<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني أين التصريحات النارية؟.....ولماذا خبتت الأصوات التي نادت بوقف التنسيق الامني ؟

 

 

أين التصريحات النارية؟.....ولماذا خبتت

 

 الأصوات التي نادت بوقف التنسيق الامني ؟

 

بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

عندما استشهد الوزير المناضل زياد أبو عين كثرت التصريحات النارية للعديد من القياديين الفلسطينيين سواء من داخل السلطة أو من خارجها المعدودين على السلطة. ومعظم هذه التصريحات ركزت على نقاط أساسية كانت وما زالت مطلب الجمهور الفلسطيني سواء داخل فلسطين المحتلة أو اللذين في الشتات الذين ما زالوا ينتظرون العودة. واستبشر البسطاء من شعبنا خيرا من هذه التصريحات التي عبرت عن حالة من الانسجام والتناغم مع حركة ونبض الشارع الفلسطيني. وجاءت اول هذه التصريحات على لسان كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات حيث صرح بتاريخ 11 -12 -2014 ، بان السلطة الفلسطينية بصدد اصدار بيان رسمي حول وقف التنسيق الأمني في الساعات القليلة القادمة، والى جانب ذلك سيتم التوقيع على ميثاق روما والانضمام الى محكمة الجنايات الدولية.

اما لقيادي في حركة فتح السيد جبريل رجوب كتب يوم الاربعاء 10-12-2014، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي قائلا " باستشهاد القائد الوطني الوزير زياد أبو عين يتم وقف كافة أشكال التنسيق مع الاحتلال، ليكون هذا الحدث الخطير بداية انهاء هذا الاحتلال الفاشي" وقد أعلن بوضوح ان السلطة قررت وقف كافة اشكال التنسيق الأمني مع إسرائيل بما فيها التنسيق الامني، وذكر بان هذا الموضوع قد أصبح من خلفنا.

الى جانب ذلك أكد أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح السيد أمين مقبول في تصريح لصحيفة دنيا الوطن في 13-12-2014 من ان القيادة الفلسطينية ستتخذ قرارات مصيرية تشمل قطع العلاقات مع إسرائيل ووقف التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي. أما السيد أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فقد صرح بعد الاجتماع القيادي الذي عقد يوم استشهاد الوزير المناضل زياد أبو عين من ان النقاش في الاجتماع " تمحور حول وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وسرعة انجاز مشروع القرار الفلسطيني في مجلس الامن القاضي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967، والتوقيع على ميثاق روما بمعنى الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية...." وفي نفس الاجتماع كان رئيس السلطة الفلسطينية السيد أبو مازن " ان خيارات القيادة مفتوحة لمعاقبة إسرائيل على جريمتها". أما الدكتورة حنان عشراوي فقد أوردت العديد من المواقع قولها بتاريخ 11-12-2014 ان " محمود عباس أعطى الضوء الأخضر لوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل بدءا من يوم الغد". هذه عينة من التصريحات التي أطلقت يوم الاستشهاد أو بعده بقليل، واستبشر الشارع الفلسطيني خيرا وخاصة وان التصريحات أتت من شخصيات مقربة من السلطة ودوائر القرار الفلسطيني.

وكان من المفترض ان يتم اجتماعا موسعا للقيادة الفلسطينية يوم الجمعة أي بعد يومين من حادثة القتل المتعمد والتصفية الميدانية للشهيد، ولكن تم تأجيل الاجتماع دون ابداء الأسباب الى يوم الاحد. ومن المرجح ان يكون ذلك للتمعن في المبادرة او المقترحات الفرنسية، أو للضغوطات التي مورست على الطرف الفلسطيني كالعادة من الطرف الأمريكي والعربان اللذين يستخدمون الوسيلة واللعبة التي يتقنوها جيدا وهي استخدام البترودولار في لي ذراع الطرف الأضعف أي الطرف الفلسطيني في السلطة، التي لا تريد الاستقواء بشعبها على المحتل والعملاء والأدوات في المنطقة.

وجاء يوم الاحد وتبخرت كل النقاط الأساسية التي عبرت عنها جموع الشعب الفلسطيني والتي بنى عليها آمال كبيرة، ليتبين مرة أخرى انها سراب وليس أكثر من هذا، وعلى ان كل التصريحات التي أطلقت من السلطة مباشرة أو من الشخصيات المقربة منها لم تكن أكثر من تصريحات للاستهلاك المحلي وامتصاص نقمة وغضب الجماهير كما عودتنا السلطة التي كانت تطلق العيارات النارية، ولكنها سرعان ما تعود مرة أخرى الى حضن المفاوضات الأبدية الدافىء لتضمن تسلمها للفتات التي تعتاش عليه من هنا وهناك.

نعم ان السلطة قد قررت الذهاب الى مجلس الامن لتقديم المقترح بالسقف الزمني لمدة سنتين لإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس على ان يتم ذلك يوم الأربعاء معطية لنفسها مزيدا من الوقت للتباحث مع فرنسا والتي بدورها تحاول ان تدخل بريطانيا وألمانيا على الخط معها وكأن أمريكا ليس بطرف. ولا شك ان هنالك اخذ وعطاء في الموضوع مع السلطة، ولن نستغرب ان تتبدل الأمور في اليومين القادمين، فتجربة السنوات سالطويلة الماضية علمتنا الكثير وكانت وللأسف دائما مليئة بالتراجعات والمساومات في آخر اللحظات.

والجزء الأكبر من هذا كان قد صرح به مستشار الرئيس أبو مازن للشؤون الدينية الدكتور محمود الهباش لوكالة "معا" الإخبارية من ان القيادة قررت التوجه الى مجلس الامن للتصويت على مشروع القرار الفلسطيني او المقترح الفرنسي في حال تم الاتفاق مع الفرنسيين من الان. ونحن نستغرب لماذا يأتي التصريح من مستشار الشؤون الدينية وليس المستشار السياسي أو الناطق الرسمي باسم السلطة مثلا كما هي العادة. اما فيما يتعلق بقرار التوقيع على ميثاق روما أو محكمة الجنايات الدولية فقد ذكر الدكتور الهباش بان السلطة قد اجلت ذلك وربطت هذا الملف بنتائج التصويت على مشروع القرار في مجلس الامن. والسؤال هل المقصود هنا انه في حالة الحصول على نتيجة تعتبرها السلطة انتصارا لها ستسقط حق الشهداء الذين قتلوا على ايدي السفاحين الصهاينة من افراد في الجيش او قطعان المستوطنين أو الطبقة السياسية الحاكمة؟ ومن الذي يعطي الحق الأخلاقي أو القانوني او السياسي للسلطة لإسقاط حق من تطايرت اشلائهم في الهواء من أطفال ونساء، او الذين تفحمت وشوهت جثثهم من جراء القصف العشوائي البربري للطائرات والمدافع والقذائف وقنابل الفسفور الحارقة والقنابل العنقودية التي سقطت على الاحياء المدنية في قطاع غزة أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع؟

أما بالنسبة للتنسيق الأمني فان الدكتور الهباش يخبرنا عن طريق "معا" بان السلطة قررت استمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل، وعلى ان " الموقف الان هو الاستمرار في حماية المصالح الحيوية للشعب الفلسطيني ولن يتوقف التنسيق الأمني ما دام فيه مصلحة فلسطينية وعندما يصبح ضد مصالحنا كلنا وعلى رأسنا الرئيس سوف نوقفه" ويضيف مستشار الرئيس بان " التنسيق الأمني هو جزء من تثبيت الولاية الفلسطينية على إقليم الدولة الفلسطينية، وطرحت أفكار عديدة لكن النهج السائد الان هو حماية مصالح الفلسطينيين باستمرار التنسيق ما دام لا يضر بمصالحنا". لقد قرأنا القليل والكثير عن التنسيق الأمني ولكنني اعترف انني لم أجد أي شيء شبيه بهذا الكلام الملتوي الذي يرى بان التنسيق الأمني فيه مصلحة لنا كشعب فلسطيني له قضية يعمل ويناضل من أجلها من اجل التحرر من عبودية الاحتلال ونيل الاستقلال. من حقنا ان نتساءل ماذا تعني هذه الطلاسم؟ وان نطلب من أحد من الذين كانوا في الاجتماع المذكور أو من السلطة ان يشرحوا لنا ماذا يعني هذا الكلام؟ وكيف يكون التنسيق الامني بين قوى محتلة يصفها البعض بالفاشية والنازية وبين شعب محتل يصب في صالح هذا الشعب؟ قد نكون بسطاء ولكننا بالتأكيد لم نصل الى حد الغباء لكي نصدق بهذا الكلام. ما نستطيع ان نفهمه ان هذا التنسيق الأمني يخدم السلطة ورجالاتها والمرتبطين بها من العديد من النواحي وخاصة الناحية الاقتصادية والوظائف والمراكز العالية.

ان عدم وقف التنسيق الأمني لا علاقة لها بمصلحة شعبنا او تأمين مصالحه كما تدعي السلطة الفلسطينية. السلطة لا تريد ان توقف التنسيق الأمني والذي شكل حجر زاوية أساسية في اتفاقيات أوسلو السيء الصيت والتي اوجب السلطة العمل على منع الهجمات على إسرائيل وتبادل المعلومات مع الجانب الإسرائيلي بشكل يومي أو شبه يومي. نقول ان السلطة لا تريد انهاء التنسيق الأمني مع قوة الاحتلال لأنها تدرك ان بهذا ستكون نهايتها أو على الأقل نهاية تركيبتها وشكلها الحالي، وبالتالي فان بقائها مرتبطا ومرهونا بالإبقاء على التنسيق الأمني. ان وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي سيؤدي بالضرورة الى تغيير جذري بالأوضاع الأمنية في الضفة الغربية وسبل مقاومة الاحتلال بحيث تشكل المقاومة المسلحة ربما جزءا أساسيا من هذه المقاومة الى جانب المقاومة الشعبية والتي من المؤكد أنها ستنطلق بشكل أكبر مع غياب الة قمع أجهزة الامن الفلسطينية، وهو ما لا تريده السلطة، لأنه سيكشف مزيد من عورتها ويؤدي الى انهيارها. الى جانب كل ذلك فان وقف التنسيق الأمني يعني بالضرورة انهاء المكاسب الاقتصادية التي تحققت لشريحة اجتماعية فلسطينية ارتبط وجودها بوجود السلطة والاحتلال معا. وهي شريحة ليست بالقليلة وذات سطوة سياسية. ولا شك ان الضغوطات التي تتعرض لها السلطة وخاصة في الجانب المالي من الدول المانحة العربية منها والغربية تلعب دورا أساسيا في الإبقاء الحال على ما هو بالنسبة للتنسيق الأمني.

ومن الخطأ بالأساس ان تستخدم كلمة تنسيق لوصف ما يحصل، فالتنسيق يتم بين طرفين متكافئين، طرفين يمتلكان السيادة وتكون المصالح متبادلة وحماية متبادلة للطرفين. والسؤال هنا هل تقوم إسرائيل وأجهزتها الأمنية وجيشها بحماية الشعب الفلسطيني في القرى والبلدات الفلسطينية الخاضعة نظريا للسلطة الفلسطينية من قطعان المستوطنين الذين يعيثون في الأرض فسادا وينشرون الرعب في قلوب المواطنين العزل ويعتدون على محاصيلهم الزراعية ويسرقونها أو يقومون بحرقها أو منعهم من جمعها والوصول الى أراضيهم مثلا ؟ الاجابة هنا بالطبع لا، فهي من تطلق يد هؤلاء الكلاب المسعورة وتقدم لهم الدعم والغطاء الامني لمهاجمة الفلسطينيين بل وقتلهم وحرقهم احياء كما حصل مع الطفل محمد خضير في القدس. هذا بالطبع غير القتل والقمع المباشر التي تقوم به أجهزة الامن الإسرائيلية وجيش الاحتلال، هذا في الوقت التي تعمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية على قمع الفلسطينيين والوقوف ضد عمليات مقاومة الاحتلال.

