<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني الشهيد زياد أبوعين...لماذا؟

 

 

الشهيد زياد أبوعين...لماذا؟

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

شهداء الشعب الفلسطيني يتساقطون الواحد تلو الاخر نتيجة الهمجية والبربرية التي تتعامل بها حكومة الكيان الصهيوني الحالية وأجهزتها الأمنية والعسكرية كغيرها من الحكومات السابقة مع الشعب الفلسطيني، حاملة الرسالة تلو الأخرى ان الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت. كل الذي جرى من مذابح ومجازر على مدى عقود ومنذ نشوء هذا الكيان السرطاني على أرض فلسطين، وما زلنا نسمع تحليلات نخبة من "المفكرين" العرب ومن ضمنهم فلسطينيون عاشوا وما زالوا يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي، مع كل مجزرة ترتكب اننا ندفع فاتورة الصراعات الداخلية الإسرائيلية وخاصة وان إسرائيل مقبلة على انتخابات عامة، وبالتالي فان التصعيد الي نشهده الان انما يعود لأسباب داخلية مرتبطة بالانتخابات الإسرائيلية التي يحاول كل طرف فيها أن يثبت للآخر انه قادر على زيادة قمع الفلسطيني واجباره على الاستسلام للكيان الغاصب. وهذه الجوقة من "المفكرين" " والمثقفين" هي نفسها التي كانت وما زالت تلوم المقاومة الفلسطينية المسلحة بانها هي التي جلبت الدمار التي شهدته غزة سواء الحديث ام القديم نسبيا، لأنها أعطت "مبررا" لجيش الاحتلال الإسرائيلي بشن عدوانه على قطاع غزة، ولولا الخجل لقالوا كما قال بعض المستعربين بان إسرائيل اضطرت ان تقوم بها للدفاع عن نفسها من صواريخ المقاومة.

ويأتي اليوم استشهاد المناضل الوزير الفلسطيني ورئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ابن فلسطين البار الملتصق بالأرض الفلسطينية وبشعبه والمدافع بفعالية ميدانية يومية عن كل شبر من تراب فلسطين المستهدف للمصادرة من قبل سلطات الاحتلال، ليؤكد بان هذا الاحتلال النازي لا يفرق بين فلسطيني وآخر من حيث الانتماء السياسي، كما انه لا يفرق بين من يناضل ويقاوم بسبل سلمية أو بمن يقاوم بحمل السلاح، فكلاهما مستهدف وكلاهما هدف لالة القتل الإسرائيلية. فالشهيد زياد أبو عين استشهد في تظاهرة سلمية ببلدة ترمسعيا شمال مدينة رام لله كان الشباب فيها يحاولون زراعة أشجار الزيتون في الأراضي المهددة بالمصادرة والاستيطان. لم يكن هناك أي اشتباك مع عناصر جيش الاحتلال التي طوقت المتظاهرين ولم يكن هنالك رمي حجارة التي عادة ما يتذرع بها جيش الاحتلال لإطلاق الرصاص الحي والمطاطي والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع او قنابل الغازات السامة. وبالرغم من كل هذا فقد انهال الجنود على الشهيد بالضرب المبرح مستخدمين اعقاب البنادق صاحبه إطلاق مكثف للقنابل المسيلة للدموع مما أدى الى استشهاده. ومنع الطاقم الطبي من الاقتراب منه لأكثر من عشرون دقيقة بالرغم من حالته الصحية التي تدهورت ولم يسمح لهم بنقله الى المستشفى الا بعد حين وقد فارق الحياة قبل الوصول الى مستشفى رام لله.

مما لا شك فيه ان الاعتداء على هذا الرمز المعروف وخاصة مع وجود سيارة الوزارة في المنطقة وعملية الإعدام الميداني للشهيد لا يمكن ان ينظر اليها كحادث عابر او انه فعل او تصرف فردي لجندي إسرائيلي متواجد في المنطقة. هذا القتل المتعمد لا بد ان يكون وراءه قرار سياسي اتخذ مسبقا في أروقة حكومة الكيان الصهيوني وعلى أعلى المستويات. وهذا ليس أمرا مستغربا لأنه يأتي منسجما ومتناغما مع سياسة القتل المتعمد التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية وخاصة في الآونة الأخيرة والمصحوبة بعمليات اعتقالات واسعة شملت الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، في محاولة لمنع حدوث انتفاضة ثالثة في فلسطين المحتلة. والشهيد كان من الذين ساهموا وشاركوا ميدانيا في الانتفاضة الأولى وقضى سنوات من عمره في السجون الإسرائيلية بعد ان قامت أجهزة المخابرات الامريكية بتسليمه لإسرائيل. والشهيد لم يحصر نفسه في مكتب وزارته المريح لينضم الى من سماهم الشيخ امام في كلمات اغنيته " يا بتوع نضال آخر زمن في العوامات"، بل كان في الميدان وعلى راس المجابهة اليومية مع الاحتلال على الأرض. ولهذا كان يجب تصفيته جسديا واعدامه في الميدان كما اغتيلت كوكبة من المناضلين قبله.

 لم يكن الاحتلال ليتجرأ على هذا الفعل الجبان والمدان بكل المقاييس لولا التقاعس العربي الذي وصل الى حد الخيانة الوطنية والقومية وحرف بوصلة الصراع العربي مع العدو الصهيوني الى صراع ديني مذهبي مقيت ومقرف كهؤلاء القائمين عليه. لم يكن الاحتلال ليتجرأ على فعل هذا العمل الوحشي والبربري لولا التعاون الأمني مع الاحتلال وأجهزة امنه والعمل الدؤوب من قبل "قوات الامن" الفلسطيني على حماية الاحتلال وليس حماية الشعب الفلسطيني من جنود الاحتلال وقطعان نازييه من المستوطنين الذين يتحركون بكل أريحية في فلسطين المحتلة ويعتدوا على الشعب والأرض التي أحبها ودافع عنها الشهيد كغيره من خيرة شهداء الوطن.

ويحق لشعبنا في داخل فلسطين المحتلة وخارجها ان يتساءل متى سينتهي مسلسل القتل وقد وصل عدد الشهداء في الأشهر الأخيرة الى ما يقرب من 2260 شهيدا، وماذا ستفعل القيادة السياسية لشعبنا وماذا ستكون ردود فعل "السلطة" الفلسطينية بعد هذا الاعتداء التي أصابها في عقر دارها بالتصفية الجسدية لوزير من الوزرا، لمجرد غرس شجر الزيتون في الأرض الفلسطينية؟ وهل اتصل السيد كيري برئيس السلطة كالعادة مطالبا بالتهدئة وضبط النفس وعدم الانجرار الى الموجهة ووعد بزيارة للمنطقة والاجتماع بالأدوات والاذناب والعملاء للقيام بالمهمة؟ ام هل بادر وزراء خارجية بعض الدول المستعربة بهذه المهمة مهددين كالعادة بقطع المعونات والمنح المالية المقدمة للسلطة إذا لم تنصاع لأوامر البيت الأبيض؟ وهل ما زال التيار المتواجد في السلطة الذي يدعو أساسا للتهدئة يمتلك الجرأة للوقوف امام الغضب الشعبي او يحاول امتصاص نقمة الجماهير الشعبية بالكلام المعسول والخطابي والذي سرعان ما يذهب ادراج الرياع مع طلوع الفجر؟ ويحق لنا ان نتساءل أين هي منظمة التحرير الفلسطينية الذي لم نعد نسمع بها الا في القصص والتاريخ، ولماذا كل هذا الصمت والرضوخ الى "الامر الواقع" " والظروف" ومسلسل التبريرات الذي لا أول له ولا آخر؟ الا يحق لنا ان نتساءل كما يتساءل الكثيرون من شعبنا هل نحن حركة تحرر وطني ام حركة التأقلم مع الاحتلال وسياساته والعيش في كنفه؟ ويحق لنا ان نطرح الف سؤال وسؤال.

من المؤكد اننا سنسمع السيمفونية ذاتها الجديدة القديمة عن الذهاب الى مجلس الامن، وعلى ان كل الخيارات مفتوحة (دون تحديدها بالطبع لأنه لا يوجد الا خيار استراتيجي واحد وهو المفاوضات والمفاوضات والمفاوضات واللي مش عاجبه يروح يبلط البحر أو حتى المحيط)،  وعلى اننا سنقوم بالانضمام الى كافة مؤسسات الأمم المتحدة وعلى اننا سنقوم بالتوقيع على ميثاق محكمة روما والتوجه الى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، ولكن سرعان ما يتبخر كل هذا تحت مسلسل من التبريرات الواهنة التي لا طعم لها، لان هنالك من يخشى على منصبه أو وظيفة حاشيته واستثمارات عائلته او مركزه الذي يتيح له ابتلاع ما يمكن ابتلاعه من الأموال وتكديسها، وهكذا دواليك.

ان شعبنا بحاجة ان يتسلم زمام الأمور بيده وما يراد هو تصعيد كل أنواع المقاومة بما فيها المقاومة المسلحة ضد الاحتلال والكف عن حملات الاعتقالات للمناضلين من قبل الامن الفلسطيني والكف عن بث الروح الانهزامية والعجز وانه لا حول لنا ولا قوة.  المطلوب تصعيد حملة المقاطعة الشاملة للاحتلال وتبني الحملة رسميا بدلا من الوقوف ضد حملات المقاطعة العالمية للكيان الصهيوني. المطلوب هو الوقف الكامل والشامل والابدي للتعاون الأمني مع الاحتلال واسقاط مقولة ان التعاون "مقدس" ولن تتخلى عنه السلطة المتنفذة. المطلوب التوقيع اليوم وليس غدا على ميثاق روما والتوجه الى محكمة الجنايات الدولية لمحاسبة مجرمي الحرب الصهاينة والكف عن إيجاد المبررات لعدم الذهاب. المطلوب هو انشاء قيادة سياسية جماعية لقيادة المرحلة النضالية لشعبنا وعدم الرهان على السلطة بدون سلطة، ووضع حد للاستئثار والهيمنة وسياسة التفرد بالقرارات المصيرية لشعبنا. نريد ترجمة عملية على الأرض للمطالب العادلة والمحقة لشعبنا والعمل على تحقيقها والا فنحن ذاهبون الى الجحيم بأيادينا.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 11.12.2014

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org               الصفحة الرئيسية - 1 -