<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني كفوا عن التعامل مع افرازات وتداعيات الاحتلال والدوران في الحلقات المفرغة

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

كفوا عن التعامل مع افرازات وتداعيات الاحتلال

 

والدوران في الحلقات المفرغة

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

قبل أيام فقط تناولت الكثير من وسائل الاعلام العالمية والمحلية العربية والفلسطينية على وجه التحديد قرار الحكومة الإسرائيلية بالموافقة على بناء 1060 وحدة سكنية جديدة في منطقة القدس، التي يعتبرها نتنياهو وكل الجوقة السياسية الصهيونية من "يمين" "ويسار" إذا صح استخدام هذه التوصيفات والتعابير، بأنها أي القدس هي العاصمة الأبدية الموحدة لدولة إسرائيل. واتت الاحداث الأخيرة في القدس والممتدة على الأقل منذ شهر رمضان المبارك ولغاية الان والتي تجلت في الاصطدامات والاشتباكات مع قوى الامن الإسرائيلية من جيش الاحتلال وقوات الشرطة لتؤكد للعالم اجمع أن القدس هي مدينة محتلة بكل المقاييس، وأنها غير موحدة لا من بعيد او قريب على الرغم من كل التغيرات الديموغرافية التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي بقوة السلاح. فكيف تكون القدس موحدة وقد تحولت القدس الشرقية الى ما يشبه الثكنة العسكرية على أثر اغلاق الأقصى وتعرض المسجد للاقتحامات التي وصلت في الفترة الأخيرة الى شبه يومية، والمقاومة الشرسة التي يبديها الشعب الفلسطيني المقدسي بالرغم من الواقع العربي المهلهل وحيث ترتمي بعض الدول العربية في أحضان المحتل ويقيمون علاقات استراتيجية مع عدو صهيوني محتل للأراضي العربية، وتعتبر ان إسرائيل لم تعد العدو وعلى ان العدو الرئيسي الان يتمثل في إيران، والبسوا الصراع في المنطقة الثوب المذهبي زورا فلم يكن الصراع يوما مذهبيا لان الصراع كان وسيبقى سياسيا.

المهم ان معظم الصحف تناولت الاخبار من زاوية مغلوطة كالعادة. فهناك من قال أن التصرفات الإسرائيلية تدلل على ان هذه الحكومة لا تريد السلام، أو أن هذه التصرفات الإسرائيلية تنسف عملية المفاوضات، كما وتنسف عملية السلام القائم على حل الدولتين. ومن قال أن إسرائيل تريد حل الدولتين السحري الذي يعشش في الرؤوس الحالمة، والتي ما فتأت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي والسلطة الفلسطينية تتغنى بها ليلا ونهارا، فها هو وزير الدفاع يعالون يصرح "لا دولة فلسطينية في الضفة الغربية، فقط حكم ذاتي مع بقاء الامن برا وجوا وبحرا بيد إسرائيل وبقاء الجيش الإسرائيلي في المناطق". أما زعيم حزب "البيت اليهودي" ووزير الاقتصاد في الحكومة الصهيونية فقد قال في مقابلة منشورة مع صحيفة فينانشيال تايمز مؤخرا أن "منطق أن العالم سيحبنا إذا تخلينا عن المزيد من الأرض غير صالح. الآن وقد أدرك عامة الإسرائيليين هذا، أتمنى أن يتفهم زعماء العالم تدريجيا أن كل ما فكرنا فيه حتى الآن بشأن فكرة (قيام) دولة فلسطينية بجانب أسرائيل غير قابل للتطبيق" . وأكمل موضحا أنه يفضّل أن تضم إسرائيل المناطق التي تسيطر عليها بشكل كامل في الضفة الغربية، مع منح الفلسطينيين قدرا من الحكم الذاتي في باقي المناطق.

وذهب البعض الاخر ليتحفنا بما هو أكثر من ذلك، وهو بان نتنياهو قد أضطر للموافقة على بناء هذه الوحدات السكنية في المستوطنات السرطانية تحت ضغط الأحزاب اليمينة المتطرفة في حكومته وكذلك ضغوطات المستوطنين، وذلك للمحافظة على الائتلاف الحكومي الذي يترأسه وضمان عدم سقوط الحومة والاضطرار الى خوض انتخابات مبكرة. مثل هذه التعليقات وغيرها التي تتخذ نفس المنحى تثير العديد من التساؤلات حول مفاهيم الطرف العربي والفلسطيني خاصة حول طبيعة العدو الصهيوني واستراتيجيته والسياسات التي يتبعها لتحقيق هذه الاستراتيجية، بالإضافة الى الحركة الصهيونية وايديولوجيتها التي لم تتغير قبل وبعد الاستيلاء على فلسطين والاستيطان بأراضيها.

ان الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية واقامة المستوطنات اليهودية السرطانية عليها ليس بالشيء الجديد، فهو ركيزة أساسية وفي صلب الفكر والممارسة للحركة الصهيونية، ومن ثم فان القول كل مرة أن الاستيلاء على الأراضي وإقامة المستوطنات اليهودية أو توسيع المستوطنات القائمة يعرقل عملية السلام، والحل القائم على إقامة الدولتين، تعطي الانطباع الخاطىء بأن هنالك من الصهاينة من يريدون إقامة السلام مع الفلسطينيين أو ان هنالك منهم من يؤيد حل الدولتين السحري.  والحقيقة التي يعلمها الجميع وخاصة من خبروا "المفاوضات" من الفلسطينيين وسلكوا طريق اوسلو سيء الصيت والمذل والمهين لكل ما هو فلسطيني، يدركون أن إسرائيل غير معنية بالسلام مع الطرف الفلسطيني وكل همها هو قضم مزيد من الأراضي وتهويد الأرض. أما الذين ذهبوا في تحليلاتهم للقول بان نتنياهو اضطر للموافقة استجابة للضغوطات التي مورست عليه من قبل الأحزاب المتطرفة المنضوية تحت الائتلاف الحكومي، فأنها تعطي إنطباعا خاطئا عن السياسية التي اتبعها ويتبعها نتنياهو المعادية لأي توجه للسلام أو النية للانسحاب من الأراضي التي احتلت عام 1967 كحد أدنى للمطالب الفلسطينية. ومن يتابع تصريحاته وتصريحات وزراءه يدرك هذا جيدا. يجب أن لا ننسى أو تنسينا الاحداث أن هذا الكيان قام على انقاض أكبر عملية سطو وسرقة لأراضي فلسطينية، وعمليات تطهير عرقي مبرمجة، وان هذا ما زال مستمرا لغاية الان، بمعنى انه كان ولا يزال استعمار استيطاني اقصائي واحلالي.

ما نريد ان نستخلصه هو ان الاحتلال يريد لنا ان ننغمس في مناقشة التفاصيل وتفاصيل التفاصيل، وان نغرق بها الى الدرجة التي تنسينا أو تحرفنا عن رؤية الجوهر، الذي يفرز كل هذه المصائب والسياسات، الا وهو الاحتلال. وعلى سبيل المثال المباحثات الغير مباشرة التي دارت في القاهرة لوقف الحرب التي شنها الجيش الاسرائيلي على شعبنا في قطاع غزة، وعملية الابتزاز السياسي التي مارستها إسرائيل عبر وفدها المفاوض. والان في قضية إعادة الإعمار لقطاع غزة المدمر، ندور في حلقة مفرغة من يمول، وعن أي طريق يتم التمويل، ومن أي المعابر تدخل المواد للبناء، ومن اين نشتري مواد البناء، ومن يحدد الكميات ومن يراقب التوزيع واستخدام المواد، وتقديم الكشوفات بالاحتياجات التفصيلية، وبأسماء المحتاجين وعدد الانفار في العائلة المحتاجة وأين تقطن هذه العائلة الخ. وكل هذه المعلومات يجب ان تقدم وتوافق عليها إسرائيل، التي هي القوة المحتلة للأراضي الفلسطينية وجيشها هو من دمر البنى التحتية للقطاع بالكامل، كما دمر البيوت على رؤوس قاطنيها من المدنيين. إسرائيل ودول العالم ومن ضمنها الدول العربية والجامعة العربية تريد منا أن نناقش كل هذه التفاصيل ولا نناقش الجوهر وهو الاحتلال وطرق ازالته والتخلص منه. والحجج أن هنالك حاجات ملحة الان أكبر من الاحتلال، وهذا الخطأ بعينه.

ان المسألة المركزية بالنسبة لنا كانت وستبقى انهاء الاحتلال، ولا نريد من أحد ان يجرنا الى مناقشة قضايا تفصيلية وجانبية عقيمة، تبقى على الاحتلال بشكل واضح او مقنع محاولة إخفاء وجهه القبيح والعنصري الفج. الجوهر هو الاحتلال ولا نريد ان يدفعنا البعض للتعامل مع افرازاته وتداعياته. بالإضافة نحن لا نريد من الولايات المتحدة او غيرها ان تقوم "بإدارة الصراع" أو محاولات "تحسين الوضع المعيشي" أو "الاقتصادي" لشعبنا الرازح تحت الاحتلال وما قدمه ويقدمه الافعى توني بلير في هذا المجال. نريد ان يدور الحوار الجدي وتتكاتف القوى الفلسطينية بموقف موحد حول انهاء الاحتلال. يكفينا أكثر من عشرون عاما من المفاوضات العبثية التي قادتها قوى متنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية الني ارتضت ان تدخلنا في دهاليز أوسلو ومتاهاتها، او السلطة الفلسطينية الان. ان بناء جبهة وطنية عريضة تضم كافة القوى الفلسطينية وإيجاد قيادة جماعية سياسية وميدانية مترفعة عن الحسابات الحزبية والفئوية الضيقة، قيادة تضع الوطن فوق الجميع وتقود المعركة مع الاحتلال. ولنعلم علم اليقين ان الاحتلال لا يمكن ان يتراجع وينهزم الا إذا أصبح مشروعه خاسرا على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والإعلامية والدبلوماسية والعسكرية.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 01.11.2014

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا