<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني ركائز الاستراتيجية الامريكية في المنطقة واستهداف الجيوش العربية (3)

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

 

ركائز الاستراتيجية الامريكية في المنطقة

 

واستهداف الجيوش العربية

 

(3)

 

 

 الدكتور بهيج سكاكيني

 

الجيش العراقي

كنا قد تحدثنا في الجزء الثاني عن الجيش المصري أما الان فسنتحدث عن الجيش العراقي، الذي  كان يعد من أقوى الجيوش في المنطقة من ناحية التجهيز والقدرة القتالية، قبل عملية التدمير الذي تعرض لها اثناء العدوان والاحتلال الأمريكي للعراق بأكمله عام 2003 ، تحت ذريعة ارتباط النظام العراقي لصدام حسين بالقاعدة واحداث 11 سبتمبر، وامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والبيولوجية. هذه الأسباب التي وبالرغم من كل ادعاءات أجهزة الاستخبارات الامريكية والبريطانية بالتحديد على تواجدها، وعرض الصور على مجلس الامن من قبل رئيس الأركان الامريكي كولن باول في ذلك الوقت بشكل استعراضي فاقت أفلام هوليود، لم تتمكن كل البعثات الدولية التي أرسلت الى العراق للتفتيش عن الأسلحة المزعومة الحصول على شيء يذكر بهذا الصدد، بالرغم من التمشيط الكامل للأراضي العراقية على أيدي الخبراء الدوليين.

دمر العراق بالكامل نتيجة العدوان والاحتلال الأمريكي. دمرت بالكامل بناه التحتية من جسور ومحطات توليد الكهرباء ومراكز الاتصالات ومحطات تنقية المياه وشبكات التوزيع. واعيد العراق، الدولة التي كانت من أكثر الدول العربية تقدما في العديد من المجالات العلمية والطبية والصناعات المدنية والعسكرية وغيرها الى العصور الحجرية.

وشكلت سلطة الائتلاف المؤقتة لإدارة شؤون العراق والتي ترأسها بول برايمر الذي كان قد انضم للعمل في البنتاغون قبل أيام من ارساله الى بغداد لتولي رئاسة السلطة المؤقتة هناك. بعد أيام فقط من وصوله الى بغداد أصدر برايمر قرارين مفصليين كان لهما الأثر الكبير على ما تلى من أحداث في العراق، ولا نكون مجافين للحقيقة والواقع اذا ما قلنا أن ما يدور الان في العراق يجد جذوره في هذه القرارات.

أول هذه القرارات التي اتخذت في 16 مايو 2003 ، هو ما سمي بقانون "اجتثاث البعث"، والذي كان يهدف الى منع وحرمان أي من المنتميين الى حزب البعث أن يبقى أو يتسلم وظيفة في مؤسسات الدولة العراقية. وتم ابعاد ما بين 85000 الى 100000عراقي من المؤسسات المدنية التعليمية والصحية والكهرباء والمياه الخ، بحسب ما ورد في كتاب بريمر "My Year in Iraq ". ولقد تضمن هذا العدد 40000 مدرس ومدرسة ممن انضموا الى الحزب للحصول على وظيفة في مجال التعليم، بحسب المصدر ذاته

أما ثاني هذه القرارات والتي اتخذ في 23 مايو 2003 والذي شكل ربما أكثر خطورة، كان حل كافة الأجهزة الأمنية العراقية. وتضمنت هذه الأجهزة 385000 من القوات المسلحة، 285000 من الشرطة والمنتميين الى وزارة الداخلية و 50000 من وحدات الامن الرئاسية والتي تتضمن الحرس الجمهوري.

ولقد أدى هذين القرارين الى حرمان قطاع عريض من الشعب العراقي من تامين لقمة العيش لعائلاتهم، ونحن نتحدث هنا عن مئات الالاف من الرجال الذين وجدوا في هذا الوضع المزري والمهين، والذين بيدهم السلاح والمدربين على استخدامه، وكان هذا أحد الأسباب للبدء في مقاومة الاحتلال منذ الأيام الأوائل له. كما ان القرارين أدى الى تقويض البنى التحتية الطبيعية الضرورية للحفاظ على سيرورة الأنشطة اليومية الاقتصادية والاجتماعية والطبية والتعليمية والخدماتية من ماء وكهرباء واتصالات وغيرها. كما أدى أيضا الى غياب الامن الضروري لممارسة الحياة العادية اليومية والحفاظ على أمن المواطن والاملاك العامة. فتم نهب المؤسسات الحكومية والعامة، والمتاحف العراقية التي حفظت مخطوطات وقطع أثرية يعود تاريخها الى الاف السنين تحت اعين المحتل الأمريكي الذي ساهم جنوده في عمليات السطو والنهب المبرمج. كما اغتيل خيرة العلماء العراقيين في هذه الفترة.

أراد بريمر إعادة تركيب وبناء الجيش العراقي من الصفر بحسب ما يقال، وذلك بخلاف اراء الخبراء العسكريين والامنيين والمخابرات المركزية الامريكية وحتى قيادة الجيش الأمريكي، الذين كانوا قد قدموا النصيحة بإبعاد كبار الضباط في الجيش العراقي فقط والمرتبطين بالنظام مباشرة، واعادة تدريب الكوادر العسكرية والجنود في الجيش العراقي. وما زال هنالك جدل دائر لغاية الان في الولايات المتحدة على من أعطى الأوامر لبريمر بعملية حل الجيش العراقي كاملة. ولكن هذا ليس موضوعنا هنا.

أريد بناء الجيش العراقي من جديد وبحسب مقاسات أمريكية تسليحية وعقائدية، وبحيث لن يعود يشكل أي خطر مستقبلي على المصالح الامريكية في المنطقة، أو ان يهدد أمن الكيان الصهيوني في المنطقة، او أمن جيرانه من الأدوات الخليجية. وهذا بالطبع يستدعي التحكم بنوعية الأسلحة التي يمتلكها وقدراته القتالية وترسيخ العقيدة والقيم الامريكية. ويقال ان إعادة بناء الجيش العراقي قد كلف الخزينة الامريكية ما يقارب من 20 مليار دولار. وهذا بالطبع مبلغا كبيرا ومن المفترض أن يؤدي الى جيش قادر على حماية الدولة العراقية. ولكن ما اتضح في الفترة الأخيرة وخاصة في تصديه لمقاتلي الارهاب الداعشي الذي اخذ بالتمدد السرطاني على الأرض العراقية، اثبت عكس ذلك ودلل على هشاشة البنية التسليحية والقتالية لهذا الجيش. ولقد صدم العديد من المراقبين بسقوط مدينة كبرى مثل الموصل بأيدي الدواعش في ساعات محدودة. نحن لا ننكر ان العوامل السياسية والانقسامات الطائفية والمذهبية قد لعبت دورا في اضعاف الجيش العراقي، ولكننا لا نعتقد ان هذا هو السبب الرئيسي من حالة الوهن الذي تسود صفوف هذا الجيش.

من الواضح أن الادارة الامريكية تتخذ من تسليح الجيش العراقي بالأسلحة التي يحتاج اليها للدفاع عن البلد ومكافحة الارهاب على سبيل المثال وسيلة لتحقيق مآرب سياسية وذلك بالضغط على الحكومات العراقية وابتزازها سياسيا، لتنفيذ اجندات أمريكية خالصة أو مطالب ومصالح إقليمية لأدواتها في المنطقة.

وهنا نريد الإشارة الى ان الولايات المتحدة تمنعت في تسليم الجيش العراقي طائرات F16 وكذلك طائرات الاباتشي التي كان الجيش العراقي بأمس الحاجة اليها في قتاله مع داعش على الأراضي العراقية، لدعم القوات البرية العراقية المقاتلة على الأرض، هذا على الرغم من أن الحكومة العراقية قد دفعت اثمان هذه الطائرات. والحجة التي قدمتها الإدارة الامريكية لذلك هو عدم دفع الحكومة العراقية لمصاريف صيانة هذه الطائرات التي لم تستخدم بعد أصلا. والحاجة الماسة لسلاح الجو في مقاتلة داعش، هي التي دفعت حكومة المالكي آنذاك من التوجه الى روسيا وعقد صفقة شراء الأسلحة منها. ولقد أمنت روسيا طائرات الساخوي وطائرات 35  Mالمقاتلة والذخيرة في غضون أيام قليلة للجيش العراقي، وتم استخدامها مباشرة في العمليات القتالية. الولايات المتحدة ارادت ان تبقي تسليح الجيش العراقي رهينة، للضغط على رئيس الوزراء المالكي في هذه الحالة في عدم ترشحه مرة أخرى لرئاسة الوزراء مع أنها هي التي جاءت به ودعمته، الا انها لم تعد راضية عنه بسبب تمنعه على التوقيع على اتفاقية امنية مع الولايات المتحدة لتبقي وحدات من القوات الامريكية على الأراضي العراقية، مع ضمانة عدم محاكمة أي من الجنود الامريكيون على أراضيها في حالة ارتكابهم أي جريمة ضد عراقيين على الأرض العراقية، بمعنى أن يكون لديهم الحصانة القانونية. وهذا ما رفضه المالكي وبالتالي عملت الإدارة الامريكية على عدم ترشحه لمنصب رئاسة الوزراء مرة أخرى. بالإضافة الى ذلك يتضح أن الولايات المتحدة ومن خلال الوقائع الميدانية أنها لا تريد القضاء على تنظيم داعش على الأقل في المرحلة الحالية، لأنها ما زالت تستطيع استثماره كأداة لخدمة مصالحها واستراتيجيتها الإقليمية، وبالتالي فهي تسعى الان الى تحجيم هذا التنظيم الإرهابي وحصر نفوذه في مناطق جغرافية محددة لتحقيق اهداف جيوسياسية لاحقة.

ويتضح أيضا أن عدم تسليح الجيش العراقي وابقاءه بحاجة الى الدعم الأمريكي للقيام بمهمات معينة، كان يهدف الى إعطاء الجيش الأمريكي الفرصة للعودة الى العراق، تحت ذرائع متعددة منها حماية المواطنين الأمريكيين في العراق وحماية السفارة وطاقم الدبلوماسيين الأمريكيين وعائلاتهم. فقد أبقت الولايات المتحدة على سفارتها في بغداد وهي أكبر سفارة في العالم قاطبة، حيث يبلغ الطاقم الدبلوماسي فيها 1600 دبلوماسي. وهنالك ما يقرب من 16000 امريكي على الأرضي العراقية من رجال الاعمال والمتعهدين ورجال الامن. والادارة الامريكية تقوم بالالتفاف على الكونغرس الأمريكي الذي من الممكن ان يقف ضد الإدارة في العودة الى العراق. فمثلا عندما قام أوباما بإرسال أول دفعة من الجيش الأمريكي وهو ما يقارب من 700 جندي قيل ان ذلك ضروريا لمنع سيطرة داعش على احدى السدود العراقية ناحية أربيل، والذي من الممكن ان يعرض تفجيره من قبل الإرهابيين خطرا على حياة الدبلوماسيين في السفارة في بغداد.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 31.10.2014

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا