<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني قراءة في زيارة سعود الفيصل الى موسكو

 

 

قراءة في زيارة سعود الفيصل الى موسكو

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

تكتسب الزيارة التي قام بها وزير خارجية المملكة العربية السعودية سعود الفيصل مؤخرا الى روسيا أهمية كبيرة، سواء من الناحية الزمنية للزيارة، أو من ناحية الأوضاع التي تمر بها المنطقة، حيث التحركات السياسية والاحداث المتسارعة، التي تحاول بها بعض الدول أن ترتب أوضاعها أو تعيد حساباتها، لتحسين موقعها فيما إذا ما تم إعادة رسم الخرائط السياسية في المنطقة.

وتأتي الزيارة في ظل هجمة شرسة من قبل الولايات المتحدة على روسيا، والتي تمثلت في تشديد العقوبات الاقتصادية الغير مبررة عليها والتي جرت اليها دول الاتحاد الأوروبي، الى جانب الانخفاض الحاد في أسعار البترول العالمية، والذي يراه البعض على انه نتيجة اتفاق وتنسيق سري ما بين السعودية والولايات المتحدة وضعت لمساته الأخيرة في الزيارة التي قام بها الرئيس أوباما وكذلك وزير الخارجية جون كيري الى السعودية. ويرى العديد من المراقبين ان هذه السياسة المتشددة تجاه روسيا انما تهدف بالأساس لفرملة تنامي الدور الروسي على الساحة الدولية وخاصة في مجلس الامن ووقوفه ضد العربدة والعنجهية الامريكية وكبح جماح التدخلات العسكرية المباشرة للولايات المتحدة في شؤون الدول. بالإضافة الى ذلك فان الزيارة تأتي في اعقاب وصول المباحثات بين إيران والدول الست الكبرى حول البرنامج النووي الإيراني الى مرحلة حرجة، حيث سيتم إقرار موقف للدول الغربية من التوقيع على اتفاق نهائي أو عدمه.

ولا يستطيع أحد ان ينكر الدور السعودي في المنطقة الذي عاد الى ان يكون وازنا، بعد فترة انكفاء نسبية عندما وصل الاخوان المسلمين الى السلطة في مصر وليبيا وتونس، وأصبحت تركيا تشكل خطرا حقيقيا على الدور السعودي في المنطقة، بالإضافة الى الدور القطري الذي بدى وكأنه يزاحم الدور والمكانة السعودية في منطقة الخليج، وفي الجامعة العربية، وفي المنطقة بشكل عام. ومما ساعد على الانكفاء النسبي للدور السعودي هو التناغم الذي حصل ولو لفترة زمنية بسيطة بين الإسلام السياسي والادارة الامريكية في المنطقة الذي قادته تركيا أردوغان، والذي كان يعول عليه الحفاظ على المصالح الامريكية في المنطقة وتمرير الاجندات والاستراتيجية الامريكية.

كما وتأتي الزيارة في الوقت التي تسعى فيه موسكو الى أخذ زمام المبادرة لحل الازمة السورية بعدما فشلت محاولات التنسيق مع الولايات المتحدة بهذا الخصوص كما حصل في مؤتمر جنيف 2. فروسيا تسعى للجمع بين المعارضة الوطنية السورية والنظام السوري، ودعوتهم للحوار في موسكو لإيجاد حل سياسي للازمة السورية. والسعودية بالطبع لا تريد ان تكون خارج هذا الإطار وخاصة وأنها شكلت معارضة سورية ملتصقة بها وتأتمر بأمرها ولكنها تضمحل يوميا وقاربت على الانقراض على ايدي الجيش العربي السوري. أما عملية تدريب مجموعات جديدة على الأرض السعودية، فعلى ما يبدو ان هذا الامر قد يؤجل وخاصة مع وجود الخطر من خلايا داعش المتواجدة في السعودية أو من بعض العناصر الداعشية التي قد تأتي من العراق الى الأراضي السعودية. هذا الى جانب التجربة المؤلمة للسعودية التي صرفت الأموال لتجنيد وتسليح "المعارضة المعتدلة" لترى أنها اما قد انضمت الى النصرة  أو داعش، أو انها تركت مخلفة أسلحتها الى هذه العناصر الإرهابية. ولا شك أن هذا بحد ذاته يضع تساؤلات لدى البعض حول جدوى بناء وحدات جديدة من المرتزقة، وارسالها الى الداخل السوري خوفا من ان يكون مصيرها كسابقتها، ولكن الأخطر قد يكون أن هذه ستنضم الى الخلايا النائمة في السعودية، بعد ان تكون قد تلقت التدريبات والأسلحة من السعودية.

وما يجب أن نتفهمه أن السعودية وبالرغم من الفشل الذريع الذي حظيت به محاولاتها المستمرة لإسقاط الدولة السورية، ما زالت تحلم وتبذل قصارى جهدها علها تحقق شيئا في هذا الإطار. ومن هنا فان زيارة وزير خارجيتها ليست بالزيارة البريئة، ولا هي قد تمت من باب تحسين العلاقات مع روسيا بقدر ما هي محاولة ربما تكون الأخيرة في محاولة شراء الموقف الروسي فيما يتعلق بالوضع السوري الى جانب الملف النووي الايراني، ومقايضة هذا بوقف التدهور في أسعار النفط الذي تقوده السعودية خارج إطار منظمة الاوبيك وبالتنسيق مع الولايات المتحدة. ويستطيع المرء أن يقرأ بين السطور أن زيارة وزير الخارجية السعودي الى موسكو قد فشلت في تحقيق الأهداف المرجوة. وهنالك عدة مؤشرات تدلل على ذلك.

ان الغاء المؤتمر الصحفي المشترك لوزيري الخارجية الروسي والسعودي الذي كان من المزمع عقده بعد الاجتماعات التي عقدت بين الطرفين، وظهور لافروف فقط في المؤتمر الصحفي يدل بشكل واضح أن اللقاء لم يكن وديا، ويدل الى عدم التوصل الى اتفاقات أو تفاهمات ما بين الطرفين، بمعنى ان هنالك اختلافات في وجهات النظر بالنسبة للقضايا الأساسية التي بحثت وهي الازمة السورية والموقف من محاربة الارهاب الى جانب الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية. التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية السيد لافروف ان روسيا تدرس تخفيض انتاجها من النفط، إذا ما وافقت منظمة دول الأوبيك على التخفيض من انتاجها وذلك في محاولة للحد من التدهور في أسعار النفط العالمية. الى جانب ذلك قال السيد لافروف في مؤتمره الصحفي ان أسعار النفط العالمية يجب أن تحدد انطلاقا من العرض والطلب الغير مصطنع في الأسواق العالمية ويجب ان لا تخضع لاعتبارات سياسية. وعلى ما اظن ان هذا الكلام واضح جدا لكل من يريد ان يدقق في معناه، وارتباطه بما يكون قد حمله وزير الخارجية سعود الفيصل بهذا الخصوص. أما بخصوص مكافحة الارهاب فقد ذكر السيد لافروف انه يتوجب على دول العالم الالتزام بقرار مجلس الامن للأمم المتحدة في محاربة الارهاب، وأن روسيا بصدد تقديم مشروع لمجلس الامن يجرم كل من يتعامل اقتصاديا مع داعش. والسؤال هنا لماذا قام السيد لافروف يالتأكيد على هذه النقاط بالتحديد في مؤتمره الصحفي بعد زيارة سعود الفيصل؟!!

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

24.11.2014

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                             

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org               الصفحة الرئيسية - 1 -