<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني نظرة على الساحة الدولية والإقليمية

 

 

نظرة على الساحة الدولية والإقليمية

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

الكثير مما يدور على الساحة الإقليمية من صراعات وتجاذبات وتحالفات مع حالة الاستقطاب السياسي الذي نعيشه بكل أبعاده بما في ذلك انعكاساته المؤلمة والمجرمة في كثير من الأحيان على دولنا في المنطقة، تترابط وتتناغم مع الساحة الدولية وما يدور بها من صراعات على النفوذ السياسي والاقتصادي بالدرجة الاولى. وحالة المد والجزر والمخاض الذي تمر به المنطقة هو خليط وتزاوج بين الدولي والإقليمي والمحلي. ومن هنا لا بد لنا أن نتفهم الساحة الدولية والساحة الإقليمية، إذا ما أردنا الوصول الى خبايا الامور والاجندات المعلنة والخفية هنا وهناك.

 

الساحة الدولية

 

بعد انهيار منظومة الدول الاشتراكية وتفكك جمهوريات الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينات من القرن الماضي، نشأ ما سمي عالم القطب الواحد وأخليت الساحة الدولية لهيمنة الولايات المتحدة الامريكية دون منازع على الاطلاق، وصالت وجالت الادارات الامريكية المتعاقبة دون رادع لتعيد تشكيل العالم بما يتناسب مع مصالح الدول الغربية وعلى رأسها مصالحها الاستراتيجية. وظهرت أصوات في الولايات المتحدة تحث المؤسسة السياسية والعسكرية للسيطرة على العالم ومقدرات الشعوب باستخدام القوة العسكرية إذا ما استدعت الضرورة الى ذلك. وشارك العديد من الكتاب والمفكرين والسياسيين الأمريكيين في صياغة هذا التوجه بما أصبح يعرف "بالقرن الأمريكي الجديد" NEW AMERICAN CENTURY". ومن هؤلاء النخبة اذا صحت التسمية، تسلم البعض مناصب عليا مهمة في الإدارة الامريكية أو مراكز الأبحاث القريبة من صنع القرار. ومنهم على سبيل المثال ديك تشيني الذي شغل منصب نائب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن وكذلك رامسفيلد الذي شغل منصب وزير الدفاع في نفس العهد.

وفي أثناء عالم القطب الواحد تم غزو أفغانستان تحت ذريعة الرد على احداث 11 سبتمبر الارهابية، بهدف اعتقال زعيم القاعدة أسامة بن لادن وقيادات التنظيم، وتدمير التنظيم والقضاء عليه، الى جانب اقصاء نظام طالبان في أفعانستان. ولقد تم الغزو من قبل الولايات المتحدة تحت قيادة الرئيس جورج بوش وتم اقحام حلف الناتو في هذا الغزو. هذا الحلف الذي كان من المفترض أن يحل بعدما حل ما كان يعرف بحلف وارسو، الا ان الولايات المتحدة أبقت على هذا الحلف لاستخدامه في تحقيق أغراضها ومصالحها والإبقاء على هيمنتها على الساحة الأوروبية وتسخيرها لخدمة البيت الابيض، واستخدام الحلف كقوة عسكرية ضاربة في حالة تعذر التدخل الأمريكي المباشر لسبب أو لأخر، كما حدث عندما دمرت ليبيا وتم القضاء على نظام الرئيس العقيد معمر القذافي عام 2011 ، أو عندما تريد الولايات المتحدة إعطاء الانطباع ان هنالك تحالفا دوليا الذي عادة ما يطلق عليه "المجتمع الدولي" لمحارية دولة أو محاربة الارهاب كما كان الحال بالنسبة لأفغانستان.

وفي هذه الاثناء أيضا جرى احتلال العراق عام 2003، تحت ذريعة ارتباط النظام العراقي لصدام حسين بالقاعدة واحداث 11 سبتمبر، وامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل النووية والبيولوجية، والتي وبالرغم من كل ادعاءات أجهزة الاستخبارات الامريكية والبريطانية بالتحديد على تواجدها، التي تم عرضها بشكل مسرحي في الكلمة التي القاها رئيس هيئة الأركان الامريكي كولن باول في مجلس الأمن ، لم تتمكن كل البعثات الدولية التي أرسلت الى العراق للتفتيش عن الأسلحة المزعومة الحصول على شيء يذكر بهذا الصدد. دمر العراق بالكامل نتيجة العدوان والاحتلال الأمريكي. دمرت بالكامل بناه التحتية من جسور ومحطات توليد الكهرباء ومراكز الاتصالات ومحطات تنقية المياه وشبكات التوزيع، وحلت كل مؤسسات الدولة العراقية، الجيش العراقي بأكمله والوزارات المختصة والمؤسسات الحكومية بالكامل تحت شعار إجتثاث البعث من السلطة، واغتيل المئات من خيرة العلماء العراقيين. تم نهب المؤسسات والمتاحف العراقية التي حفظت مخطوطات وقطع أثرية يعود تاريخها الى الاف السنين، تحت اعين المحتل الأمريكي الذي ساهم جنوده في عمليات السطو والنهب المبرمج. واعيد العراق الدولة التي كانت من أكثر الدول العربية تقدما في العديد من المجالات العلمية والطبية والصناعات المدنية والعسكرية وغيرها الى العصور الحجرية. ولم يكتفي الاحتلال الامريكي بهذا بل عمد على إقامة نظام سياسي وكتابة دستور يكرس نظاما قائم على المحاصصة الطائفية والمذهبية والعرقية. وما شهدناه ونشهده اليوم في العراق هو الا نتيجة طبيعية وثمرة هذا العدوان بالدرجة الأولى.

على الجانب الروسي وبعد سنوات طويلة تميزت بالضعف الاقتصادي والسياسي الشديد لروسيا وخروجها من دائرة الوزن الفاعل والمؤثر على الساحة الدولية، استطاع بوتين تدريجيا أن ينهض بروسيا بعد الرئيس يلتسن. ولقد ساعده في تحسين الوضع الاقتصادي اكتشاف آبار الغاز الذي وضعت روسيا في المرتبة الأولى عالميا بالنسبة لما تملكه من احتياطات هائلة من الغاز المختزن داخل أراضيها، بالإضافة الى وقوفه ضد الأوليغاركية الروسية التي نمت وترعرعت مع تفكك الاتحاد السوفياتي. هذا النمو الاقتصادي لروسيا والعلاقات والشراكة الاستراتيجية التي نسجت مع الصين المتعطشة لمصادر الطاقة وعلى رأسها الغاز، الى جانب علاقاتها الاقتصادية المتميزة مع الدول الأوروبية وخاصة في مجالات تصدير الطاقة، أدى الى نمو الدور الروسي على الساحة العالمية تدريجيا وأصبحت الصين وروسيا التي تصدرت الفعل الدبلوماسي على الساحة الدولية بوزير خارجية (لافروف) يتمتع بقدرات ومهارات متميزة، تمتلك القدرة على فرملة العنجهية والرعونة الامريكية في المحافل الدولية والإقليمية. ولقد ظهر هذا بشكل جلي باستخدام الفيتو المزدوج للصين وروسيا مرتين في مجلس الامن لمنع العدوان على سوريا وتكرار التجربة الليبية. وكان هذا إيذانا بانتهاء أحادية القطب على الساحة الدولية. ولا شك أن هذه العلاقة الاستراتيجية بين روسيا والصين قد تدعمت من خلال العقود التجارية التي ابرمت بين البلدين وخاصة في مجالات الطاقة، حيث تم التوقيع مؤخرا على اتفاقية بين البلدين يتم بموجبها نقل الغاز الروسي الى الصين بخط انابيب خاص يتم بواسطته تزويد الصين بما يقارب 38 بليون متر مكعب من الغاز الروسي سنويا وعلى مدى 30 عاما، قابلة للتجديد وإمكانية زيادة الكميات من الغاز. ويعتقد العديد من المراقبين والمحللين السياسيين بأننا دخلنا أو قاربنا على الدخول الى مرحلة حرب باردة من نوع آخر، ليس قائمة بالضرورة على الصراعات الأيديولوجية بقدر ما هي قائمة على صراعات اقتصادية.

الساحة الإقليمية

بالتوازي مع الصراعات على الساحة الدولية في المرحلة الحالية، تشهد منطقتنا حالة استقطاب سياسي غير مسبوق في حدته وفي الظهور العلني لصراع جاء على خلفية ما سمي "بالربيع العربي" والازمة السورية على وجه التحديد. ويمكننا أن نلحظ تبلور ثلاثة محاور رئيسية في المنطقة يمكن تأطيرها بما يلي:

أولا: المحور السعودي الاماراتي الخليجي بشكل عام بالرغم من التجاذبات والتباينات في مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة الى الاردن ومصر التي ربما لم تحسم أمرها بعد، فهي من جانب بحاجة الى الدعم المالي الخليجي السخي سواء على هيئة منح أو قروض طويلة الاجل أو استثمارات في الأنشطة الاقتصادية المختلفة سواء في القطاع السياحي أو الصناعي أو الزراعي، حتى تتمكن من تجاوز محنتها الاقتصادية الحادة والنهوض بالبلد. فقد نهبت ثروتها وخيراتها على مدى ما يقرب من 30 عاما من الاوليغاركية المصرية المتحالفة مع راس السلطة سواء في عهد السادات – زمن الانفتاح الاقتصادي-أو في عهد مبارك والذي استشرست فيه مافيا كبار رجال الاعمال المصرية. ومن الجانب الاخر فهي تريد أن تعود الى دورها الإقليمي الفاعل والوازن وكذلك الدولي. هذا الدور قد يتأخر الى حد ما، نظرا لارتباطاتها المالية مع الدول الخليجية والسعودية على وجه التحديد، التي تريد أن تجر القيادة المصرية الى المواقف السعودية ورؤيتها المذهبية المقيتة للصراع في المنطقة، ولا شك أنها تضغط الى حد كبير على مصر مستغلة حاجة مصر الى الدعم المالي الكبير للسعودية.  ولقد أشارت بعض الدول الأوروبية بأن السعودية تسعى لتحجيم وتقزيم الدور المصري في الساحتين الإقليمية والدولية لتكون هي الدولة صاحبة القرار والتأثير في المنطقة. ولقد ذكرت بعض الصحف ( المنار المقدسية 12 أكتوبر 2014) أن القيادة المصرية رفضت ضغوطا واغراءات كبيرة لإرسال وحدات عسكرية من الجيش المصري الى الاراضي السورية والعراقية، وقال مراسل (المنــار) نقلا عن مسؤول مصري رفيع المستوى أن دولا اقليمية شاركت الولايات المتحدة ضغوطها لحمل مصر على التساوق مع المخططات الخليجية الأمريكية في العراق وسوريا.  كما ان انشغال مصر في مكافحة الإرهاب العامل على أراضيها يشكل عاملا أساسيا ضاغطا ومؤخرا لعودة مصر بكل ثقلها الى الساحتين الإقليمية والدولية.

وهذا المحور الذي تترأسه السعودية والتي تعتبر المحرك الرئيسي للسياسات التي يتبعها ويتبناها على المستوى الإقليمي أو الدولي تعمل جاهدة لإحباط وافشال أي تقدم في المباحثات بين إيران والدول الست الكبرى بشأن ملفها النووي وتقف حجر عثرة أمام توقيع الاتفاق النهائي بين الدول الست الكبرى وإيران. وبهذا الصدد فقد أنشأت علاقات حميمة مع الكيان الصهيوني لهذا الغرض بالإضافة الى نسج علاقات حميمة مع فرنسا وعقد صفقات أسلحة بمليارات الدولارات لإغراء فرنسا باتخاذ مواقف متشددة في المباحثات الدائرة مع ايران بشأن ملفها النووي، وهذا ما تعهدت به فرنسا كما يستدل من تصريحات رئيسها ووزير خارجيتها بهذا الخصوص. وآخر الاخبار تشير الى ان السعودية قد هددت فرنسا مؤخرا إذا ما وقعت الاتفاقية التي يمكن ان يتوصل اليها دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مع ايران، فانه أي السعودية ستقوم بإلغاء عقود صفقات الأسلحة التي اتفق عليها مع فرنسا والتي قد تتجاوز 15 مليار دولار.

ان استخدام العائدات النفطية السعودية والتي تصل الى ما يقارب من 700 مليار دولار سنويا لشراء المواقف السياسية هي السمة التي وصمت السياسة الخارجية السعودية لعقود من الزمن. وجميع المتتبعين يعلمون بالمحاولة السعودية لثني روسيا عن تأييدها للدولة السورية في محاربة المجموعات الإرهابية على أراضيها، حيث أرسلت السعودية الى روسيا أمير الارهاب بندر بن سلطان الذي كان قد تولى الملف السوري ، حيث قام بمقابلة بوتين وعرض عليه عقد صفقات تجارية وشراء أسلحة روسية بمليارات من الدولارات وعدم منافسة روسيا في مجال تصدير الغاز والبترول الى الدول الأوروبية، مقابل تنازل روسيا عن دعم الدولة السورية وخاصة بالتخلي عن الرئيس الدكتور بشار الأسد. بالإضافة الى ذلك تعهد أمير الارهاب بندر بن سلطان بضمان عدم مهاجمة الإرهابيين الشيشان لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي كان مقررا لها أن تعقد في روسيا آنذاك. رفضت روسيا عندئذ الطلب السعودي بالكامل، وعاد بندر بن سلطان بخفي حنين. ويعتقد الكثيرون ان السعودية لم تنسى ذلك لروسيا ولم تغفر لبوتين عدم استجابته لطلباتها. ويرى الكثير من المحللين أن احد أسباب التلاعب السعودي بأسعار النفط العالمية هي توجيه ضربة قوية الى الاقتصاد الروسي والإيراني الذين يعتمدان على بيع النفط والغاز الى حد كبير، حيث قامت من جانب واحد (بالاتفاق مع الإدارة الامريكية) بتخفيض أسعار النفط السعودي مما أدى الى هبوط أسعاره عالميا.

الثاني: هو المحور التركي-القطري الداعم لتنظيم الاخوان المسلمين، الذي تعتبره السعودية بأنه يشكل خطرا كبيرا على أمنها، بحيث قامت بوضعه على قائمة الارهاب، كما انها جرت مجلس التعاون الخليجي الى مثل هذا الموقف من تنظيم الاخوان المسلمين، والضغط على قطر لطرد قيادي التنظيم من أراضيها كشرط لعودتها الى البيت الخليجي. ولقد احتضن هذا المحور ما سمي "بالربيع العربي" الذي أتى بتنظيم الاخوان المسلمين في البداية في مصر وتونس وليبيا، وكذلك سعت في تمرير مشروع الإسلام السياسي في المنطقة بدعم من الولايات المتحدة، الذي وعدت بدعم الاخوان المسلمين للوصول الى السلطة في العديد من الدول العربية. فشل هذا المشروع فشلا ذريعا مع مجيء الجيش الى السلطة في مصر والاطاحة بالرئيس مرسي، ووضع التنظيم على قائمة الارهاب في مصر وقامت الحكومة المصرية بزج عناصر التنظيم في السجون ومحاكمتهم وإصدار احكام طويلة على العناصر القيادية للتنظيم. ووجهت ضربة أخرى لتنظيم الاخوان المسلمين في المنطقة عنما أجبرت حركة النهضة في تونس بزعامة الغنوشي للتراجع والتخلي عن السلطة وسياسة التفرد والاقصاء في الحكم وذلك تحت الضغط الشعبي والقوى السياسية الفاعلة على الساحة التونسية. ولقد أظهرت الانتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا في تونس تراجعا ملحوظا لتنظيم الاخوان المسلمين. هذا الحلف تورط في الازمة السورية منذ بدايتها وذلك عن طريق تجنيد وتسليح وتدريب وايواء وارسال المسلحين الى سوريا لقتال الجيش العربي السوري في محاولة لإسقاط الدولة السورية، وإقامة نظام يسيطر عليه تنظيم الاخوان المسلمين. وانكفأ تأثير هذا الحلف بعد فشل مشروع الإسلام السياسي في المنطقة وصمود الدولة السورية الى جانب تولي السعودية للملف السوري بمباركة أمريكية، عله يحقق ما فشل به هذا الحلف.

وبين هذا الحلف والحلف الأول وخاصة السعودية والامارات، نجد صراعات على المستوى الإقليمي فكل منهم يدعم طرف على الاخر سواء في ليبيا أو اليمن أو مصر أو العراق أو السودان، ولكنهم موحدين تجاه الهدف الرئيسي في سوريا الا وهو اسقاط الدولة السورية وازاحة الرئيس الدكتور بشار الأسد. أما مكافحة الارهاب على الأراضي السورية فهو الشيء الذي ليس فقط لا يعنيهم على الرغم من انضمام دولهم لما يسمى "التحالف الدولي" لمكافحة الارهاب ما عدا تركيا التي تضع شروط للانضمام للحلف، بل أنهم ما زالوا يدعمون الارهاب والإرهابيين العاملين على الأرض السورية بالمال والسلاح وإقامة معسكرات التدريب للمقاتلين الارهابيين الجدد، وتسهيل دخولهم الى الأرضي السورية.

وهنالك محاولات سعودية لشد قطر الى بيت الطاعة وحصرها تحت الخيمة السعودية، وذلك  عن طريق التهديد والوعيد وتأليب دول مجلس التعاون الخليجي على قطر، فقد قامت السعودية والامارات والبحرين على سحب سفراءها من دولة قطر مرتين لغاية الان. وعقد مؤخرا اجتماعا في السعودية لدول مجلس التعاون الخليجي وذلك لاستكمال الخطوات التي اتفق عليها سابقا في مؤتمر عقد في الرياض مع امير قطر، والتي على أثرها قامت قطر بطرد بعض قيادات الاخوان المسلمين من أراضيها تحت ضغوط سعودية وخليجية. والمطلوب الان من قطر هو استكمال الخطوات التي اتفق عليها وخاصة وقف حملات التحريض الإعلامية التي تقوم بها الجزيرة ولجم القرضاوي وطرد بقية قيادات الاخوان المسلمين من الأراضي القطرية أو اجبارهم على السكوت وعدم التهجم على السعودية ومصر على الأقل. ولقد باركت مصر على لسان الرئيس السيسي الخطوات والمساعي التي تقوم بها السعودية بما يخص التفاهمات الخليجية وخاصة في ثني قطر عن سياستها في دعم تنظيم الاخوان المسلمين. ويبدو أن ذلك سيتبعه مصالحة قطرية مصرية، ولا شك أن المؤشر على ذلك سيكون تأجيل عودة الوديعة المالية القطرية لدى مصر، الذي من المفترض ان تقوم الحكومة المصرية بدفعها في فترة قريبة للغاية.

 

الثالث: اما المحور الثالث فهو محور المقاومة المتمثل بسوريا وايران وحزب الله اللبناني بالإضافة الى بعض الاطراف الفلسطينية المقاتلة، الى جانب العراق. وهو المحور الذي يقود عملية التصدي بكافة اشكال المقاومة، وخاصة على الأراضي العراقية والأراضي السورية التي ما زالت تتعرض ومنذ أكثر من ثلاثة سنوات لأكبر هجمة من عناصر إرهابية تكفيرية وهابية، استجلبت من أكثر من 80 دولة وبدعم على كافة الأصعدة الإعلامية واللوجيستية والمالية والسياسية من قبل أطراف الحلفين الأول والثاني وخاصة السعودية والامارات وقطر وتركيا، الى جانب الولايات المتحدة والدول الغربية وأجهزة مخابراتها وخبرائها العسكريين، وذلك بهدف القضاء على الدولة السورية وازاحة الرئيس الدكتور بشار الاسد من القيادة السياسية للبلد. وهذا المحور الثالث يلقى دعما كبيرا من روسيا والصين، وتقوم روسيا وإيران بتقديم كل الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي اللازم لصمود الدولة السورية، وتقف حجر عثرة أمام المخططات لتقسيم سوريا وتفتيت كيانها الجغرافي.

 

أن الصراعات التي تجري في منطقتنا هي صراعات معقدة ومتداخلة ومترابطة عضويا الى حد كبير، يختلط فيه الدولي مع الإقليمي والمحلي. كما ان وجود حركات إرهابية مثل "داعش" والنصرة ، ومع ما سمي "بالتحالف الدولي" الذي يزعم انه أقيم لمكافحة الارهاب والقضاء على تنظيم داعش في العراق وسوريا، دون أن يتعاون مع الأطراف التي تحارب الارهاب على أراضيها منذ زمن بعيد مثل الدولة السورية، ويتحرك خارج أطر الشرعية الدولية، ويستثني دول إقليمية ودولية فاعلة ووازنة، من شأنه زيادة تعقيد الصراعات ووضع أكثر من علامة استفهام وتساؤلات الى اين تتجه المنطقة، وما نحن مقبلين عليه في المستقبل القريب والبعيد. وربما هذا ما يجعل هناك ضرورة ملحة لتكوين مجموعة او حلف إقليمي ما بين الدول التي تحارب الارهاب على أراضيها أو التي لديها استعداد حقيقي للمساعدة في دحر الارهاب الذي بات يهدد المنطقة برمتها، وعدم التعويل أو الطلب من الولايات المتحدة التي هي اقل تضررا من خطر الارهاب، بالمجيء الى المنطقة لتدافع عنا، وهي في حقيقة الامر آتية للحفاظ على مصالحها بالدرجة الاولى والأخيرة، كما عودتنا دائما

.

 

 

 

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

22.11.2014

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

      

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                             

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org               الصفحة الرئيسية - 1 -