<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني خاطرة وتساؤلات في الوضع الفلسطيني

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

 

خاطرة وتساؤلات في الوضع الفلسطيني

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

التهدئة في القدس الشريف أو في انحاء الضفة الغربية الأخرى لن تكون ولن تتحقق، والدعوات الى التهدئة من قبل السلطة الفلسطينية التي صرحت انها تريد التهدئة ولا تسعى الى التصعيد، من الواضح انها ضربت بعرض الحائط من قبل فلسطيني القدس وغيرهم من سكان الضفة الغربية. وهذا يدلل على ان السلطة في واد والجماهير الفلسطينية في واد آخر. فالشعب الفلسطيني لم يعد يأبه بالتصريحات والمواقف الصادرة عن القيادة المتنفذة والتي عادة لا تكون بقدر حجم وشراسة الاعتداءات المتكررة من قبل قوى الاحتلال الصهيونية.

الاعتداءات على الحرم المقدسي والمسجد الأقصى ما زالت مستمرة واليوم تم اقتحام المسجد من قبل قوات الشرطة والجيش الإسرائيلي وتدنيس هذا المكان المقدس من قبل المستوطنين الصهاينة وأعضاء كنيست ومسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، تحت حماية وحراسة القوى الأمنية الإسرائيلية، التي اعتدت على المصلين داخل المسجد والقت القنابل الصوتية والمسيلة للدموع. إسرائيل تدفع باتجاه استكمال تهويد القدس بعملية تهويد الأماكن الدينية في المدينة المقدسة. وتأتي هذه المحاولات التي يتصدى لها المرابطون والمرابطات والمقدسيون يوميا ضمن تخاذل عربي رسمي واضح وكان الامر لا يعنيهم لا من قريب أو بعيد، والادانات تأتي وكأنها رفع عتب، أو كأن الذي يحدث انما يحدث على كوكب آخر.

ما قامت به إسرائيل وما تقوم به الان في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967 ، مخالف لكل القواعد والأعراف الدولية واتفاقيات جنيف الرابعة، وهذا ما يدركه "المجتمع الدولي"، الذي تصرح دوله بين الحين والأخر ان كل التغيرات الجغرافية والديمغرافية وبناء المستوطنات سواء في القدس أو بقية أراضي الضفة الغربية هو غير قانوني وبالتالي فإنها لا شرعية، وحتى الولايات المتحدة واداراتها المتعاقبة تصرح بذلك. ومن هنا يحق لنا ان نتساءل إذا كان هذا فعلا هو موقف "المجتمع الدولي" وموقف الأمم المتحدة بحسب تصريحات امينها العام بان كي مون، فلماذا لم تتخذ أي إجراءات دولية من عقوبات او غيرها لإجبار دولة إسرائيل على الامتثال للقوانين والأعراف الدولية اسوة بما يطبق على غيرها من الدول؟ هذه الدول التي تدعي انها تدافع عن الشرعية الدولية وحقوق الانسان، أين هي من الممارسات الإسرائيلية على مدى سنوات الاحتلال الإسرائيلي؟ وأين هي من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها في عدوانها المتكرر على قطاع غزة، الذي به تعمل على تدمير البشر والحجر وتحول أجساد الأطفال الى أشلاء متطايرة، وتقوم بتفجير ونسف البيوت على رؤوس قاطنيها؟ ما نراه هو مكافئة إسرائيل على عدوانها وجرائمها وذلك بإشراكها في الاشراف على عملية إعادة اعمار قطاع غزة الذي قامت آلتها الحربية بتدمير كل بناه التحتية بالإضافة الى تدمير الالاف من المنازل وجعل ما يقارب من نصف مليون من سكانه بدون مأوى والشتاء على الأبواب. فمشاركتها مع طاقم الأمم المتحدة المتناغم والراضخ لشروطها التعجيزية من وضع كاميرات على الحافلات التي تنقل مواد البناء لمراقبة الجهة التي تتسلمها ومراقبة تنفيذ عملية البناء، بالإضافة الى ما ذكرناه في مقال سابق عن تقديم لوائح تفصيلية بأسماء العائلات المتضررة ..الخ، لجمع ما عجز المخبرين والعملاء على جمعه، كل هذا تقبله طواقم الأمم المتحدة بحجة الإسراع في عملية إعادة الاعمار الوهمية. ليس هذا فحسب فان مشاركة إسرائيل بالعملية يعني رفع مسؤوليتها عن الجرائم التي ارتكبتها وإنها لم تكن معتدية. وفوق كل هذا فان "المجتمع الدولي" يساهم أيضا في إعطاء الفرصة لإسرائيل والشركات الإسرائيلية بتحقيق أرباح من المواد التي تشترى من السوق الإسرائيلية او من الضرائب التي تجنى على المواد التي تدخل القطاع من الأسواق الأردنية أو المصرية. ونحن نتساءل أيضا هنا هل يحق كل هذا لدولة محتلة لأراضي دولة أخرى، تحت الشرعية والمواثيق والأعراف الدولية؟ من المؤكد لو كانت الدولة المحتلة والمعتدية غير الدولة العنصرية والفاشية بكل المقاييس وبامتياز، لكان الوضع مختلف تماما اليس كذلك؟ القانون الدولي ليس الا اكذوبة كبرى ومن يصدقها فهو اما جاهل، او أنه يتمتع بغباء متميز، او انه يحيا على كوكب آخر ولا يدري عما يدور على كوكبنا. القانون الدولي هو قانون الغاب الذي يأكل فيه القوي الضعيف الذي لا حيلة له.

وهذا يجرنا الى ان نتساءل هل كان من الممكن أن تتصرف إسرائيل بهذه الرعونة، والعنجهية، والهمجية، وإطلاق قطعان المستوطنين، لو كان الوضع العربي غير ما هو عليه الان؟ الا يحق لنا ان نتساءل أين هي المقاطعة العربية، وأين هي الشعوب العربية من هذه المقاطعة، ولماذا لا تسمع صوتها الى النظام العربي الرسمي؟ هل كان كل هذا ليحدث لولا التواطىء المكشوف والمفضوح الذي لم يعد خافيا على أحد للنظام العربي الرسمي مع المخطط الصهيو-امريكي في المنطقة والذي تشكل فيه السعودية وقطر رأس الحربة، والجامعة العربية وامينها العام المنفذ لهذه السياسة؟ هل كان من الممكن ان يحصل كل هذا وبهذه السهولة لولا حرف الصراع الى صراع مذهبي وطائفي في المنطقة بدلا من صراع سياسي ووجودي مع العدو الصهيوني؟ وهل كان من الممكن أن نصل الى هذا الحال لولا قيام دول عربية بدفع عشرات المليارات من البترودولار لتدمير دول عربية أخرى ومحاولات قلب الأنظمة فيها، ومشاركة طائرات عربية في قصف دول عربية أخرى مع الولايات المتحدة وحلف الناتو؟ وهل كان من الممكن ان نصل لما نحن عليه الان لولا هذا التدافع من النظام الرسمي العربي الذي أصبح يقاد بأنصاف وارباع الرجال الى التطبيع مع العدو الصهيوني وإقامة العلاقات السياسية والصفقات التجارية فوق الطاولة وتحتها وتسيير الخطوط الجوية علانية بينها وبين الكيان الغاصب؟

 وهل كان من الممكن ان نصل الى هذا الحال لولا قبولنا بأن تكون الولايات المتحدة "الوسيط" في المفاوضات العبثية طيلة أكثر من عشرون عامل ونحن على يقين بأن الولايات المتحدة لم ولن تكون وسيطا نزيها وهي التي استخدمت حق الفيتو في مجلس الامن 45 مرة من 76 مرة لحماية الكيان الصهيوني وعدم ادانته من قبل المجتمع الدولي؟ الولايات المتحدة التي وقفت بصوتها اليتيم مقابل 14 صوتا في مجلس الامن ضد ادانة الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في أراضي التي احتلت عام 1967. الولايات المتحدة التي منعت مجلس الامن من ادانة الحريق الذي تعرض له المسجد الأقصى عام 1969 الذي اتى على تدمير كامل محتويات الجزء الشرقي من بما في ذلك منبر صلاح الدين الايوبي، والذي بالمناسبة تعرض لتدمير جزئي البارحة على ايدي قطعان المستوطنين الصهاينة والجنود المدججين بالسلاح اثناء اقتحامهم للمسجد وتدنيس قدسية المكان؟  وهل كان من الممكن ان نكون قد وصلنا الى هذا الحال لولا وجود أطراف فلسطينية كانت وما زالت تدعو الى التهدئة وتعمل على محاصرة المقاومة تحت ذرائع واهية، اثبتت الوقائع على مدى أكثر من عقدين من الزمن على عقم المسار التفاوضي الذي اتبعته، ومع ذلك ما زالت مصرة على هذا المنحى؟

قد يقول البعض أن السويد اعترفت بالدولة الفلسطينية وان مجلس النواب البريطاني تبنى مشروع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بمعنى ان العمل السياسي والمسار السلمي يأتي بنتيجة. نحن لا ننكر ان هذه الخطوات التي اتخذت من قبل بعض الدول الأوروبية تصب في صالح القضية الفلسطينية، ولكن يحق لنا ان نتساءل لماذا اخذت مثل هذه الخطوة أكثر من عشرون عاما منذ توقيع اتفاق أوسلو المشؤوم؟ وفي حقيقة الامر يجب أن نقول من بداية الثمانيات من القرن الماضي عندما تبنت منظمة التحرير الفلسطينية ضمنا حل الدولتين. بالإضافة الى ذلك وهو الأهم في تقديري ما هي جغرافية هذه الدولة التي اعترفت بها السويد وما هويتها وماهيتها؟ وماذا عن حقوق اللاجئين الفلسطينيون في الشتات وحق العودة؟ وماذا عن السيادة على الأرض والبحر والجو والمعابر والحدود؟ وألف سؤال يمكن ان يطرح في هذا الشأن لنستمع للإجابة عليه من الدول التي اعترفت، أو من الممكن ان تعترف. نحن لا نريد أن نرفع مستوى الشكوك او نقلل من أهمية هكذا خطوة، ولكننا في نفس الوقت لا نريد أن نبالغ في هذا، حتى لا نصطدم بوقائع أو اثمان يراد منا أن ندفعها مقابل هكذا خطوات.

في النهاية نقول إن القدس كما هي بقية انحاء الضفة الغربية تعيش حالة غليان في المرحلة الحالية وخاصة مع الاعتداءات المتكررة على الحرم القدسي وما يتعرض له المسجد الأقصى من اعتداءات يومية، وإصرار الحكومة الإسرائيلية على التقسيم الزماني والمكاني له اسوة بما قامت به في الحرم الابراهيمي الشريف في الخليل. وتلوح في الأفق بوادر انتفاضة ثالثة حيث أن العوامل الموضوعية ناضجة لذلك على الرغم من عدم توفر العوامل الذاتية في المرحلة الحالية، ولكن الاحداث قد تتطور وتتسارع للوصول الى حالة ميدانية يفرض فيه الشارع الفلسطيني واقعا على جميع القوى السياسية للحاق به. ولا شك أن السؤال الذي يدور في اذهان البعض على الأقل، ماذا سيكون موقف القوى الأمنية الفلسطينية وماذا سيكون مصير التنسيق الأمني بينها وبين أجهزة الامن الإسرائيلية التي يراها البعض في السلطة أنها شيء مقدس؟ !!!

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

07.11.2014

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا