<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني الولايات المتحدة وداعش ومقال زلماي خليل زاد

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

 

الولايات المتحدة وداعش ومقال زلماي خليل زاد

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

مضى ما يقرب من الثلاثة أشهر على تطبيق الاستراتيجية الامريكية ف "حربها المعلنة" على داعش في العراق وسوريا، والتي تمخضت على انشاء "تحالف دولي" وتبني توجيه الضربات الجوية للطائرات الامريكية بشكل رئيسي لبعض المواقع التي تحتلها داعش في العراق وسوريا. لاا يغرنكم مشاركة بعض الدول بطائرة هنا وطائرة هناك فان المايسترو هو الأمريكي، وما "المشاركة" العربية المحدودة، هذا على افتراض ان من قاد الطائرت هم من الاعراب، ما هي الا للاستهلاك المحلي والتصوير الإعلامي. بدليل أن هذه الدول انسحبت أو على قاب قوسين من الانسحاب من العمل الميداني والاكتفاء بدفع تكاليف الضربات الجوية والحملة العسكرية برمتها. وبات من الواضح للجميع بأن هذه الاستراتيجية المعتمدة من قبل الإدارة الامريكية صاحبت القرار لم تؤدي الى تحقيق الهدف المعلن منها الا وهو اضعاف القدرة القتالية لتنظيم داعش ومن ثم القضاء عليها على الأمد الطويل الذي قد يمتد الى 30 عاما على حسب تقدير وزير الدفاع الامريكي السابق بانيتا، هذا إذا لم نأخذ بما صرح به رئيس الوزراء البريطاني بان الحرب على داعش هي "حرب مفتوحة".

اثار الكثيرون من المحللين العسكريين والسياسيين ومراكز الدراسات في العديد من الدول الجدوى الفعلية لهذه الضربات حتى وصل الامر الى بعض الدول المنضوية ضمن التحالف، وذلك لعدم وضوح الرؤيا والتخبط والاستراتيجية التي تتبعها الولايات المتحدة، أو هكذا يبدو لان الإدارة الامريكية لا تتجرأ على ان تفصح عن النوايا الفعلية لكل هذه المسرحية، التي جرت اليها دول لا ناقة لهم فيها ولا جمل مثل استراليا الذي ما زال 200 من أفراد قواتها المسلحة ينتظر الإشارة والأوامر الامريكية يالتحرك أو كندا التي دخلت على خط توجيه الضربات الجوية لأول مرة منذ أيام فقط. الولايات المتحدة تريد أن تعطي الانطباع أن هنالك اجماع دولي على محاربة الإرهاب وهذا ما تقوم به الإدارة الامريكية التي لا تريد أن تعطي الوجه الحقيقي انها آتية الى المنطقة لمصالحها اذا ما تدخلت لوحدها.

من الواضح للمتتبع لمجرى الاحداث أن الضربات الجوية لم تمنع تنظيم داعش ومقاتليه من تحقيق مكاسب ميدانية على الأرض على السحتين العراقية والسورية، وتوسيع دائرة سيطرتها في عين العرب والانبار ومناطق قريبة جدا من العاصمة بغداد ومطار بغداد الدولي الى درجة تهديد أمن الملاحة الجوية، مما استدعى تدخلا عسكريا مباشرا أمريكيا لمنع حدوث ذلك، والسيطرة على هذا الشريان الحيوي. نعم ان الطلعات والضربات الجوية الامريكية المكثفة منع من تمدد مقاتلي داعش شمالا الى أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق لأسباب كنا قد ذكرناها في مقال سابق، الى جانب إعادة السيطرة على سد الموصل وصد هجوم داعش على سد حديثة. ولكن في السياق العام والتحليل الدقيق نرى أن الجهود الامريكية الجوية لم تفضي على كسر اجنحة التنظيم أو انكفائه من ناحية عسكرية، فما زال التنظيم يمتلك قدرة على التنقل بديناميكية عالية تثير الغرابة على الأرض العراقية خاصة. وما زال يرتكب المجازر الواحدة تلو الأخرى فقد تم مؤخرا قتل وذبح ما يزيد عن 500 من عشيرة البونمر في العراق بالإضافة الى 70 أيضا من نفس العشيرة على حسب آخر الاخبار ولحين كتابة هذه السطور، ويهدد عشيرة أخرى بإخلاء ارضها والا لقوا نفس المصير. ومسبقا اباد تقريبا عشيرة بأكملها في الأراضي السورية، من نساء ورجال وأطفال دون أي تمييز.

في مقال حديث  يرجع زلماي خليل زاد المبعوث الأمريكي للعراق بعد احتلاله والذي يعتبر من اليمين الأكثر تطرفا في الولايات المتحدة (ناشيونال انترست 23 اوكتوبر 2014)  ، أحد أسباب عدم الفعالية للضربات الجوية الامريكية الى أن التدخل الأمريكي في العراق جاء متأخرا وبعد أن استفحل وسيطر مقاتلي داعش على الكثير من المساحات وبسرعة فائقة، ولم يواكب الرد أو الفعل الأمريكي زمنيا خطوات داعش واسترتيجيتها. ويضرب مثلا على ذلك في عين العرب حيث بدأ الفعل الأمريكي بعد أن دخلت جحافل داعش الى وسط المدينة، وعلى أن القرار بإمداد المدافعين الاكراد السوريون عن مدينتهم من الجو اتى بعد أن كانت المدينة على قاب قوسين من السقوط، وتبع ذلك التنسيق مع قوات البشمركة لدعم صمود المدينة، والتي ما زالت تقاتل لغاية الان. لم يأتي السيد زلماي على ذكر الدور التركي القذر بموضوع عين العرب، ولكن هذا ليس الموضوع هنا. ويذكر زلماي في مقاله بأن الولايات المتحدة كان بإمكانها أن تقوم بضرب قوافل الأسلحة لداعش وهي في طريقها للتحضير للهجوم على المدينة، وخاصة وأنها نقلت الأسلحة الثقيلة عبر أراضي ومساحات شاسعة. وينوه في المقال ذاته بان التأخر في رد الفعل الامريكي تكرر مرة أخرى في محافظة الانبار مما مكن تنظيم داعش على الاستيلاء على مزيد من الأراضي في هذه المحافظة. ويذكر الكاتب بأن داعش قامت بنقل الأسلحة والمقاتلين من نينوى الى صلاح الدين الى منطقة الانبار بمعنى انها كانت تتحرك في منطقة صحراوية منبسطة، مما يسهل عملية اصطيادها.

 طبعا ما رواه السيد زلماي هي حقائق ولكنه أخطا خطأ كبيرا (طبعا عن ادراك وقصد) لأنه لم يتعرض للسبب الحقيقي وراء هذا التأخير والتلكؤ في ردة الفعل الأمريكي عما كان يحصل على الأرض وخاصة وان طائرات المراقبة والكشف وجمع المعلومات عما يدور من تحركات على الأرض العراقية والسورية لم ينقطع لحظة واحدة وعلى مدار الساعة. السيد زلماي لم يتطرق الى ان الفعل العسكري الأمريكي ومساعدة العراق أو الجيش العراقي في التصدي لداعش واخواتها استخدمته الإدارة الامريكية لأكبر عملية ابتزاز للحكومة العراقية وفرض واقع سياسي معين كثمن لدخولها لنجدة العراق ومنع سقوط بغداد بأيدي جحافل المغول الذين اخذوا بالزحف على بغداد، بعد أن منعهم الامريكان من التوجه الى أربيل والمناطق الكردية الغنية بالنفط. واستطاعت الإدارة الامريكية استخدام ورقة التدخل العسكري بالضربات الجوية لإزاحة رئيس الوزراء السابق المالكي والمجيء برئيس وزراء جديد، على امل ان تكون مواقفه من الولايات المتحدة أكثر ليونة ومرونة من السيد المالكي. والمتتبع للأحداث يرى أن الضربات الجوية الامريكية بدأت حول بغداد والمنطقة الجنوبية وغيرها من المناطق بعد ان ازيح السيد المالكي من رئاسة الوزراء. ومن الضروري أن نذكر أيضا ان الولايات المتحدة رفضت تزويد الجيش العراقي بطائرات ف-16 وطائرات الاباتشي الضرورية لقصف مواقع داعش, مع ان الحكومة العراقية كانت قد دفعت اثمانها.

أما التلكؤ والمماطلة في ضرب قوافل داعش التي قطعت ما يقرب من 400 كيلومتر من الأراضي المنفتحة بمعداتها الثقيلة من مدافع بعيدة المدى والدبابات الامريكية التي استولت عليها عندما استولت على الموصل، ومتوجهة الى عين العرب في الشمال السوري والمحاذية للحدود مع تركيا، فهذا له أسباب أخرى. فقضية التدخل دخلت فيها قوى إقليمية وعلى رأسها تركيا الطامعة في ضم بعض الأراضي السورية ضمن عملية إعادة رسم الخرائط في المنطقة. هذا بالإضافة الى ان الإدارة الامريكية لم تكن قد حسمت خياراتها بشكل نهائي بعد حول الموقف من الاكراد والاعتماد عليهم كقوة عسكرية على الأرض لقتال داعش في المناطق التي تحددها الولايات المتحدة، والتعويل عليهم لمقاتلة الجيش العربي السوري لاحقا بالتعاون مع ما يسمى "المعارضة المعتدلة" التي تآكلت وفي طريقها الى الانقراض كالديناصورات، وخاصة اذا ما بقي الجيش السوري متقدما نحو تحرير كامل حلب، حيث يتمركز في جهتها الشرقية  فلول ما تبقى من "الجيش الحر" الذي هبت الولايات المتحدة وقوى إقليمية ومبعوث الأمم المتحدة لحماية هؤلاء المرتزقة. نقول أن الولايات المتحدة تلكأت حتى تأخذ الفرصة لحسم خياراتها، ومن هنا نرى أن مد عناصر الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري بالأسلحة عبر الجو وارسال 150 عنصر من البيشمركة الكردية العراقية بكامل عتادهم لمؤازرتهم قد تم على ما يبدو عندما تفاهمت الإدارة الامريكية مع الاكراد، بعد ان فشلت في التفاهم مع تركيا. ويمكننا استنتاج ذلك من جملة قالها الجنرال الأمريكي المتقاعد جون الين الذي عين مؤخرا من قبل إدارة أوباما لتنسيق مكافحة داعش مع القوى الإقليمية فقد صرح بان " عناصر البيشمركة التي وصلت كوباني ( عين العرب) سيمنعون سقوط المدينة" . قارن ذلك يالتصريحات التي سبقت وصول عناصر البيشمركة الى مدينة عين العرب، حيث كانت التصريحات الامريكية حول الوضع في المدينة بأنه صعب ومن الممكن أن تسقط المدينة على الرغم من الضربات الجوية. على ماذا يدلل هذا الكلام؟ وماذا دار بين زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم ورجال من الخارجية الامريكية في احدى الدول الأوروبية، أيام معدودة قبل البدء بتزويد مقاتلي الحزب في عين العرب بالأسلحة من الجو؟ لا أحد يدري. أما ارسال بعض عناصر من رجال "الجيش الحر" الى المدينة لم تذكرهم الإدارة الامريكية ولم تعيرهم أي اهتمام في تصريحاتها، ومن المرجح انهم أرسلوا لإرضاء تركيا، حتى تفتح حدودها وإعطاء ممر امن لقوات البيشمركة القادمة من الأراضي العراقية.

طبعا كل هذا لا تجده في مقال السيد زلماي، لأنه من المفترض بهؤلاء أن يحرفوا الأنظار في اتجاهات تجعل فهم حقيقة ما يدور على الساحة مبهم وصعب، لان الإدارة الامريكية تريد ان تظهر بمظهر المدافع عن الشعب العراقي او السوري وفي حقيقة الامر ان لها اجندتها الخفية من وراء كل هذه التحركات. ونختم هذا الجزء بالإشارة الى انه حديثا صدر كتاب للسياسي المخضرم هنري كيسنجر الذي يعتبر من أكبر منظري السياسة الخارجية للولايات المتحدة، والذي خدم تحت معظم الادارات الامريكية الجمهورية والديمقراطية ان لم يكن كلها كمستشار للأمن القومي الأمريكي، والكتاب يبين أن طبيعة سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط الحقيقية لا علاقة لها بمحاربة الإرهاب الدولي، وانما الهدف الرئيسي كان وما زال محاولة تشكيل أسواق الطاقة على المستوى العالمي.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 10.11.2014

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا