<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني  قراءة في الانتخابات النصفية الامريكية

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

 

قراءة في الانتخابات النصفية الامريكية

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

أفرزت نتائج الانتخابات النصفية الامريكية على فوز الجمهوريين على الديمقراطيين وأصبحوا بذلك يسيطرون على مجلس النواب ومجلس الشيوخ الذي كان بيد الديمقراطيين منذ 2007 في الكونغرس الأمريكي. وهذا الوضع الجديد سيخلق نوع من الانفصام التام بين السلطة التشريعية الممثلة بالكونغرس والسلطة التنفيذية الممثلة بالبيت الأبيض أي بإدارة أوباما. ولا شك أن هذا سيخلق وضعا غير مريح للإدارة الامريكية بالرغم من إمكانية أوباما لاستخدام حق الفيتو على قرارات الكونغرس إذا كانت غير متماشية مع سياسة ادارته. ومن الواضح أن التباين والخلاف في السياسات سيكون بالأساس حول السياسات الداخلية مثلا في الموقف من مشروع ما أصبح يطلق عليه "Obama care" والقضايا المتعلقة والخاصة بقوانين الهجرة والمهاجرين.

أما بالنسبة الى السياسة الخارجية بشكل عام فلن يكون هنالك تغييرا جوهريا في السياسة التي انتهجتها إدارة أوباما منذ تولي الديمقراطيين مقاليد الحكم في البيت الأبيض، حيث ان إدارة الرئيس أوباما قد انتجت سياسة خارجية متممة ومكملة للسياسة التي سلكتها إدارة الرئيس الأسبق بوش، لا بل وزادت عليها ضراوة وشراسة، وتبخرت كل الوعود والآمال البراقة التي واكبت الكلمات والخطب المعسولة في بداية توليه إدارة البيت الأبيض، وخاصة الخطاب "الشهير" الذي قدمه عند زيارته الى مصر، هذا بالإضافة الى الوعود التي اطلقها لإغلاق معتقل غوانتانامو الوحشي بكل المقاييس الإنسانية والقانونية والأعراف الدولية. وها هو أوباما وبالتناغم مع الوضع الجديد في الكونغرس وللتدليل ان سياسته الخارجية العدوانية باقية على ما هي وان ادارته تعمل على توسيعها، وهي ما كانت تطالب به النخب الجمهورية بزعامة عضو الكونغرس السناتور جون ماكين، بالإضافة الى جوقة من الديمقراطيين "الليبراليين" الداعمين للتدخل الامريكي واستخدام القوة العسكرية، ها هو أوباما يقوم على مضاعفة عدد القوات الامريكية التي أرسلت مؤخرا الى العراق ليصل العدد المعلن رسميا ما يزيد عن 3000 جندي، حيث عمدت الإدارة الى ارسال 1500 جندي مؤخرا الى العراق، الذي يتم إعادة احتلاله خطوة خطوة. هذا العدد أرسل تحت يافطة الخبراء، والمستشارين، ورجال امن لحراسة المنشآت الامريكية والدبلوماسيين، ورجال الاعمال والشركات الامريكية في العراق، وهذه اليافطات عادة ما تستخدم من قبل الإدارة الامريكية للالتفاف على قرارات الكونغرس التي قد تحول دون ارسال قوات أمريكية. أما الان وان الإدارة قد ضمنت دعم اغلبية أعضاء الكونغرس الجديد، فان إدارة الرئيس أوباما ستتقدم بطلب 5.6 مليار دولار أمريكي لدعم العمليات العسكرية في كل من العراق وسوريا، هذا بالإضافة الى 165 مليون دولار لدعم المعارضة "المعتدلة" السورية المنقرضة. الغريب والعجيب في الامر ان الإدارة الامريكية وزبانيتها واداوتها في المنطقة وخاصة الخليجية منها ما زالت على استعداد لدعم فلول "المعارضة المعتدلة" التي تسلم أسلحتها الى جبهة النصرة وتخلي ما تبقى لها من بؤر هنا وهناك أو انها دمرت من قبل النصرة أو داعش وتم الاستيلاء على أسلحتها بالكامل. وبحسب آخر تقرير فان 80% من الأسلحة التي أرسلتها فرنسا الى المعارضة السورية انتهت بأيدي النصرة وداعش المنظمات الموضوعة على لائحة الإرهاب والتي من المفترض أنها تحارب من قبل "التحالف الدولي" المزعوم. هذا المبلغ طبعا غير 500000 دولار الذي كانت إدارة بوش قد تقدمت بطلبه لبناء "جيش" قوامه 5000 جندي يدربوا على الأراضي السعودية ومن ثم ارسالهم الى الداخل السوري لقتال "داعش" والجيش العربي السوري في آن واحد. ولا ندري ما الذي حصل في هذا المشروع بعد على أرض الواقع. أن الذي يحارب الإرهاب على الأرض السورية كان وما زال الجيش العربي السوري الذي بات يحقق الانتصار تلو الاخر، وهذا بالطبع يقلق دوائر ومراكز القرار في واشنطن التي سارعت بتحميل المبعوث الاممي الى سوريا ميتسورا، بمقترح "تجميد" القتال في حلب، الذي يهدف على ما يبدو الى ضمان سلامة ما تبقى من جيوب لما يسمى بالجيش الحر، على امل ان يستخدم كورقة مستقبلية في أي حل سياسي للازمة السورية.

مع هيمنة الجمهوريين على الكونغرس الأمريكي بالكامل من الطبيعي أن تعلو أصوات المحافظين الجدد واصدقائهم من الديمقراطيين الى ارسال قوات أمريكية برية الى كل من العراق وسوريا والاشتباك مع من يريدون الاشتباك معهم تحت ذرائع مقاتلة "داعش" ، ومن  المؤكد ان الجنود الأمريكيين الذين ارسلوا الى العراق لهم مهمات قتالية محددة وخاصة في تامين منابع النفط ، ومراكز التجسس، والسفارة الامريكية في بغداد وتأمين مطار بغداد الدولي على الأقل، هذا بالرغم من كل التصريحات الامريكية من قبل الإدارة الامريكية بأن هذه القوات ليست مخولة بالقيام بأعمال قتالية على الأراضي العراقية. وحيث ان الرئيس أوباما مطمئن جدا الى الهيكل السياسي الجديد للكونغرس، فانه سيتقدم بإعطاء ادارته تفويضا جديدا من الكونغرس للتعامل مع الوضع واستخدام القوة في العراق وسوريا، والاخطر من ذلك ان هذا التفويض لن يقتصر على فترة زمنية محددة بشهرين أو ثلاثة ولكنها مفتوحة. وهذا يضع علامات استفهام وتساؤلات كثيرة حول الأهداف الحقيقية لهذه الحملة العسكرية "لمحاربة" تنظيم داعش. ومن المؤكد أن حصوله على مثل هذا التفويض الان لن يجد أية صعوبة كبيرة، لا بل أن الإدارة ستدفع الى اتخاذ مواقف أكثر عدوانية من قبل الكونغرس ومن وسائل الاعلام للمحافظين الجدد الذي دبت فيهم الحياة مجددا مع ما يدور في المنطقة ومع الفوز الجديد للحزب الجمهوري والذي ربما يؤشر الى بوادر واحتمال كبير للفوز الجمهوري في الانتخابات الرئاسية القادمة بعد سنتين من الان تقريبا.

أما فيما يتعلق بالمباحثات مع إٍيران بشأن ملفها النووي، فمما لا شك فيه أن الكونغرس سيتخذ مواقف أكثر تشددا وتطرفا الان مع وجود العديد من الأصوات المناوئة لتوقيع اية اتفاقية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخاصة اذا لم تكن دولة الكيان الصهيوني موافقة عليها التي لن تقبل أقل من استسلام كامل من ايران في هذا الصدد. وكانت إدارة أوباما قد اصطدمت مع الكونغرس السابق بالنسبة لهذا الملف حيث ارتأها البعض وبالرغم من مواقفها المتعنتة بهذا الملف، أنها ذاهبة قدما الى توقيع اتفاقية مع إيران لان أوباما بحاجة الى تقديم شيء يستطيع ان من خلاله أن يعده من انجازات ادارته الخائبة. ومن المؤكد ان الكونغرس سيضغط ف فرض عقوبات اضافية على إيران. ومن المفيد ان نذكر هنا أن الكونغرس وقبل هذه الانتخابات النصفية كان بصدد فرض عقوبات إضافية على إيران لولا تدخل الإدارة الامريكية ووزير الخارجية كيري شخصيا للحديث مع أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين لإعطاء المباحثات مع إيران فرصة، بالإضافة الى التهديد الذي وجهه أوباما بان ادارته لن تلتزم بهكذا قرار، وسيقوم باستخدام سلطته التنفيذية.  

ان السياسة الزائدة في عدائيتها المتوقعة من التركيبة السياسية الجديدة للكونغرس الأمريكي لن تقتصر على منطقتنا فقط، بل ستمتد لتشمل تصعيدا حادا لمعاداة روسيا، وتقديم مزيدا من الدعم للقوى القومية المتطرفة في أوكرانيا المهيمنة على السلطة في كييف والمعادية لروسيا ولا نستبعد إعادة تقديم مشروع قانون " لمساندة الحرية في أوكرانيا" الذي يطرح في احدى نصوصه الأساسية فكرة منح أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا وضع "حليف عسكري رئيس غير عضو في الناتو" وهو ما رفضته إدارة أوباما لغاية الان على الرغم من عدائها الظاهر والعملاني لروسيا. فقد رفض أوباما الطلب الذي تقدم به بوروشينكو بهذا الخصوص عندما قام الأخير بزيارة الى واشنطن والقى كلمة امام الكونغرس في دورة مشتركة لمجلسيه النواب والشيوخ. وفي حالة الموافقة على هذا الطلب سيسمح بالشروع في تزويد البلدان المنضوية تحت هذا التصنيف بالأسلحة الامريكية مجانا أو بقروض ميسرة للغاية، الى جانب التعاون العسكري الذي قد يتيح تدخلا أكبر لحلف الناتو وتواجد أكبر لقواته على أبواب وحدود روسيا الاتحادية. ولقد شهدنا زيارة العديد من أعضاء الكونغرس الأمريكي الى أوكرانيا اثناء اعتصامات الميدان الاوكراني وتشجيع المعتصمين للاستمرار آنذاك لحين اسقاط الحكومة السابقة. وكان السناتور جون ماكين على راس المشجعين والذين شاركوا في القاء الخطب في الميدان مع قيادة أحزاب نازية وفاشية من على نفس المنصة.

في النهاية نود أن نؤكد ان نتائج الانتخابات التجديد النصفي الكونغرس الأمريكي التي أفضت الى هيمنة الحزب الجمهوري على مجلس النواب والشيوخ في آن واحد، سوف تنعكس سلبا على الساحتين الإقليمية والدولية، لأنها ستؤدي الى تأسيس الاليات لحرب باردة بدأت ملامحها تلوح بالأفق حتى قبل نتائج الانتخابات، ولا شك ان ذلك سينعكس على منطقتنا. ومن الضروري ان نتفهم أن الحزب الجمهوري هو الحزب الأكثر ارتباطا بالشركات الكبرى وكبار رجال الاعمال الأمريكيين بالإضافة الى مجمع الصناعات الاقتصادية العسكرية، والتي بمجملها هي التي تحدد المسار السياسي والاقتصادي والعسكري للبلد، وليس من يجلس في البيت الأبيض. وهنالك دراسة حديثة تحت عنوان Testing Theories of American Politics: Elites, Interest Groups, and Average Citizens  أجريت من قبل جامعتي نورث ويسترن وجامعة برينستون على النظام السياسي الأمريكي بينت أن هذا النظام لا يوجه بأغلبية مواطنين البلد ولا يخدم مصالحهم، بل انه يدار من قبل شبكة من "النخب الاقتصادية" ومصالح رجال الاعمال" . واستخلصت الدراسة بان النظام السياسي للولايات المتحدة هو نظام أوليغاركي (حكم القلة الغنية)، حيث " رغبات الشركات وكبار رجال الاعمال والجمعيات المهنية" تشكل القوة المحركة خلف القرارات السياسية التي تنتهجها الحكومة (ذي اناليست ريبورت 10 يونيو 2014 ).

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 14.11.2014

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا