورا بالاستغراب والتعجب من اللهفة والاندفاع الغير مبرر للسلطة الفلسطينية للتوجه الى مجلس الامن وتقديم مشروع القرار اللقيط والغير فلسطيني أصلا. نقول الغير فلسطيني لان كل الوقائع على الأرض المتمثلة بالتصريحات والبيانات الصادرة من كافة الأطراف الفلسطينية وقواها السياسية الفاعلة المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية واللجنة التنفيذية أو خارجها قد ادانت مشروع القرار المقدم واعتبرته انه لا يمثل قرارات الاجماع الوطني المتفق عليها لا بل أنه يمثل خروجا واضحا وصارخا عنها، وتنازلا عن الثوابت الوطنية ومحاولة للالتفاف على هذه القرارات من قبل حفنة متنفذة على الساحة الفلسطينية مستفردة بالقرار الفلسطيني. وحتى لا يتهمنا البعض باننا نؤلف أو نتجنى على أحد دعونا ننظر الى التصريحات أو البيانات التي صدرت عن الفصائل الفلسطينية.

فالجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين دعت الى "سحب المشروع الفلسطيني المقدم لمجلس الامن الدولي الذي يمثل تراجعا عن قرارات اللجنة التنفيذية وعن برنامج الاجماع الوطني بشأن القضايا الرئيسية الوطنية: القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين، حدود 4 حزيران 67 وفق قرار الأمم المتحدة 29 نوفمبر 2012، الوقف الكامل للاستيطان، حقوق اللاجئين وفق القرار الاممي 194" ( بيلست 27-12-2104 ). وتعليقا على ما ورد على لسان الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات بان "القيادة الفلسطينية" قامت بإدخال ثمانية تعديلات على مشروع القرار "الفلسطيني العربي" الذي قدم لمجلس الامن وذلك لتدارك الثغرات الواردة في النص الأول بما فيها القدس والاستيطان وحق اللاجئين في العودة والأسرى ذكر بيان الجبهة " ان ذلك يشكل اعترافا صارخا بأن الادعاءات والتصريحات السابقة حول المشروع، كما صدرت على لسان مسؤولين في السلطة الفلسطينية، انما كانت تحمل مغالطات هدفها بلبلة الصف الوطني وتضليل الراي العام الفلسطيني والعربي حول طبيعة التحرك الدبلوماسي في مجلس الامن الدولي وحول طبيعة مشروع القرار المقدم".  (بيلست 26-12-2014). اما بالنسبة الى الغموض والضبابية التي اتسمت بها صياغة بعض ما ورد في بنود القرار والتي تسمح لكل طرف بان يفسرها كما يحلو له، فقد ذكر بيان الجبهة بان هذا " يؤكد افتقار القيادة الرسمية الى رؤية سياسية واستراتيجية واضحتين في تحركاتها الدبلوماسية، وان امتناعها عن نشر النص الكامل للمشروع على الرأي العام يبعث على المزيد من الشك والقلق في صوابية مواقفها".

أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فقد فأبدت في بيان لها عن رفضها لمشروع القرار المقدم نظرا لتعارض محتوى مشروع القرار مع مفاصل رئيسية في البرنامج الوطني المتمثل في حق العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس المحتلة عام 1967" وفي البيان أوضحت الجبهة " خطورة التفرد في صوغ مشروع القرار الذي يتعلق بمستقبل حقوق الشعب الفلسطيني ونضاله، وفرضه كأمر واقع للتداول في الأوساط الدولية بعيدا عن نقاش وإقرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وفصائل العمل الوطني، خاصة وان مشروع القرار لا يعالج قضية تكتيكية يمكن ان تنحصر بقرار رئاسي، بل يحوي في طياته من صياغات صريحة وملتبسة ما يحمل مخاطر فعلية على حقوق الشعب الفلسطيني كافة". كما وشددت الجبهة الشعبية على رفض ما تضمنه مشروع القرار حول “تبادلية الأراضي”، وما يُمكن أن يترتب عليه من “تشريع وتكريس للاستيطان، واستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، وتهجير فلسطينيين من أراضيهم في فلسطين التاريخية”. كما واكدت الشعبية على رفضها لما ورد في البند الثاني في القرار بخصوص حل قضية اللاجئين " حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس مبادرة السلام العربية والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها القرار 194" معتبرة ان ذلك سيمكن العدو الصهيوني من التقرير في قضية اللاجئين والقفز على القرار الاممي 194 بهذا الشأن، والدخول في مساومات تمس جوهر البرنامج الوطني. ( دنيا الوطن 21-12-2014 ).

أما حركة الجهاد الإسلامي فقد أكدت في بيان لها على" ان القرار الفلسطيني المقدم لمجلس الامن بغطاء عربي هو في حقيقته عرض مجاني لتصفية قضية فلسطين، ذلك الهدف الذي صمم من اجله مشروع التسوية واتفاق أوسلو" وأضاف البيان الصادر عن الحركة " ان ذلك يتجلى في التنازل سلفا عن كل القرارات الصادرة عن مؤسسة الأمم المتحدة التي تذهب السلطة للاحتكام اليها وأيا يكن موقفنا أو تحفظنا على هذه القرارات، فان الهبوط بسقف المطالبة بالحق الفلسطيني الى ما دونها دليل صارخ على مستوى الهوان والتفريط". واعتبرت الحركة ان التوجه الى مجلس الامن لا فائدة ترجى منه وهو "امعان في الرهان على دولة الوهم واستمرار لمسلسل التنازل.." (تحالف قوى المقاومة الفلسطينية  25 ديسمبر 2014 )

 اما  صحيفة القدس العربي (22 ديسمبر 2014) فقد اشارت الى حدوث مشادة كلامية حادة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبين أمين عام حزب الشعب بسام الصالحي خلال جلسة القيادة الفلسطينية التي عقدت 18-12-2104) بعد يوم واحد من تقديم مشروع القرار الى مجلس الامن عندما ابدى الأمين العام الصالحي التحفظ على ما ورد في مشروع القرار بالبند المتعلق بالوضع الخاص بالقدس وكذلك الاستيطان.

 ومن الضروري ان نذكر هنا ان مشروع القرار المقدم ( جلوبل ريسيرتش 21 ديسمبر 2014) ينص في البند الثاني الخاص بتحديد المعايير التي على أساسها سيتم الحل عن طريق التفاوض ان أحد هذه المعايير هو ان " القدس عاصمة مشتركة للدولتين والتي تلبي التطلعات المشروعة للطرفين ويحمي حرية العبادة". اما كيف تكون القدس عاصمة مشتركة للدولتين وما هي القدس التي نتحدث عنها فالعلم عند الله والسلطة طبعا. واغلب الظن ان المقصود بالقدس المشتركة هي القدس الشرقية هذا على فرض ان الحكومة الإسرائيلية "ستتنازل" ربما عن شارع صلاح الدين في القدس وفتح مكتب رمزي للسلطة حتى نقول ان القدس الشرقية عاصمة مشتركة للدولتين، او ان يؤخذ مبنى في أبو ديس بعيدا عن القدس واعتباره انه يقع في محيط القدس الشرقية. على ما أظن ان الطفل من شعبنا يدرك تماما ما هو المقصود ب " القدس عاصمة للدولتين" وهو الذي يتابع وبشكل يومي الأرض التي ما زالت تبتلع والمدن والاحياء اليهودية السرطانية التي تتوسع وتتمدد ولا نقول المستوطنات حتى نسمي الأشياء بالأسماء التي تعكس حقيقتها.

ما سمعناه من تصريحات من قيادي فتح بعد اغتيال الشهيد الوزير زياد أبو عين كان يدل على حالة الإحباط التي وصل اليها البعض من تصرفات السلطة الفلسطينية وبالتالي جاءت تصريحاتهم نارية فالبعض منهم على سبيل المثال السيد رجوب والسيد عباس زكي صرحوا بان هنالك قرار بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال وإننا ذاهبون الى مجلس الامن ومحكمة الجنايات الدولية وان اتفاقيات أوسلو أصبحت وراءنا، ولكن سرعان ما خفتت هذه الأصوات وتبخرت في الهواء. ولم يصدر بيان رسمي من فتح يدين مشروع القرار المقدم ولكن القيادي المناضل في حركة فتح السيد مروان البرغوثي كان قد صرح من سجنه بان مشروع القرار المقدم لا يلبي طموحات الشعب الفلسطيني حتى في المطالب الدنيا ودعا الى إعادة صياغة بنود القرار.

اما حركة حماس كغيرها من الفصائل في حركة المقاومة المسلحة الفلسطينية فقد رفضت مشروع القرار المقدم. وليس ادل على موقف حماس من مشروع القرار مما صرح به الدكتور محمود الزهار العضو القيادي في حركة حماس في اللقاء مع جريدة الاخبار اللبنانية ( 23 -12 -2104 ) عندما طرح عليه السؤال الى أي مدى تؤمن حماس بخطوة توجه الرئاسة الى مجلس الامن؟ كانت الإجابة بدرجة صفر في المئة. ولا بد لنا من الإشارة هنا الى ان مشروع القرار المقدم لمجلس الامن ينتزع حق الشعب الفلسطيني في المقاومة المسلحة للاحتلال، لان النصوص حصرت المقاومة في المقاومة الشعبية السلمية فقط حيث تؤكد الورقة المقدمة " ان الحل العادل والدائم للصراع الاسرائيلي-الفلسطيني يمكن ان يتحقق فقط بالطرق السلمية ...". " ويجب ان ننوه هنا الى ان الكلمة التي القاها السيد الرئيس محمود عباس أثناء زيارته الى الجزائر تؤكد على أن هذه هي وجهة السلطة في رام الله حيث جاء في كلمته اننا " نخوض مقاومة شعبية سلمية ضد الاحتلال والاستيطان والجدار، لقد قررنا ان تكون مقاومتنا سلمية شعبية سياسية دبلوماسية" (بيلست 24-12-2014). نحن نعلم كما يعلم الجميع ان السيد الرئيس ضد أي مقاومة مسلحة ضد الاحتلال (هذا اذا ما اردنا التغاضي عن تصدي رجال الامن الفلسطيني للتظاهرات السلمية في المدن الرئيسية) ولكنه بالتأكيد لا يستطيع ان يفرض هذا الراي على شعب محتل. ولشعب الجزائر تجربة طويلة خاضها في كفاحه المسلح ضد المستعمر الفرنسي الاحلالي كما أشار في كلمته الى أوجه الشبه ما بين الاحتلال الفرنسي والاسرائيلي. والكل يعلم ان الجزائر لم تكن لتتحرر لولا الثورة المسلحة التي قادتها جبهة التحرير الجزائرية والتي دفع فيها الشعب الجزائري مليون شهيدا. فلماذا نتوجه الى مجلس الامن لندمغ المقاومة المسلحة الفلسطينية بالإرهاب والعنف؟ نحن لسنا ضد المقاومة الشعبية السلمية ولكننا ضد حصر المقاومة واختزالها بهذا النمط او تلك.

في النهاية نود ان نؤكد اننا نمر في مرحلة تاريخية مفصلية يرتكز عليها مستقبل القضية الفلسطينية وهذا يضع على عاتق الفصائل الفلسطينية كافة والقوى الفاعلة من المجتمع المدني والافراد والشخصيات الوطنية المستقلة مسؤولية ضخمة يجدر لا بل ويجب تحملها أكثر من أي وقت مضى لخطورة الموقف. ومن الضروري ان تعمل كل هذه الفئات والفصائل مجتمعة وليست منفردة ومن خلال لجنة قيادية موحدة وضمن برنامج وإطار الاجماع الوطني المتفق عليه وان تصدر بيانا مشتركا موقعا من كافة هذه الاطراف وتعمل على حشد أكبر قدر ممكن من التحركات الشعبية داخل الوطن المحتل وخارجه وجمع التواقيع لمقاومة مشروع القرار التصفوي الذي يراد تمريره داخل أروقة الأمم المتحدة وخاصة مجلس امنها لأنه لا يشكل فقط تراجعا خطيرا عن قرارات الاجماع الوطني بل انه يشكل تراجعا عن القرارات الصادرة من الشرعية الدولية نفسها. لسنا ضد السلام ولكننا لسنا مع "السلام" التي تنتزع فيه حقوقنا الشرعية في مقاومة الاحتلال بكافة السبل المتاحة، أو "سلام" لا يلبي الحد الأدنى من مطالب شعبنا وحقوقه الوطنية في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة دون الاستجابة للشروط التعجيزية والترتيبات الأمنية التي لا اول لها ولا آخر، والتي تحول الدولة الى وليد مسخ مشوه لا تمتلك أي من عناصر السيادة، وتضعها في مجابهة شعبها للحفاظ على الامن الإسرائيلي. نريد حقنا في العودة وتقرير المصير والتي نصت عليها قرارات الشرعية الدولية والتي تعتبر على الأقل كل الأراضي التي احتلت عام 1967 هي أراضي محتلة إذا لم يرد البعض الى العودة الى قرار تقسيم فلسطين التاريخية الجائر.

الدكتور بهيج سكاكيني

29.12.2014

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org