أما القول بان السلطة قد قررت دعم المقاومة الشعبية بشكل مطلق وتفعيلها وفتح جبهات المقاومة في كل المحافظات... الخ من الكلام المعسول والمنمق نقول لقد رأينا كيف عملت السلطة على قمع التحركات الشعبية مستخدمة رجال الامن الفلسطيني، وتعهد رئيس السلطة بالعمل على منع قيام انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية. ولقد قامت السلطة عن طريق رجال الامن الفلسطيني باعتقال النشطاء الفلسطينيون وزجهم في السجون لمنع أي نوع من التخطيط او إيجاد قيادات ميدانية لقيادة التحركات الشعبية والنهوض بها. اما القول بان السلطة قد قررت فتح جبهات المقاومة كما جاء على لسان المستشار الدكتور الهباش، نود ان ننوه بان المقاومة ليست بدكاكين تفتح وتغلق متى ارادات السلطة، كما ان المقاومة لا تنتظر اذنا من السلطة لتقاوم الاحتلال. المقاومة هي حالة شعبية جماهيرية لها أسبابها وظروفها الموضوعية وعواملها الذاتية، وقد عملت السلطة على مقاومة المقاومة سواء الجماهيرية السلمية منها أو المسلحة. لن نتطرق هنا لما ذكرته وسائل الاعلام الإسرائيلية حول التنسيق الأمني ولا الى تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يعالون او تعليقاته حول تهديدات السلطة بوقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي حتى لا يتهمنا البعض باننا نستقي أي معلومة او خبر من وسائل الاعلام الصهيونية بهذا الشأن.

من المؤكد ان هنالك مساعي حثيثة للالتفاف على توجه السلطة الى مجلس الامن، فها هو وزير الخارجية الفرنسي يتحرك في هذا الاتجاه سواء بالتنسيق مع الولايات المتحدة او بدونها. لا تنخدعوا من الاعترافات بالدولة الفلسطينية على الورق والغير محددة المعالم، على الرغم من الأهمية الرمزية لهذه الاعترافات. نحن لا نشكك بالأصوات التي ايدت وتؤيد حق الشعب الفلسطيني في كفاحه ونضاله للوصول الى دولته المستقلة، وليس للكانتونات التي يراد له ان يقيم عليها كيانا هزيلا على ما سيتبقى من ارض فلسطين التاريخية.  المطلوب الان هو تفريغ مشروع القرار الفلسطيني من محتواه في مجلس الامن، بحيث يصبح القرار الذي سيصوت عليه هو قرار عديم الفائدة وقرار يضع المزيد من القيود على الطرف الفلسطيني. والمتوقع ان تشترك الدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية بالإضافة الى جامعة الدول العربية وبعض الدول الخليجية للضغط على السلطة، ولا يجب ان يغرنا الكلام والقرار الذي اخذ في الجامعة العربية في هذا المضمار، والتصريحات العلنية التي تصدر من هنا وهناك. والسؤال هنا هل ستصمد على الأقل السلطة في وجه هذه المحاولات ام انه سيؤتى بها مرة أخرى الى طاولة المفاوضات، لتدور الحلقة المفرغة مرة أخرى؟ لقد سمعنا من بعض المنظرين في السلطة بان النضال الفلسطيني مر بمرحلتين للان، وهما مرحلة الكفاح المسلح من منتصف الستينات الى منتصف الثمانينات تقريبا، حيث بدأت المرحلة الثانية وهي مرحلة التعاطي السياسي والدخول الى دائرة المفاوضات، والان جاء دور نقل القضية برمتها الى الأمم المتحدة. ونحن نتساءل هنا إذا ما كنا سنمضي عشرون سنة أخرى ندور في المرحلة التي بشرنا بها هذا المنظر لتنتهي ونبدأ مرحلة أخرى؟ سيجد لها بالطبع مسمى آخر فالمنظرون كثر في هذا السياق ولكل منهم دور يؤديه في المكان والزمان. إذا كان هذا هو الحال نقول الله يعين شعبنا الذي لن يجد ولو حارة في فلسطين ليعود لها عندئذ.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 16.12.2014

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org               الصفحة الرئيسية - 1 -